|
الرؤية البهائية لعالم مُتَّحد 1-3
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 5459 - 2017 / 3 / 13 - 18:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"خُلق الجميع ليسيروا قُدماً بحضارة دائمة الترقي". (بهاءالله، -BAHA’U’LLAH, 1983,P.215 ( معرب بتصرف)) يؤمن البهائيّون أن نوع الحضارة التي قصدها حضرة بهاءالله ليست تلك الحضارة المادية الموجهة بالملذات، الظالمة، المثقلة بالفقر، القاسية، الممزقة بالحروب، المفرطة في اتجاهاتها والتي نعيشها اليوم. مما لا شك فيه أن في حضارتنا عناصر كثيرة تتسم بالجمال، والثقافة الرفيعة، والفائدة والنبل، والجديرة بأن تنقل قُدماً. والحق يقال أن الحياة اليوم، وفي مجالات متعددة، ولأعداد كبيرة من البشر، باتت أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق. ولكن الواقع هو أن الهوّة بين الأغنياء والفقراء تتسع باضطراد، وأن الكثيرين يعانون في المسار نحو العولمة، وبينما يبدو أن الانسانيّة قد خفّضت من إمكانية نشوب حرب نووية شاملة، إلا أن العالم يواجه ما يبدو وكأنه مصير مروّع أكثر – إرهاب لا اسم له، ولا تعريف له، جَسُور يُحَوَل الصغار إلى مرتكبي جرائم قتل، ويمجد الانتحار طالما أنه يقتل ويشوه آخرين. إلا "أن الخطر الأكبر للأزمة الأخلاقيّة والمظالم المرتبطة بالعولمة" هو وجود "منظومة فكرية (أو أيديولوجية) مسيطرة على الكرة الأرضية بدون منازع تحت عنوان "الحضارة الغربية". ورغم أن لهذا النظام فوائد مثل "..الحرية الفردية والإزدهار الإجتماعي والتقدم العلمي". تنعم بها شريحة صغيرة من الإنسانية، إلا أنه "مفلس أخلاقياً وفكريا" و "عاجز عن تلبية حاجات" عالم اليوم. (CENTURY OF LIGHT. P 135(معرب بتصرف)) من هذا المنظار تبدو الإنسانية وكأنها فقدت نظرتها إلى الجانب المُمدِّن من المدنية، وهو البعد الروحاني للحياة الذي يضفي كرامة على الإنسان ويمنح سعادة حقيقية. طرح الدين البهائي رؤية مستقبلية لرابطة شعوب عالميّة تسعى نحوها البشرية، والتي سوف تتحقق لا محالة بنتيجة تطبيق التعاليم والأحكام التي جاء بها حضرة بهاء الله. في عالم كهذا، سوف يتأسس السلام بشكل دائم، وسيشمل الازدهار الجميع وتعّم العدالة وستزدهر ايضاً الفنون وتتفتح حضارة عالمية جديدة. ورغم المظاهر، يؤمن البهائيّون أن الانسانية تنطلق حالياً في مسار يؤدي إلى اتحاد سياسي، اجتماعي، وروحاني، كان منذ القدم في صلب رؤية تعاليم الأديان كلها، والذي اقتصر وصفه حتى الآن على مؤسسي الأديان العالمية، والشعراء، وأصحاب الرؤى. ويعتبر البهائيون أن تطور مجتمع عالمي ناضج كهذا، ليس مرغوباً فيه فقط، بل سيتحقق حتماً، وليس ممكناً فقط، إنما إنجازه مؤكد. غالبا ما تنتقد مثلُ هذه الادعاءات المثيرة للاهتمام، وتُسَفّه، ويَصرُف غير البهائيين النظر عنها بحجة أنها مثالية (utopaian) ومتفائلة الى أقصى الحدود، بل وحتى خطيرة. ويتساءلون وهم يشيرون إلى الحروب والكراهية والانقسام في العالم، كيف يمكن للبهائيين أن يوفقوا بين هذه الحقائق وبين ادعاءاتهم؟ يشير البهائيون إلى الطبيعة التطوّرية لتقدم العالم الإنساني، وإلى التطورات السياسية والاجتماعية في القرن الماضي، وإلى طبيعة التغيرات المرتقبة، تغييرات هي اجتماعيّة وروحانيّة في آن، وتحدث على نطاق المجتمع الشامل وعلى نطاق الفرد أيضاً. وكما هي الحال على جميع مستويات العلاقات الانسانية الممتدة من الأسرة إلى الدولة، يرى البهائيون أن القيم الأخلاقية والمواقف والسلوكيات والممارسات التي جاء بها حضرة بهاءالله تتأسس تدريجياً على نطاق الكرة الأرضية بكاملها.
الخلفية الاجتماعية الاقتصادية والسياسية إن رؤية الدين البهائي للمستقبل قائمة على الخلفيّة السياسية والاقتصادية والعلمية والتطور الاجتماعي الذي بدأ منذ نهاية القرن التاسع عشر واستمر في القرن العشرين. نشأ الدين البهائي في زمن تغييرات اجتماعية هائلة، وتوسّع أوروبا والإمبريالية، وتحول بلدان الشمال الى النهضة الصناعية. وتزامنت السنوات المئة الاولى من وجوده مع مجاعة البطاطا في أوروبا، وهجرة الملايين من أوروبا إلى أمريكا الشمالية، وانقلابات في أوروبا، وتقلص سلطة البابا الدنيوية، والانفجار السكاني، واستكشاف غالبية مناطق العالم بما فيها القطبان، والاندفاع إلى أفريقيا، وسقوط نظام التحالفات في أوروبا، واندلاع حربين عالميتين، وانقلاب في وسائل الاتصالات والمواصلات، ونهوض حركات سياسية لدى كل من اليمين واليسار، وامتداد الامتيازات على أنواعها، خصوصا لتشمل النساء، ونشوء "المجتمع المدني" وانتشار نظريات علمية أساسية مثل نظرية التطور، و”الانفجار الكبير"the big bank theory والنظرية النسبية، وتقدم هائل في مجال العلوم والطب (بما فيه اكتشاف البنسلين)، والتغيير في أنماط العمل واتساع نشاطات الترفيه، ودخول الفنون في حقل الاعلام، والكساد الاقتصادي الكبير the Great Depression والبطالة الجماعية، واكتساب العمال قدرات سياسية، وخلق مؤسسات دولية مثل عصبة الامم ومحكمة التحكيم الدولية. وبعد ذلك، تزامنت بداية القرن البهائي الجديد سنة 1945، مع تطور واستعمال الاسلحة الذرية، وبداية الحرب الباردة، وتأسيس الأمم المتحدة. في هذه الفترة تحول التركيز السياسي من أوروبا إلى أمريكا الشمالية، وتغيرت خامة المجتمع بكاملها، واستبدل الدين بثالوث مؤلف من نظريات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعلمية. وأما التغير الذي حصل خلال الحرب الباردة وبعدها فكان ايضاً مثيراً، حيث حاول الدين أن يسترد المساحة التي خسرها وذلك بإطلالة أصولية، وأصبح الرعب من الإرهاب أكثر من ذي قبل. يرى البهائيون أن التاريخ السياسي للمجتمع العالمي هو محاولته المتدرّجة لتطوير أشكال من الحكم تتزايد شموليته باطراد- ابتداء من الأسرة، وهي الأساس المكون للمجتمع، مرورا في مرحلة تكوين القبائل والعشائر، وثم الدولة والولاية، وصولا الى محاولات لجميع الولايات في وحدات اقتصادية أو شبه سياسية. المرحلة النهائية، بالنسبة لما ورد في الكتابات البهائية، هي الوصول إلى مجتمع واحد على نطاق الكرة الارضية تحت ادارة حكومة عالمية. يعتقد البهائيون أن هذه خطوة حتمية في التطور الاجتماعي لهذا الكوكب، وينظرون الى تاريخ العالم السياسي خلال العصر الماضي على أنه محاولات ناجحة باطراد لتأسيس مثل هذا النظام. لذلك، وباختصار، وبعرض مبسّط، انهارنظام تحالفات القرن التاسع عشر وأدّى الى قيام الحرب العالميّة الأولى. وبنهايتها، برزت محاولات أولية لتنظيم الشؤون السياسية الدولية بواسطة عصبة الأمم. هذه المحاولة الضعيفة انهارت ولم تتمكن من منع قيام الحرب العالمية الثانية. بنتيجة هذه الحرب قامت محاولة أكثر جدية لتأسيس نوع من المراقب السياسي على العالم وذلك بشكل الأمم المتحدة، منظمة لديها "أسنان" أكثر من عصبة الأمم والتي يمكن أن ينتمي إليها المزيد من الدول. لم تستطع الأمم المتحدة حتى الآن أن تلبي بشكل كامل احتياجات المجتمع الدولي في كفاحه للتوصل الى تعامل ايجابي مع الطبيعة الشمولية لما يهمه ويقلقه، وقد تفشل هذه المحاولة ايضاً، رغم أن البهائيين يدعمون مساعيها لحفظ السلام والتنمية بقوة هذه النظرية الى مسار وتطور تاريخ السياسة الدولية تعطي البهائيين سبباً محفزاً للايمان بأن تأسيس حكومةعالمية أمر محتوم. من منظور آخر، يُمكن فهم القرن العشرين على أنه العصر الذي طرح فيه الدين جانباً باعتبار انه غير كفؤ، وجُرّبت ايديولوجيات متعددة – أيديولجيات ادعت انها "علمية، لان العلم ، كما روّجت، اصبح كفيلا للتوصل الى الحقيقة بدلا من الدين، وادعى أنه بامكانه حل المشاكل التي تواجه الانسانية، وأن يعطى الانسانية فكرة حقيقية من نفسها، ورؤيا عما يجب أن تسعى بشموليتها الى تحقيقه. تمحورت هذه الايديولوجيات حول ثلاثة آلهة مضللة كما عرّفها حضرة شوقي أفندي: القومية، والعنصرية، والشيوعية. (شوقي أفندي،(SHOGHI EFFENDI, 1980,P113)) وبالتالي، ارتبط القسم الأكبر من تاريخ القرن العشرين بنهوض وسقوط هذه الايديولوجيات والتي ينظر اليها كمصدر كبير لمآسي الانسانية. في الغرب مثلاً، تسببت القومية في نشوء الحرب العالمية الأولى التي دمرت القارة الأوروبية وأسقطت الدول الأوروبية من مركزها المتفوق بين دول العالم وآلت نظرية ألمانيا النازية للعنصرية الى إبادة ملايين الناس وهجرت ملايين آخرين، وتسببت في نشوب الحرب العالمية الثانية، مما أدى الى دمار اكبر من الحرب العالمية الاولى، في اوروبا وآسيا بعد دخول اليابان الحرب في المحيط الهادي، شاهدت نهاية القرن العشرين سقوط الشيوعية، ايدولوجية مادية بالكامل، اعتبرت أن الدولة أهم من شعبها، وخلّفت اقتصاداً مدمراً وبيئة ملوثة على مساحات شاسعة من أوروبا وآسيا. هذا التاريخ، من المنظارين (المذكورين أعلاه) تسبب في نوع من فقدان الثقة تجاه الرؤى العظيمة التي تدّعي الاحاطة بمشاكل و ظروف الانسانية بكاملها. لذلك، يكتفي عالم اليوم بمحاولة حل مشاكله بأسلوب متقطع، معالجا كل مشكلة على حدة بدون وجود أية رؤية شاملة أو سعي لتوجيه هذه المحاولات توجيهاً شمولياً مثمراً. ولا عجب في أن يؤدي هذا المنحى إلى وضع حلول يبدو أنها تعالج مشاكل في مجال معين ولكنها في نفس الوقت تخلق مشاكل في مجالات أخرى. يدرك البهائيون أن البشر هم من نوع المخلوقات الاجتماعية ولكنهم بحاجة الى بعض الأسس ليشكلوا مجتمعات فاعلة. فهم بحاجة الى قاعدة وهيكيلية مشتركة ليتفاعلوا بموجبها بعضهم مع بعض، وإلى رؤية واضحة لما يسعون لإنجازه، ومعرفة الاتجاه الذي يسير فيه مجتمعهم. سعى الدين، قبل القرن العشرين، لتلبية هذه الحاجات. وأما خلال القرن العشرين، فقد حاولت بعض الأيديولوجيات تلبيتها ولكنها فشلت. والآن يوجد فراغ في وسط غالبية المجتمعات. فلا توجد قواعد مشتركة متفق عليها، ولا هيكلية للتفاعل الاجتماعي، ولا رؤية لما يحاول المجتمع انجازه سوى بعض الاهداف السياسية القصيرة الأمد. يبدو ان هناك في الوقت الحاضر خيارين يلحّان ويتباريان على تقبلهما كأيدلوجيات المستقبل. الأول هو الأصولية الدينية المتطرفة، والثاني هو سوق رأس المال الحر والديمقراطية الغربية. تعلن الأصولية الدينية أنه، بعد فشل النظريات الحديثة التي صنعها الإنسان، فإن الحل هو العودة الى الزمن الذي كان فيه الدين التقليدي محور أيديولوجية المجتمع. وتؤكد (هذه الأصولية) أن القسم الأكبر من عيوب المجتمع الحديث – الفساد، فقدان العفة والتقديس وممارسة الجنس خارج حدود الدين، والجريمة، والمخدرات، الى ما هنالك – ستزول عند تطبيق قواعد الدين بصرامة أكثر. وليست هذه حركة مقتصرة على العالم الاسلامي فحسب، بل لقد صاغت أيضا التفكير السياسي، وربطت نفسها بأحزاب سياسية في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ومناطق في أمريكا اللاتينية، إسرائيل، الهند، وسريلانكا. ولكن ليس بالامكان اعادة عقارب الساعة الى الوراء وخلق وضع اجتماعي ساد منذ 200 سنة عندما لم يكن الدين أيديولوجية المجتمع فحسب، بل لم يكن بالإمكان تصور أية أيديولوجيّة أخرى غيره. في ذاك الزمن، كانت الصورة التي كوّنها الدين عن الحقيقة هي الحقيقة الوحيدة للجميع. ولكن ما أن شاهد الناس أنه توجد خيارات أخرى للحقيقة، وأن تلك الخيارات تقدم تحسينات تقنيّة باتوا يعتمدون عليها في حياتهم اليومية، اصبح من المستحيل إعادة خلق وضع لا توجد فيه خيارات حقيقية. وعلاوة على ذلك، لا تعالج الأصولية الدينية السبب الذي أدى بداية الى رفض الدين: وهو حقيقة أنه لم يعد مواكباً لمشاكل الزمن ولا لتوجهات العالم الحديث. يضاف الى هذا أنه لا توجد أية دلائل على نجاح هذا التوجه. إن المجتمعات التي تبنّت الأصوليّة الدينية كهيكل لنظامها الاجتماعي والسياسي لا تعرف بحسن تطبيقها لحقوق الإنسان، او بتقدم شعوبها اجتماعياً، أو حتى في قدرتها على علاج المشاكل الاجتماعية مثل تعاطي المخدرات معالجة فعالة. الحركة الثانية التي يظن البعض انها تصلح كأساس لمستقبل العالم هي بجوهرها نظريّة اقتصادية، هي سوق الرأسمالية الحر ومعها الديمقراطية الغربية. هناك ادّعاء أنه يمكن لهذه المعطيات أن تكون أساسا لسياسة اجتماعية، وان تقدم رؤىً عن الهدف الذي يجب أن تسير إليه مجتمعاتنا. وقد تبنت بلاد كثيرة الرأسمالية في سياستها الاقتصادية، حتى عندما لم تلحق بها الديمقراطية. ولكن، ليس بإمكان الرأسمالية أن تشكل بديلاً لأيديولوجية اجتماعية كونها تعتمد على فلسفة الفردانية individualism التي يقوم عليها سوق الرأسمالية الحر تفرض رفع القيود الاجتماعية للسماح للقوى التي تحرك السوق أن تعمل بحرية. تعتمد هذه الفلسفة على القوة الدافعة التي يولدها طمع الأفراد وطموحهم. حتى ان البعض من اكثر المؤيدين لها أكدوا انه لا يوجد شئ اسمه مجتمع، بل هناك فقط افراد ينافسون بعضهم بعضاً. تتمتع الديمقراطية بامكانيات أكثر بكثير ما يعمل به حالياً والتي تمكنها من ان توفر إطاراً اجتماعياً (فعّالاً). ولكن من الواضح أن العديد من الأنظمة السياسية التي تدعي الديمقراطية ليست كذلك، وغالبا ما اقتصر التعبير عن الديمقراطية على إجراء الانتخابات وعلى مظاهر نظام متعدد الاحزاب. إن الانتخابات نفسها معرضة لسوء الاستعمال والتلاعب من قبل اصحاب المصالح الخاصة، وتوفر أشكالا غير مشرفة من التراشق بالتهم المهينة وتحوير الحقائق لمكاسب سياسية. من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً، بناء أي شكل من أشكال التماسك الاجتماعي على مثل هذه الفلسفة. بالفعل فقد شاهدت المجتمعات التي تبنّت منطق السوق الرأسمالية الحرة والديمقراطية الغربية بحماس، تفككاً في روابطها الاجتماعية مما تسبب في هيمنة الاستياء والسخط والتنافر، كما يشاهد من خلال ازدياد الإدمان على المخدرات، وارتفاع عدد الجرائم، والتصرف غير الاجتماعي، وتطور ثقافة السلاح وحروب العصابات. إن الانسان كائن اجتماعي تشده الحاجة للانتماء الى مجتمع ولكن إذاً تبنى مجتمعة أيديولوجية تؤدي إلى التفكك، عندها سيعبّر المهمشون على أطراف المجتمع عن سخطهم وخيبتهم بتخريب متعمد للممتلكات، وبالاجرام، ويشكلون مجموعات هدامة خاصة بهم كالعصابات. وبالتالي، يبدو أن هناك رؤيتين فقط لمستقبل الانسانية: إحداها إيديولوجية مادية هادمة للمجتمع رغم أن لديها بعض الميزات الايجابية، مثل تأكيدها على أهمية حقوق الانسان والحريات، واهمية العقلانية والعلم، ورفع شأن المرأة والاخرى أيديولوجية دينية تسعى الى العودة بنا الى الماضي ولكن لديها ايضاً بعض القيم الايجابية البالغة الأهمية، مثل الاهمية المحورية للدين في المجتمع، وأهمية الاسرة وما إلى ذلك. يعرض الدين البهائي رؤية ثالثة: إن بعض ما يقوله الدين البهائي هو أن الانسانية بحاجة لإعادة النظر في رؤيتها للاطار الذي تقوم عليه مجتمعاتها. تصور البشر خلال القرن العشرين،أن دولتهم تشكل إطارهم الاجتماعي. ولكن لم يعد هذا الأمر يشكل أساساً ملائماً لنظرة عالمية. على الجنس البشري الآن أن يؤسس نفسه على رؤية " العالم كوطن واحد " وأن يعتبر أن شعوبه هم مواطنو هذا العالم. يؤمن البهائيون بأن حضرة بهاءالله قد أعطى هيكيلة لنظام اجتماعي مترابط، مسالم، مزدهر، متطور ومنصف يمكنه العمل على جميع المستويات، المحلية، المركزية، والعالمية. صفته المميزة هي أنه لا يعرض رؤية لهذا المجتمع فحسب بل وأيضا لنظم تمكن بناء هذا المجتمع واستدامته لمدة طويلة. ستتحقق رابطة الشعوب العالمية في المستقبل عبر مرحلتين أساسيتين، وصفهما حضرة بهاءالله بـ "الصلح الأصغر" و" الصلح الأكبر". الأولى لها علاقة بمرحلة من مراحل تطور المجتمعات البشرية التي سيتم فيها "اتحاد سياسي بين قسمي العالم، الشرقي والغربي" و "بروز حكومة عالمية. يعتقد البهائيون أن أسس الصلح الأصغر وضعت في القرن العشرين، والعالم يعمل على تطبيقها في الوقت الحاضر. ليس الصلح الاصغر مرحلة يثمر فيها نظام حضرة بهاءالله العالمي بكامل ثماره، إذ أنه محدود بحدود "اتحاد سياسي يتحقق بقرار من دول متعددة" (بيت العدل الاعظم UNIVERSAL HOUSE OF JUSTICE, 1985A (معرب بتصرف)) ومع ذلك، سيمثل الوصول الى الصلح الأصغر "خطوة تاريخية بالغة الأهمية " في تاريخ البشرية وسيتطلب "إعادة بناء العالم الانساني نتيجة الإقرار بوحدته وتكامله" (شوقي افندي،SHOFGHI EFFENDI, 1980.P.122 (معرب بتصرف)) عرض حضرة بهاءالله في أيامه الصلح الأصغر على قادة العالم كبديل للصلح الأكبر وهو "صلح لا بدَّ من أن يتبع كنتيجة عملية لروحانية العالم وانصهار جميع أجناسه، عقائده، طبقاته ودوله (في وحدة متكاملة)" – وقد رفضوه: "لما نبذتم الصلح الأكبر عن ورائكم تمسكوا بهذ الصلح الأصغر لعل به تصلح أموركم والذين في ظلكم على قدر يا معشر الآمرين." (بهاءالله، الواح الى الملوك والرؤساء..، ص61) إن حقبة الصلح الأكبر ستختلف عن عالمنا الراهن إلى درجة يتردد البهائيون حتى في وصفها: "إن أية محاولة لتخيله (الصلح الأكبر) بكامل امكانياته، أو لتقدير منافعه المستقبلية، أو لتصور بهائه، ستكون سابقة لأوانها حتى في مرحلة متقدمة كهذه من تاريخ تطور الانسانية. كل ما يمكن أن نحاول عمله ضمن المعقول هو السعي للحصول على لمحة تبين أول خيوط شعاع يوم الفجر الموعود الذي عليه، مع نضوج الزمن، أن يطرد الغّم الذي يحيط بالإنسانية". (-شوقي أفندي، SHOGHI EFFENDI.1991.34-5 (معرب بتصرف) )(من كتاب فهم الدين البهائي) وتابعوا معنا في الجزء الثاني مع خالص الشكر لمتابعتكم........
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى يتعظ البشر وينزعوا عنهم قميص التعصب الأعمى؟
-
تقدّم البشرية نحو السلام
-
التحرّي عن الحقيقة
-
الطريق للسلام ووحدة العالم
-
حاجة البشرية للدين الجديد
-
إثبات وجود الله
-
تقسيم العالم بواسطة الدين!2-2
-
تقسيم العالم بواسطة الدين!1-2
-
ازدهار الجنس البشري 8-8
-
ازدهار الجنس البشري 7-8
-
ازدهار الجنس البشري 6-8
-
ازدهار الجنس البشري 5-8
-
ازدهار الجنس البشري 4-8
-
ازدهار الجنس البشري 3-8
-
ازدهار الجنس البشري 2-8
-
ازدهار الجنس البشري 1-8
-
الأديان وتطوّر المجتمعات
-
التعصبات هادمة لبنيان العالم الإنساني
-
وحدة الأديان
-
كُلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|