|
أديان أبناءك يا كميت
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5459 - 2017 / 3 / 13 - 09:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وادى النيل هذا منذ الاف سنين لا تعد ولا تحصي كان مخاضات وبرك ومستنقعات شديدة الخطورة تتصارع فيها وحوش و حشرات و نباتات برية بعشوائية لا تقبل إلا القوى واسع الحيلة .. و كان البشر يعيشون في جماعات ( كقطعان ) منفصله علي الصيد وجمع الثمار و الاعشاب في المنطق المجاورة التي لم تكن من قبل صحارى بل كانت غابات وفيرة الخير. مع الانقلاب المناخي ..قلت الامطار .. و تصحرت الغابات .. وهاجرت الحيوانات و خلفها الانسان إلي حيث المياة و العشب علي حدود الوادى غريب الاطوار الذى تفيض وتهبط المياة فية بأوقات غير مفهومة لكن بمرور الوقت أصبحت معلومة. هذه الفترة لا نعلم عنها الكثير إلا أن هذه القطعان البشرية.. جاءت من مصادر أصلية مختلفة و تطورت حياتها حول الوادى باساليب أيضا مختلفة..و كان من الصعب عليها التوغل أكثر من اللازم و التفاعل مع الجيران غير المرئيين لها . بمرور الوقت .. وهذا يعني الاف السنين .. كان بإستطاعة الانسان ترويض الدغل و النهر و الاستقرار في تجمعات سكنية بدائية ترعي و تزرع و تصطاد من البر و النهر .. ثم أن الحركة عبر مجرى النيل بالقوارب (الطوافات )جعلت البشر يتفاعلون سلما أو عدوانا ليكونوا مجتمعات أوسع قادرة علي التعامل اللغوى و المنفعي .هؤلاءهم شعب مصب وادى النيل الاقدمين.. تميزوا بجنسين أحدهما قادم من الجنوب أسمر مستطيل الراس .. و الاخر قادم من الشرق و الغرب يعتبرونه الجد الاكبر لانسان البحر المتوسط. شعوب مصب وادى النيل .. جمعها النهر و ترويضة و الابحار من الجنوب للشمال بقوة التيار .. و العكس بفعل تأثير الرياح علي الاشرعة المصنوعة من جلود الحيوانات ..و المنافع المتبادلة والحروب التي لم تتوقف بين الوحدات السكنية التي كان يطلق عليها فيما بعد (نوم ) او مديرية او محافظة او بلد .. سمها كما شئت .. و لكنها وحدة سكانية متجانسة من أفراد لهم ملامح( جينية ) فيزيقية و سلوكية و لغوية مشتركة ( شعب ) له نظام حكم و وسيلة حياة يعيش منها وقدرة علي التعاون لدرء الاخطار و المحافظة علي ماهوداخل حدود الكيان من المحصول و قطعان الماشية و الدواجن.. ومن هنا بدات القصة.
علي أرض مصب وادى النيل .. كان السحر هو المسيطر بطقوسة لالاف السنين .. و كان ساحر( النوم ) او قل سحرته هم الذين يملكون الرد علي كل الاسئلة المطروحة .. و هم الذين يحمون الرعية من الاشباح و الكائنات غير المرئية .. و أفعالها الشريرة ..البشر حتي اليوم لازالوا واقعين بشكل أو أخر و بدرجة ما طبقا لتقدمهم الفكرى لسحر هؤلاءو طقوسهم و تفسيراتهم لما يحدث حولهم من خير أو شر منذ عشرة الاف سنة .. لم يتنازل الانسان فيها عن ما علمة إياه سحرة البدارى و نقادة و المعادى و غيرها من تجمعات ما قبل التاريخ .. عشرة الاف سنة .. حدث فيها ما حدث .. ولكن تظل تجمعات سكان مصب وادى النيل .. تتداوى و تربي و تلد و تدفن و ترجو وتأمل و تقاوم و تعارض و تتداول الفاظ سحرة ذلك الزمن .. و لا ترضي أى بديل.. مهما تغيرت الظروف و حتي بعد تحول السحر لعقيدة و دين و السحرة لكهان فلازال رجال الدين سحرة يواجهون العالم بكلمات القدرة الغامضة .. و طقوس الاسترضاء للكائنات الشريرة المتحكمة .. و الدعاء للاخرى المساعدة الحنينة . أديان المصريين علي تعددها .. لم تعرف الالهه بقدر ما عرفت (الكائنات المقدسة) التي سميت بعد ذلك (نيتر ) كذكر ..و (نتريت ) كأنثي .و التي ضمت جميع الكائنات الموجودة في بيئتهم ( حيوانات و حشرات و نباتات والهواء و المطر و النهر و ما به من أسماك و ضوارى ) و كان لكل منها إسم ورمز و دور في الصراع الجارى بين سكان (النوم) المتجاورة يحملون شعارة أو يحملونه هو نفسة .. فإذا ما إنتصروا علا شأن (النتر) الحامي ..و إذا ما إنهزموا .. ضموه بكل صفاته و قدراته للنتر المنتصر . عبر الالاف من السنين .. تميز بعض من سكان المناطق المأهولة .. فتميز (النوم ) و (النتر ) .. حتي جاء الزمن الذى توسع فية النوم ليضم معظم أراضي الدلتا .. و توسع أخر ليضم معظم أراضي الصعيد .. و أصبحتا مملكتين .. لكل منهما ملك و تاج وشعار ..و (نتر ) أكبر يراس مجمع من (النترز) الاصغر علي هيئة تاسوع يقوم كهنتة بطقوس و أساليب إسترضاء خاصة لافرادة حتي يقومون بأعمالهم و أدوارهم خير قيام . هذه الطقوس شملت التطهر بالماء و الاملاح .. و الصلاة .. و الصوم .. و الاحتفال .. وكل ما يقوم به المتدين المعاصر .. حتي اليوم .. وقد يكون بنفس الاسلوب .. الشعوب بنت مقرات لكل نوم (محلي ) يخصها .. لازالت منتشرة في كل قرية من قرى مصرمن أسوان حتي الاسكندرية و لكن بأسماء أولياء مختلفة ..و الملوك بنوا المعابد و المساكن للكهنة.. في المدن الرئيسية ( ولا زالوا يبنون حتي في العاصمة الادارية الموعودة ) .. و هكذا إكتملت المنظومة .. كائنات غير مرئية تتحكم في العالم المنظور .. لها رئيس و تاسوع ذو تخصصات واضحة ..و مقر يحج إلية العابدون طلبا للخير و درءا للمخاطر .. و كهنة يحملون كلمة التاسوع و ينشرونها .. ويقودون الجموع .. و ملك داعم عسكرى من نسل قائد التاسوع يرأس جوقة الكهنة في الاحتفالات المهيبة .. و أصبح للمصرين ..أديان بالمعني المتعارف علية حديثا يتصارع المؤمنين بها ويطالبون الاخرين بالانضمام تحت راياتها . من أشهر ( النترز ) كان بتاح و خيبرى و أوزيريس و ماعت و إيزيس وشو و رع ثم بعد ذلك حورس وأمن و أتن...الخ القائمة.و لكي لا أزعج القاريء بمعلومات تربك أصبحت الان في المراجع بوفرة سأبسط الموضوع في ثلاث مناطق حاكمة .. للتعرف علي عقائد سكان مصب وادى النيل . الاولي :أنه كان هناك دائما (كلت ) دين للحكام .. و أخر للشعب .. و كان دين الحاكم يرتبط بالمجهول العلوى القادم من السماء .. و دين الشعب مادى أرضي مرتبط بدورة الحياة من حيث التجدد و النمو والفناء .. من أهم من وقر الحكام و إدعوا أنهم أبناء لهم( نو )و (رع ) و (أمن ) و (اتن ) و العبادة الوحيدة للشعب التي إستمرت عبر تاريخ هذا المكان وقاومت عبادات الحكام .. كانت (لاوزريس) النتر الانسان الذى قد يكون قد حكم بالعدل لفترة ما . الثانية أنه حدث صراع لم يتوقف أبدا علي هذه الارض .. بين سكان الدلتا و الصعيد ألبسوة بردة دينية .. كان يقودها الكهنة المتعصبين لاكل عيشهم الذى وصل في يوم ما إلي التحكم في أغلب أراض مصر كما كان علية كهنة (امن ) وأدى لضعف في الدولة قاد لاحتلال الاغراب للوادى لم يتوقف حتي اليوم.. أكثر هذة الصراعات تأثيرا .. كانت التي بين بتاح و رع .. و إنتصر عباد رع و ضموا بتاح تحت عبائتهم ليكون ملوكه و كهنتة هم المتحكمون باسم تاسوعه لالف سنة علي الاقل قبل أن يضعف بفعل سيطرتهم و إستنزاف قوى الشعب في بناء المقابر و المعابد و أداء الطقوس فيقفز علي الحكومة المركزية أمراء النومز ( الاقطاعيات) و يستقلون بها ويتم غزو شرق الدلتا بالبدو من الهكسوس الصراع الثاني كان بين كهنة و ملوك ( أمن) المنتصرين مع بداية الاسرة الثامنة عشر و (رع ) فضموا تحت عبائتهم المعبود القديم ليأتي جديد بإسم (أمن -رع ).. الصراع الثالث بين الملك الشاب الكاهن إخناتون .. و الكهنة المسيطرين علي مجمل إقتصاد المعمورة و أساليب الحياة في طيبة .. لقد بدى صراعا عقائديا بين أمن رع و أتن .. ولكنه إنتهي بنفي كل من أتن و الحليف رع .. و بقي أمن(الخفي ) معبودا لا يوجدمثيل لقوته علي الارض دام لالف سنة أخرى إنتهت بغزو الجيران الاسيوين لبلدهم ..التي أصبحت منذ ذلك الزمن (مصر ).
في كل هذه الصراعات .. كان الملوك و الكهنة المنتصرون يبدون إهتمامهم بإظهار الولاء للنتر المنتصر بتدمير ما كان للاخر و إستخدام أحجار المعابد و التماثيل ..و المسلات .. لتشييد صروح للنتر الصاعد تميزت منها ثلاث مراكزللعبادة .. (أون ) لرع و (طيبة )لامن، بالاضافة (لابيدوس ) التي كانت مركزا للرب أوزيريس النتر الانسان الوحيد. الصراع الرابع جاء من مكان أخر بعيدا عن الملوك و كهنتهم جاء من الشعب الذى إنتشرت المسيحية بين أفرادة كإنتشار ضوء فجر شمس الصباح بين القرى و الدساكر و الكفور .. المسيحية لم تأت مسلحة .. بل خرجت من معاناة الشعب .. وظلم الحكام .. وغباء كهنة أمن و إنفرادهم بالسلطة .. لذلك سرعان .. ما ألبسها الشعب بردة عقيدته التى دامت و إستمرت من العصور الموغلة في القدم تمجد التجدد و تنشرالمحبة و السلام مما شكل خطرالاول مرة في تاريخهم علي كهنة الحكام فيقوم صراع طويل بين الشعب و من يحكمونه .. سواء كانواأباطرة المستعمرين الرومان أو كهنة أمن ذوى النفوذ أو كهنة الاديان الثانوية الهجين التي فرضها البطالسة ..صراع إتخذ نفس المنهج التقليدى من هدم و تدمير و إعادة بناء .. و نفي السابق لدعم الصاعد . المسيحية لم تحكم في مصر أبدا .. ولكنها لم تخرج من قلوب المصريين و عاشت تكافح لتبقي كما كافحت من قبل الاوزيريسية و بقت مسيحية مصرية بكنيسة منفصلة متميزة (مختلفة ) عن الكنائس الاخرى . النقطة الثالثة .. هو أن التفاعل و الصراع الذي تم بين سكان مصب وادى النيل أخذ إتجاهين أحدهما إستيعاب الاخر دون نفية.. و الاتجاة الثاني هو الاحتفاظ بكل ما قام به الاجداد علي هيئة سلوك و تقاليد و توجهات فكرية في تراكم غريب يجعل هناك إستمرارية .. لا يعيها غير المصرى . إنعكس هذا عندما تحول السحر لعقيدة .. و عندما أصبحت العقيدة أديان و عندما إستوعب المصرى أديان الغزاة .. و دمجها في الته الحضارية .. مع البطالسة .. و مع الرومان ومع العرب و الفاطميين ..و حاليا مع الوهابية التي لم تتحول علي أرض مصر و لن تتحول الي ما يحدث حولنا من مساخر داعشية . و وضح هذا أيضا في الانفلاق العقائدى بين الحكام و الشعب .. الحكام دائما ينظرو لاعلي .. و الشعب دائما يعنية التجدد والنموو المحبة و السلام ويحتمل في سبيل ذلك كل أنواع الظلم و الجور و السيطرة من كهان الحكام و ملوكهم ولا زال الصراع مستمرا. رحلة طويلة أرجو ألا أكون قد أختصرتها إختصارا مخلا غير دقيقا .و مرحبا (بنادين أمجد ) أخر الاحفاد التي أرسلت لي رسالة بانها قد قدمت اليوم عسي أن يكون جيلها أفضل من جيل جدها.
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما نعيش في أحلام الاخرين ؟؟
-
إنكشاف الغمة، في سيرة الامة
-
الخطايا الخمس لرؤساء مصر.
-
المستبد الاكثر فشلا في تاريخ مصر .
-
يا ولدى هذا هو عمك السيسي .
-
هل نعلن وفاة قومية العرب .
-
إحباط لعملية تحرير الاسير
-
هؤلاء عسكر وهؤلاء عسكر ولكن هناك فارق .
-
من الذى يتأمر علي من !!
-
كاد مبارك أن يخرج بنا من هذه الدايلما .
-
بوذا، لاوتسي، كونفوشيوس أيضا أنبياء
-
هل أصبحنا محترفي دجل و شعوذة . !!
-
6 أكتوبرلكن من 3200 سنة
-
ماذا لو كتبت كلمة السيد الرئيس أمام الامم المتحدة .؟
-
الغلابة يحسبوها بالورق والقلم
-
الموجة عالية يا ولدى ..إهرب !!
-
لا اؤمن بما يقال عن الرخاء.
-
عبد الناصر .. و إخناتون.
-
إضطهاد أقباط مصر مستمر .
-
غير راض عن تعاملنا مع قضية المنيا .
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|