|
ظاهرة دونالد ترامب
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5423 - 2017 / 2 / 5 - 02:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السيد دونالد ترامب ، يضع العام على مفترق طرق ، وكل شعوب الارض القوية والضعيفة ، تسعى لإستعادة هويتها القومية والوطنية ، لان العولمة وما بعد الحداثة هي لحظة إشتغلت على مسح الوجوه من ملامحها ، لكي تكون صقيلة إلى حد التشابه ( حسب وصف عراقي قال هذه الجملة في منتدى سياسي على شبكة البالتوك ) ، نوع من الدغم الثقافي و المالي والسياسي في العالم الذي تقوده أمريكا اليوم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ، وإنتبهت ( حكومات ) إلى أن هذا المسعى سيذهب بها إلى الكارثة ، واصبحت كل شعوب الارض ملقاة خارج حدودها ، لا بالمعنى المكاني ، بل بالمعنى الشامل للحدود التي تحد الانسان ( ثقافة وقيم وإدارة الذات الخ ) . الاكاديمي الامريكي روبرت إسحاق في كتابه مخاطر العولمة ، يشكو من إختطاف أمريكا والعالم لصالح الشركات الكبرى ، ويطلق عليها ليلة القبض الملوث ، تلك الليلة التي تم فيها جمع تبرعات لحملة جورج بوش الابن الانتخابية ، حيث تم توقيعه على تسليم مقدرات العالم لتلك الشركات ، ويقول إسحاق : اذا كان هذا حال الناخب الامريكي يصادر صوته في ليلة واحدة ، فكيف نعطي الاخرين الديمقراطية ؟. بعد تصريحات دونالد ترامب التي أهانت أوربا ، تجتمع أوربا لتبحث عن المشترك فيما بينها ، وهو العرق ، وإذا لم يشتغل العرق ، تراهن دول أوربا على المشترك الوطني . أمريكا بشرت العالم ونفسها ، بأن هذا القرن هو القرن الامريكي ، وبسلوك ترامب ، تتخلى عن يافطة قيادتها للعالم في القرن الذي بشرت به ، أنه القرن الامريكي . كل شيء تأجل في العالم بعد فوز ترامب في الانتخابات الامريكية ، الثورات مؤجلة ، الخطط الاقتصادية مؤجلة ، مشاريع أجلت ، الجميع يحبس أنفاسه ، مشاكل بينية بين الدول التي أعصابها مشدودة إتجاه مايمكن أن يحدث . مسطرة ترامب هي مسطرة ربح وخسارة ، ليس وفق المزاج الشخصي ، وإنما هي مسطرة يمليها الواقع الامريكي عليها ، تمليها العطالة والبطالة الواسعة ، وتراجع النمو الاقتصادي ، وتراكم المديونية الامريكية بإستمرار ، وبالطبع تبدأ زيادة في خدمة المديونية الهائلة المقدرة أن تصل إلى 20 تريليون دولار ، وأمريكا تتحكم ب 40% من التجارة العالمية ، وهناك تهديد غريب من نوعه للصين ، وهو ليس تهديدا من ترامب ، بل هو تهديد الشارع الامريكي ، وأمريكا في النهاية ( بورصة ) ، تهرب منها الشركات ، وهي بالاساس مكدسة خارج الحدود للولايات المتحدة ، وحتى خارج أوربا ، وترامب يقولها بكل بساطة ، وبطريقة فاقعة ، في بداية حملته الانتخابية ، كان يتحدث عن زيادة الضرائب 40% على البضائع الصينية التي تدخل أمريكا ، وفي هذه الحالة هو يشتغل لصالح الصين ، وبعد ذلك صعد خطابه ودعى لافراغ الصين من الشركات الغربية ، وإستعادتها ، وتوزيعها بطريقة أخرى ، إفترضها بنفسه ، لكنه لم يفصح عن كيفية توزيعها في أمريكا ، والمقصود حسب رؤويته ، ورؤية الجهة التي خططت لذلك ، لانه ليس شخصا بل هو ظاهرة موجودة في امريكا . واذا إستطاع ترامب أن يضغط بإتجاه ترحيل عدد من الشركات من الصين ( وهو يستطيع طبعا ) وأمريكا قادرة على أن تجبر الشركات على ما تريد ، فهل ستأخذ الصين الامر من باب المتفرج ، والحرب معلنة عليها ؟. دونالد ترامب أعلن الحرب على الصين ، وهو إعلان ليس مبطنا ، إعلان مباشر وصريح من دون تأويل ، لان تراكم الدولار الامريكي عند الصين تراكم مهول ، وظن البعض من الناس ، أن الابتزاز فقط للخليج ، وتصريحه الذي وجهه للخليج ، هو نفسه الموجه الى أوربا والصين والعالم أجمع على قدم المساواة . مشروع إبتزاز للجميع ، ولن تسلم دولة دون أخرى من الابتزاز الامريكي ، هناك تصريح موجه للاتحاد الاوربي ، هو الاكثر إهانة ، وهي بالغة ، هكذا تصريح هو إعلان أن المؤوسسة العسكرية الامريكية إن إستمرت بهذا الشكل ستتحول إلى ( بلاك ووتر ) شركة أمنية مأجورة ومرتزقة ، وهو ذهب أبعد من فكرة دونالد رامسفلد الذي روج لخصخصة المؤوسسة العسكرية لتتحول إلى شركات أمنية ، وأمريكا بشكل علني ستأخذ على عاتقها وظيفة المرتزقة ، لانها تقدم خدمات مقابل المال ، ولن يهمها من المعتدي والمعتدى عليه ، ولا يهمها أيضا أن التطور هنا أو هناك يضر بها إستراتيجيا ، أو لا يضر لانها غير معنية بهذا الامر . هناك تغيير كلي لطبيعة علاقات الولايات المتحدة الامريكية بالعالم من جهة ، وتغيير كلي في فهم موقع أية دولة في العالم ، على سبيل المثال : تبحث أمريكا عن منطقة هشة رخوة ( دولة متعبة منهكة ) لتستعرض فيها قوتها ، لإرهاب الاخرين ، وهذا ما فعلته في أفغانستان والعراق ، تدخل عسكريا إلى دولة لاتتوفر على رد حقيقي يوازي القوة الامريكية ، وهي بالاساس تعاني من فائض بالقوة . وفق توجه ترامب ، أن أمريكا لاتقدم شيئا بالمجاني ، ومسطرته ( ربح وخسارة ) ، من يتصور أن أمريكا يوما ما ، ستخاطب أوربا بهذا الخطاب المهين ، إذا لم تدفعوا ثمن حمايتكم سنتخلى عنكم ؟. كأن أمريكا تتنبأ بالعدوان على الجميع ، وستهب لحمايتهم ، لم يخطر على بال أحد هكذا تصور ، نعم في السياسة الامريكية مفاجآة ، وماهي الخسائر الناجمة عن هذه السياسات في الداخل الامريكي ؟. وهذا يعني ضمنا أن أمريكا ستفكك كل إرتباطاتها مع العالم ومؤوسساته الدولية ، ستبدأ من الامم المتحدة وما يتفرع منها ، وجون بولتن أحد الداعمين لتوجه ترامب ، حيث طالب أكثر من مرة إلى الغاء دور الامم المتحدة . الكثير من الناس توهموا أن ترامب جاء صدفة ، هذا التوجه لترامب ليس جديدا ، سبقه تنظير ، والقصد من توصيف ترامب بالظاهرة ، حتى لايتوهم احد أنه شخص وله مزاج خاص .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة السحل في العراق قادمة
-
إعلان ولاية فقيه في العراق
-
من القدس إلى النجف هدم المنازل
-
نهاية زمن الدولة الوطنية
-
خطورة حكم رجال الدين على الانسانية
-
حلم أحفاد كسرى في العراق
-
حج كربلاء محو لذنوب الساسة
-
إنقراض الدولة العراقية
-
أبناء بريطانية العظمى في العراق
-
مهندسو الخراب في العراق
-
التبعية
-
( صلاة الواو بين النافورة والجسر )
-
المقدس في حياة الناس
-
قريتنا المنسية
-
إصلاحات حيدر العبادي
-
أغاني الناس وأغاني العمائم
-
الدولة المدنية
-
فساد رجال الدين
-
مرجعية الوطن ومرجعية الغريب
-
العراقي برميل نفط
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|