|
لماذا أصف البرادعي بالغباء
كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 5423 - 2017 / 2 / 5 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يركز البرادعي أحاديثه الآن على ما يسميه "التوافق و"المصالحة الوطنية". رغم أن كل ذي عينين يرى أن ليس بمصر مكونات وإثنيات وطوائف تتقاتل تنازعاً لأمر أو سلطة، كما نشهد في المكونات العراقية والسورية واليمنية مثلاً، ليكون كل المطلوب عندها هو "التوافق"، أو ذلك الاصطلاح العجيب الساذج المسمى "مصالحة"، وكأننا إزاء شجار في مقهى شعبي. نرى أن الحالة المصرية البائسة ذات شقين: الشق الثاني من حيث الخطورة في اللحظة الراهنة، هو التوصل لنظام سياسي يستطيع إنتاج أفضل الممكن من الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المصري المتردي بطبيعته. وهي الإشكالية التي يعوقنا عن التصدي الأمثل لها وجود ما اعتبرناه الشق الأول للحالة المصرية. تلك الإعاقة التي يطالعنا بها باستمرار الخطاب السياسي الرسمي بعنوان: "أنا أو الإرهاب". الشق الأول والأخطر الآن هو نمو تيار في التربة المصرية أنتج الإرهاب المحلي والعالمي. ومشكلة مصر والعالم كله الآن هو كيفية استئصال هذا التيار، وليس "التوافق" معه. "التوافق" ليس صنماً معبوداً، نسجد له دون أن نتبين طبيعته وملابساته ومكوناته. الأمر أشبه بالتوافق الضروري بين أعضاء الجسد الواحد. وليس توافقاً للجسد مع فيروس أصابه، فنتركه ينهش في الجسد حتى يهلكه باسم "التوافق"!! نصف البرادعي بالغباء لأن العاجز عن التعلم من خبراته الشخصية ليس هناك توصيف له غير "الغباء". فلقد جربت نخبتنا السياسية هذا "التوافق" الأحمق أثناء ثورة 25 يناير. وليس هناك من يجهل ما يعرف بـ"اتفاق فيرمونت"، الذي توافقت فيه النخبة اليسارية ومدعو الليبرالية مع قيادات الظلاميين على المشاركة السياسية. شهدنا وعانينا جميعاً النتائج الوبيلة لهذا الاتفاق المأفون، والذي أوصلنا لما نحن فيه الآن من ترد غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث. الفشل الفادح لهذا "التوافق" لا يرجع لما قد يستنتجه "العقل الساذج" لتراجع قيادات الظلاميين أو خيانتهم للعهود، بحيث يمكن العودة لتكرار الأمر، مع التأكيد هذه المرة على الوفاء بالعهد. الفشل يرجع لسبب هيكلي، وهو تجاهل طبيعة مكونات هذا "التوافق". فشل توافق "جسد" مع "فيروس" يكفر العالم كله، ويعادي الحضارة والمتحضرين. . ليست هذه اتهامات وادعاءات منا نكيلها لهم بلا حساب أو تدبر، بل هي نصوص مرجعياتهم وأدبياتهم وخطاباتهم العلنية في غير مجالات التقية والخداع. وهي أيضاً ما يسم سلوكياتهم وفعالياتهم الإرهابية، الممتدة باتساع العالم كله. نصف البرادعي بالغباء لأن خطابه (المعلن على الأقل) خطاباً ليبرالياً حداثياً محضاً، فلا يعد بناء عليه من الثعابين الذين يحالون خداعنا بادعاء "توافق فكري" بين الظلامية والحداثة، على شاكلة "فهمي هويدي" و"محمد سليم العوا" وسواهم. فلو كان الرجل من هؤلاء الأخيرين (وهم كثر) لاعتبرناه ذكياً ذكاء الثعالب والعقارب الثعابين. نقول هذا إنصافاً له، رغم أن المتابع لخطابه لابد وأن يرصد مسحة عروبجية متأسلمة موروثة من الثقافة العربية السائدة، لم تنجح سنوات معيشته في الغرب في محوها، لتظل رائحتها تفوح من كلماته ومبادئه الليبرالية الرائعة التي لا ينفك يرددها. هناك ملامح أخرى أقل خطورة لأنها تخصه وحده، تشير إلى "غباء" البرادعي. ظهرت هذه في الحلقات الأربع من حديثه في فضائية قطرية. منها عجزه عن استخلاص رؤى كلية بانورامية للحالة المصرية والعالمية، وتوقفه عند ترديد المبادئ الإنسانية الليبرالية المحفوظة. علاوة على براءته التامة من أي فكر قادر على تحويل هذه المبادئ إلى سياسات عملية تتسق مع حقائق الواقع.
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رأيت فيما يرى النائم
-
في ذكرى ثورة منكفئة
-
فوبيا د. محمد البرادعي
-
سفر التكوين
-
على هامش إعادة هيكلة الاقتصاد المصري
-
د. محمد البرادعي بين الحمرة والجمرة
-
مصر وصندوق النقد الدولي
-
بئس الليبرالي أنت يا هذا!!
-
من أجل الربيع المصري القادم
-
إني أختنق
-
التعثر في دنيا التابوهات
-
صهيونية إسرائيل
-
مصر وريادة السلام
-
مع مفهوم -أمن الدولة-
-
خربشات على جدار الوطن
-
نقابة الصحفيين بين السلطة الرابعة والبلطجة
-
إذا ما أطفأت تركيا الشمس
-
بداية السقوط
-
بين العاطفة والعقلانية
-
حالة ميؤوس منها
المزيد.....
-
تامر أمين…انتقادات للمذيع المصري بسبب تصريحاته بإلغاء الفلسف
...
-
الجزائر تعلن ضبط شحنة أسلحة وإيقاف 21 شخصا بتهمة الانتماء لـ
...
-
غزة: كيف أدى تدمير مرافق الصرف الصحي إلى تلوث ساحل القطاع؟
-
بعد مرور أكثر من 10 أشهر على الحرب.. عباس يعلن عزمه زيارة قط
...
-
مقتل طبيبة متدرّبة يشعل احتجاجات واسعة في الهند: الأطباء يطا
...
-
-سرايا القدس- تعرض مشاهد من استهداف دبابتين إسرائيليتين (فيد
...
-
ضاحي خلفان: غزو الأراضي الروسية ضرب من الجنون.. روسيا هزمت أ
...
-
قناة عبرية تفصح عن -خرق أمني خطير- في قاعدة وحدة استخبارات إ
...
-
عقوبات أمريكية جديدة تستهدف شبكات تجارية لـ-الحوثيين- و-حزب
...
-
-نقل الحرب إلى روسيا-... رهان أوكراني -محفوف بالمخاطر- لتغيي
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|