|
الترحم على الحصة التموينية
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تتصل على عراقي داخل خربة الوطن ، وتسأله عن أحواله ، يحمد الله ويشكره ، ويصور لك الامور أفضل حتى من الذين فجروا أنفسهم وتعشوا مع الانبياء ، وعندما تسأله : هل ينقصكم شيء ، يكون الجواب : لالالالا أبدا نحن بالف خير . وبعد تجاذب الحديث يظهر شخصيته الثانية ، ويبدأ البكاء ، ويشتكي من نقص كل شيء ، تبقى في حيرة من أمرك ، كيف تتعامل مع هكذا نوع من البشر ، وفضلت طبعا أن أنصت الى كلام من يتحدث إلي من داخل العراق ، وقتا طويلا حتى أتجنب شخصيته الاولى التي ينافق فيها ، وأتحدث له بعد أن ينهي بكاءه ، ويسأل عن كيفية خروجه من العراق ، وهو يجر معه 4 ( نسوان ) و22 طفلا ، ويريد دولة من دول ( منع تعدد الزوجات تقبله ) . بعد أن إستمعت إليه ، سألته إلى أين ذاهب أنت ؟. قال : لإستلام الحصة التموينية ، ونفس السؤال كنت أسأله قبل ( التحرير ) ، كانت حصته التموينية كاملة لمدة 6 أشهر مقدما من صدام حسين ، وبعد أن حكم الاسلام ، والاخير دائما بخيل ، يأخذ ولا يعطي ، ويعدهم بالجنة ، وينصحهم بصلاة الدليل ، لكن واعظهم يتنعم بالحرير والموائد التي حتى معاوية لم يأكل مثلها ، لانها غير موجودة في زمانه ، ويمتلك الجواري ويركب سيارات ( جكسارات وكديلاك ) من صنع الكفار . الاسلام الذي يقود الحياة لم يبق من الحصة التموينية الا مادة الرز الاسود المسرطن المسلوق ، وحقيقة يبدو أن زمن الاسلام أفضل من زمن صدام ، لانه من المعيب أن يعتاش الانسان ( العراقي ) على صدقات ليست من عرق جيبنه . وأهين العراقي عندما سرقت الامم المتحدة ثرواته ، وأعطته الفضلات ( النفط مقابل الغذاء ) ، وفي هذه كان يأكل هو وأولاد ( يشبع ويزاكط ينعي يرفس ) ويهتف بالروح بالدم . وليس فقط أن الدعاة وأبناء ( مرجعية ) غيبوا الحصة التموينية ، بل سطوا على راتب ( المواطن ) وعندما يحين وقت إستلام المبلغ المتأخر 6 أشهر ، يقولون له : المصرف خالي مولاي ، تعال غدا ، وهنا يغني المواطن المخدر إغنية ( مطرب وأغني وبجيبي خمس فلوس ) ، ويكملها بأغنية ( الوطن خالي )وصدام إخلافك ذلينا . مالذي يفعله ليغيض الاسلام السياسي ، يترحم على صدام حسين ، لانه أشبعه في زمن الحصار ، يترحم على الرئيس والنظام البائد حسب تعبير مشعان الجبوري الذي إعترف بأنه سرق . رب يوم بكيت منه فلما صرت إلى غيره بكيت عليه وصار الناس مصداقا لقول المتنبي تعيش النفوس في الضيم حتى لترى أنها لاتضام حالة تكييف مع القهر والظلم . ويخرج عليك وهو راكع في الذلة وغاطسا فيها ، وينادي ( هيهات منا الذلة ) ، ويهرول في نفس المشهد الذي يديره ويخرجه السفير الامريكي في المنطقة الخضراء ، والقنصل العام البريطاني والامريكي في الجنوب المحترق من شدة لهيب النفط والغاز والشمس ، ليغطس إصبعه في اللون البنفسجي المخادع ، ويلدغ من نفس المكان منذ 2003 حتى اللحظة ، متوهما أنه سيعيد نصف كرامته وربع حصته التموينية ، في مسرحية إنتخابات ، العراق فيها مختطفا ومصادرا ومرتهنا من قبل صندوق النقد الدولي . ويخرج بمظاهرات ليصلح الاحتلال ، ولا نعلم من أوهمه بفكرة إصلاح إحتلال جاثم على صدر العراق ، ويستهزأ رئيسه في البيت الابيض بالعرب ، وبنتكته أتفه من نكتة سلفه جورج بوش الابن ، عندما سأله صحفي أمريكي : هل وجدتم أسلحة الدمار الشامل في العراق ؟. فدخل تحت كرسيه في المكتب البيضاوي ، فسأله ماذا تفعل تحت الكرسي ، فضحك الرئيس ، وقال : أبحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية ، وبعد عقد من الزمن ، يضحك الجميع في قاعة كبيرة ، بعد أن يصرح ترامب بأن الخليج ( العرب ) لايمتلكون غير المال الذي يمولون به المناطق الامنة لتخريب سورية ، ويضيف سيادته أنهم ( بقرة حلوب ) . فما بين مهان لاهث خلف نصف كليو طحين ومثله رز مسرطن ، وما بين مستهزأ به لانه بقرة حلوب ، هذا هو حال العرب الذين يشتمون بعضهم البعض الاخر ، والجميع يشتم العرب ، حتى العرب ، وفي العراق الجميع يريد أن يحرق الشعب حتى الشعب ، وظاهرة جلد الذات مستمرة ، والوقوف مع الجلاد ضد الضحية هي سياسة اليوم ، ولا أحد يلوم أولياء الامور الذين تحصنوا في دويلتهم اللعينة . مالذي يخدر شعب ، ويجعله تائها ، مروضا لايتحرك ولا يدافع عن نفسه بعد أن سلبت منه مقومات الحياة والشرف والكرامة ورغيف الخبز ؟. ومالذي يجعله ، ينتظر الانتخابات التي لا وجود لها إلا مسرحية تمثل للضحك عليه ؟. إنه الدين ، أفيون الشعوب ، إنها الطقوس التي صادرت وإلغت الفرائض .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بشراء الاصوات والذمم سقطت الدولة العراقية
-
ظاهرة دونالد ترامب
-
ثورة السحل في العراق قادمة
-
إعلان ولاية فقيه في العراق
-
من القدس إلى النجف هدم المنازل
-
نهاية زمن الدولة الوطنية
-
خطورة حكم رجال الدين على الانسانية
-
حلم أحفاد كسرى في العراق
-
حج كربلاء محو لذنوب الساسة
-
إنقراض الدولة العراقية
-
أبناء بريطانية العظمى في العراق
-
مهندسو الخراب في العراق
-
التبعية
-
( صلاة الواو بين النافورة والجسر )
-
المقدس في حياة الناس
-
قريتنا المنسية
-
إصلاحات حيدر العبادي
-
أغاني الناس وأغاني العمائم
-
الدولة المدنية
-
فساد رجال الدين
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|