أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - التَوقِيعُ على -نِظَامِ رومَا-: غَفْلَةٌ أَمْ تَضَعْضُعْ؟ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (8)!















المزيد.....

التَوقِيعُ على -نِظَامِ رومَا-: غَفْلَةٌ أَمْ تَضَعْضُعْ؟ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (8)!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1431 - 2006 / 1 / 15 - 11:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(1) كان لا بُدَّ لنا ، لأجل مقاربة الارتباك المقلق فى خطاب حكومة السودان بين الاعتراض على قرار مجلس الأمن بإحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة بلاهاى وبين الرفض (للآى سى سى) نفسها ، من أن نعود إلى خلفيَّة نشأة هذه المحكمة بإلقاء نظرة على تطوُّر العلاقات والقانون الدوليَّين باتجاه حقوق الأفراد والشعوب ، مِمَّا أفرز الحاجة لقضاء جنائى دولى تحت ضغط وإلحاح المطالب المستمرة على هذا الصعيد من جانب المجتمع المدنى العالمى والحكومات الديموقراطية فى مختلق البلدان. فعرضنا لمراكمة القواعد القانونيَّة الدوليَّة تاريخياً ، وبخاصة منذ نهاية الحرب الأولى ، مروراً بمحكمتى (نورمبرج) و(طوكيو) ، وحتى تشكيل محكمتى (يوغسلافيا السابقة) بلاهاى و(رواندا) بأروشا. كما أشرنا لانضمام السودان إلى (نظام روما) بالتوقيع فى 8/9/2000م ، رغم عدم مصادقته على توقيعه بعد ، مع ملاحظة أنه لم يسحبه أيضاً. وعرضنا كذلك لما يعنيه انعقاد الاختصاص للآى سى سى بإلاحالة إليها من مجلس الأمن Referral ، كما فى حالة ملف دارفور ، بموجب المادة/13/ب من النظام مقروءة فى ضوء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وعرضنا لبعض الترتيبات العقابيَّة المخوَّلة للمجلس بموجب هذا الفصل ، مِمَّا سيقع أثره على البلاد بأسرها ، لا النظام وحده الذى لم يعد أمامه ، بإزاء ما جرى ، سوى أحد خيارين لا ثالث لهما: فإما اتخاذ قرار غير محسوب بمصادمة مجلس الأمن ، غض النظر عن الحالة الراهنة لتوازن القوى دولياً وإقليمياً ووطنياً ، أو الاستمساك جيِّداً بموقعه كعضو شرعى فى الجماعة الدوليَّة ، فيتعاطى بأسلوب واقعى ، كما ينبغى ، مع استحقاقات هذا الموقع بما يفرضه المنطق الراهن للعلاقات والقانون الدوليَّين. وللاجابة على سؤال الخيار الذى سيركن إليه النظام لاحظنا ضرورة الأخذ فى الاعتبار بانقسام لسان الدولة إلى (لسان قانونى) و(لسان سياسى) قلما يتسقان ، بل يتقاطعان أغلب الأحيان.
(2) إنطلق (اللسان القانونى) يحاجج ، أول أمره ، بتوفر عنصرى (الرغبة) و(القدرة) معاً (Ability) & (Willingness) لدى الدولة فى تعقب ومحاكمة الجناة ، وذلك ، فى ما هو واضح ، لتحقيق أحد غرضين:
أ/ فإما بأمل التمكن من استصدار قرار من الآى سى سى تحت المادة/17/أ من (نظام روما) بعدم مقبوليَّة الدعوى Inadmissibility ، وهو أمل مشروع فى كل الأحوال ، إذ ليس لأحد أن يتوقع وقوف دولة ما مكتوفة الأيدى بينما لديها من الحجج القانونية ما يحملها على الاعتقاد بكفايته لتأسيس دفع قانونى مرموق فى وجه الادعاءات المثارة ضدها ،
ب/ أو ، بالعدم ، للتمكن ، على الأقل ، من اقناع مجلس الأمن نفسه بإصدار قرار مشمول بطلب إلى المحكمة تحت المادة/16 من هذا النظام بعدم البدء فى إجراءات التحقيق أو المقاضاة Deferral لأىِّ مدة أو مدد قد تبلغ فى جملتها اثنتى عشر شهراً مما تخوله المادة المذكورة. وهذا باب نرى أن مشرِّع (نظام روما) قد قصد أن يحتفظ به موارباً ، حتى لا تؤدى عملية الاحالة Referral ، فى حدِّ ذاتها ، إلى إفقاد المجلس ، نهائياً ، زمام المبادأة باجتراح المعالجات السياسيَّة والدبلوماسيَّة ، أو إلى تيئيس الدولة المعينة من جدوى مراجعة وإصلاح أوضاعها العدليَّة التى كانت ، فى ما مضى ، تيسِّر للجناة الافلات من العقاب Impunity ، وتعسِّر على الضحايا بلوغ العدالة Access to Justice ، فى ما لو توفرت أسباب تلك المعالجات أو ذلك الاصلاح فى أى وقت لاحق لقرار الاحالة ، وعلى رأس ذلك عنصرا (الرغبة) و(القدرة) ، مما تنتفى معه الحاجة لولاية واختصاص الآى سى سى ، وهما فى الأصل (تكميليان Complementary Cognizance & Jurisdiction) ينعقدان لها فور ثبوت انعدام العنصرين المشار إليهما ، أو أىٍّ منهما ، لدى الدولة المعيَّنة ، وفق الفهم الدقيق لنص المادة/1 من (نظام روما).
(3) هذا (اللسان القانونى) هو الذى مهَّد ، فى ما يبدو ، للسياق الذى تشكلت من خلاله (لجنة التحقيق الوطنية حول الوضع فى دارفور ـ لجنة دفع الله الحاج يوسف) ، بموجب قانون لجان التحقيق لسنة 1954م ، والتى مهَّد تقريرها الختامى ، بدوره ، لأمرى تأسيس وتشكيل (المحكمة الجنائية الخاصة بدارفور) الصادرين عن السيد رئيس القضاء فى 7/6/2005م و11/6/2005م على التوالى ، وما تلاهما من أوامر تأسيس وتشكيل لمحكمتين أخريين خاصَّتين فى الاقليم مِمَّا سنعرض له فى حينه.
(4) لكن ، ومع الاحترام الواجب لأمرى تأسيس وتشكيل المحكمة الخاصَّة الأولى التى صارت تعرف لاحقاً (بمحكمة أبكم) ، إيماءً إلى رئيسها مولانا/ محمود سعيد أبكم قاضى المحكمة العليا ، فإن ذينك الأمرين ليسا بمنأى عن النقد من أكثر من وجه. من ذلك ، على سبيل المثال لا الحصر ، ثلاثة وجوه أساسيَّة:
الوجه الأول: أن الآى سى سى هيئة دائمة تمارس اختصاصها على الأفراد إزاء "أشد الجرائم خطورة فى موضع الاهتمام الدولى the most serious crimes of international concern" ، وفق منطوق المادة/1 من (نظام روما) الذى يصنف هذه الجرائم ضمن المادة/5/1 منه ، كما ويعرِّفها ضمن المادة/6 (بالابادة الجماعية Genocide) ، والمادة/7 (بالجرائم ضد الانسانية Crimes Against Humanity) ، والمادة/8 (بجرائم الحرب War Crimes) . أما أمر تأسيس محكمة دارفور الخاصَّة الأولى فيحدِّد اختصاصها الموضوعى ضمن المادة/5 منه بأفعال يجرِّمها القانون الجنائى السودانى لسنة 1991م والقوانين العقابية الأخرى فى الظروف العاديَّة ، وليس من بينها الأفعال التى تشكل فى ظروف معيَّنة ، وبكيفيَّة معيَّنة ، "أشد الجرائم خطورة" بالمعايير الدوليَّة ، مما يقع تحت طائلة القانون الجنائى الدولى ، وبالأخص (إتفاقيات جنيف الأربع المبرمة فى 12/8/1949م).
الوجه الثانى: أن أمر التأسيس المشار إليه لم يعالج ، من الناحية الأخرى ، وبوجه خاص ، حالات (الحصانات Immunities) التى تشكل العقبة الكئود أمام إمكانية إخضاع (الأشخاص ذوى السلطة) لأحكام العدالة.
الوجه الثالث: أن كل الظروف والملابسات المحيطة بإنشاء (المحكمة الخاصَّة الأولى) ، وما سبقها من تشكيل (للجنة التحقيق الوطنيَّة ـ لجنة دفع الله الحاج يوسف) ، إنما تشير بأكثر من إصبع إلى وقوعهما فى سياق النزاع القائم مع لجنة التحقيق الدوليَّة (لجنة أنطونيو كاسيوس) ، ومع الآى سى سى ، ومجلس الأمن ، والأمين العام للأمم المتحدة ؛ فى حين أن المحاكم لا تشكل ، فى الأصل ، لمجرد إفحام هذه الجهة الدوليَّة أو تلك ، بل لسدِّ حاجة ملحَّة لتصريف العدالة Adminstration of Justice ، مِمَّا يندرج ضمن أوجب واجبات الدولة فى كلِّ الأحوال وتحت كلِّ الظروف.
(5) أما (اللسان السياسى) للدولة فقد انطلق من جهته ، ومنذ البداية ، فى تلازم متقاطع مع (اللسان القانونى) آنذاك ، ومن أعلى المصادر فى كلا المستويين التنفيذى والحزبى للسلطة الحاكمة ، وبمشاركة نشطة من صحفيين وإعلاميين وكتاب وأئمة مساجد وغيرهم من رموز القوى الاجتماعية الداعمة للنظام ، ليدمغ الآى سى سى نفسها ، صراحة أو غمزاً ، وليس مجرَّد القرار المحدَّد بالرقم/1593 ، الصادر عن مجلس الأمن فى 31/3/2005م ، بإحالة ملف دارفور إليها ، وفقاً للمادة/13/ب من (نظام روما) مقروءة فى ضوء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، وتأسيساً على نتائج تحقيق (لجنة كاسيوس) التى أنشأها ، بطلب من المجلس ، الأمين العام للمنظمة الدوليَّة فى 1/10/2004م ، وتقريرها الذى أودع منضدة المجلس فى يناير 2005م ، بل وليصوِّر هذه المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة كثمرة مُرَّة (للاستكبار الدولى) ، وكأداة من أدوات (الهيمنة) و(التسلط) الدوليَّين ، وكمعول لهـدم (السيادة الوطنيَّة) ، وليهدِّد ، من فوق ذلك كله ، بعدم التعاون معها.
(6) ولئن كانت تلك الحُجج واضحة الوهن ، من الجهة الأولى ، بما لا يحتاج إلى (فانوس ديوجينس) لإضاءته ، فإن تناقضها الصارخ لا يكاد يخفى أيضاً ، من الجهة الأخرى ، مع حقيقة قبول السودان المبدئى بإنشاء الآى سى سى ، وذلك بتوقيعه فى 8/9/2000م على (نظام روما لسنة 1998م Rome Statute) ، والذى أرسى الأساس القانونى الدولى لهذه المحكمة (راجع فى أكثر من مصدر "قائمة الدول الموقعة" ، مثلاً: م. ش. بسيونى ، 2004م). هذا الارتباك يثير ، من فوره ، قضيَّة منطقيَّة لا فكاك للحكومة من مجابهتها على صعيدى السياسة والقانون: فإما أنها ، عندما مهرت بتوقيعها على ذلك النظام ، لم تكن تعلم بالطبيعة (الاستكباريَّة) و(التسلطيَّة) لمؤسَّسة (الهيمنة الدوليَّة) التى ينشئها ، أو أنها كانت تعلم ولكنها اختارت موقف الضعف والتضعضع ، مداراة ومداهنة! وأحلى الاحتمالين أمرُّ من العلقم!
(نواصل)



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (7) طَريقَانِ أَمامَكَ فَا ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (6) مَطْلَبٌ ديمُقرَاطِىٌّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (5)المَسَارُ التَّاريخِىُّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا الآىْ سِىْ سِىْ مِنْ حُقوقِ الدُّوَلِ إل ...
- السُّودَانْ والآىْ سِىْ سِىْ: بَيْنَ المَبْدَئِى وَالعَارِضْ ...
- القَابِليَّةُ للقَمْعْْ!
- الكِتَابَةُ: شِفَاءٌ أَمْ .. تَشَفِّى؟!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 66
- كَوَابيسُ السَّلام!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 4ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 5ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 3
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2
- التَّجَمُّعْ: هَلْ يَنسَدلُ السِّتارُ؟
- وَسِيلَةٌ خَسِيسَةْ 1
- مَحْجُوبٌ .. الذَّهَبِىْ!
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ3ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 2ـ3


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - التَوقِيعُ على -نِظَامِ رومَا-: غَفْلَةٌ أَمْ تَضَعْضُعْ؟ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (8)!