|
حوار ثقافي في مقهى سياسي
فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي
(Fuad Alsalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 5447 - 2017 / 3 / 1 - 00:22
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
ونحن في مقهانا الاسبوعي قال صاحبي -صحفي عربي متابع لاحداث اليمن - بلادكم غريبة ..كلما امسك طرفا من المشهد واكتب عنه تتغير معالمه بعد ساعات او ايام وتظهر ملامح جديدة ..قلت له .. لاتقلق هكذا هي اليمن في اصلها جغرافيا وبشرا وتاريخا واضحة جدا ومعقدة . سهلة المراس حينا وخشنة حينا اخر .والمشهد السياسي الراهن يعكس تناقضات متداخلة تشكل في مجموعها مكونات من اطراف الصراع في الداخل والخارج وانقسام المجتمع بل والقبيلة والواحدة واحيانا تعدد الولاءات للطرف الواحد ذاته ..فالشرعية كان لها تاييد كبير تناقص تدريجيا بفعل سلوكها السياسي وعجزها عن الاستفادة سياسيا من حركة الميدان والشارع ولم تعد قادرة في تعزيز ثقتها لدى الشارع العام اي ان المواطن لم يعد يرى امنا واستقرار لافي ظل الشرعية ولا خصومها في آن واحد .. وهنا تتارجح الولاءات للفرد والجماعة والحزب تجاه الشرعية وضدها ..وللعلم هناك احزاب بعض قيادتها مستشارين لهادي وبعض قياداتها وقواعدها مع سلطة صنعاء وكذلك القبائل منقسمة خاصة حاشد مع صالح و الحوثي ومع هادي في آن واحد وكذلك انقسام الشباب والمهاجرين ..وبالتالي تعقد المشهد السياسي حيث عدم وضوح المسار الوطني والقوى المعبرة عنه والمدافعة عنه ايضا .. فتم تعويم المجتمع بالانتقال من المسار الوطني الى مسارات ماقبل وطنية ناهيك عن تعاظم الازمات المعيشية والانسانية ..الجدير بالذكر ان الخارج ايضا منقسم على نفسه حتى داخل الصف الداعم للشرعية حيث اكثر من توجه وخطاب ومممارسات ..وداخل السلطة الموازية تناقض وتناحر مباشر وخفي فهو تحالف لاعلاقة له بمشروع الدولة ..تحالف هادي يتضمن تناقض اضعف هويته السياسية وابرز منطق المحاصصة كانعكاس لعقلية القيادات الحزبية البائسة ذات المسلك الانتهازي ..هكذا يتشكل المشهد السياسي بحضور القوى الانتهازية المناهضة لمشروع الدولة وتهميش الثوار الحقيقيين او اصحاب مشروع التغيير وهذا ماتم عام 70 بما اطلق عليه مصالحة وطنية وما بعد الوحدة ومابعد ثورة فبراير وحتى في ثلاثينات القرن الماضي تم اخراج رموز المقاومة ضد الاتراك واعتماد حكم وراثي بعيدا عن ما تم الاتفاق عليه من ضرورة اقرار توافق سياسي عبر رموز وطنية ممثلة للمجتمع ... اليمن بلد المتناقضات كلها بين وعورة الجبال وبساطة السهل والساحل , بين انتهازية السياسي وبساطة الفلاح والعامل , بين سلطة قمعية لاتقبل الاخر وبين مجتمع يدعوا الى التعدد والتنوع , بين شعب خرج بثورة من اجل التغيير وقيادات حزبية وعسكرية وقبلية انحرفت بالمسار الثوري نحو مشاريع خاصة , بين شعب يريد دولة مستقلة واخرون يمنحون انفسهم منصب وكيل الخارج ..بين شعب متدين بطبيعته وببساطة ممارساته وبين تسيس الدين وتطييف الممارسات الدينية .هذا كلع اظهر فلكلور يمني اصبح لصيق بالمشهد السياسي خلال قرن كامل بتعدد وتنوع التجارب السياسية ...؟ ولاستمرار الحديث مع صاحبي قلت له ..لضعف شديد بالثقافة السياسية التي غابت لسنوات طويلة من المدارس والأندية والأحزاب وغياب الثقافة الجماهيرية ناهيك عن غياب مثل هذه الثقافة من خلال الدولة وبرامجها خاصة برامج ونشاطات وزارات الثقافة والإعلام ..لم يكتسب الكثير من عامة الشعب معنى حقيقي لمفهوم الوطن والمواطنة وأهمية حضور الدولة فكان الشيخ يقول انه ممثل الدولة وكذلك قادة المعسمرات وغيرهم من مراكز القوى الذين اكتسبوا شهرة وثروة خارج القانون . هنا تحولت الدولة إلى أشخاص ومراكز قوى وغابت صورتها الحقيقية عبر المؤسسات والقوانين ..فمن يقتل يهرب إلى بيت واحد من مراكز القوى وكذلك من يفتضح في سرقة المال العام ..وهناك امثلة كثيرة جدا .بل ان بعضهم تم تعيينهم وزراء ورؤساء مؤسسات حكومية أو في السفارات ..واليوم يتساءل البعض لماذا يقاتل الشباب والأطفال وحتى كبار السن مع أفكار وأوهام ومشاريع ضد الوطن والدولة .الجواب ..ببساطة ..لأنهم لم يعرفوا الدولة بصورتها الحقيقية ولهذا أكثر ما نجح به نظام صالح واعوانه من مشايخ القبيلة والدعوة وبعض الأحزاب المعروفة انهم دمروا الدولة ومؤسساتها وعندما جاء لاعب جديد من جنسهم ويمارس اسلوبهم صاحوا أين الدولة ..وكان صوتهم مرتد نحوهم في صداه وفي مداه ..انتم من دمرتم الدولة ليس مؤسسيا فحسب بل حتى صورتها الرمزية ايصا .واليوم نخشى أن الوطن بحغرافيته ووحدته قد تدمر وتشظى ..وما الحرب والعبث السياسي الراهن إلا فرض واقع مؤلم على عامة الشعب ؟ هنا قال صاحبي لنربط قضايا اليمن والعرب بالسياق العالمي ... ووضع تساؤلا ..مضمونه ..الا ترى معي ان هناك ممارسة عنصرية في الغرب تجاه العرب ..قلت ..هذه الممارسة موجودة منذ سنوات طويلة وجزء من ثقافة الغرب وتطورهم ..فهم دمروا المجتمعات التقليدية التي استعمروها سنوات طويلة وجلبوا منها العبيد كقوة عمل اساسية ونهبوا خيراتها ولم يحترموا ثقافاتها ..اقصد الهنود الحمر في امريكا وكندا بل وداخل امريكا اللاتينية ناهيك عن السود الذين جلبوا من افريقيا ..وموجات الاستعمار ذاته قامت على عنصرية تفوق الابيض البروتستانتي ضد الاخرين ..وحتى كتاب صمويل هينيتبجحون يشير الى هذا التفوق فهو في كتابة موجة التحول الديمقراطي يربط هذا الحول وممكناته فقط بالبروستانتية كثقافة ....ومن جانب اخر لابد من المصارحة لواقعنا وسلوكنا العربي ذاته ..فنحن العرب نجد كثيرا من سوء تعامل الاخرين ضدنا يعود الى واقعنا السيئ ورموزنا التافهة وخطابانا غير العقلاني ثم تلك الجماعات العبثية (اقصد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة دينيا ) التي تعمل وفق اجندة الغرب واجهزته الاستخباراتية وبعض تلك الممارسات تندرج ضمن عنصريتهم المعروفة سلفا ..لكن الامر الخطير هو ماسيأتي من خلال تصاعد ظهور اليمين السياسي واليمين الديني وجماعات كثيرة عنصرية بشكل علني حيث سنرى في السنتين القادمتين كثير من هذه الممارسات التي تعتمد على مخاوف واوهام تتعلق بالهوية والثقافة الغربية وهم يضخمون منها كمبررات تشرعن ممارساتهم العنصرية ضد العرب وغيرهم من المهاجرين ........السؤاااااااااال هنا ماذا عن العنصرية والطائفية والمذهبية داخل مجتمعانا العربية التي تعاني من امراض الهوية وتشظي النسيج الاجتماعي وانقسام في الهوية الوطنية اضوافة الى ان الفوضى والحروب الراهنىة تزيد من هذه الممارسات وتغيب معها ممكنات التوافق الوطني وممكنات الالتقاء العام وفق لعبة دولية اقليمية تزيد من العبث السياسي وحالات التدمير الممنهج للدولة والمجتمع عبر وكلاء محليين يدعي بعضهم الشرعية شعبيا والاخر شرعية وهمية من التاريخ ..؟
#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)
Fuad__Alsalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حاجة اليمن الى روح وطنية جديدة
-
اليمين السياسي يحكم امريكا
-
الفلكلور السياسي في لبنان
-
مفهوم الاقلية في نهج امريكا الجديد تجاه ازمة اليمن
-
الدرويش الغاضب الذي هز عرش السلطان اردوغان
-
حين يكون الكذب سياسة رسمية للامريكان وبريطانيا
-
التحول من الدولة الى القبيلة الى الطائفية
-
ثلاث ملاحظات هامة في الازمات الراهنة في بلاد العرب
-
غياب الثقافة الوطنية احد اسباب ومظاهر الازمة الراهنة
-
قرأة تحليلية أولية في دلالات خروج بريطانيا من الاتحاد الاورب
...
-
القلق الوجودي لدى الشباب في دول الربيع العربي
-
الربيع العربي الذي صار خريفا
-
تعميم الفوضى امريكيا واعادة انتاجها محليا
-
اليمن ..دولة ضعيفة تسمح بجماعات واحزاب تحتل وظيفتها وشرعيتها
-
الاحتلال على يد سعد ولا الاستقلال على يد عدلى
-
عندما يكون القرار السياسي بيد التافهين
-
السياسة وعالم الجريمة متشابهان واحيانا متطابقان
-
سنة أولى حرب وخمس سنوات عبث سياسي
-
عن الاحزاب التي اعاقت مسار التغيير السياسي
-
حتى اليوتوبيا ضاعت في بلاد العرب
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|