أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - الاصلاح السياسي كمفهوم و كضرورة















المزيد.....


الاصلاح السياسي كمفهوم و كضرورة


جلال مجاهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5424 - 2017 / 2 / 6 - 19:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مفردة الاصلاح السياسي هي من بين المصطلحات الشائعة المتداولة على نطاق واسع و التي غالبا ما يتم اختزالها في لفظ الاصلاح , كل المهتمون و المشتغلون بالسياسية يتحدثون عن الاصلاح , لكن كل فريق منهم يتحدث عن الاصلاح السياسي من موقعه و من مرجعيته , فما يعده فريق ما إصلاحا , يعتبره الآخر ضربا من ضروب الإفساد و العكس صحيح , إذن مفهوم الاصلاح السياسي هو عبارة عن مفاهيم بصفة الجمع و ليس مفهوما بصفة المفرد , هذه المفاهيم يوازي عددها عدد المرجعيات بتفرعاتها و التي قد تصل إلى درجة التناقض السافر في العديد من الأحيان, بالنظر للتضاد الحاصل بين الرؤى التي تتبناها و الاهداف التي تسطرها , فمن يرى الاصلاح في الدولة الاشتراكية لا يراه في الدولة الرأسمالية و من يراه في الدولة العلمانية لا يراه في الدولة الدينية و هكذا تستمر التفرعات داخل كل مرجعية على حدة و تتنوع التصورات داخل كل تفرع و يتمايز مفهوم الإصلاح من فصيل لآخر وهو ما لا يمكن معه الحديث عن مفهوم الاصلاح السياسي كمفهوم جامع , و بالتالي فإن الحديث عنه بموضوعية و بمنهجية علمية هو أمر يقتضي مقاربة المفهوم بالمعيار المتفق عليه في العلوم السياسية , لذلك فإن الاصلاح السياسي لا يمكن الحديث عنه إلا في اتجاه و نطاق مفهوم الديموقراطية و ضمن محدداته و لا يمكن قياس درجته و مداه إلا من خلال اقترابه أو بعده عما يقتضيه.

نبدأ أولا بتعريف مصطلح الاصلاح, هذا الأخير كمفهوم لغوي , يستعمل للدلالة على فعل القيام بإزالة الفساد, كما يستعمل للدلالة على التوفيق , كإصلاح ذات البين و أيضا يستعمل للدلالة على فعل تقويم المعوج و كمفهوم اصطلاحي عام, فيقصد منه إصلاح ما فسد و التقويم و معالجة القصور و الاختلال , أما بخصوص مصطلح الاصلاح السياسي في مدلول العلوم السياسية , فحسب تعريف الموسوعة السياسية للمؤسسة العربية للدراسات كما صاغه الأكاديمي اللبناني عبد الوهاب الكيلاني وآخرون , فهو تعديل أو تطوير غير جذري في شكل الحكم دون المساس بأساس النظام , و هو نفس التعريف الذي تبنته العديد من المقاربات و الدراسات , لكن هذا التعريف يبدوا ناقصا شيئا ما و لتتميمه , يمكن تعريف الاصلاح السياسي بأنه تعديل أو تطوير غير جذري لشكل الحكم في إطار الاستمرارية في اتجاه ما تقتضيه الديموقراطية و القطع التدريجي مع الفساد السياسي و المعالجة التدريجية للقصور و الاختلال الديموقراطي لنظام الحكم السياسي.

إذن فعكس مفهوم الثورة الذي يقتضي اجتثاث أنظمة الحكم و إقامة أخرى , فإن الإصلاح السياسي يقوم على الاستمرارية , بالإبقاء على شكل نظام الحكم و تطويره من الداخل تدريجيا في اتجاه الدمقرطة, ليتخذ مع مرور الزمن شكلا أكثر ديموقراطية ومن هنا نكون أمام نوعين من الإصلاح السياسي , فهو إما إصلاح سياسي ديموقراطي يقتضي وجود أنظمة حكم ديموقراطية لكن تعاني من قصور و اختلال يتعين تقويمه , أو إصلاح سياسي بالانتقال أو بالتحول الديموقراطي الذي يقتضي القطع التدريجي مع الأشكال غير الديموقراطية لأنظمة الحكم و المرور إلى المرحلة الديموقراطية.

و للتدقيق في المصطلح و الخروج به إلى دائرة الضوء , فإن الإصلاح السياسي ليس شيئا آخر سوى الإصلاح الدستوري و التشريعي بدمقرطتهما من جهة و تصحيح الممارسة الدستورية و القانونية على مقاس الديموقراطية من جهة أخرى , هذا الإجمال المتمثل في إصلاح الدستور و القوانين و الممارسة المتعلقة بهما , يمكن اعتباره , مرادفا لمصطلح الاصلاح السياسي , طالما أن الأمر يتعلق بالأصل الذي تتفرع عنه باقي الفروع .

و الاصلاح السياسي , له أبعاد متعددة فهو يؤثر بشكل مباشر في البيئة الكلية للدول لكون تأثيره يشمل كل المناحي الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ...... لكن يبقى السؤال عن كيفية تحقيقه دائما مطروحا , فالبعض يرى بأن التحديث لوحده كفيل لإنتاج الاصلاح السياسي و هو الرأي الذي تبناه قديما آدم سميث حيث كان يرى أن ازدهار الاقتصاد و نموه و انعكاس ذلك على الافراد , كفيل لإنتاج الاصلاح السياسي و هو نفس الطرح الذي ذهب إليه عالم الاجتماع الأمريكي ليبست , في حين يرى البعض بأن تحقيقه هو نتاج تطور تاريخي للصراع السياسي بين النخب السياسية و هو الطرح الذي تبناه دان كورت روستو, في حين يرى البعض الآخر, بأنه نتاج للتطور التاريخي للبنيات المتغيرة للطبقات و الدولة و مجموع القوى المجتمعية و لا يقتصر الأمر على النخب فقط و هي المقاربة التي تبناها الباحث الفلسطيني تيسير محيسن كما جاء في كتابه محاولة أولية للتأصيل في مفهوم الإصلاح .

ما نستنتجه من خلال هذه المقاربات للإصلاح السياسي , و من جميع المقاربات الأخرى المبنية و المؤسسة , هي أنها تجعل من الإصلاح نتيجة و ليس أداة أو وسيلة , و مرد الأمر إلى كون هذه المقاربات هي مقاربات موضوعية , تنطلق من واقع الممارسة السياسية , الذي يفترض سلفا أن طبيعة العلاقات السياسية هي علاقات صراع ,حيث يحاول مختلف الفرقاء كسب أكبر مساحة في الرقعة السياسية و منه فمن غير المتصور أن يتنازل فريق ما عن مكتسباته في ساحة الصراع دونما اضطراره لذلك .

المقاربات السطحية التي تتحدث عن إصلاح ما يأتي من ذاته و عن إصلاح أداتي صادر إراديا عن نظام حكم سلطوي مثلا , هي مقاربات غير صحيحة و هي عبارة في معظمها عن خطابات استهلاكية تنتشر في البلدان ذات الانظمة المستبدة و التي عكس خطاباتها الرسمية الموجهة ليستهلكها الجمهور , تسعى دوما إلى إعادة نفس الأنماط الاستبدادية لضمان استمرارها في الامساك بالسلطة و في الحفاظ على امتيازاتها و على مصالحها الاقتصادية , الإصلاح السياسي له معادلاته التي ينتج عنها , فهو بالدرجة الأولى رهين لظروف الصراع السياسي المباشر بين النخب السياسية و بدرجات متفاوتة رهين بالضغط الذي تمارسه القوى الحية بالمجتمعات من صحافة و اعلام و مجتمع مدني و غيرها .

و من هنا تبرز أهمية دور الأحزاب السياسية و النقابات و المجتمع المدني و الصحافة و الإعلام في الدفع بالأنظمة نحو الإصلاح السياسي , لكن الدفع في هذا الاتجاه , لا يتصور في حالة ما إذا كانت هذه القوى هي الأخرى تعاني من انعدام الديموقراطية و من انعدام الحرية , كحال العديد من الدول العربية التي تحولت فيها الأحزاب و النقابات إلى قطاعات أوليغارشية نفعية متماهية مع الأنظمة السلطوية , و التي تحولت فيها الصحافة و الإعلام إلى منابر تردد قصاصات السلطة و تروج الخطابات الاستهلاكية الرسمية.

الإصلاح السياسي في ظل مثل هذه الأوضاع التي توصف بالموبوءة , يعد أصعب عمليات الإصلاح , طالما أنه يتوجه نحو المجتمع السياسي الواسع برمته و بالتالي فإنه في ظل هذا الطرح , فإن ما هو متوقع هو أن يظل العالم العربي لوقت طويل بدون إصلاحات سياسية حقيقية , لكن إذا كان الوضع السياسي موبوءا و إذا اختفت أصوات النخب السياسية و الاعلامية المطالبة بالإصلاح السياسي , فذلك لا يعني أن الإصلاح غير مطلوب شعبيا و لا يعني أن ليس هناك وعي سياسي شعبي وأن ليس هناك احتقان و سخط شعبي من الممكن أن يتحول إلى أشكال احتجاجية أو ثورية لا يتنبأ بمصيرها و هو ما أكدته سابقا الثورات و الهبات التي عرفها العالم العربي في السنين الأخيرة .

كون الوضع السياسي هو وضع موبوء و كون القوى السياسية و المجتمع المدني و الاعلام لن يدفعوا في اتجاه الدمقرطة , لا يعني البتة بقاء الوضع على ما هو عليه , فإذا كانت معادلة الصراع السياسي الذي يؤدي إلى الاصلاح متعذرة , فإن تهديد الشارع يشكل نموذجا آخر و شكلا آخر من أشكال الصراع السياسي, حيث أصبحت الدول تجد نفسها في مواجهة الشارع مباشرة وجها لوجه و هو الأمر الأخطر بكثير من الصراع الذي يمر عبر القنوات السياسية و الذي يمكن إدارته , لذلك يبقى الاصلاح السياسي صمام الأمان الوحيد للدول ضد الثورات و الضامن الوحيد لاستمرار الاستقرار بها.



#جلال_مجاهدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشييء الانسان
- مساحة الفراغ بين الواقع و الإدراك
- العقلانية بين مفهوم العلم و مفهوم المعرفة
- ثقافة المجتمعات من التثاقف إلى التثقيف إلى ثقافة العولمة
- المذهب الوهابي منبع إرهابي سطر تاريخه بالدماء
- ما وراء التعثر المؤقت في تشكيل الحكومة المغربية
- البوليزاريو و انعدام الشرعية و الصفة لتمثيل الصحراويين
- إصلاح القضاء في المغرب و الأركان المظلمة المسكوت عنها
- الخطاب القومي الأمازيغي المغربي و ضرورة إعادة الصياغة
- استخدام و توظيف مفهوم القيمة و فائض القيمة لكارل ماركس
- توصيات الصناديق الائتمانية الدولية و عرقلة الاقلاع الاقتصادي ...
- ضوابط استعمال رجل الشرطة لسلاحه الوظيفي في مواجهة مسلحي الشو ...
- نظام الحكم المخزني المغربي في مواجهة تفاعلات الحراك الفكري ا ...
- أمازيغ المغرب و الاستعراب و إشكالية الانتماء
- الالحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الثالث-
- الالحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الثاني -
- الإلحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الأول -
- ثقافة الثورة
- القرآن من تسامح النبي الى تعصب المسلمين
- القرابين البشرية و المنابع النصية للفكر الارهابي


المزيد.....




- أصاب وجه ترامب.. فيديو دفع ميكروفون وردة فعل الرئيس خلال تصر ...
- أول تعليق من ترامب على عملية العراق ومقتل قائد العمليات الدو ...
- رغم الصعوبات وانقطاع الكهرباء.. أطفال غزة يطلبون العلم ولو ف ...
- Vivo تعلن عن هاتفها المنافس الجديد
- لماذا تزداد صعوبة فقدان الوزن بعد انقطاع الطمث؟
- العلماء يكتشفون طريقة جديدة للعثور على حياة خارج الأرض
- علماء يكتشفون سر طول عمر أكبر معمرة في العالم!
- كوارث طبيعية وشيكة تهدد الولايات المتحدة
- الجيش السوري قد يحصل على أسلحة أمريكية لأول مرة
- على ماذا سيتدربون خلال مناورات الحزام الأمني البحري 2025؟


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - الاصلاح السياسي كمفهوم و كضرورة