|
الجنيات والعفاريت في عروض مسرح الطفل
غاده عبد الستار عواد
الحوار المتمدن-العدد: 5436 - 2017 / 2 / 18 - 19:15
المحور:
الادب والفن
الجنيات والعفاريت في مسرح الطفل كثير من الكتاب والمفكرين يهاجمون وجود شخصيات الجن والعفاريت في نصوص مسرح الطفل ،بدعوى أنها تشوه تفكير وعادات شخصية الطفل ،ونحن نسعى في هذه المقالة العاجلة الدفاع عن هذه الشخصية ووجودها ضمن نصوص مسرح الطفل وبإعتبارها الشخصية التي صمدت عبر العصور وعرفتها أمم الارض قاطبة . أن الجان كائن خارق غير منظور في العادة وهو خيرَ معين أو شرير خبيث أو شقي ساحر يعيش على الأرض .ويعتقد الناس بوجودها في العالم القديم ،آسيا وأفريقيا وأوربا ،وحتى في العالم الجديد أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية ، ويبدو أن الاعتقاد بوجودها كان ثمرة ثقافية تمتلك نصيباً من الرقي والتقدم خصوصاً في مجال حكايات التراث الشعبي . أن لهذه الكائنات كشخصية خرافية في الحكايات لها خصائص ودلالات بصرية هي نفس الخصائص الموجودة في كل مكان من العالم ،فهي قادرة على التشكل والتلون والاستخفاء ،وقد نرى الواحد منها على هيئة مارد عملاق يطاول الجبال ويناطح الغيوم ،أو قزماً ضئيلاً أصغر من الاطفال ،يظهر بثيابه الملونة وببشرة خضراء او شعر أخضر او أزرق إحياناً. بالرغم من ان الحديث عن العفاريت والجن يذهب بنا الى حكايات التراث الشعبي والقصص المتداولة بين الناس فمنهم من يتحدث عن خطف الاطفال وحرق البيوت أو العكس ،كالتعاطف مع الفقير ومنح هدايا للاطفال وإبطال السحر الضار وتفسد مادبره السحرة .
عند توظيف هذه الشخصية في الكتابة المسرحية للاطفال لابد من إيجاد تعريف مناسب لهذه الشخصية ،بإعتبارها شخصية تنتمي الى انماط الشخصيات الخرافية أو الخيالية أو الفنتازية ،ولكون إنقسام دورها الاساسي مابين الخير والشر يمكن الاجمال على إنها تلك الشخصية التي تأخذ شكلاً وتصدر أفعالاً تفوق قدرات الشخصية الطبيعية ، وأن ارتباط رسم هذه الشخصية مرتبط بشكل إساسي بخيال الكاتب والمعرفة الثقافية بالتراث الشعبي لكل امم العالم ،فهي شخصية ذات مرجع للشعب وملك للشعب ونتاج قواه الشاعرية والحسية . أحياناً تكون شخصية الجنية والعفريت مرتبطة بالشخصية البطل ،وعلاقة الطفل بها مرتبطة بصفات هذه الشخصية ومدى الاستجابة لحاجاتهِ ورغباتهِ وتبقى الشخصيات الاخرى دائرة في فلكه ،فلابد ان تكون واضحة والوضوح هنا أهمها الافعال إذ إن الافعال العادية لا تشد الطفل إليها ،فالجن والعفريت يحتاج الى افعال عظيمة فيها كثير من المفاجآت وتحدي الصعاب ،والتحدي يكون واضحاً بين الخير والشر ،وبين الصالحين والضعفاء . وبالتالي على الكاتب لنصوص الاطفال ان يراعي النقاط الاتية :
1- مراعاة المرحلة العمرية للطفل عند عرض شخصيات الجان والعفاريت ،فقد يكون الطفل صغيراً جداً يخاف ويهرب منها أو قد يكون كبيراً يضحك عليها او لاتعجبهُ ،وفي كلتا الحالتين سوف لن ينجح العمل المسرحي . 2- ان تكون شخصية ذات الوان زاهية تشير الى دلالاتها لكي يفهمها الطفل ويتقبلها . 3- ان تمتلك اللياقة البدنية الكافية للقيام بالدور . 4- ان يكون لها القدرة العالية على تحويل الاصوات بين وقت وآخر لتجعل جو المسرحية مرحاً .
كثير من الاطفال لا يعجبهم وجود شخصية الجن او العفريت في العرض المسرحي بالرغم من انها مناسبة للمرحلة العمرية التي يمرون بها ،وقد يرجع السبب الى : 1- افتقار الشخصية المرسومة الى وسائل التبسيط في طرح الفكرة . 2- تطور الفكر والعلوم ومناهج التحليل والتفسير العلمي والواقعي ،مما جعل الطفل يتصفح الانترنت ويشاهد الأفلام ويتعامل مع الإجهزة الاكترونية بكل بساطة
لا ننكر اهمية عرض ودمج هذه الشخصيات في الكتابة المسرحية للطفل ،فهي تحقق نماء الخيال و بشكل او باخر لتفتح افاق جديدة للتفكير الابداعي وبالتالي تلبي مطالب الطفل النفسية وحاجاته وطموحه نحو الاشياء الصحيحة والمفيدة وبدرجات متساوية لكون لو استمر شغفيه بها او تخطى هذه الدرجات يدل ذلك على علامة مرضية .. ان هذه المهمة تقع على عاتق الكاتب المسرحي للطفل وكيفية تحقيق التوازن المطلوب بين رسم الشخصية والمتلقي (الطفل ). وان يبتعد الكاتب قدر المستطاع التأويلات المستفزة او المخيفة لكي لا يحرم الطفل من فرصة الاستمتاع والاحتفاظ بشعور المتعة . وان التأويلات سوف تخلق اعراضاً لنزق عصبي فلا بد التخلص منها .
الخلاصة من هذه الاراء المبعثرة التي عرضنها على عجل ،قادرة على تنبه كُتاب مسرح الطفل ،أولئك الذين يتحملون عبء تربية الاطفال ،في فهم أهمية وجود شخصيات الجان والعفاريت فهماً أسهل ،فوجودها في المسرح يزد النص غنى وبهجة ولايمكن أن تتم الا اذا قدمت الشخصية بشكلها المتوازن .
#غاده_عبد_الستار_عواد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|