|
علي بن أبي طالب. تشوه الجسد والروح
عبد الله الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 5427 - 2017 / 2 / 9 - 01:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
11 عبد الله الشيخ علي بن أبي طالب. تشوه الجسد والروح ألف_ التّشوّه الجسماني. مما جاء في كتب التّأريخ أن عليّاً بن أبي طالب ولد مشوّهاً، ونشأ فقيراً جداً، بحيث أراد الاقرباء التّخفيف عن كاهل أبيه الفقير (أبو طالب)، فأخذ محمّد على عاتقه أن يربي عليّاً في بيته، وعلى نفقته الخاصة، وأخذ العباس صبياً آخر. ويبدو أن الفقر الذي عاشه في طفولته جعله شرهاً محباً للمال، كانزاً له، ولعل مطالبته بفدك تفضح شرهه وأنانيته وجشعه، فأراد أبو بكر إيقافها للفقراء وابناء السبيل واليتامى كما في الأية، لكن عليًا أرادها له. فهل يوجد وضاعة أدنى من هذه؟ أما تشوهّه الجسدي فقد بلغ حدّه الأفظع، وجعله يبدو أشبه بالمسخ، إذ ينقل عنه الأصبهاني، وهو شيعي متعصّب، أنّه كان شديد الإسمرار، مربوعاً، وهو إلى القصر أقرب، عظيم البطن، دقيق الأصابع، غليظ الذّراعين حَمِش السّاقين، في عينيه لين، عظيم اللحية، أصلع، ناتئ الجبهة. وتضيف بعض المصادر قولها شديد الأدمة. (أي أقرب إلى السّواد) مع جحوظ في العينين، أي بروز غير طبيعي في العينين. ويقال أن فاطمة بنت محمّد رفضته أوّل الأمر لهذه الصّفات، فمما نقل عنها إن نساء قريش حدثني عنه إنه رجل دحداح البطن، (كبيرها) طويل الذّراعين ضخمّ الكراديس، (العظام) أنزع (امتداد الصّلعة إلى الجانبين)، عظيم العينين، لمنكبه مشاش (التّقاء العظمين الكبيرين كعظمي الرّكبة، والمنكب) كمشاش البعير الخ. ضاحك السّن (أحمق) لا مال له. ولم يكن الْعرب يعيرون أهميّة تذكر للون الْبشرة بعد الْإسلام، لكنّ تقالْيد ما قبل الْإسلام كانت تتوسم الْخير بالْأبيض، النّحيف، الطّويل، وقد كرّست الصّفات الْعربيّة ابيضاض الْبشرة والنّحافة والطّول على إنّها صفات مثالية لهيئة الزّعيم الْمرغوبة، فإن تنافس زعيمان على رئاسة قبيلة وكانا متساويين في الصّفات الْأخلاقيّة والقابليات الرّئاسيّة لكنّ أحدهما يتسم بما ذكرنا من بياض ونحافة وطول يفضل على الْآخر، وكانت هذه الصّفات تتوافر في أبي بكر وعمَر وعُثْمان بن عفّانِ وأبي سُفْيان وأبي عُبيْدَةَ وسعد بن أبي وِقّاصٍ وخالدّ بن الْوليد، وعمَرو بن الْعاص، والْعباس بن عبد الْمطلب وعبد الرّحمن بن عوف، لكنّها لم تتوافر قطّ في عليّ بن أبي طالبٍ. وصفات عليّ الْخلْقيّة الْمثبتة في الْكتب أقرب إلى الْاستهجان منها إلى الْاحترام. ، ولا بدّ أنه أحسّ بقبح وجهه وجسده فتعقّدت شخصيته، وأخذ يكره كلّ شخص أوسم منه وأفضل، وهكذا نما حقده الدّاخليّ حتى شمل النّاس كلّهم، لأنه إن نظر إلى المرآة وجد نفسه أقبح الجميع، ولعل محمّداً كصاحب رسالة أراد أن يعطي مثلاً إنسانياً فريداً بالتساوي حين منحه ابنته ليتزوجها. رد فعل القبح: ولد هذا القبح عند الشيعة هدفاً ملحّاً شديد الأهميّة لتجاوزه، ومحوه فليس من المعقول أن يكون أقبح الناس معصوماً، وإماماً مخلوقاً قبل البشر، وأفضل الناس، وأقرب الصحابة إلى محمّد، فاختلقوا مئات الأحاديث، والحكايات تشيد بجماله، وبهائه، وسحر شخصيته الفريدة، فجعلوه أجمل الناس، وقمر بني هاشم، وووالخ. لكن مزاعمهم تنهار عندما يقرأ كتاب "مصارع الطالبيين للأصفهاني، فهو يذكر حقيقة صفاته الجسمية، ومن حسن الحظ توجد بضع نسخ من هذا الكتاب، تفضح مزاعم المتعصبيين الذين غيروا لا هذه الحقيقة حسب بل شوهوا التاريخ الإسلامي أشوه التشويه. لكنّهم فشلوا بالرغم من كل شيء، لأن كتبهم لم تستطع أن تمحو أربع صفات تكشف تشوهه، وتتعارض مع الوسامة، فاعترفوا بأنه مكرش، وجاحظ العينين، وأصلع، وقصير القامة، وكل هذه الصفات تفضح ادعاءاتهم المزيفة، وبالمقارنة مع أبي بكر الطويل، النحيف، الأبيض، الرشيق، الذي كان ينعت بالعتيق لجماله، أو عمر الطويل الرشيق، أو حتى معاوية الذي نعت بأجمل الخلق. أي مقارنة بغيره تفضح ادعاءات المتعصبين له. وإن أردنا أن نقوّم درجة وسامته على ما ورد عنه في كتب التّراث من صفات، نراه لا ينال سوى عشر درجة واحدة بالمئة، أي أنه أقرب إلى المخلوقات الشّبيهة بالإنسان، منه إلى البشر، فهو أميل إلى الْقبح منه إلى الوسامة، بشع بعيد عما يبهج القلب. إن الصّفات التي ذكرها الأصفهاني ترددت في جميع المصادر، ولو لم يكن الأصفهاني من المتعصبين لعليّ للاح شبح نعتها بالكذب، لكن ما كتبه ردده الجميع بما فيهم أبن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة. باء_ التّشوه النّفسي. أ-التّطرف يبدو أن عليّاً كان متطرفاً منذ صغره، وإدراكه لقبحه دمّر نفسيته وضميره، إن شخصية الإنسان متعادلة، فقبح التّكوين يعقد الإنسان ويدفعه إلى التّطرف للتعويض عن قبحه، والتّطرف يسيء إلى الآخرين، ولما لم يكن بإمكان المتطرف أن ينسجم مع الآخرين فينشأ معادياً لهم ولمثلهم فتزداد نفرة الْجميع منه، فلم تذكر كتب السّيرة، (كما رأينا سابقاً)، الْموالية والْمتعصّبة له، أو الْمحايدة اسم صديق واحد له في صغره، أوشبابه، أو بقيّة حياته، أما ما يردّده الموالون من حبّ النّاس له فنوع من التّزييف، ولولا الثّروة التي سكبها عمر بن الْخَطَّابِ عليه لما استطاع أن يجذب أحداً سوى أقربائه، فالضّعف الدّاخليّ عند الإنسان لا يمكن أن يصبح قوّة بوسائل مغشوشة، ولو كان محبوباً من الآخرين لنقلت الأخبار صدى ذلك الحبّ. ب - الانعزالية لكي نقوّم عليّاً بن أبي طالب حقّ التّقويم، علينا أن نبحث عن إنجازاته قبل وبعد الإسلام، فلم يذكر أيّ مؤرخ انه استطاع أن ينجز شيئاً مهمّاً قبل الهجرة، وبعدها، حتى صغر سنه لا يعفيه قبل الهجرة، فلم يستمل أي فتى أو شاب، أما بعد الهجرة فبقي هملاً عادياً، وظل كذلك حتى بعد اغتصابه الخلافة من عثمان، فلم يشرع قوانين جديدة كعمر، ولم يعرّب الدواوين كعمر وعثمان، ولم ينتصر نصراً باهراً كنصر يعتبر علامة حاسمة في تاريخ العرب، كأبي بكر في حروب الرّدة، أو نصر عمر في القادسية واليرموك، ونصر عثمان في فتحه شمال أفريقية، وبلاد ما وراء النهر، أو نصر معاوية على الروم، وتنظيف البحر المتوسط من سفن الروم، أو إنجاز عثمان بكتابة القرآن ونسخه، وتوحيده، لم يفعل أيّ شيء يبيض الوجه، يجعلنا نفتخر به، لم ينجز شيئاً استثنائيّاً يستحقّ عليه المدح مطلقاً، كل ما فعله شقّ وحدة المسلمين، وأغرقهم بحروب داخلية، وأولد الطائفية المقيتة التي فرقتنا حتى الآن. لذا أكثر أتباعه باختلاق أحاديث، يزعمون أن محمّداً سفحها للإشادة به. ثم عرّجوا على القرآن ليؤولوا آياته كي تصبّ في المجرى المختلق نفسه، ليعوضوا الأعمال بالأكاذيب، والبهتان. لكن شئنا أم أبينا فقد لعبت تلك التزيفات المتعمّدة إلى خلق سمعة تعوض الإنجازات، وتعادل ما فعل غيره، فاعتمدها الجميع، وهكذا نرى أنّنا إن ذكرنا انجازات أبي بكر كمساعدته الماديّة لمحمّد طيلة عمره، وكجذبه أفضل الصّحابة إلى الإسلام، وكشرائه العبيد المسلمين وإطلاق حريّتهم، وإذا ذكرنا إنجازات عمر وشجاعته، ك: تحديه قريش، وهجرته علناً، وقضائه على الاحتلال الفارسيّ للعراق، واحتلال الرّوم للشّام ومصر، وتدوين الدّوواين، وتنظيم الجيش الخ، وإرساء قوانين القضاء وغيرها، وذكرنا إنجازات عثمان بجعل المتوسط بحيرة عربية وفتح بلاد ما وراء النهر وشمال أفريقية، وإنجازات معاوية وحملاته الست عشرة على الرّوم، ونصره العظيم في البحر، إن ذكرنا كلّ ذلك من إنجازات فريدة، انبرى المتعصّبون لعليّ، في ذكر نومه مكان محمّد يوم هاجر، وذكر أحاديث مختلقّة تشيد به. لأنّه ليس عنده إنجاز واحد يمكن أن يباري به الآخرين. لكن هل نستطيع أن نركن إلى ذلك، أي أن نقبل تلك الأحاديث المكذوبة، والتّأويلات السّاذجة؟ بالطّبع لا، فلسنا في جامع أو حسينية لنوافق ونتقبل نصوصاً يسفحها معممون لا ضمير لهم من دون محاكمتها عقليّا. ولتوضيح قضيّة عدم قدرة عليّ على جذب المؤيدين، والتي تظهر فشل علي العقليّ والأخلاقي الكامل، علينا أن نتفهم رغبته القاتلة في وراثة ابن عمّه، ورغبته في احتكارها بعد موت محمّد، بدعم وضغط من عائلته، النّهمة التي لا تشبع من المادّة. حين هاجر إلى المدينة كان عمره سبعة عشر عاماً، والشّاب في مثل هذا العمر يكوّن صداقات عدة، ولو كان شخصا عادياً جذاباً وادعاً حميماً ابناء لدته، ومن هم في عمره من أبناء قريش، أو من أبناء اليهود، أو من أبناء العرب غير المسلمين في المدينة، وكانوا كثر. بالمقارنة بأبي بكر على سبيل المثال يظهر البون شاسعاً بين الشّخصيتين وتأثيرهما في المجتمع، فرق يبدو كما يقول المثل بين الثّريا والثّرى، فقد استطاع أَبُو بَكْرٍ إقناع جلّ رجال المسلمين وشخصياتهم العظمى كما مر بنا سابقاً. (عبد الرّحمن بن عوف، عثمان بن عفان، سعيد بن زيد، سعد بن أبي وِقّاصٍ، أبو عُبيْدَةَ، الزّبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله الخ). هل هذا يعني أنه لم يكن له صديق قط! هل يعني أنه كان خالياً مما يستأنس به الآخرون فيركنوا إليه، ويثقوا به، أو لم يكن يتوافر على طيبة، وتسامح، ورجاحة عقل، ورزانة، واحترام للآخرين، هناك بديهة لا مراء بها تقضي بأن الصّداقة تنشأ مع الطّفولة. ومن لا يمتلك صديقاً في طفولته يعني أنه لا طفولة له، ومن لا يوجد له صديق لا يثق به الآخرون، ومن لا يثق به غيره، ينبذ، ويفشل، ويعافه النّاس، ويتركونه يعيش وحده، ويموت وحده، وهذا باختصار شديد تاريخ عليّ، فقد عاش وحيداً قبل الإسلام، وبعده، ومات وحيداً بالرّغم من شرائه الذّمم الفاسدة، والضّمائر الميتة، والأوباش وتوزيع المناصب عليهم؟ ذكرت المراجع أن لمحمّد صديقاً واحداً هو أَبُو بَكْرٍ، ويعادل أَبُو بَكْرٍ عشرات الأشخاص لسموه، وعبقريته، وذكائه، وأخلاقه الرّفيعة، ولذا اكتفى عبقري عظيم كمحد بالاكتفاء بصداقته، وبالرّكون إليه دون غيره. وفي هذا الصّدد يقول أرسطو (إن أنبل الأمور التي تساعد في الوصول إلى السّعادة هي الصّداقة، حقاً إن الصّداقة ضرورية للإنسان السّعيد ) وكانت شخصية أبي بكر الاستقراطية النّبيلة المثقفة المتسامحة نقطة جذب لرجال مكّة الأذكياء قبل الأسلام، إذ كان معظمهم يجله، ويحترمه، ويثق به، فقد ورث أَبُو بَكْرٍ سمّو الأخلاق من عائلته، وبخاصة من ابن عمه (عبد الله بن جدعان)، وهو مفكر عظيم، وربما أعظم رجل في تاريخ قريش قبل الإسلام، وأهم زعمائهم وأنبلهم، (المثال الأعلى) في الفكر والخلق والهيبة والسّماحة والكرم، كان يقدم لفقراء مكّة الطّعام والحلوى طيلة اليوم، وهو الذي أنجز أوّل حلف يحفر مبادئ حقوق الإنسان في التّاريخ (حلف الفضول). وبإنجازه هذا يرتفع ابن جدعان إلى مستوى المجددين المفكرين العالميين، بينما لا نجد أي شخص يشار له بالبنان قبل الإسلام من عائلة محمّد. فهم يفتخرون بعبد المطلب، ولقائه بأبرهة عام الفيل، ولا يدرون أنّهم إن فكّروا في هذه الحادثة، فسيرونها مثلاً أعلى للخيانة، والأنانيّة، طلب عبد المطلب من أبرهة ردّ جماله، وترك المطالبة برد جمال رفاقه، وأبناء مدينته، ولم يقف موقف المدافع عن عقيدته ودينه، بدعوى: "للكعبة ربّ يحميها" ولو فعل أصحاب الدعوات المستقبليّة، بهذا الادعاء لما تجدّد شيء في التّاريخ. وبمقارنة هادئة عقلانية بين واحد من هؤلاء أَبُو بَكْرٍ، سعيد بن زيد بن الخطاب، أبوعُبيْدَةَ، عبد الرّحمن بن عوف، سعد بن أبي وِقّاصٍ، عثمان بن عفان، عمر بن الْخَطَّابِ، طلحة بن عبيد الله، الزّبير بن العوام، خالدّ بن الوليد، زيد بن ثابت، معاوية بن سفيان، معاذ بن جبل، وغيرهم كثير، أي بالمقارنة بين أحد هؤلاء المكافحين بعليّ، ترتفع كفّة هؤلاء جميعاً، وتسمو وتنزل كفّة علي بني أبي طالب، وجميع أفراد بني هاشم إلى درجة دنيا، تنزل كفة الجميع باستثناء محمّد. ج – الغباء أو التّغابي. أرست عبقرية محمّد الفذة قوانين أو مراسيم أوعادت غير مكتوبة، ولم ينطق بتقنينها، بل حفظها المسلمون بعده احتراماً لشخصه، أو للإسلام الذي جاء به، أو لسيرته، ومن هذه القوانين غير المكتوبة أنه أفرز مجموعة من الرّفاق المخلصين لمبادئه، ولشخصه، ولخططه الطّموحة، كانوا أوّل من آمنوا به، وأشجعهم، وأكرمهم، وأقواهم شخصية، وخصّ أحد أفرادها برفعه إلى مستوى هذه النّخبة فزوّجه ابنته وضمن له مكاناً بالجنة، ولو كان عليّ يمتلك ذكاءً متوسطاً، لأثبت جدارة تؤهله لشغر تلك المنزلة لكنه لم يفعل شيئاً، بل ارتكب في عهد محمّد ما يشينه كتجرؤه على الضّحك في الصّلاة، واعتدائه على رجل مسن تجاوز السّبعين، وخروقه مبادئ الفروسية، وجشعه الفائق، فابتعدوا عنه. ومن نافلة القول أن أي شخص لا يستطيع إدارة منصب حساس كالخلافة إن لم يكن يتحلى بالمواهب المطلوبة يكون نصيبه الفشل وهذا ما حدث لعليّ بن أبي طالب. حتى (الزّبير وطلحة) الصّحابيين البارزين اللذين صوّرتهما الكتب والرّوايات المزيفة أنهما تعاطفا مع عليّ بعد قتله عُثْمان بن عفّانِ، تنصلا من تلك الفرية، وقررا أن يحارباه، وظهر أنهما يكنان الكره له، ولا أظنهما وقفا معه قبل قتل عُثْمان بن عفّانِ، إلا موقفاً واحداً بعد تعيين السّتة الذين رشحهم عمر لتولى الخلافة بعده، وكان ذلك بسبب القرابة، ثم تغلبت المبدأية عندهما على الوشيجة العائلية ففضحا تورطه وتآمره اللا أخلاقي على عُثْمان بن عفّانِ، وقتله بتلك الصّورة الْهمجيّة الوحشية فانفضا من حوله وحارباه لكي يكفرا عن خطأهما، ولو كان عليّ بن أبي طالبٍ بريئاً كما ادّعى في قول له، أو على حظ بسيط من الفطنة والتّعقل لما تورّط بقتل عُثْمان بن عفّانِ أولاً، ولاستجاب لجمهور رفاق محمّد الذين طالبوه بإقامة العدل ومعاقبة المجرمين ثانياً، لكنه تغابى وصمّ أذنيه. دال – العظامية أثبت محمّد خلال الدّعوة، وبعد الانتصار، أنه من ذوي العزم الأشداء الذين يعتمدون على أنفسهم في بناء مجدهم، مثله مثل العصاميين في كلّ زمان ومكان، لكن أفراد عائلته لم يكونوا مثله، لم يبنوا أيّ مجد، ولم يساهموا مساهمة فعالة في بنائه، بدل ذلك أرادوا الاستحواذ على المجد الذي حقّقه محمّد، والصّعود على أكتاف من ناضل وكافح مع محمّد لإنجاح الدّعوة وتثبيتها، ويمكن اتخاذ عليّ كمثال على ذلك الخط الذي يوصف في الأدبيات الحديثة بالوصولي أوالانتهازي النّفعي الذي حاول تسخير الدّعوة وانتصاراتها لمصلحته، ليتمكن من الصّعود إلى القمة، وقد رأينا أنّه لم يقدّم أكثر من غيره قط، ولم يستطع إنجاز أي شيء فريد، ولم يجهد نفسه إلى الوصول بطريق خيّر مشروع، بل فضّل التّآمر والطّرق الملتوية، من تقيّة، واستغلال القرابة، وشراء الخصوم، فمن العسير الحصول على كلّ شيء بعد نجاح الدّعوة بمثل هذه الطّرق الملتوية، وسرقة مكاسبها. وضع محمّد العمل (الجهدّ) سلّماً للوصول إلى المجد، وهو المقياس الوحيد الأوحد للوصول المنزلة العليّاً، فهناك آيتان صريحتان لا لبس فيهما، ولا تأويل لهما غير العمل وسيلة للمسلم وَقُلِ اعْمَلُوا الخ. و لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إلى آخره. فالأفضلية عند الإسلام هي العمل لا القرب من محمّد، واتصف معظم بني هاشم بعد الإسلام وبشكل عام بأمراض العصبية إلى العائلة والجشع والتّسلط وسرقة مكاسب الآخرين، وتسخير النّاس لمصالحهم فهم يعتبرون القرابة من محمّد امتيازاً يجب أن يفضي إلى مكاسب ماديّة، وكان من أهم أسباب نقمتهم على أَبِي بَكْرٍ وعُمَر بن الْخَطَّابِ وغيرهم هو إسقاطهم ما أرادوه من الخمس، لأن أَبَا بَكْرٍ أراد أن يساويهم بالمسلمين، ولا يميزّهم عنهم بالواردات والمنافع. ولم يكن سلوك الحمزة وعلي واستهتارهما أمر شاذاً فنادراً ما تلقى شخصاً متوازناً في العائلة، فهناك حادثة ثابتة في كتب الحديث جميعها عن عَقِيلِ بن أَبِي طَالِبٍ تفضح فيه استيلاءه على أملاك العائلة (محمّد) مستغلاً هجرة المؤمنين منها إلى المدينة، فعندما توجّه محمّد إلى مكّة بعد فتحها سأله أُسَامَة بن زَيْدٍ فيما إذا كان سينزل في داره بمكّة، فقال محمّد وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟ أي أن عقيلاً استولى على دار محمّد. ، ويبدو أن حبّ المال، والاستيلاء عليه بأي طريقة، صحيحة أو شاذة أهم ما تمتاز به هذه العائلة منذ خلقت وحتى الآن، وفي الطّبري طلب محمّد من عمه الْعَبَّاسِ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، بعد أسره إثر انتهاء معركة بدر، أن يفدي نفسه وابن اخيه عقيل ونوفل بن الحارث، وحليفه عتبة بن عمرو، فرفض الْعَبَّاس بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أن يدفع ديّتهم، وادّعى أنه مسلم، وأُكرِه إلى المجيء مع محاربي قريش، لكنّ محمّداً فضحه بقوله: إن يكن ما تذكر حقا. فالله يجزيك به. فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا، أي كنت تحاربنا، فقال الْعَبَّاسُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ليس لى مال. فحاججه محمّد حتى أقرّ بماله بعدئذ، ودفع فدية الثّلاثة الآخرين. أما شرَهُ وجشع ذريّتهم الآن من رجال الدّين، كعبد العزيز الحكيم، والخوئي، والسّيستاني وغيرهم فلا مثيل له قطّ في العالم كلّه، فثرواتهم تقاس بمليارات الدّولارات (2009)، بينما هم يستمرون بأخذ الخمس ظلماً من المسلمين فقراء وأغنياء، وواقع الشّعبين العراق والإيراني يئنان من الجوع.
#عبد_الله_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علي بن أبي طالب. التعقيد النفسي العصابي
-
7- علي بن أبي طالب والخيال
-
6- علي بن أبي طالب. الحقيقة والأكاذيب
-
علي بن أي طالب. الحقيقة والمبالغة
-
شخصيّة محمّد
-
علي بن أبي طالب. الحقيقة والمبالغة
-
عليّ بن أبي طالب الحقيقة والخيال! (2
-
علي بن أبي طالب. صعود المشروع الإسلامي وتشظيه
-
المعالي والمخازي
المزيد.....
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|