المنهج التاريخي

تهامي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5427 - 2017 / 2 / 9 - 16:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

المنهج التاريخي أو الوثائقي :
الظاهرة التاريخية أشد تعقيدا من الظاهرة الطبيعية، وهذا ما جعل المختصين يتبنون منهجا خاصا لدراستها و هو المنهج التاريخي، هذا المنهج يتولى دراسة الأحداث الإنسانية الماضية في محاولة لتقنينها و تفسيرها، و يقوم هذا المنهج على أساس جمع المصادر و نقدها ، ان البحث التاريخي هو تسجيل ووصف للأحداث الماضية و الوقائع و تحليلها وتفسيرها على أسس علمية منهجية دقيقة لفهم الحاضر و المستقبل .
وهذا المنهج يستخدمه الباحثون الذيم يريدون معرفة الأحوال و الأحداث التي جرت في الماضي لأنها على الدوام تستثير الانسان وتشده اليها.
وبناء عليه فقد تم التعريف التاريخ بحسب بعض الباحثين بأنه تدوين الموثق للأحداث الماضية كما عرفه البعض الآخر بأنه وصف الحقائق التي حدثت في الماضي بطريقة تحليلية ناقدة .
الفوائد العلمية للمنهج التاريخي :
1. الاستفادة من تجارب الماضي المثبتة .
2. اعتبار الزمن الحاضر نقطة انطلاق للبحث في الموضوع الحاضر أو السابق
3. تحري الصدق و النزاهة و التأكد من صحة ما يسجله الباحث من أحداث و أفكار و مواقف و الابتعاد عن التحيز .
4. الاعتماد على المصادر في كتابة التاريخ و الابتعاد قدر الامكان عن التتبع الهامشي .
5. التركيز على النقد البناء في تناول القضايا و الأفكار .

اجراءات البحث التاريخي :
تنحصر خطوات المنهج التاريخي في عدد من الخطوات المتسلسلة والمترابطة كما يلي:
-1انتقاء المشكلة:
لا يختلف أسلوب تحديد المشكلة في المنهج التاريخي عنه في مناهج واساليب البحث العلمي الاخرى، من حيث الموضوع والزمان والمكان. لأن طرائق تحديد المشكلة هي نفسها في جميع المناهج العلمية بغض النظر عن موضوع الدراسة والمنهج المستخدم فيها" ويشير جوم ديوي الى أن المشكلة تتبع من الشعور بصعوبة ما ، فاذا ما تسببت بإحداث حيرة أو اضراب لدى الفرد فان عدم الارتياح المقلق الذي يؤرق حالته العقلية وهدوءه لا يزول الا عندما يتعرف على المشكلة ، أي ما يحيره ، ويجد بعض الوسائل التي توصله الى الحل "

-2 جمع المعلومات:

من الطبيعي أن الباحث بعيد زمنياً عن الوقائع التي يقوم ببحثها، وبالتالي يصعب عليه إخضاع هذه الوقائع إلى الملاحظة المباشرة. فإنه يلجأ إلى عدة مصادر يستقي منها المعلومات المتعلقة بموضوع الدراسة. ومن أهم هذه المصادر بما يلي:

أ – مصادر أولية وتتمثل في :
- تقارير وسجلات شهادي العيان أو ممن سمعوا الحوادث بآذانهم وقت حدوثها
- بقايا الأشياء الفعلية التي استخدمت في الماضي والتي يمكن فحصها واختبارها بطريق مباشر .
- " يشير توماس وودي " انه بدون المصادر الأولية سوف يصبح التاريخ سردا فراغا لا يعني شيئا ومن هذه المصادر السجلات الرسمية و الشخصية و السجلات المصورة و المادة المنشورة . "
المصادر الثانوية :
فهي تلك التي تتعلق بالمعلومات المأخوذة هن شخص لم يشهد الحادثة مباشرة بل نقلت له وقد تكون تلك المعلومات منقولة له بحيث تصل الى أربعة أو خمسة أجيال وما هو ملاحظ أن قيمة الوثيقة التاريخية تصبح أقل قيمة كلما تعدد وسطاء نقلها وذلك جراء ما قد يصيبها من تشويه وتحريف وحذف واضافة جراء النقل وتعدد مراحل تداولها وهذه المعلومات يمكن الخصول عليها من المؤلفات ، دوائر المعارف و الصحف و الدوريات وكل المؤلفات التي عالجت موضوعات في غير عصرها

3. تحليل ونقد مصادر المادة في البحث التاريخي :
التحليل و النقد الداخلي :
بعد التأكد من صدق وأصالة الوثيقة فان المؤرخ يسعى الى التأكيد محتوياتها وذلك بالتأكد من حقيقة المعاني و المعلومات أو البيانات التي اشتملت عليها الوثيقة بشتى الطرق المختلفة و الوقوف على ما تضمنته من تناقضات أو أخطاء ويكون التحليل بقصد دراسة الظروف و الملابسات و الدوافع التي يمكن أن تكون قد أثرت على كتابة الوثيقة لإيراد ما أورد من بيانات و معلومات ، والتأكد من أن هذه المعلومات ليست على سبيل الدعاية لقضية معينة أو دعوة لفكرة أو مبدأ يريد الكاتب أن يقنع به الناس .


التحليل و النقد الخارجي :
ان الغرض من النقد الخارجي هو التأكد من صدق الوثيقة أو المخطوطة ، أو أي أثر آخر حيث يتطلب من الباحث أن يتوصل الى تاريخ صدور الوثيقة وسبب صدورها ؟ ومن صاحبها ؟ وهل هو كاتب مادتها ؟ وهل هي النسخة الأصلية أم مستنسخة منها ؟ وهل أن الاسم المدون عليها للمؤلف هو مؤلفها حقا ؟ وهل هو اسمه الحقيقي ، أم اسم مستعار ؟ وما الى ذلك من الأسئلة التي تتعلق بشكل الوثيقة ومظهرها الخارجي ، والتي تحتاج الى أجوبة تتطلب خبراء في المعرفة أو الباحثين في الميدان
4. صياغة الفروض في المنهج التاريخي:
لا تختلف صياغة الفروض في البحث التاريخي عن صياغة الفروض في الأبحاث الأخرى، ويتطلب البحث أن يضع الباحث فرضاً أو فرضيات تساعده في تحديد مسار اتجاهه ووجهته وتوجهه الى جمع معلومات معينة، ثم يقوم الباحث بتعديل الفرض في ضوء ما يجمعه من معلومات . والفروض التي يفترضها المؤرخ قد تكون في شكل تعليل لحادثة أو ظاهرة معينة، أو في شكل مسلمة من المسلمات أو افتراض من الافتراضات التي يمكن أن يبني عليها حكم معين... الخ.
" وبتحديد الفرض أو الفروض يقوم الباحث بالبحث و التنقيب عن البيانات التي من شأنها التأكيد أو الرفض لهذه الفروض" .
5. تفسير النتائج وكتابة تقرير البحث :
" بعد أن ينتهي الباحث من متطلبات الخطوات السابقة يبدأ بتفسير النتائج التي توصل اليها وكتابة تقرير البحث ، ولا بد أن يكون التفسير منسجما مع التفكير المنطقي و الابداعي ، وأن يكون موضوعيا ، ووفق الأسلوب العلمي في البحث التاريخي " .

#تهامي_محمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات