أفكار بسيطة حول مفهوم الدولة (1)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)

الحوار المتمدن-العدد: 5412 - 2017 / 1 / 25 - 05:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

1- رأى بعض المُفكرين أن أسباب ودواعي وجود الدولة، تعود في جذورها إلى طبيعة العلاقة بين الإنسان والطبيعة ، والتي تقوم في جوهرها على فعل الصراع الحتمي بينهما، والمرتكز على السعي الحثيث للانسان في محاولة فهم و اخضاع الطبيعة او التمرّد والسيطرة على نواميسها أو تسخيرها لخدمته ورفعة فهمه ومعرفته، وفي أي حال فقد استدعى هذا الصراع ، منها الحاجة الى التوحد والتكاتف بين مجموعة من الناس تربطهم صلات مختلفة، أمام جبروت الطبيعة وسطوتها ، حفاظاً على بقاء حياتهم واستمرار معاشهم ..
2- كما وجد كثير من الباحثين في الفلسفة السياسية أن فعل الصراع هذا يتجلى بالضرورة على هيئة أحوال متغيرة وانقلابات عديدة لا تتوقف ولا تركن أبداً ..
الأمر الذي يستدعي إلى الذهن المعنى اللغوي العميق لكلمة " الدولة " في اللغة العربية ، و المُعبّر عنه في بعض القواميس ، مثل "لسان العرب " و "المحيط " الشهيرين، من أنها - أي الدولة - هي " الفعل والانتقال من حال إلى حال" أو هي "إنقلاب الزمان والدهر من حال إلى حال . ..
3- والدولة يمكن تعريفها ببساطة : بأنها الكيان الشامل الذي يتصف وجوده بطابع الاستمرارية، ويضم مجموعة كبيرة من الناس ذات سمات تاريخية متشابكة ، تعيش في رقعة جغرافية ، ويكون بينها صلات لغوية و ثقافية متعددة، وعلاقات مشتركة ومتناصة في مصالحها المتشابكة بين كل الفئات المكونة لما يسمى الشعب ..
وهي – أي الدولة - تتبدى على هيئة كينونة وظيفية لأنظمة متداخلة ومتناغمة فيما بينها، وتتألف من مجموعة من المؤسسات المُكلفة بتدبير الشأن العام لكل أعضاء المجتمع بوصفهم مواطنين، وتتم إدارة تلك المؤسسات من قبل الحكومة التي تسير على نظام سياسي ما ..
4 - لعل من أوليات المعرفة السياسية التمييز بين مفهومي الدولة والحكومة ( النظام ) والتي هي الآداة أو الآلية التي تؤدي من خلالها الدولة سلطتها ، والتي تشكل الظهور الموضوعي للروح الكلية - على حد تعبير هيغل - وتحويلها من فكرة الدولة المُجردة في الذهن، إلى أفعال منظمة يُعَبّر عنها على أرض الواقع ، من إدارة وتحكم وقسر..الخ وهو ما يعنيه وجود النظام الحكومة والذي يأخذ دورعقل الدولة العملي إن جاز التعبير.
5- في إعتقادي يعتبر هيغل في كتابه فلسفة القانون والسياسة " أعظم من بين وشرح المعنى الأعمق والأشمل للدولة في كل تاريخ الفلسفة، فقد قدم عنها معنى مختلفاً عن تلك الصورة القاتمة والشر المطلق أوالقهر الدائم الذي تحدث عنه كلا من هوبز وميكيافللي وغيرهما من الفلاسفة ..
حيث رأى أن الدولة غاية تأتي في المرتبة الأولى و المجتمع في المرتبة الثانية ، ويقول أنها يجب أن تكون غاية الفرد لأن اقتناعه بوجودها بمثابة تحقيق لوجوده العاقل نفسه ..
6- واعتبر هيغل الدولة بمثابة الروح الجماعية للمجتمع ، و هي تشكل الإرادة العامة العليا التي تضم بين جوانحها كل الارادات الأخرى. و أنها – أي الدولة - موئل الحرية الحقيقية للفرد ، التي لا يمكن أن تتحقق الا من خلال الدولة . بل وذهب ابعد من هذا ، حين اعتبر الحرية بمثابة النتيجة الإيجابية لوجود الدولة بالذات ..
كما أن حاجة وجود الدولة هي بمثابة نتيجة عقلية تقول ان لا يمكن لمصالح الناس أن تكون وتستمر دون وجود الدولة ،
فلا حرية للإنسان بلا دولة ..
وللحديث بقية..

#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات