باتر محمد علي وردم
الحوار المتمدن-العدد: 1433 - 2006 / 1 / 17 - 09:41
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
على المستوى الشخصي أحمل فكرا مناهضا للفكر الاقتصادي الليبرالي الذي يقدم مصالح المؤسسات التجارية والرأسماليين الكبار على مصالح الفئات الاجتماعية المختلفة، وأؤمن بضرورة وجود تيارات عربية مناهضة لسياسات العولمة الرأسمالية الكونية التي تهدد حقوق الشعوب والمجتمعات في حيازة مواردها الطبيعية وحقوقها التنموية الأساسية في الصحة والتعليم والشرب والغذاء والمسكن.
وفي هذا السياق بحثت كثيرا عن تيار أردني مناهض للعولمة الرأسمالية يمكن أن أمارس نشاطا جماعيا من خلاله، وشاركت بغرض المتابعة والمراقبة في بعض النشاطات التي تم عقدها في مؤسسات سياسية وحزبية ونقابية بهدف مناهضة العولمة، ولكنني للأسف لم أجد تيارا يحمل الطابع الإنساني المناهض لسياسات العولمة الاقتصادية، بل مجموعات من التيارات الإيديولوجية المتطرفة التي تحتكر الحق المطلق وترمي الآخرين بالتهم وتنظر إلى العولمة بمنظر ضيق ينصب على السياسات الأميركية والصهيونية والاستعمارية، والتي لا يوجد بينها بالضرورة رابط عضوي مع العولمة الاقتصادية. أما بقية هذه التيارات الأردنية، فهي تعتقد أن كل حركات المنظمات غير الحكومية الدولية التي تقود تيارات مناهضة العولمة بشكل سلمي وعلمي حركات "مندسة" وعميلة للاستعمار وأن الحل الوحيد هو في المقاومة العنيفة!
من المفيد أن نفهم، أن المحرك الرئيسي للعولمة الرأسمالية ليست الحكومات الغربية، بل الشركات الكبرى متعدية الجنسيات التي تعتبر أن الدولار هو القيمة الوحيدة في العالم والتي يمكن انتزاعها من لقمة عيش ورشفة مياه أي مواطن فقير في قارات العالم، بغض النظر عن دينه وجنسيته.
لقد مارست الشركات متعدية الجنسية كل الموبقات بحق الشعوب الفقيرة في أميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا وبشكل أكبر بكثير من العالم العربي الذي لا يزال في بدايات مواجهته للعولمة الرأسمالية. أن الحركات الاجتماعية الكبرى التي نشأت في أميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا تمثل القوة الرئيسية للمجتمعات النامية في مواجهة الرأسمالية، وساهمت في تنظيم نفسها وجذب كل المتأثرين بسياسات العولمة وأنشأت شبكات مع كل العالم بفضل الفكر الإنساني الراقي الذي طورته هذه الحركات والبعيد تماما عن التطرف القومي والديني الذي لا يزال يسود عقلية التيارات الأردنية والعربية التي تدعي مناهضة العولمة من أجل أن تشتم الصهيونية والإمبريالية والاستعمار والكمبرادور!
الأردن، مثل كل الدول العربية والإسلامية والنامية في العالم بحاجة إلى حركات اجتماعية إنسانية تؤمن بفكر الأخوة البشرية ومناهضة سياسات العولمة الاقتصادية بالتعاون مع القوى الدولية صاحبة الخبرة والتأثير، ولكن الأهم من ذلك أن تكون حركات مناهضة العولمة في الأردن نابعة من المجتمع نفسه، وليس من نخب من المثقفين المؤدلجين أصحاب الفكر الضيق. ولكن هذا التطور سيحدث مع مرور الوقت ومع وضوح التأثيرات الاقتصادية الهائلة لسياسات العولمة الاقتصادية والتي بدأنا نشهد بداياتها على المجتمع الأردني خاصة في السنوات الثلاث الماضية.
#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟