أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عايدة الجوهري - أسياد وعبيد














المزيد.....


أسياد وعبيد


عايدة الجوهري

الحوار المتمدن-العدد: 5428 - 2017 / 2 / 10 - 14:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تغصّ اللغة العربية بالمفردات الأخلاقية المضادة لمفهوم الحرية، وتمظهراته السياسية والاجتماعية، والشخصية، وتبعًا يُنعت المتمرّد على السائد بأشنع النعوت، فهو مهرطق كافر، عاصٍ، مشاغب، مفتن، مخرّب، أو فاسد، فاسق، فاجر، منحرف، متهتّك أو منحلّ. وتندر في المقابل الألفاظ التي تشيد بالإنسان الحرّ، ولو اقترنت حريّته بإحساس عالٍ بالمسؤولية، لا بل نادرًا ما نسمع بوصف أحدهم أو أحدهنّ، بالحرّ أو الحرّة، وإن استُعملا يلجأ المستعمل إلى التفسير والشرح، فيقول قصدت كذا وكذا.
تُحاصرنا الأحكام السلبية من هذا النطاق، بحيث نكاد نُسلّم بأنّ الحرية حالة بشرية، عقلية نفسية، غريبة عن الثقافة العربية، لا بل عن تكوين الإنسان العربي الجيني.
فماذا لو بحثنا في تاريخ استعمالات المصطلح في المعاجم العربية القديمة، علّنا نجد فيها ما ترسّب في الذاكرة الراهنة، ويستحقّ الاستثمار فيه والبناء عليه.
يقوم معنى الحرية في الثقافة العربية القديمة، على ثنائية حر/عبد، ويستتبع هذا التقسيم الطبقي العبودي، تقسيمات أخلاقية وقيمية معبّرة.
طبقيًّا، استُعملت ثنائية حر/عبد، للتمييز بين الحرّ والعبد، بين المالك والمملوك، وبين من كان عبدًا ثمّ أعتق، وبين المرأة الحرّة، والجارية المملوكة، التي تُباع في سوق النخاسة، والمرأة الحرّة كانت تُلقّب بالحرّة قياسًا للجارية، أيًّا كانت القيود والإكراهات الذكورية التي تكبّلها. وهذه إشكالية أخرى تستحقّ النقاش على حدة.
أخلاقيًّا، يأخذ مفهوم «الرجل الحرّ» دلالات إضافية، إيجابية، فهو الإنسان الفاضل، والشريف، والكريم، غير اللئيم، والخيّر، والحسن، وصاحب الإرادة الحرّة، وهذه الإرادة الحرّة هي لا شكّ نسبية وتخضع لتراتب النفوذ القائم آنذاك، ولكنّها بأية حال تشكّل حالةً نقيضةً لحالة العبد الاستلابية التامّة. ونحن نجد رواسب الاستعمالات القديمة لكلمة «حر» في أقوال مأثورة، من مثل «حرّ الضمير» و«وعد الحرّ دَين».
إنّ مفهوم «الحرية» بدلالاته التنويرية، يقع على تضاد مع مفهوم «الحرية» العربي القديم، الطبقي العبودي، فالمفهوم الحديث للمصطلح نهض مبدئيًّا ضدّ كل أشكال العبودية، الدينية، والسياسية، والاجتماعية، على عكس الاستعمالات العربية الطبقية التي قسّمت البشر بين عبيد وأسياد.
بيد أنّنا نستطيع الاستثمار في الخصال الإيجابية المأمولة والمتوقّعة من الإنسان المالك لذاته ولجسده، وغير المملوك لأحد، بصفتها منتجًا ثقافيًّا قيميًّا غير مستورد. فكلمة «حر» تعني «السيد» الذي يملك إرادته من دون إكراه، على نقيض العبد الذي يمارس إرادته وأفعاله طبقًا لإرادة سيّده وعقله، وهذه الثنائية الدلالية يمكن أن تؤسّس لنظرة عربية تجعل ممّن لا يعمل بوحي إرادته وعقله وحسّه السليم عبدًا، عبدًا لغيره، أو لأيديولوجية غيبية أو زمنية.
ومن جهة أخرى، ترتّب على الإنسان الحرّ تاريخيًّا أن يكونَ فاضلاً، شريفًا، كريمًا، خيّرًا، وهذه النّعوت يستخدمها الإنسان المعاصر لتقييم منسوب حرية الآخرين، فالفضيلة والشرف، والكرم، والخيّر، هي صنيع الإنسان الحرّ، الذي يتحكّم بإرادته ومشاعره وأهوائه، وينصت لصوت ضميره، ويُقيم وزنًا لحقوق الآخرين، ولصورته الإيجابية لديهم.
وعلى النقيض من ذلك، يكون العبد رهنَ إشارة سيّده، وطوعَ بنانه، وتابعًا لإرادته وأهوائه، دون أن يملكَ أيّةَ سيادة على نفسه.
نحن، إذن، أمام إرادة حرّة ورغبة حرّة، تُقابلهما إرادة مقيّدة ورغبة مقيّدة.
وإذا عدنا إلى ثنائية حر/عبد، وأردنا بعث الاستعمالات القديمة الإيجابية، لَوجدنا أنّ العربيّ المعاصر يكره تشبيهه، ومماثلته بالعبد، دون أن يُدرك، في الآن ذاته، مترتبات مفهوم الحرية، فلا بأس من البناء على الأبعاد الرمزية لهذه الثنائية التراثية، والتوكيد على الأشكال العبودية المتوالدة والمتكاثرة.



#عايدة_الجوهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنةُ الأنوثة؟ أم لعنةُ الرّجولة؟


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
- تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا ...
- برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
- إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات ...
- المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان ...
- استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س ...
- استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
- جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل ...
- إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
- إضراب عمال “النساجون الشرقيون”


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عايدة الجوهري - أسياد وعبيد