عبدالصمد فروات
الحوار المتمدن-العدد: 5422 - 2017 / 2 / 4 - 17:32
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عرفت دول أوربا الغربية تحولات عميقة مست كافة البنى المجتمعية ، وأسفرت عن إحداث نقلة شاملة غيرت تاريخها بشكل جذري ، إذ خرجت من بوثقة العصور القروسطية والدخول في عالم تسوده ملامح الرأسمالية والحداثة ، ومن تم التحول إلى قوة امبريالية غزت العالم .
وإذا كانت هذه التحولات قد جعلت من التاريخ الأوربي الحديث عصراً تاريخيا حديثا بمقومات حداثية انفردت بها شعوب الضفة الشمالية من حوض البحر الأبيض المتوسط عن غيرها من البلدان الأخرى . فماذا يمكن القول عن وضع مجتمعات الجهة المقابلة للضفة الشمالية ؟
ظهرت في الضفة الجنوبية من حوض البحر الأبيض المتوسط عدة محاولات تحديثية سعت إلى إصلاح الوضع وتجاوز التردي و الانحطاط الذي كانت تقبع فيه شعوبها ،فحاول محمد بن عبد الله في المغرب فيما بين 1757-1790 إجراء العديد من الإصلاحات الهيكلية مست كافة مجالات المجتمع المغربي، بيد أن تجربته التحديثية لم تسفر عن النتائج المرجوة بل جاءت مخالفة للتوقعات ،فابتداء من هذا التاريخ غرست أولى بذور التغلغل الرأسمالي في البلاد ، ولم تجد إصلاحات محمد بن عبد الله سنداً شعبياً لأنها لم تكن نابعة من الواقع الاجتماعي المغربي بل صدرت عن بنية فوقية ، مما أفضى إلى غياب شروط الاستمرارية في تجربته و بالتالي عدم خلق تراكم .
وفي سياق من التطور اللامتكافيء ، تميز بوصول الرأسمالية إلى مرحلة إمبريالية، برزت في العالم العربي محاولة تحديثية ثانية ، تجلت في مشروع محمد علي التحديثي في مصر (1805-1848) ، إذ حاول القيام بتجربة تحديثية ساعياً من ورائها إلى انتشال المجتمع المصري من حضيضه وإدماجه في بوثقة العالم الرأسمالي ، لكن تفاعل عوامل داخلية وخارجية أدت إلى إقبار مشروعه التحديثي مما حال دون خلق شروط الاستمرارية و التراكم في مشروعه التحديثي.
#عبدالصمد_فروات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟