|
لماذا لم ينطبق على اليهود المصريين مجتمع الجيتو؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5452 - 2017 / 3 / 6 - 21:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا لم ينطبق على اليهود المصريين مجتمع (الجيتو)؟ طلعت رضوان لماذا لايكون رئيس مجلس النواب مسيحيـًـا مثل الوضع قبل يوليو52؟ إذا كان التعريف العلمى للأحادية يعنى الإنحيازلفكرة ما أوعقيدة ما، فإنها تنقلب إلى تعصب فى حالة رفض وإقصاء آراء ومعتقدات المختلفين. وعصورالظلمات العربية والعبرية وكذلك الأوروبية كان أهم أسبابها الأحادية التى أخرجتْ أسوأ مافى الإنسان (التعصب) ولم تكن محاكم التفتيش فى ضمائرالبشرهى الجريمة الوحيدة، وإنما انقسام الدين الواحد إلى مذاهب (كاثوليك، أرثوذوكس، بروتستانت فى المسيحية. سنة، شيعة فى الإسلام) بخلاف الفرق المُـتشعبة عن المذاهب. ناهيك عن البهائيين المرفوضين والملعونين من كل المذاهب الإسلامية، وكل ذلك بسبب الفكرالأحادى الرافض لمبدأ حق الاختلاف. وفى عصرنا الحاضرالبائس، فإنّ التعصب أشعل الحروب وأسال دماء الأبرياء لأنّ السادة الأحاديين يتمنون عودة البشرإلى كهوف الماضى، فى رفض صريح للحداثة والعصرنة. أوليستْ مرجعية الأحادية هى التى جعلتْ خيرت الشاطريقول ((إنّ الجماعة تستعد للحكومة الإسلامية بهدف الوصول إلى مرحلة سيادة العالم)) (المصرى اليوم 23إبريل 2011) ألاتعنى (سيادة العالم) السيطرة والاستعلاء والاحتلال؟ وألاتعنى (المرجعية الإسلامية) خضوع المسيحيين لسيطرة الإسلاميين؟ أليستْ الأحادية هى سبب إقصاء المسيحيين والمرأة حتى المسلمة؟ أما المُتخلص من الأحادية فرفع شعار(إرفع راسك فوق إنت مصرى) وشعار(مدنية.. مدنية.. لادينية ولاعسكرية) بينما الأصوليون رفعوا شعار(إسلامية..إسلامية)؟ وإذا تأملنا تاريخ اليهود المصريين، نجد أنّ موقفهم مُختلف تمامًا عن حياتهم فى أوروبا، فذابوا فى المجتمع وساهموا فى الاقتصاد المصرى إلى أنْ ضيّق عبدالناصرعليهم الخناق فخسرتهم مصرالتى عاش فيها كل جنس وكل دين. وعن اليهود فى مصركتب أ. محمد حسن خليفة ((فى الحديث عن حارة اليهود فى القاهرة أوبعض المدن المصرية لم يهتم الباحثون بتوضيح الفارق بين الجيتوالأوروبى والحى اليهودى أوالحارة اليهودية فى المدن المصرية من حيث: أولا أنها لم تكن حارة مغلقة على أهلها تـُحيط بها أسوارتمنع من الدخول أوالخروج من وإلى المجتمع الكبير. كما أنها فى كثيرمن الأحيان لم تكن حارة يهودية خالصة بل عاش فيها مسلمون ومسيحيون بجواراليهود. والأهم أنّ الرغبة فى العزلة لم تكن متوفرة فى اليهودى المصرى، فنجده يعيش فى أحياء خارج الحارة اليهودية. ولم يكن مُلزمًا بالحياة داخل هذه الحارة. إنّ تاريخ يهود مصرليس تاريخ حارات يهودية بل هوتاريخ جماعة مصرية دينها اليهودية ومندمجة فى المجتمع المسلم والمسيحى ومختلطة به وليست منعزلة عنه)) (من تقديمه لكتاب "تاريخ يهود مصرفى الفترة العثمانية"– مجموعة دراسات– ترجمة جمال أحمد الرفاعى وأحمد عبداللطيف حماد– المجلس الأعلى للثقافة- عدد 199عام2000- ص21، 22) وكتب المُترجمان ((إنّ هذا العمل يؤكد أنّ يهود مصركانوا جزءًا لايتجزأ من نسيج المجتمع المصرى: يتفاعلون معه ويؤثرون فيه ويتأثرون به. وعلاوة على اندماج اليهود الاقتصادى والاجتماعى فى مجتمعهم، فقد شارك بعض اليهود فى الحركة الوطنية المصرية المُناهضة للاحتلال البريطانى، بل وشكلوا بعض المُنظمات المُناهضة للفكرالصهيونى فى مصر. إنّ الطائقة اليهودية المصرية كانت جزءًا لايتجزأ من نسيج المجتمع المصرى والتى رحل معظم أبنائها عن مصرخلال عقد الخمسينات من القرن العشرين)) (ص25) ومن المعلومات التى محل إجماع بين المؤرخين أنه فى أوائل القرن 18كان يهود مصر(خاصة يهود القاهرة) يتقلدون أهم المناصب فى سك العملة والصرافة والجمارك..إلخ (ص598) وفى عهد الخديوإسماعيل تم تعيين واصف باشا عزمى رئيسًا لديوان الخديوالذى قال فى خطاب عن مجلس شورى النواب ((فتحنا الباب للمسلمين والأقباط (يقصد المسيحيين) دون تمييز)) وقال عضومجلس النواب محمد الشواربى إنّ الأقباط أبناء الوطن لذا يجب أنْ يكونوا ضمن المدارس التى تعمل بالمديريات)) ولأنّ المصرى فى ذاك الوقت لم تـُـصبه آفة التعصب، لذا بنى مرقص بك يوسف مسجدًا فى طنطا عام 1865ونفس الشىء فعله قلينى باشا فى المنيا. وفى انتخابات عام 1870كان المسلمون يعطون أصواتهم للمسيحيين (المعلم فرج عمدة ديرمواس من نواب أسيوط) وحنا أفندى يوسف (من نواب المنيا وبنى مزار) وفى انتخابات عام 1876أعطى المسلمون أصواتهم للمرة الثانية للنائب حنا يوسف وكذلك لكل من ميخائيل فرج وعبدالشهيد بطرس (البلينا– جرجا) أما الدليل الدامغ على أنّ ثقافتنا القومية المصرية كانت ضد الأحادية، فهوأنْ يكون رئيس مجلس النواب مسيحيًا (ويصا واصف) وبالانتخاب الحر، ويكون نقيب المحامين مسيحيًا (مرقص حنا– لعدة دورات) أما بعد أنْ سيطرالضباط على الحكم عام 52 بالتوازى مع طغيان اللغة الدينية، فلم ينجح مسيحى واحد فى انتخابات عام57ثم لجأ عبدالناصرلآلية غلق دوائرمعينة للمسيحيين ليضمن نجاح من يؤيدون سياسته الديكتاتورية. فهل يمكن (مع تحالف العسكروت والكهنوت) أنْ يكون رئيس مجلس الشعب مسيحيًا؟ وهل التعصب صفة لصيقة بشعبنا أم أنّ المد الأصولى المؤسس على الأحادية صوّب مدفعيته على أبناء أمتنا المصرية؟ كتب الراحل د. رؤوف عباس وهويحكى عن مصرقبل يوليو52 فذكرأنه عاش طفولته فى شارع الترعة البولاقية بشبرا. وفى فناء الكنيسة كان الأطفال المسلمون والمسيحيون يلعبون. وأنه وهو(المسلم) تناول لقمة القربان من يد (أبونا) وأنه ظلّ لمدة 8 سنوات يقول لجارته (أم جرجس) ياعمتى بالمعنى المادى لا المجازى، لأنّ أم جرجس كانت تقول لجدته (يا أمى) وتقول لوالده (يا أخويا) فاعتقد أنها شقيقة والده (=عمته) خاصة أنّ (أبوجرجس) كان ينادى الجدة (ياحماتى) ووصلتْ التعددية (نقيض الأحادية) لدرجة أنّ النسوة المسلمات والمسيحيات تبادلنَ إرضاع أطفال بعضهنّ البعض ورعايتهم إذا اضطرت إحداهنّ للسفرأوالعمل (مشيناها خطى- كتاب الهلال- ديسمبر2004ص22) وهل التعصب صفة شعب يقول فى أمثاله ((سيب الملك للمالك)) وأيضًا ((ما تبقاش حنبلى)) فى رفض صريح للأحادية؟ هذه هى روح التعددية لدى شعبنا، ربما عليها بعض الصدأ بسبب المد الأصولى الذى يجب مقاومته فكريًا، بينما الأحادية هى التى (خلقتْ) المُـتعصبين. 000 هامش: د.محمد رؤوف عباس (1939- 2008) مؤرخ مصرى، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة وعضوالجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وأرّخ للحركة العمالية المصرية، وحقق مذكرات محمد فريد، وعمل أستاذًا بجامعة طوكيوباليابان، وأصدركتابه المهم (المجتمع اليابانى وعصرالميجى:1868- 1912) وكتابه (هنرى كورييل والحركة الشيوعية المصرية) والعديد من الكتب بخلاف كتبه باللغة الإنجليزية. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا استمرّت البغضاء بعد الإسلام؟
-
أليس العداء لمجتمع الزراع عنصرية؟
-
هل علاج الفقراء رفاهية فى نظرالمسئولين؟
-
لماذا يستمرالنظام فى مغازلة الأصوليين.
-
لماذا يقدس الأزهريون البخارى ؟
-
لماذا قمع حرية التعبيربعد انتفاضة يناير2011؟
-
نمو الفكرالعلمانى وفصل الدين عن الدولة
-
التشابه بين المفتى والأصوليين
-
لماذا لم يخرج من بين العرب فيلسوف مثل فولتير؟
-
متى يتعلم النظام من خطورة الأصوليين الإسلاميين ؟
-
عبد الحميد حواس ودفاعه عن الثقافة الشعبية
-
هل دعم المستوردين أهم من دعم الأعلاف؟
-
لماذا كانت الداروينية صدمة للعرب وللمسلمين؟
-
لماذا لايتعلم الجبناء من شيوخ العظماء؟
-
لماذا يروج د. سعد الدين إبراهيم للمصالحة مع الإخوان؟
-
أبناء النوبة مصريون (ثقافيا) رغم أنف العروبيين
-
هل أصيح اسم وزارة الصحة (وزارة قتل المصريين)؟
-
أليست المادة الثانية فى الدستوركارثية؟
-
كم من جرائم ترتكب باسم العروبة ؟
-
مأساة اغتيال الخليفة عثمان إبداعيًا
المزيد.....
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|