|
هو الذي تَبِعَ سربَ القَطَا
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 5424 - 2017 / 2 / 6 - 13:21
المحور:
الادب والفن
[ في مكانٍ ما من "بلاد الألمان" ، المحقق رجلُ في منتصف العقد الخامس ، مع لاب توب، حادّ القَسَمات مثل حشفةِ تمرٍ يابسة ، يحقق مع هاربٍ من "بلاد الشام" ] * تَفَضَّلْ ! إحكِ لنا بصراحةً .. كيف وصلتَ إلى هنا ، ولماذا... ؟ + ... ببساطة .. تَبعتُ سِربَ القطا ...! * ها أنتَ تُعيدُ ما قاله غيرك ... لقد مرَّ عليَّ كثيرون غيركَ !! ألا تفهم ؟! أريدُ أنْ أُسجّلَ محضراً بأقوالك ! + طيب ، طيب ..!! طوِّلْ بالك علينا ، ياعمْ ..! ........................ ........................
في الخريف لمّا تأخّرَ المطَرْ، سقط الناسُ مثل أوراق الشجَرْ ، في موسمِ الحرثِ أيضاً ما جاءَ المطَرْ ، وفي موسم الحصادِ ما طَلَّ القمَرْ ،
قاطعه المحقّق
* قد حَفِظنا كل أساطير" ألف ليلة وليلة " و" علي بابا " ...!! أريدُ منكَ أسماءً وعناوين . لا نفعَ للشِعرُ هنا !! + يا عم ، أنا أروي لكَ ما حدث .. صبرَكْ علينا ، شوَيْ ...!! * إترك هذه الألاعيب اللغوية ! لستُ عمَّك أو خالك ، ولا صديقك ..! أنا موظف .. أطرحُ عليك أسئلة ، وأنتَ تُجيب ... واضح ؟! قالها بحدة ظاهرة
[ تدخّل المترجم يوضّح للمحقّق أنَّ مفردة " عم " يُنادَى بها للأحترام عند قوم اللاجيء ]
* .. حسناً ، أَسمِعنا شيئاً آخر ... + يا سيدي.. ! لمّا حل موسمُ الحصاد بلا بيادر ، جاعَت القُبّرات . راحت تُنقِّرُ زجاجَ الشبابيك ، تَتَسوَّل الناسَ حَبّاً ...! وحينَ مرَّ رَفٌّ من " الطير الأبابيل !"، فَرقَعَتْ السماء ، يا عَمْ ــ عفواً يا سيدي ! ــ شبَّت النيرانُ في الدور والشوارع والحدائق ... فأختلَطَ "الحابلُ بالنابلِ"، وصارت للنوايا "قرون" ... إلتفَّتْ الحروفُ على بعضها في "عقدة " لا يحلّها ، حتى الرب ! تَرَبَّعَ الصمتُ .. وما لا أدري من مُبهماتِ " أَلسُنِ بابل "... وغَدَت واوُ العطفِ غُبارَ غمامةٍ تُفضي إلى سراب ... ................................ طاشَ صغارٌ كانوا يلعبون فی الدرب ... مَنْ لم يَمُتْ منهم ، " ماتَ حيّاً "!! هجَرَني النعاس ... رُحتُ أُشَذِّبُ خوفي ، ففي قمّة الجُرح يعزُّ البكاء ، كما تعلمْ ! صِرتُ أُدرّبُ عيني ألاّ تطرفَ خلال القصف والإنفجارات ، كي لا يفوتني مشهدٌ ، علَّني أكونُ أنا الشاهد ، إنْ نَجوتُ ! ولأنني مِعجَنةُ سرابٍ ، صِرتُ أدُقُّ الماءَ والريحَ ... أعجنُها أرغفَةً للجياع في الجحيم .. لكنني ، الله يشهدْ ! سَئمتُ الطَخَّ والقصفَ والقنصَ ... الخنادقَ والحصار ، ملَلتُ ألإنتظارَ على خِنجر المذبَحة ، حتى تزولَ المتاريسُ من عتَباتِ المنازل والدكاكين وأكتافِ لغةٍ ، راحَت هي الأخرى تحترق ... !! ماتَ العشبُ تحتنا ، ونحن على قارعةِ الوهم جلوسٌ ... تَقَوَّستْ ظهرُ الطريقِ في إنتظارنا ... فعندما تشيبُ النسورُ ولا تعودُ تقوى على تحريكِ الهواء ، تروحُ تَتَلهّى بتحريكِ الشراع ..!! ................................... ...................................
ببساطة ، لم أستطعْ .. لمْ أَستطِعْ !! فقد صدأَت المساميرُ في سُرَّةِ الجُرح .. كذلك لم أطمئن ، لرفع المصاحف ! فأكَلَةُ الأكبادِ من أحفادِ "هند !"، التی أَکلَتْ کبد حمزة بن عبد المطلب ، كانوا يرفعونَ البنادق والسيوفَ باليد الأخرى ...!! نسفوا "الروزانه".. لم يبقَ لحلب ، لا عِنبَ "باخوس" ولا ما تحته من تُفاحٍ مُشتهى ..!! فتأكسَدَ النبيذُ في عروق الدوالي ... وهكذا غَدَونا منذورينَ لفَرحٍ مُلَفَّقٍ ... ولا دليلَ على صوابِ ما بعد الحريق ...!! فعندما يَعلو " السَفَلَةُ "، يَهوي نجمُ الرُعاة ، ولا نَعودُ نَقوى على إجتراحِ موجٍ لأسراب النورسِ والبَطِّ ... لأنَّ النواعيرَ تُبعثرُ ذاكرةَ الماءِ بضجيجٍ مُفتَرى ... ولأنَّ المتاهةَ ، أَضحتْ أقربُ إلينا من الشهيق ، لمْ تَعُدْ هناكَ مساحةٌ لتَرَفِ الغَنَجِ ، والشرودِ الجميلِ لنَقطِفَ جُلبابَ مُفردةٍ مُرتجاةٍ ، من مقامرينَ بما لا يفقهون ! .................................. .................................. بَكَتْ أُمي الضريرة ، تَتَوسَّطُ مَنْ بقيَ من نسوةِ الجيران ، لمّا عرفَتْ بعزمي ، فأحرقتْ قلبي من جديد : " يَمَّه لَوين بَدَّك تمشي ؟؟ إخواتك راحو ، الله يرحمهُنْ ... واحد بحمص وواحد بحلب !! ظلّيت وحدك ذُخر لا إلي .. مين إلي بعد ما تروح ... ؟!!" ................................... كنتُ ، يا سيدي ، قد سمعتُ كثيراً في نشرات الأخبار أنَّ بلادكم مُشرعة أبوابُها للسوّاح والأجانب ... والتجار من كل " الأصناف " !! لذلك حَزمتُ أمري ... تَخَوصرتُ الريحَ وأَسرجتُ صهوةَ البرقِ ... تَبِعتُ سِربَ القَطَا ... ! ...................................
وهكذا تراني الآن أمامك !!
[ إستدارَ نحو المترجم هامساً : شو ، معَلِّمْ !.. إن شالله عَجبْتَك ؟! دَخلَكْ ، تِفتِكِرْ يخلّونا نظل هون ، وإللا يكسّحونا ..؟؟!! ]
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية داريغو : ترنيمة للبحر... ملحمة عائد من الحرب ... غنائي
...
-
مقاصير نصوص (4)
-
ومضات
-
هو الذيبُ .. صاحبي !
-
غِرّيدٌ أَنبَتَ صداهُ .. ومضى
-
الوداع الأخير للمبدع صبري هاشم
-
شَذَراتْ
-
مقاصير نصوص (3)
-
فائز الصغير
-
هيَ أشياءٌ عاديّة ، ليس إلاّ !
-
ضِدَّ التيّار (8)
-
مقاصيرُ نصوص (2)
-
ضِدّ التيّار (7)
-
لِنَكُن أكثر جرأةً على التنوير !
-
ضِدَّ التيّار (6)
-
ضِدَّ التيّار (5)
-
في برلين ...
-
ضِدَّ التيار ! (4)
-
ضِدَّ التيّار !
-
ضدَّ التيّار !
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|