أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم القحطاني - -جَعلُّه الساحق والماحق! / قصة قصيرة














المزيد.....


-جَعلُّه الساحق والماحق! / قصة قصيرة


مريم القحطاني

الحوار المتمدن-العدد: 5446 - 2017 / 2 / 28 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


*


صبيانية حد الذهول رغم شحنة الإغراء في اسمك ذو الرنة الحالمة والبعد الرومانتيكي: مارلين...
"يا عزّي! تشتي أجي أضربك!؟"
دعوة سخية تقدمينها على الطريقة الصنعانية عندما يثور الغبار بينك وبين الصبية في حلبات كرة القدم القاحلة.

لم يكن لكِ مؤهل عاطفي واحد يشي بالأنوثة. جبهتك وأسنانك العلوية المندفعة للخارج، ألوان ملابسك الفاقعة حد الإستفزاز تترك من يقف أمامك في حالة ضيق صمغي، قد يتحول إلى رهاب إن لم يتفاداه بالفرار. أسوأ الأوقات عندي كان هذا: " دق دق دق" ثلاث دقات رتيبة بكل أمانة، لا تزيد ولا تنقص، يتركها وضّاح على الباب ثم يعسكر خلفه. لا يهمه إن طال انتظاره فالفراغ سيبتلعه على أي حالٍ كان.

أفتح الباب و إذا بفمه على مصرعيه من سذاجة الإبتسام..

ـ نعم تقول لك مارلين انزلي
ـ انزل فين؟
ـ تنزلي تلعبي معاها في الشارع
ـ ايش؟
ـ تقول لك بسرعة
ـ قلها مش نازلة، إذا تشتي تطلع هي، تطلع

لا تمر دقائق إلا وإعصار كاتريني يمحق الباب، مارلين، تدخلين مندفعةً كتيار كهربائي في تفاوض قصير مع أمي لا أسمع منه إلا "والله يا خالة و الله والله!" لأجد نفسي في حدود لمحة بصر أرتكز بقامتي الهزيلة وسط الشارع، إلى جوار فتاة جاسرة العظام، شاهقة الإرتفاع، يتطاير المكر من عينيها الزئبقيتين، تشاورني، ودون أن تقصد استشارتي تماماً:

"أيش رايك نروح نسرق البيبسي من عند عمي صالح صاحب البقالة؟"

وبأعجوبة تنجحين في نهب العم صالح، فيلعن نفسه وحاضره وماضيه، إذ لا يفهم كيف دخلتي أو كيف انزلقتي من أمام عينيه. يصب على نفسه المسكينة وابلاً من اللعنات التي لا تخلو من مناجاة الجن والعفاريت "وجناه! جني شلّش! جني بزّش!" وتطالعينه في سكينة وما يشبه السهو، يتصبب العرق من البيبسي في يدك اليسرى وتذوب الشوكولا في يدك اليمني بينما تتسع رقعة الأيس كريم حول فمك. ولخطأ نفسي في تركيبتنا نفرح وننتشي بانتصارك المذهل، إذ كنتِ *مازنجرية حقاً! وعندما نسألك لماذا العم صالح هو هدفك المفضل تقولين بحكمة أم متعبة وأنتِ تتأملين الغنيمة: "مَلي يغلّي" وكان يعجبنا هذا الكلام.

هذا عندما تنتابك نوبة المغامرة، أما عندما تكونين في حالة ركود، تلك الحالة التي يسببها وجودك وحدك في شارع لا يحرك صمته إلا طيران القراطيس وما تبقى من أكياس ـ كون الجميع في المدرسة ـ تجلسين القرفصاء وفي جهتك اليمنى كيس معبأ بالبصل والثوم، وفي اليسرى مجلة "الثوري" (كانت الثوري دائماً) تغلفين مافي الكيس الأول بـ"الثوري" حتى يأتي وقت التعذيب أو ما تسمينه "لعب" ترغمين من يختار أي كرة مغلفة على أن يأكل محتواها دون رأفة تذكر، وويلٌ لمن يلجأ للمراوغة، وبشرى لمن يلجأ للمساومة!

ضيقٌ كان يجثم علينا إن حدث ورأيناك تلوحين مبتسمة من بعيد، أو مسرعة نحونا ونحن نرتعش كفريسة في خوف شديد الظلام. ذِكر اسمك كان يدفع على الزفير تارة من شدة التأفف، وتارة أخرى على الشهيق من فرط الفاجعة. لم نكن نحبك، مارلين، ولم تكن أمهاتنا ترضى بخروجنا معك بعد الحرب الأهلية تلك، بحجة أنكم من أفراد الحزب الإشتراكي تروجون للإنفصالية، ولم تكن أمهاتكم تنعتنا بشيء يُفهم نحن أيضاً إلا أنه له وقع البصاق حين يقُال. ورغم عدم فهمنا لما كان يجري ويُذكر، إلا أننا وجدنا في ذلك أمراً وكلاماً كبيراً وذريعة جبارة تنجينا منكِ. لكن سرعان ما تنتابنا حيرة وشيء من ضياع عندما نرى أمي وأمك يرقصن، متحدات في هرولة خلف لحن لحجي سريع، أو متبادلات لأغصان القات بعد الظهيرة، متفقات على نذالة الحكومة: "جَعلُّه الساحق والماحق!" تقول والدتك لتجيبها أمي"آمين!"






مريم القحطاني كاتبة يمنية

للتواصل على تويتر: @MQahtanite



-----


هامش:

"جعلّه الساحق والماحق" دعوة بالفناء

"نعم" و "مَلي" أدوات حشو في اللهجة العدنية.

"يغلّي" أي أنه يرفع الأسعار.

"جني شلّش/بزّش" أي ليأخذك الجن. تعبير يمني عن ضيق الذرع أو التذمر من شخص ما.

"مازنجرية" نسبة للشخصية الكرتونية مازنجر.



.



#مريم_القحطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم يربح عمار العزكي في أراب أيدول؟
- حظ ناقص


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم القحطاني - -جَعلُّه الساحق والماحق! / قصة قصيرة