أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - عفواً سيادة القاضي..نساء سوريا يُشرّفن أيّ مهنة ومجتمع














المزيد.....


عفواً سيادة القاضي..نساء سوريا يُشرّفن أيّ مهنة ومجتمع


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 5428 - 2017 / 2 / 10 - 11:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    




حين يضيق أفق المسؤول، لاسيما في زمنٍ له خصوصية من نوع مُغاير ومختلف عن السائد، تُصبح المسؤولية عبئاً وعبثاً لا معنى له... وحين لا يرى أيّ مسؤول الواقع الحقيقي لحياة الناس، فيُطلق أحكاماً أكل عليها الدهر وشرب، حينها يكون في حالة انفصال عن هذا الواقع الذي يحتاج لرؤىً وأحكام تتناسب وحجم مأساته...
القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي وفي تصريح له لصحيفة الوطن مطلع الشهر الحالي، اعتبر فيه عمل بعض النساء والفتيات كنادلات في المطاعم والمقاهي لا يليق بالمجتمع السوري، وأنه غير مُحبّب في مجتمعنا، مُستنداً إلى تلقيه دعاوى طلاق من أزواج لا يرغبون أن تعمل زوجاتهم في مثل هذه المهن، رابطاً في الوقت ذاته بين قلّة اليد العاملة من الذكور والتي دفعت أصحاب المطاعم والمقاهي لتشغيل النساء من أجل ردم النقص الحاصل في العمالة لديهم.
لقد أثار هذا التصريح الكثير من الجدل والاستهجان في الشارع السوري، باعتباره جاء في الزمان والمكان الخطأ لأسباب متعددة، أهمها:
أولاً- إن العديد من الفتيات يعملن كنادلات في المطاعم والفنادق والمقاهي منذ ما قبل الحرب بزمن طويل بسبب البطالة المنتشرة منذ ذلك الوقت في صفوف الشباب، لاسيما الجامعي منه والذي يحتاج إلى مصاريف لا يتمكّن الأهل من تلبيتها بحكم الوضع المادي السيئ لشرائح كبيرة من المجتمع السوري نتيجة سياسات اقتصادية جائرة أدت إلى ما آل إليها حالنا اليوم. صحيح أن المجتمع حينها قد استهجن الحالة بدايةً، لكنه اعتادها وصارت مهنة مثل باقي المهن التي تعمل بها النساء بعد أن أثبتن أنهن قادرات على خوض غمار أيّ عمل دون خرق القيم الاجتماعية والأخلاقية.
ثانياً- حين يستهجن القاضي الشرعي مهنة النادلة، هل تساءل لمَ تمّ اختيار هذه المهنة من قبل النساء..؟ ألم يتذكّر أو يقرأ عن نسب البطالة المرتفعة في البلد بين صفوف الذكور قبل الإناث، وأن الدولة عاجزة عن تأمين فرص عمل لكل العاطلين عنه سواء بسبب تدمير أماكن عملهم أو لعدم توافر هذه الفرص لديها، ألم يتذكّر أن العمل من أهم حقوق الإنسان في أيّ مهنة شاء، وعلى الدولة توفيره للجنسين معاً بغض النظر عن الحاجة المادية أو المعنوية.
ثالثاً- لمَ لم يسأل سيادة القاضي أولئك الأزواج الذين أقدموا على طلاق زوجاتهم لأنهن يعملن نادلات إن كانوا يؤمّنون لهن كافة احتياجاتهن وأطفالهن أم لا، فإن كان الجواب لا، ألم يكن حريّاً بالقاضي أن يحاسب الزوج الذي كلّفه الشرع وأجبره بالإنفاق على زوجته حتى لو كانت تملك مالاً..؟ ثمّ، أليس هو من قال في ذات التصريح:(إن المبدأ العام في قانون الأحوال الشخصية والشريعة الإسلامية هو إلزام الزوج بالإنفاق على زوجته حتى لو كانت غنية وهو فقير، مبيّناً أن هذه من الواجبات المفروضة على الزوج بالقانون. وأضاف: لا يحق للزوج أن يطلب من زوجته العمل، لأنه مجبر بالإنفاق عليها، وإذا أجبرها ورفضت ووصل الأمر إلى المحاكم فيُعتبر الزوج مسيئاً حتى لو كانت الزوجة تحمل شهادات، لأن مهمتها الأساسية الإشراف على شؤون الأسرة، مبيّناً أنه في حال هي أحبت أن تعمل فهذا موضوع مختلف.) مسؤولية القاضي أمام حالات طلاق غير عقلانية أو واقعية هي أن يرأب صدع الخلاف، ويعطي لكل ذي حقٍ حقه بدل أن يستهجن هذه المهنة أو تلك..!!
رابعاً- القاضي الشرعي حين نطق بما نطق، لعلّه نسي أننا في بلد تعيش حرباً كارثية أدت إلى خلخلة المجتمع السوري على مختلف المستويات وأوّلها الأخلاقي، وباعترافه نفسه في العديد من التصريحات السابقة، هذه الحرب التي دمّرت كل شيء وأهم شيء وهو كرامة وقيمة الإنسان، حتى بات مشهد النساء المتسوّلات مع أطفالهن في الشوارع عادياً لا يثير أيّ استهجان من أحد لاسيما المسؤولين في بلدنا. وأيضاً، تفشي ظاهرة الدعارة التي باتت علنية وفي وضح النهار، نتيجة الجوع والفقر والعوز الشديد الذي دفع بالعديد من النساء والفتيات لاستسهال الحصول على المال من أجل أفواه جائعة وأجساد عارية. وكذلك الأُسر التي تفترش الشوارع والحدائق والأنفاق، لأنها لا تستطيع استئجار بيت بسبب جشع تجّار العقارات وأصحاب البيوت الذين لم يجدوا قانوناً يتصدى لهم أو مسؤولاً يحاسبهم، فمنذ أيام معدودات شهدت حديقة الفحامة بدمشق صباحاً ونحن معها منظر أسرة نائمة فيها رغم البرد والمطر.
خامساً- في ظلّ الحرب المُستعرة منذ سنوات ست، وبحكم غياب الرجل عن أسرته(أب، أخ، ابن وزوج) لأسباب يعرفها الجميع، وجدت المرأة نفسها أمام مسؤوليات جسام تجاه أسرة كبيرة قد تضم بالإضافة إلى الأولاد أبوي الزوجين وسواهم، ولأن الحرب رفعت نسب البطالة إلى مستويات قياسية، لاذت المرأة بأعمال لم تكن معتادة عليها سابقاً، فقط من أجل تأمين لقمة العيش لأسرتها في ظل غلاء فاحش يعجز الرجال عن احتماله، وكذلك من أجل أن تحفظ كرامتها فلا تلجأ لطرق أو أعمال غير أخلاقية( الدعارة مثلاً) فعملت في البناء أو إصلاح السيارات أو تعبئة وتبديل اسطوانات الغاز أو سائق لآلية ما.... الخ وكلنا شاهد بعض النساء في واحدة من هذه المهن، وهنا أثبتت المرأة السورية من جديد أنها تستطيع وبجدارة حمل أعباء مختلف المسؤوليات والمهن في مختلف الظروف المعيشية، مثلما أثبتت أنها لا تقلّ شأناً عن الرجال، إن لم تتفوّق عليهم في العديد من الصفات والتي أهمها الصبر والحكمة في إدارة أمورها وأمور من حولها..
وبعد كل ما ذُكِرَ أعلاه مما يُعاني منه المجتمع السوري في ظلّ حرب عبثية مجنونة، ألم يبقَ سوى مهنة النادلة التي لا تليق بل تُسيء للمجتمع السوري في نظرك سيادة القاضي..؟ اسمح لنا نحن نساء سوريا أن نقول لك: عفواً سيادة القاضي.. نساء سوريا يُشرفن أيّة مهنة وأيّ مجتمع يتواجدن فيه، وهذا ما أثبتناه على مدى سنوات الحرب وما زلنا.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفلة الميدان المُفَخَخَة... جريمة العصر والزمان
- أين السوريون من إعلان حقوق الإنسان..؟
- وفق القرار 1325 المرأة عنصر فاعل في السلام والأمن
- التشريع بيد نساء سورية.. فهل من أمل..؟
- في زمن الحروب... ماذا يعني عيد العمّال.؟
- أمهات سوريا يأملن سلام عساه مديد
- عيد المرأة في زمن الانحدار
- الاندماج مع الآخر.. حكمة ومهارة
- المرأة في السياسة.. حضور لافت واهتمام واهي
- لا علمانية ولا مدنية بعيداً عن تمكين المرأة قانونياً
- الشباب شريان الحياة وعنفوانها
- حين يتخلى النقابيون عن ناخبيهم
- ما بين الداخل والخارج قيمنا متبدلة
- الهجرة ملاذ للمرأة من شرنقة العنف
- لا حرية للنساء بعيداً عن حرية الرجال
- سوريا وأطفالها في نفق مظلم
- الاستثمار في النساء يحفّز التنمية..!!*
- المرأة تحارب خطط صندوق النقد الدولي
- لا تُبنى الأوطان إلاّ بسواعد شبابها
- عيوب الماضي مناقضة لمفاهيم الحاضر


المزيد.....




- وفاة -المرأة القطة- جوسلين ويلدنستين في باريس عن عمر ناهز 79 ...
- اغتصاب وسرقة.. ليلة رأس السنة تتحول إلى كابوس لطاقم -فيرجن أ ...
- بسبب صورة.. العثور على امرأة بعد 52 عاما من فقدانها
- بفضل صورة.. العثور على امرأة بعد 52 عاما من فقدانها
- قانون جديد في نيويورك ينصف -المرأة الحامل-
- تعنيف النساء في العراق.. أزمة مستمرة تفتك بالنساء
- أردوغان يرد بطريقة مرحة على امرأة تفاجأت -بتقدمه في السن-
- إحالة مذيعة مصرية للمحاكمة الجنائية بسبب -مخدر الاغتصاب-
- تشاجر والداه وتركاه.. امرأة تعثر على رضيع بعمر شهر واحد على ...
- سوريا: 80 جلدة عقوبة مشي أو جلوس الشباب مع الفتيات بالشوارع ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إيمان أحمد ونوس - عفواً سيادة القاضي..نساء سوريا يُشرّفن أيّ مهنة ومجتمع