|
قصص في البال
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 5409 - 2017 / 1 / 22 - 12:45
المحور:
الادب والفن
قصص في البال نبيل عودة
حتى يهديهما الله… كانوا ثلاثة أصدقاء لا يفترقون، يدخلون يومياً الى البار ويحتسون بضع كؤوس من الخمر.. حتى حفظ البارمان عاداتهم، ونوع مشروبهم وساعة دخولهم، وكأنهم مربوطون بعقارب ساعة مضبوطة تماماً.. لدرجة انه كان يبدأ بتجهيز الكؤوس الثلاثة، قبل ظهورهم، وما ان يظهروا في مدخل البار الا والكأس الثالثة قد جهزت.. فيجلسون الى طاولتهم المفضلة وقد وضعت كؤوسهم أمامهم فور جلوسهم.. حتى أضحوا جزءاً من أجواء البار ووجوهه المعروفة. ومرت الأيام دون ان يتغير نظامهم… وفي أحد الأيام حدث أمر غريب لفت أنظار البارمان وسائر رواد البار.. كانت مفاجأة مطلقة.. دخل صديق واحد من الأصدقاء الثلاثة.. كان يبدو حزينا وكئيباً… لم يجلب البارمان الكؤوس التي ملأها للأصدقاء الثلاثة.. بدل ذلك اقترب من الصديق الوحيد المتبقي من الثلاثة وقال مفتعلاً الحزن: أقدم التعازي باسمي وباسم صاحب البار.. كيف فقدت صديقيك؟ لا يا سيدي، ليس الأمر كما يبدو.. صديقاي هاجرا، وهما بخير والحمد لله.. واحد هاجر إلى أستراليا والأخر الى أميرِكا.. وبقيت لوحدي كما ترى.. هل أجلب لك كأسك يا سيدي؟ ليس كأسي فقط، بل الثلاث كؤوس، وكأننا ما زلنا ثلاثتنا نأتي كل يوم، لقد أقسمنا ان ندخل باراً في نفس الساعة، حيثما نكون في أرض الله الواسعة، وان يشرب كل واحد منا كأسه وكأسي صديقيه، وكأننا نجلس سوية لم نفترق. لذا يا عزيزي.. أجلب لي الكؤوس الثلاثة وكأننا ما زلنا ثلاثتنا نشرب سوية… وهكذا استمر الوضع.. يدخل يومياً بنفس التوقيت، ويجلس ليحتسي ثلاث كؤوس وكأن صديقيه يشاركانه الشرب. ومرت سنة أو أكثر.. والصديق محافظ على برنامجه، ويخبر من في البار عن أخبار صديقيه، وكيف انهما يتصرفان بنفس الشكل وفي الساعة المشابهة في بلادهم الجديدة. ولكن، في يوم ما، حدث ما لفت انتباه رواد البار وأثار تهامسهم. دخل الصديق كعادته.. وطلب كأسين فقط رافضاً الكأس الثالثة.. البعض راهن انه فقد أحد صديقيه.. البعض قال ان الجيل يفرض علية التقليل من الخمر.. والبعض قال ربما وضعه المادي لا يسمح له بشراء ثلاث كؤوس… جلس كعادته يحتسي الخمر من الكأسين، ولم يطق البارمان الصمت، وعدم معرفة ما جرى، اقترب منه وسأله: ماذا مع كأس الصديق الثالث.. هل وقع لأحدهما مكروه؟ أبداً أبداً.. الصديقان بصحة جيدة ويشربان الخمر يومياً.. ولكني عدت الى ديني وصلاتي ولم أعد أشرب الخمر.. وأشرب فقط كأسين عن صديقي حتى يهديهما الله ويكفان عن الشرب.. تماماً كما هداني!! ******** المستحيل خرج جمال برفقة صديقه جواد الى رحلة. اثناء تجولهم بإحدى المدن وجدا اعلانا على باب كنيسة يقول: كل من يغير دينه الى الكاثوليكية سيحصل منا على الف دولار!! جمال تحمس وقال لصديقه : تعال ندخل وسنحصل سوية على 2000 دولار!! - لن ارتد عن ديني ... قال جواد. - انا سأدخل ولن اقاسمك بالألف دولار - انت حر. دخل جمال الى الكنيسة. مرت الساعات وجمال داخل الكنيسة وجواد ينتظره.. بعد ان كاد جواد يغادر المكان مللا من الانتظار، ظهر جمال فجأة: - ماذا جرى بك لتبقى ساعات طويلة داخل الكنيسة؟ - غيرت ديني.. وتنورت بالإيمان.. واشعر بالراحة والاطمئنان - حقا؟ يا للغرابة.. كنت سعيدا وغارقا في ملذات الحياة. هل بعت نفسك بألف دولار؟ - النقود؟.. انا شخص مؤمن الآن... ما قيمة النقود مقابل الايمان؟ غير المؤمنين من البشر لا يفكرون الا بالنقود؟! رد جواد: سأقول لك شيئا افهمه كما تشاء... الإنسان هو الإله لكنه نسي ذلك وعبد إله آخر. وغادر المكان. ******** دعاء كانت جارة لنا تخرج كل صباح جديد، ترفع يديها عاليا ونظرها نحو السماء راجية بصوت مرتفع: "احفظ يا الهي هذا البيت بعيدا عن النمور" وتعود الى داخل البيت. هكذا مضت الأيام.. والجيران يضحكون من هذا الرجاء، حتى تجرأت جارة وقالت لها: "يا جارتي العزيزة.. انت تشغلين نفسك بموضوع بعيد عن الواقع، لأنه لا يوجد نمور قريبة من بلادنا، أقرب النمور الينا تبعد عنا آلاف الكيلومترات.. وحتى تصلنا يجب ان تجتاز الاف الأميال من الأراضيَ والجبال والأنهارً والبحار، ويعترضها في طريقها ملايين البشر الذي لن يتركوها بدون مقاومة وإطلاق النار عليها وطردها الى الغابات" ردّت عليها: "هل ترين الآن فعالية رجائي"؟ ******* العاهرة البتول...!!
وضع المحاضر قدمه على مدخل القاعة فساد الصمت .. كان ذلك اللقاء الأول مع محاضر العلوم السياسية جال بأنظاره كأنه يدرس وجوهنا او مدى حضورنا وجاهزيتنا لبدء دراستنا السياسية. نظاراته السميكة تجعله يبدو أكبر من جيله بعقد كامل على الأقل. قال بعد أن جال بعينيه بيننا عبر نظاراته السميكة: - انا محاضر موضوع العلوم السياسية، لا أحب الحديث في القاعة أثناء إلقائي محاضرتي، فقط إذا طرحت سؤالا اسمح لمن يرفع أصبعه ان يجيب. تابع يقول: - أنا سياسي له صولات وجولات وتجارب سياسية ستفيدكم في التعرف عليها لممارستها في المستقبل اذا صار أحدكم سياسيا. مبدئي الذي لا يتغير اني سياسي مستقيم وديمقراطي... ارى أصبعا مرتفعا في وسط القاعة.. حسنا سأسمح لك أيتها الطالبة بطرح ما لديك. - حتى اليوم دكتور لم اسمع عن سياسي ديمقراطي كما تقول و... مستقيم.. يا لها من طرفة.. ما ان يجلسوا في منصب حتى يصبحوا أشباه آلهة يجب قبول كل كلمة يلفظونها...حتى "ضراتهم" يجب التصفيق له.. هل حقا يوجد مثل هذا المخلوق سياسي مستقيم وديمقراطي؟ سؤال هام .. ليس شرطا .. لكني أتحدث عن نفسي وتجربتي وقناعاتي. - اذن أستاذي السياسي المستقيم والديمقراطي.. اسمح لي بسؤال مجنون: هل يمكن ان نقول انه توجد عاهرة بتول؟! [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شذرات فلسفية – 5
-
شذرات فلسفية – 4
-
نائلة لبس تثير حنيننا لأيام طفولتنا
-
قصتان من الأدب الساخر
-
شعر المقاومة بين المضمون السياسي والمضمون والأدبي
-
رؤية فلسفية: الثقافة لا تنشأ بقرارات فوقية
-
فلسفة مبسطة: فلسفة اقتصاد السوق
-
مهزلة بيان الجبهة ضد لقاءات علي سلام مع وزراء الحكومة
-
شذرات فلسفية – 3
-
شذرات فلسفية - 2
-
شذرات فلسفية
-
خمس سنوات على رحيل الشاعر والمفكر سالم جبران
-
باسل غطاس عاد بخفي حنين
-
لن نصفق لخرائب حلب، بل لإنقاذ سوريا شعبا ودولة!!
-
بحث ما جرى...
-
كتاب -الناصرة في الوجدان ..- تسجيلا هاما للذاكرة الجماعية
-
هل انتصر الانسان؟
-
الهزيمة...
-
نحو رواية فلسطينية وقضايا ثقافية أخرى
-
حزب سياسي أم تنظيم مجتمع مدني؟
المزيد.....
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|