أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم السعود - وديع العبيدي:غربة الجغرافيا.. عراقية الكتابة















المزيد.....


وديع العبيدي:غربة الجغرافيا.. عراقية الكتابة


ناظم السعود

الحوار المتمدن-العدد: 5433 - 2017 / 2 / 15 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


ناظم السعود
وديع العبيدي:غربة الجغرافيا.. عراقية الكتابة
بعض الأسماء كان قدرها أن تسوح في بلاد الله إمّا بسبب العسف أو ضنك الحاجة أو اكتظاظ الروح بأزيز النيل، فكان الانتماء الجغرافي لخطوط الطول والعرض اختياراً ملزماً تحدده دوافع مختلفة وإن كانت النهاية واحدة.
وقد قرأنا وسمعنا لعشرات الأسماء الثقافية العراقية ممن ازدحم بهم أفق الاغتراب، مواقف متضادة وانتماءات متباعدة بين أقصى الضمير وأدنى المستنقع، وهكذا عبر عقد من الزمان هو الأقسى والأمرّ على الثقافة العراقية (يبتدئ من عقد التسعينات وحتى اليوم). كنا نتابع بألم حارق وأكباد حرّى ما تفرضه جغرافيا الاغتراب من توجهات بعضها غير مشرّف اطلاقاً للمبدع العراقي ولكن بعضها الآخر كان مزهوّاً بعراقيّة صميمة لا تربكها حسابات الجغرافيا وتعدّد فضاءات الاختبار فكان موقفها يشعّ بمبدئية صارمة وعنفوان لا تثلمه حاجة يومية أو حساب متلوّن، وكم من المبدعين خرجوا يافعين ولكنهم كبروا في مرجل الغربة ومبدئية الانتماء وعلى العكس من ذلك تهاوى مبدعون كبار في سفح الاختبار الابداعي (ولا أقول الوطني) بعد أن اخترقتهم سهام الحاجة وركاكة المبدأ.
وديع العبيدي هو أحد المختبرين بقوة في ميزان الغربة الجغرافية وأثبت أنه من ذلك النوع الذي لا يفترق عن عراقيته حتى بعد الوقوع في خطّ الجلجلة. وأزعم أني من الكتاب والقراء الذين لم ينتبهوا إلى إسم "وديع" أو إمكانياته حتى ثلاث سنوات ماضية وقع اسمه ونتاجه أمامي مفصحاً عن عراقة في التوجه وانتماء معافى لم تغيّره الوجاهات أو المغريات مع كثرة إحاطتها به. ويوم ان جلب لي الصديق الناقد "شكيب كاظم سعودي" نسخة من مجلته الأنيقة [ضفاف] أحسست بنسمة عراقية تأتيني من فوهة الدانوب حتى بركة دجلة ولا سيما أن لي ذكرى سنة نمساوية قبل عشرين عاماً قضيتها هناك في "فيننا" و "الدانوب" وأنا أقلب في صيف 1999 عدداً من [ضفاف] العبيدي، ولم تمضِ إلا أشهر قليلة حتى فاجأني الشاعر المغترب حسن النصار بقرب صدور عدد من [ضفاف] عن المبدعة العراقية (لطفية الدليمي) وكانت تجربة غير مسبوقة أن تخصص مجلة مغتربة عدداً بكامله عن مبدعة عراقية ما زالت تتغصص بآلام الحياة، وهذا أمر عجيب فعلاً لأن خطوة كهذه لم تبادر بها جميع المجلات والدوريات العراقية وقد أدهشني أن مقالة لي عن أحد كتب (الدليمي) قد أرسلت بالبريد إلى فيننا لتنشر في العدد الخاص من ضفاف وعلمت أن المبدعة (لطفية الديمي) هي التي بادرت بإرسال المقالة إلى المجلة. وقبل صدور العدد أُصِبت بالداء الوبيل وحلّت عليّ الجلطة الأولى في شباط 2000 وكانت بداية لسلسلة من الجلطات والأمراض الساندة وحين وصل العدد المشار إليه إلى بغداد كنت ما أزال في نقاهة إجبارية في بناية متهالكة في منطقة "الفضل" ببغداد، وجاءني الناقد (شكيب) والشاعر (سلمان داود محمد) بنسخة من المجلة وفيها مقالتي عن (الدليمي) مع عدد غير يسير من الشهادات والكتابات العراقية بحق كاتبة العراق الأولى.
في ذلك الوقت (نيسان 2000) كنت قد استلمت رئاسة القسم الثقافي في اسبوعية [الرافدين] البغدادية مع أن آلام الجلطة لم تتساكن بعدُ وحصلت مضاعفات صحية على أثر عملية قسطرة القلب أدت إلى تصلّب الشرايين وعجز في أطراف الحركة والنطق مع ارتفاع في ضغط الحصار. وأذكر أنني شكرت يومها من قلبي المجلوط مبادرة (وديع العبيدي) في سنّ مبادرة ثقافية نادرة على بعد آلاف الكيلومترات ولم يتيسّر للابداع العراقي مثال قبلها ولا بعدها، وهو ما يشير إلى انموذج صادق للانتماء الوجداني للعبيدي.
وقد كتبت عرضاً لمحتوى العدد في [الرافدين] ذكرت فيه بعضاً من انفعال المثقفين العراقيين تجاه مبادرة (العبيدي) وتفاجأت بعد أقلّ من شهرين أن مقطعاً من كتابتي تلك قد اختيرت كاستهلال للعدد الجديد من [ضفاف] وباسمي وعنواني المهني في بغداد وقد عرفت أن بعض الزملاء والأدباء، ومنهم سلمان داود محمد وشكيب كاظم سعودي، هم من أرسل كلمتي المنشورة إلى صاحب [ضفاف]. وبعد أقل من شهرين استلمت عن طريق صندوق بريدي في شارع حيفا رسالة رقيقة من الأديب العراقي وديع العبيدي كانت تفيض بمحبة عراقية لم تثلمها الملمات أو الهجرات ونوّه (العبيدي) في رسالته بمشاركتي في [ضفافه] داعياً إياي إلى مزيد من التعاون ومتمنياً لي دوام الصحة.
ومنذ ذلك الوقت وأنا أسمع أخباراً تبهج القلب عن ذلك الوديع العراقي ومحبته التي فاضت على الدانوب وعلى دجلة معاً وقد سمعت ولم أقرأ للأسف أن أعداداً خاصة من مجلته قد صدرت وهي تفيض بابداعات العراقيين وما أكثرهم؛ فمثلاً ذكر لي الصديق الشاعر (ابراهيم حيدر الخياط) أنه اطلع على عدد خاص عن المبدع العراقي الكبير (يوسف عزالدين)، وعدد آخر عن شاعر عراقي شاب، أما الصديق الشاعر (سلمان داود محمد) فقد أسرّ لي في نهاية عام 2001 أن العبيدي يجهز لإصدار عدد خاص من مجلته عن الشعر العراقي الجديد وطلب مني أن أساهم وقد فعلت وأظنّ أن مساهمتي قد وصلت إلى [ضفاف] فيننا مؤخراً.
وقد تسللت رسائل من (وديع العبيدي) إلى عدد من أدباء العراق المحاصَرين فكانت مسحة بيضاء على صدور أدبائنا الصابرين من يد مبدعة تسندهم وتنشر ابداعاتهم وتوصل أصواتهم إلى أقاصي الأرض وهو ما لم تفعله مؤسسات ووزارات اعلامية وثقافية في العراق وخارجه وتلك مزية من مزايا (وديع العبيدي) الانسان في عصر قهر الانسان.
كم أتمنى (وأرجو أن لا تطول أمنيتي على عمري المتبقي) أن تقوم المؤسسة الثقافية العراقية (سواء المركزية منها أو الفروع) بتبني مقترح عدد غير يسير من أدباء وكتاب العراق الذين عرفوا مبادرات (العبيدي) ووقفاته الشجاعة معهم، إلى إقامة احتفالية كبيرة بهذا المبدع الشجاع الذي وصلنا صوته رغم اختناق الفضاء بالطائرات والصواريخ المارة عبر الارادات لينبت في وجدان أدبائنا مشعلاً وضاء في مرحلة الظلام والموات لعلّ صوتي هذا يصل إلى من يعنيه أو لا يعنيه الأمر في تبني هذا المقترح لنكون كما نحن على الدوام أهل كرام يحيون الكريم ويقابلونه بأفضل مما تقدّم وذلك هو ديدن العراقيين منذ الأب جلجامش وحتى خالد الذكر (خليل الرفاعي)!.
ولكن.. هل سيجد صوتي صدى قريباً؟ ذلك هو العجب.

ناظم السعود
بغداد/ الفضل
في السبت 27/4/2002
ـــــــــــــــ
من ارشيف وديع العبيدي.. مع كامل التقدير والامتنان!



#ناظم_السعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد وهيب فتاح : عليك بالمستقبل !!


المزيد.....




- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم السعود - وديع العبيدي:غربة الجغرافيا.. عراقية الكتابة