أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين بدران - من ذاكرة الراهن (10)














المزيد.....

من ذاكرة الراهن (10)


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 07:58
المحور: الادب والفن
    


(1)
إن شريعة حمورابي أهم معالم الحضارة البابلية ، وقد تفنى القلاع الرومانية ،لكن قوانين الإمبراطورية الرومانية ستبقى أهم معالمها.
(2)
حين سنحت الفرصة لسقراط العظيم أن يهرب من المحكمة، رفض العرض وقرر الوقوف حتى اللحظة الأخيرة من حياته ، ولم ير الأكثر حكمة في وقوفه أمام القضاء أية إهانة ، رغم أنه (ومن مثله يعرف؟) يعرف مصيره ، ويدرك جيداً الفارق الهائل بينه وبين من يحاكمونه ، لكنه أصر على إظهار آرائه بمحاكمته ،كما في فلسفته ، وباحترامه القضاء عمليا، قرن المعرفة بالسلوك ،مجسداً الإنسان في الفيلسوف والفيلسوف في الإنسان ، وهكذا حين تناول كأس السم كان في الذروة الشاملة ،لإنسانية الإنسان ومعرفية المعرفة، و كما بالصفة الاعتبارية، بالممارسة الفعلية أعطى التاريخ الإنساني والمعرفي درسا بليغا.
(3)
رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب، لم يجد غضاضة في وقوفه أمام القاضي، جنباً إلى جنب مع خصمه اليهودي ، بل بالعكس ، وجد في موقفه هذا حقا وواجبا ، بينما وجدت فيه أجيال لاحقة على اختلاف زوايا نظرها ومنطلقاتها، لاسيما المتنورين منها ، مجالا آخر للفخر بصاحبه ، وإضافة مضيئة تحتذى.
(4)
إن الموقف من القضاء، كان وما يزال لدى المتنورين أحد أهم التعبيرات النوعية عن رقي الأمم والأفراد قاطبة، وبوجه خاص الحكام ، وأيضا عن انحطاطها ، فالطب يداوي ويقتل:
حين نريد الحديث عن عصر الأنوار والنهضة ، يكفي أن نتحدث عن تفتح براعم العقد الاجتماعي والقانون والدستور والقضاء، وحين نريد تلخيص ظلام القرون الوسطى في أوروبا تكفي عبارة: محاكم التفتيش.
(5)
حديثاً ،حين استاءت زوجة الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران من أحد رسامي الكاريكاتير ، تقدمت من المحكمة بدعوى كأية مواطنة فرنسية ضد ذلك الفنان وهو أحد مواطنيها، وفي الفترة نفسها ، كان ملك السويد يقف في المحكمة مع مواطن سويدي ، رفع الأخير دعوى ضد الملك في مسألة عقارية، و ربما لم يكن ملك السويد ملكا كما كان يومئذ، أمام نفسه وشعبه والعالم.
لا مجال هنا لكثير من الأمثلة عن مدى قياس رقي الأمم والأفراد والحكام ، بمقياس احترامهم للقضاء والقانون.
أما لماذا الأمر معكوس عند بعضهم ؟ هذا سؤال تبقى الإجابة عنه من اختصاص علماء النفس.
(6)
أن يظهر حاكم أو زعيم أو أحد المشاهير في الأسواق بين الناس العاديين، فهذا تواضع ورقي يحسب لهم ،لكن وقوفهم أمام القضاء أرفع بكثير ، ويعطي مصداقية أكبر لذلك التواضع ، بل يعبر عن موقف حضاري وثقافي لا يضاهى برفعته وسموه.
(7)
من الناحية العملية أيضا ، يمنح الوقوف أمام القضاء ، المتهم فرصة الدفاع عن نفسه ، وشرح الموقف من وجهة نظره ، والتعبير عن الاحترام لنفسه وللقضاء وللقانون وللجمهور، وبذلك تظهر القامة الحقيقية لذلك الإنسان، لولا ذلك الموقف العظيم، ما كان لمن لا يعرف سقراط ، أن يعرف الحقيقة بأنه أعظم (والمقارنة هنا مهينة) ممن حاكموه أفراداً وحكومة.
(8)
قبع العديد من المثقفين والمبدعين السوريين في السجون والأقبية ، وبكل أسف مازال بعضهم يرزح في تلك الأماكن الرطبة، ردحاً طويلا من الزمن ، وكان أول مطالبهم : المحاكمة ، وكان معظمهم يعلم علم اليقين ، أن المحاكمة لن تكون عادلة ، وأن من يحاكمونهم هم من أشباه الأميين ، ولكنهم لم يتخلوا عن حقهم هذا رغم جميع تشويهاته.
(9)
إذا كان بعضنا يعتقد أن هناك من هو فوق القانون وأعلى من القضاء، وأن لاعتقاده هذا أساس ومجرى في بلد متخلف وتعيس كبلداننا المنكوبة، فعليه أن يعلم أن العالم المعاصر، لا يقر بذلك ، وهذه الحقيقة لا تلغي ما نعرفه عن مثالب القضاء والجوانب الفاسدة فيه حتى في أرقى الأمم، فمعرفتنا بمساوئ الآخر، لا تعني أننا أفضل منه.
(10)
إن أسوأ قضاء أفضل من عدمه ، وأسوأ قانون أفضل من اللاقانون ، وحكم أسوأ مؤسسة أفضل من حكم أي فرد أو جماعة تفتقر قوام المؤسسة.
(9)
بخصوص القضاء والقانون كما بخصوص الفساد والإرهاب، كما بخصوص الحكم والحريات والسجون ، بخصوص كل ما أنت مسؤول عليه ، راقصاً كنت ، أو مخرجا أو مدرسا أو بائعاً متجولاً أو رب أسرة أو أي شيء، يجب أن تتأمل هذا البيت المألوف:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم .
وليعذرني أهل العروض ، إذا كنت كسرت الوزن، لأني منذ زمن بعيد وعن موهبة ورغبة نسيت...........الأوزان.



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرة الراهن (9)
- من ذاكرة الراهن- 8
- من ذاكرة الراهن - 7
- في الحوار ترتسم صورة الوطن
- من ذاكرة الراهن -6
- المجلس العاطل وجد عملاً مؤقتاً
- خله يطلع -علشان نشوفه-
- آن لسوريا العظيمة
- من ذاكرة الراهن (5)
- عبد الحليم خدام في بلاد الحرية
- من ذكريات الراهن 3
- من ذاكرة الراهن 2
- من ذكريات الراهن 1
- فرسان الحرف وملوك القتل
- قوس القزح
- غاب القمر
- شهب عابرة
- هوى خلته مات
- الخريف الأوسع صفاقةً
- أنا القتيل أم قاتلي؟


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين بدران - من ذاكرة الراهن (10)