|
بمثابة مشروع برنامج سياسي
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 1427 - 2006 / 1 / 11 - 11:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(حزب الإنماء الاجتماعي، أو حزب التنمية والعدالة) كنا قد نشرنا منذ بعض الوقت عددا من المقالات تدور حول ضرورة الحزب السياسي، ونشرنا أيضا ما يمكن اعتباره بمثابة موضوعات لهذا الحزب(يمكن الرجوع إليها على موقعنا الفرعي على الحوار المتمدن). وكنا أيضا، ومنذ أكثر من عشر سنوات قد قمنا بمراجعة فكرية نظرية لمفهوم الحزب الأيديولوجي(جمعت لا حقا في كتاب بعنوان " في المنهج" دراسة نقدية في الفكر الماركسي-نشر على نطاق ضيق)، تبين لنا من خلالها خطأ فكرة الحزب الأيديولوجي، تلك الفكرة التي كانت التجربة التاريخية، قبل ذلك، قد اختبرتها وبينت خطأها، على الأقل بالشكل الذي ظهرت فيه، ولا تزال تظهر من خلال أحزاب عقائدية من مختلف المشارب الأيديولوجية، يسارية و دينية وغير ذلك. واستكمالا لما كنا قد قمنا به، ننشر فيما يلي، ما يمكن اعتباره بمثابة برنامج سياسي لهذا الحزب، كنوع من النشاط الثقافي. فالدعوة لتأسيس حزب سياسي هي مجرد فكرة، وتسميته المقترحة مجرد فكرة أيضا. مع ذلك ما إن تنوجد الفكرة، حتى تحاول أن تأخذ لنفسها قواما معينا، من خلال اقتناع الناس بها، واستقرارها في أذهانهم. ومع إدراكنا العميق لضرورة إنشاء أحزاب سياسية من طراز جديد، إلا أننا ندرك جيدا أن إنشاء هذه الأحزاب بالأدوات "القديمة" عينها مسألة في غاية الصعوبة، خصوصا في ظل الظروف الراهنة( أنظر مقالتنا "أدوات قديمة لا تصنع جديدا"). لكن، وفي الوقت ذاته، ليس لدينا أدنى شك، في أنه، ما إن يظفر الشعب بحريته، وتشرعن الحياة السياسية الحزبية، حتى تظهر أحزاب جديدة تتجاوز ما يسمى بالأحزاب الأيديولوجية التقليدية، وقد تظهر أحزاب متنوعة بخلفيات اجتماعية مختلفة، خصوصا خلال المرحلة الانتقالية. ولذلك من الأهمية بمكان، الترويج لثقافة سياسية وطنية ديمقراطية تؤسس لولادة أحزاب سياسية تجيب عن أسئلة الواقع السوري. من هذا المنطلق، يسرني أن تولد هذه المساهمة الثقافية بعض النقاش الجدي ...الخ.
1-مقدمة إن سؤال التقدم التأخر، هو السؤال المركزي الذي يواجه بلدنا ومجتمعنا، في الوقت الراهن، كما كان عليه الحال منذ أكثر من قرن من الزمن، أي منذ بداية ما اصطلح عليه بعصر النهضة الأولى. غير أن هذا السؤال الذي ظل يتردد من جيل إلى جيل، دون أن يجد جوابا صحيحا عنه، لم يعد له معنى في مواجهة الغرب. فالغرب لا يزال يتقدم، والسوريون لا يزالون يتخلفون. ومع بداية محاولة نهوض جديدة، في مطلع الألفية الثالثة، لا بد من طرح سؤال مشابه وهو: لماذا تتقدم بعض الدول في أمريكا اللاتينية، وفي جنوب شرق أسيا، ومنها دول إسلامية، ونستمر نحن في التخلف؟ وعسى أن لا تأخذ الإجابة عنه قرنا آخر من الزمن، بل عقدا من السنين، فعقد من السنين يعادل، في عصر الثورة العلمية والتكنولوجية الجارية، ألفاً من السنين، بل تاريخنا كله. وإذا لم نجب عنه، بصورة صحيحة، خلال زمن قصير نسبياً، فلن نجيب عنه أبداً. والجواب ليس أحجية أو لغزاً، بل هو بسيط جداً، لطالما اقتربنا منه، وحاولنا القبض عليه، لكن دون جدوى. يتلخص هذا الجواب بكلمتين: الحرية، والديمقراطية. بدون الحرية لا مسؤولية، وبدون المسؤولية لا محاسبة، وبدون الحرية والمسؤولية والمحاسبة، ينتشر الفساد وينمو التخلف. وبدون الديمقراطية لا تستطيع الفئات الاجتماعية المختلفة التعبير عن مصالحها، والدفاع عنها، وبالتالي لا يمكن للتقدم الاجتماعي أن يحقق منطقه بصورة دينامكية على شكل مساومات تاريخية. إن إنشاء نظام في المصالح، تراعى فيه بصورة دقيقة العلاقات بين مختلف فئات المجتمع، وهي بطبيعتها علاقات متغيرة باستمرار، هو قضية سياسية مركزية بامتياز. وكما نرى، لا يمكن ضبط هذه العلاقات، وما ينجم عنها من تناقضات و صراعات، إلا إذا كانت بيئة النظام مشبعة بقيم الحرية، والديمقراطية، والقانون. ومن خلال بنائنا لهذا النظام في المصالح، نكون قد خلقنا البيئة المناسبة لحياة شخصية، وجماعية سعيدة ومزدهرة، منفتحة دائما على التطور والتقدم. 2 -طبيعة المرحلة الراهنة في سورية، والمهام المطلوب إنجازها. إن البحث في طبيعة المرحلة في سورية، يحيل سؤال التقدم إلى شروطه الواقعية، كما تتحدد في المرحلة التاريخية الراهنة على أعتاب القرن الواحد والعشرين، ليبحث فيها عن ممكنات الإجابة عنه. في ظروف سورية تتحدد المرحلة الراهنة من التطور بكونها مرحلة وطنية ديمقراطية، يتحدد طابعها العام من خلال الصراع بين الميول والاتجاهات الرأسمالية الوطنية، وتلك التي تنتمي إلى ما قبل الرأسمالية، من بنى وسمات بطريركية، وإقطاعية مشرقية، وتلك النزعات الكسموبوليتية (لا إنتمائية)، التي تحاول فرضها مناخات العولمة الراهنة. تتميز هذه المرحلة بأنها وطنية، لأنها من حيث الجوهر تمثل إزاحة كاملة للبنى الفكرية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، البطريركية، والإقطاعية من المجتمع، ونشر وتعميم البنى الرأسمالية محلها كقواعد أساسية لاشتغال النظام. ومن جهة أخرى فهي ديمقراطية، لأن إنجاز التحول الوطني المشار إليه، يتطلب بالضرورة خلق نظام في المصالح يسمح لجميع القوى الاجتماعية والسياسية بالدفاع عن مصالحها، ومن خلال ذلك خلق أفضل التوليفات بينها، بحيث يتحقق في النهاية التقدم الاجتماعي بصورة دينامكية. في ضوء التلازم بين الجوهر الوطني، والطابع الديمقراطي للمرحلة التي تمر بها سورية، نرى ضرورة الاشتغال على المحاور الرئيسة التالية: أ-محور التنمية الاقتصادية. إن التنمية الاقتصادية الشاملة، وفي القلب منها تطوير الطاقات الإنتاجية للمجتمع في ضوء المزايا النسبية المتاحة، هي المهمة المركزية لأي عمل سياسي، يتوقف، على مدى النجاح فيها، تطور البناء الاجتماعي ككل. هذا لا يعني أن العلاقة بين الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والثقافي، هي علاقة خطية، بل علاقة دائرية، تؤثر كل حلقة فيها وتتأثر بالحلقات الأخرى. يتطلب إنجاز هذه المهمة، تطوير قوى الإنتاج الاجتماعي، في ضوء المزايا النسبية المتاحة، وبناء الهياكل الاقتصادية المناسبة، مع المراعاة الدقيقة للعلاقات الفنية، والتوازنية، في داخل الفروع الاقتصادية، وفيما بينها، وإقامة توازن محسوب بين دائرة الإنتاج، ودائرة الاستهلاك، بين رصيد التراكم، ورصيد الاستهلاك، وربط الاستهلاك بالقوة الإنتاجية المحلية بشكل رئيسي، وتعميم العقلانية الاقتصادية، والاستفادة القصوى من مصادر التراكم المحلية، والعربية، والإقليمية، والدولية، بما يحقق النماء الاقتصادي..الخ. إن إنجاز المهام السابقة الذكر سوف يخلق اقتصاداً دينامياً، مندمجا في الاقتصاد العربي، والإقليمي، والعالمي، على أساس التكيف المتبادل، يستفيد من الاتجاهات الاندماجية العالمية، ويفيدها أيضاً. بكلام أخر سوف نعمل في المجال الاقتصادي على إنجاز المهام التالية: 1- إنشاء مركز للدراسات، والأبحاث الاقتصادية: الكلية، والقطاعية، والجزئية، يقدم الدراسات، والمشورة في جميع المجالات الاقتصادية، لجميع الفعاليات الاقتصادية، الحكومية والخاصة، ويعمل على الأساس التجاري. 2-الدعوة إلى ندوة وطنية يشترك فيها علماء الاقتصاد، والخبراء الاقتصاديين والإداريين في البلد، للنظر في تقويم الوضع الراهن للاقتصاد السوري، وتحديد السياسات، والآليات، التي يمكن أن تخرج اقتصادنا من ركوده وتضعه على طريق النمو، والازدهار بصورة ديناميكية. والنظر في جعل هذه الندوة تقليدا وطنيا تنعقد بصورة دورية كل عام، أو كلما اقتضت الحاجة ذلك. 3- مع قناعتنا بأهمية دور الدولة الاقتصادي في ظروف سورية، إلا أننا نرى أن يقتصر هذا الدور مستقبلا على مجال رسم السياسات الكلية، وعلى المجال التشريعي والرقابي، وعلى الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية والحيوية، وفي البنية التحتية. 4-في ضوء المهمة السابقة لا بد من إعادة تقويم وضع القطاع الاقتصادي الحكومي، وتشخيص مشاكله، تمهيدا للبحث عن الحلول الممكنة له في ضوء مصالح البلد أولا، ومصالح العاملين فيه ثانيا. على هذا الطريق قد يكون لا مفر من إنهاء العمل في بعض المؤسسات والشركات الحكومية الخاسرة، أو خصخصتها، بل قد يكون مفيدا خصخصة تلك الشركات والمؤسسات العاملة في القطاعات التي ينجح فيها القطاع الخاص أكثر من الدولة. 5- العمل على جعل القطاع الاقتصادي الحكومي يعمل وفق قواعد السوق، ومبادئ الفعالية الاقتصادية. ولهذا الغرض لا بد من إعادة النظر في طريقة إدارته، والتحول إلى نظام الإدارة وفق مبادئ الميزان الاقتصادي، بما يعني ذلك من استقلالية الوحدات الاقتصادية من الناحية الإدارية، والمالية، والاستثمارية..الخ. 6-التأكيد على ضرورة مراعاة العلاقات الفنية، والتوازنية في داخل الوحدات الاقتصادية، وبين الفروع الاقتصادية على مستوى الاقتصاد ككل. 7- العمل على تطبيق نظام الترقي في المناصب الإدارية في القطاع الاقتصادي، وأن يكون ذلك من ضمن الأسس المعتمدة في دوران اليد العاملة. 8- العمل على تنظيم دوران اليد العاملة في ضوء حاجة الاقتصاد الوطني ككل، وفروعه المختلفة، بحيث يتم خلق الظروف المناسبة لامتصاص فائض اليد العاملة في المستقبل. لهذا الغرض لا بد من إنشاء معاهد متخصصة للتدريب، وإعادة التأهيل..الخ. 9- النظر في إمكانية إنشاء مجمعات صناعية متكاملة، خصوصا في المجالات التي تتوفر فيها المادة الأولية، في ضوء التكاليف الإنتاجية الإجمالية الأقل، ومؤشرات الكفاءة الاقتصادية الأعلى. 10- إنشاء مركز وطني للدراسات العمالية والإدارية، تشرف عليه النقابات العمالية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، يقوم بكل الدراسات والأبحاث المتعلقة برسم السياسات العمالية، والاستخدام، والأجور، ويعمل على الأساس التجاري. 11- القيام بإصلاح تشريعي، وقانوني، وبيروقراطي، يزيل كل المعوقات ذات الطبيعة القانونية، والبيروقراطية من أمام تفعيل النشاط الاقتصادي، والاستثماري منه على وجه الخصوص. من الأهمية بمكان العمل على خلق المناخ الاستثماري الملائم في البلد في ضوء مصالحة الوطنية العليا، وتزليل العقبات البيروقراطية من أمام المستثمرين، وتحقيق نظام النافذة الواحة، والجهة الواحدة، والأجل القصير جداً. 12- تقديم الدعم للقطاع الخاص، وتشجيعه على الاستثمار في جميع المجالات الاقتصادية، والانتقال من المشروع الصغير، إلى المشروع الكبير، خصوصا في الصناعة. من الأهمية بمكان تشجيعه أيضاً على إنشاء وحدات للبحث والابتكار والتطوير الصناعي في جميع منشآته الصناعية. 13- إنشاء مركز وطني للدراسات والأبحاث الصناعية، يعمل تحت إشراف وزارة الصناعة، تكون له وحدات للبحث والابتكار والتطوير في جميع المؤسسات الصناعية العامة، ويعمل على الأساس التجاري. 14- العمل على إنشاء شركات تجارية كبيرة متخصصة، في مجال التجارة الخارجية، والداخلية، وتشجيع القطاع الخاص على القيام بذلك. 15- إنشاء مركز وطني للدراسات، والأبحاث التجارية، تحت إشراف وزارة الاقتصاد والتجارة، يعنى بإنجاز الأبحاث، والدراسات، والمشورة التجارية، في مجال حركة وتغير الطلب الكلي، والقطاعي، وفي مجال الأسواق، والإعلام التجاري..الخ. يقدم المركز دراساته، وأبحاثه، ومشورته، للقطاع الحكومي، والخاص، ويعمل على الأساس التجاري. 16- القيام بإصلاح مالي وضريبي، في ضوء المصالح الوطنية، وبما يحقق ويخدم تطور الاقتصاد الديناميكي. قد يكون من المفيد النظر في جدوى ضرائب الأرباح، وضريبة القيمة المضافة على عوامل الإنتاج، وعلى السلع..الخ. 17- العمل على إنشاء مركز وطني للدراسات، والأبحاث المالية، والضريبية، تشرف عليه وزارة المالية، ويعمل على الأساس التجاري. 18- تطوير المصارف الحكومية، والسماح بإنشاء المصارف الخاصة بكل أنواعها، والإسراع في إنشاء سوق الأوراق المالية، ومجلس النقد والتسليف، ومنحه إلى جانب البنك المركزي الاستقلالية الكاملة في الإشراف، والرقابة على القطاع المالي. 19- العمل على تطوير القطاع الزراعي، والانتقال به من نظام المزرعة الأسرية الصغيرة، والمجزأة، إلى نظام المزارع الكبيرة، ويكون ذلك من خلال دعم وتشجيع التعاون الزراعي الإنتاجي، والمشاريع الرأسمالية الكبيرة، والشركات الزراعية. 20- الاستفادة من الثروة الثقافية التاريخية، والأثرية، ومن البيئة المناخية، والطبيعية، لتطوير السياحة الثقافية والاستجمامية، وبناء البنية التحتية الضرورية لذلك، سواء من الناحية المادية(منتجعات، وفنادق، وموتيلات..)، والترويج السياحي(شركات إعلام ودعاية..)، والبنية التنظيمية والإدارية..الخ.
ب-محور التنمية الاجتماعية تتوزع على هذا المحور مهام عديدة متشعبة،غير أنها، مع ذلك، تترابط فيما بينها على قاعدة العدالة الاجتماعية. لقد لعبت العدالة الاجتماعية دوراً رئيساً في الصراعات الاجتماعية الطبقية في الماضي، وسوف تظل تلعب هذا الدور في المستقبل. إنها أحد المحركات الرئيسة للتقدم الاجتماعي، تقوم بذلك من خلال حركة القوى الاجتماعية المنضوية تحت لوائها في سياق الصراعات الاجتماعية الطبقية. عبر التاريخ كان النضال في سبيل العدالة الاجتماعية، ودورها في التقدم الاجتماعي، يأخذ أشكالاً عديدة، تختلف من عصر إلى عصر، ومن مرحلة تطورية إلى أخرى، في هذا البلد أو ذاك. ما ينبغي التذكير به في هذا المقام هو أن العدالة الاجتماعية التي تحرك نضال طبقات وفئات اجتماعية واسعة، لا تتطلب بالضرورة، خلال المرحلة الوطنية الديمقراطية، إلغاء "الاستغلال" الناجم عن النشاطات الاقتصادية الطبيعية، أي تلك الناجمة عن الدوران الطبيعي لرأس المال، بل إلغاء الأشكال الاستغلالية الطفيلية، وتلك التي تتحقق بالوسائل السياسية. والحال هذه، فإن موضوع العدالة الاجتماعية في الرأسمالية، الذي يمكن أن يشكل مطلباً سياسياً واجتماعياً، ليس أكثر من المطالبة بالتوزيع العادل للناتج المحلي الإجمالي بحسب دور ومساهمة عوامل الإنتاج فيه. وهذا يتطلب إقامة نوع من التوازن بين الطبقات والفئات الاجتماعية، الأمر الذي يمكن تحقيقه عن طريق سيادة القانون، وتوسيع نطاق الخدمات الاجتماعية، التي يمكن أن تقدمها الدولة، ومؤسساتها المختلفة، والمؤسسات الاقتصادية الخاصة، وتعميم الضمان الاجتماعي، واحترام حقوق المواطنين الطبيعية والسياسية. باختصار لا بد من إقامة توازن دقيق بين مجال العدالة الاجتماعية، ومجال التقدم الاجتماعي، مع احترام أولوية ورجحان التقدم الاجتماعي. على أن يتحقق هذا التوازن بالوسائل الاقتصادية حصراً، مثل الأجور، والريوع، والأرباح، والأسعار، والضرائب.الخ، وهي وظائف يمكن أن يقوم بها النقد بكفاءة عالية، في ظل سياسات نقدية، واجتماعية معدة بشكل جيد. بكلام أخر سوف نعمل في الحقل الاجتماعي على المهام التالية: 1-العمل على تطوير مستوى معيشة المواطنين، في ضوء احتياجاتهم، وفي ضوء الإمكانيات الاقتصادية المتاحة. في هذا المجال سوف نعمل على ضمان حد أدنى مناسب للأجور والرواتب، وخلق الظروف التي تسمح بربط سلم الأجور، والرواتب، بمؤشرات غلاء المعيشة، وإنشاء صندوق وطني يساهم به القطاع الخاص، لضمان راتب بطالة لزمن معين، على أن لا يقل عن متوسط الحد الأدنى للرواتب، أو الأجور، في المجال الذي كان يعمل فيه العاطل عن العمل، أو المجال الذي أُهل للعمل فيه. 2- إنشاء نظام فعال للخدمات الاجتماعية، يشارك فيه القطاع الخاص، يقوم على تعميم الخدمة الاجتماعية في جميع المجالات، مثل رعاية الطفولة، أو الشيخوخة، أو رعاية الأسرة وتنظيمها..الخ. 3- النظر في إمكانية إنشاء دار لرعاية الشيخوخة، أو العجزة، ملحقة بكل مركز للعبادة ( جامع أو كنيسة...). 4- إنشاء نظام فعال للرعاية الصحية، يساهم فيه القطاع الخاص، والنظر في تعميم ما يسمى بوحدات الرعاية الصحية المتكاملة(المستوصفات) على الأحياء وتجمعات القرى، ومراكز لرعاية الأمومة، وتنظيم الأسرة، تقدم خدماتها على أساس تجاري يتناسب مع كلفة الخدمة. 5 - العمل على تطوير قوانين الأحوال الشخصية، بما يحقق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، سواء في المجتمع أو في الأسرة. 6- النظر في إنشاء وتعميم مراكز رعاية الشباب، والأندية الشبابية، ذات الطابع التعليمي والترفيهي. 7- إنشاء مركز وطني للدراسات الاجتماعية، تشرف عليه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، يعني بإنجاز الدراسات والأبحاث في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، وتقديم الاستشارات على الأسس التجارية. ج-في المجال الثقافي. الثقافة للتقدم الاجتماعي كالماء بالنسبة للسمك. ليس من ظاهرة اجتماعية إلا ولها إطارها وفضاؤها الثقافيان، ولها مقدماتها الثقافية أيضاً. من غير الممكن تجاوز أي شيء في الواقع الاجتماعي، إلا إذا تحقق حد معين من تجاوزه على صعيد الفاعل الاجتماعي." لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". ونظراً لأن التغيير مستمر في الزمن، فإن الثورة الثقافية مستمرة هي الأخرى، تغير وعي الناس فيغيرون واقعهم الاجتماعي..الخ. في هذا المجال سوف نعمل على المهام التالية: 1-إنشاء مجلس وطني للثقافة، يحل محل وزارة الثقافة، تشارك فيه الهيئات والمنظمات المدنية ذات الطابع الثقافي مثل اتحاد الكتاب، واتحاد الفنانين...الخ، يشرف على تنمية الثقافة الوطنية، وثقافة الأقليات القومية، ويعمل على خلق الظروف المادية، والقانونية، والتنظيمية، والإدارية، اللازمة لذلك. 2 - العمل على استصدار ميثاق شرف ثقافي، يحرر الثقافة من أية قيود، إلا القيود ذات الطابع الوطني، أو القومي، أو الإنساني. وعموما إذا كان لا بد من وضع قيود على الثقافة، إبداعا ونشرا وترويجا، فيجب أن يضعها المجلس الوطني للثقافة في ميثاق شرفه. 3- إنشاء مركز وطني للدراسات والأبحاث الثقافية، يشرف عليه المجلس الوطني للثقافة الوطنية، يعنى بإنجاز الدراسات والأبحاث ذات الطابع الثقافي، والترويج لها، وتقديم الاستشارات الثقافية المختلفة، ويعمل على أسس تجارية. 4- العمل على تعميم قصور الثقافة في جميع المدن والبلدات الكبيرة، وفي تجمعات القرى، وتأمينها ماديا، وإداريا 5 -العمل على إنشاء صندوق وطني لتنمية وتطوير الثقافة الوطنية، وثقافة الأقليات، يشارك فيه القطاع الخاص، يتبع المجلس الوطني للثقافة. 6- العمل على تنمية ثقافة التنوير والعقلانية، ثقافة حقوق الإنسان، والحرية، والديمقراطية، والحد من انتشار ثقافة الشعوذة، والظلام، والاستبداد، وما يرتبط بهما من قيم، وعلاقات، ومواقف. 7 - الاهتمام بثقافة الأطفال والشباب، وتأمينها ماديا، وإداريا، وتنظيميا. 8- العمل على تطوير التشريعات الناظمة للحياة الثقافية، بما فيها قوانين المطبوعات والنشر والترويج الثقافي، بما يخدم تنمية الثقافة الوطنية، وثقافة الأقليات، ويحررها من قيود الرقابة، إلا القيود التي يقرها المجلس الوطني للثقافة في ميثاقه. د- في مجال التعليم. من المعروف أن التصنيف التقليدي لقوى الإنتاج، كان يركز على ثلاثة عناصر فقط هي: أدوات العمل، ومواد العمل، والعمل. غير أن الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرة حولت العلم إلى قوة إنتاج مستقلة، وبصفتها هذه أصبحت تلعب أدوارا حاسمة في التنمية الشاملة للمجتمع. بل يجري الحديث في الوقت الراهن عن اقتصاد المعرفة، كفرع جديد من فروع الاقتصاد، يركز على إنتاج المعرفة والمتاجرة بها. في الوقت الراهن من غير الممكن مواكبة تطورات العصر في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة والسياسة..الخ، بدون العلم والمعرفة. من اجل ذلك سوف نعمل في مجال التعليم على إنجاز المهام التالية: 1-المباشرة في القضاء على الأمية الأبجدية، ووضع خطة لذلك، بحيث يتم القضاء عليها نهائيا خلال أقصر مدة ممكنة، والعمل على منع ظاهرة التهرب المدرسي. 2-العمل على تطوير التعليم ما قبل الجامعي، بمرحلتيه الأساسية والثانوية، وتأمينه بكل ما يحتاجه، بحيث يكون لكل معلم أو معلمة في التعليم الأساسي، من عشرة إلى خمس عشر تلميذا فقط، ومن عشرين إلى خمس وعشرين تلميذا في المرحلة الثانوية. 3-العمل على تطوير مناهج التعليم في المرحلة الأساسية والثانوية، وأساليب التعليم والتعلم، بحيث يتم التركيز على تنمية ملكات التفكير، والمناقشة، والحوار، والتساؤل لديهم، بدلا من ملكات الحفظ والترداد. 4-الاهتمام ببيئة المدرسة من حيث النظافة، والمظهر الجمالي، والخدمات الضرورية. 5-العمل على تعميم التعليم المهني، ما بعد الثانوي، وتأمينه ماديا، وتنظيميا، وإدارياً. 6- تطوير التعليم العالي، من حيث البنية التحتية، والكادر التعليمي، والمناهج، والسياسات، ومنح الجامعات استقلالية كاملة، تنظيمية، وإدارية، ومالية. 7-تطوير التعليم التقني بكل فروعه، وإنشاء أكاديمية للعلوم والتكنولوجيا. 8- السماح بالتعليم الخاص بجميع مراحله، تحت إشراف الدولة، وتقديم كل التسهيلات اللازمة والممكنة له. 9-بناء قاعدة مادية متطورة للبحث العلمي، وتأمينها بالكادر المناسب، وإنشاء أكاديمية وطنية للعلوم، وهيئة وطنية للإشراف على سياسات البحث العلمي، وتحديد اتجاهاته ومشكلاته، وتنسيق الأبحاث، والدراسات..الخ، وربط البحث العلمي ومنتجاته، بحاجات التقدم الاجتماعي، والأسئلة التي يطرحها. هـ - في مجال التشريع والقضاء. إن بناء دولة المؤسسات والقانون، تتطلب من جملة ما تتطلبه بناء مؤسسة قضائية قادرة ومقتدرة، بإمكانياتها المادية، والذاتية، والتنظيمية، والإدارية، والتشريعية. لم يعد يكفي مجرد الحديث عن استقلال القضاء باعتباره يمثل السلطة الثالثة، في دولة المؤسسات والقانون، دولة الحرية والديمقراطية، بل لا بد من العمل على مهام ملموسة تحقيقا لذلك. في هذا المجال نرى أن تتقدم المهام التالية: 1- النظر في إمكانية إنشاء أكاديمية لإعداد القضاة، من المحامين الذين مارسوا المهنة مدة لا تقل عن عشر سنوات، يمنح شهادة خاصة بمزاولة المهنة. 2- بناء قصور العدل في جميع المحافظات، والحرص على تأمينها بكل ما تحتاجه، بحيث تجري عملية التقاضي في أجواء مريحة، ومنضبطة، ومهيبة. 3- العمل على تحديد أجال محددة للتقاضي، بحسب نوع القضية، والعودة إلى التقاضي بأسلوب المرافعات الشفهية، إلى جاني المرافعات الكتابية. 4- إنشاء أجهزة متخصصة بجمع الأدلة، حكومية وخاصة، وتأمينها مادياً وذاتياً. 5- تطوير عمل الكاتب بالعدل، لجهة توثيق مختلف العقود، وتعميمها على الجهات المعنية. 6- تطوير الأنظمة والقوانين، المتعلقة بالقضاء، وإجراءات التقاضي، وتحديث بنية المؤسسة القضائية من الناحية التنظيمية والإدارية.
و- في مجال الحريات الشخصية والعامة. إن عقوداً طويلةً من الاستبداد والديماغوجيا، وتعميم العلاقات الشخصانية ، وانتشار الفساد واللصوصية، في المجتمع..الخ، عمقت من اغتراب المواطنين عن وطنهم، وزادت في سلبيتهم..الخ، وفي المحصلة أعاقت كثيراً مبادراتهم، وإبداعاتهم. إن النقص الشديد في الحرية، وشدة القمع واستمراريته، وتزييف إرادة الناس، وإلحاق تنظيماتهم المختلفة بالسلطة، وتحويلها إلى أجهزة للسيطرة..الخ، كل ذلك زرع في نفس كل مواطن رقيباً أمنياً يشل حركته، ويمنعه من المبادرة، والتفاعل البناء مع قضاياه المطلبية، وكذلك مع القضايا الوطنية، والقومية، والإنسانية. إن عقودا من الاستبداد، وضغط السلطة على المجتمع، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، والقضاء على الحريات، وتخريب القضاء، وتعميم الديماغوجيا..الخ، كل ذلك أنعش موضوعياً الأطر العائلية، والطائفية، والمذهبية، والعشائرية، والجهوية، وأوهمت المواطنون بأنها بمكن تشكل ملاذا لهم، يؤكدون من خلالها شخصياتهم، ويحققون أمنهم. إن سياسة الإفساد، وتعميم الفساد كأسلوب في الإدارة، وضبط المجتمع، بالإضافة إلى تعميم العلاقات الشخصانية، وإنعاش جميع البنى الاجتماعية ذات الطابع التفتيتي في الحقل السياسي..الخ، كل ذلك خرب شخصية المواطن إلى حد بعيد، وجعلت الكثيرين يحنون إلى مرحلة الاستعمار، أو يحزمون حقائبهم ويهاجرون، وأصبح البعض لا يشعر بالحرج من الترحيب بالقوى الخارجية لتخليصه مما هو فيه..الخ. إن إعادة روح المواطنة، والوطنية، للإنسان السوري تشكل مهمة أولية بالنسبة لنا، فبدون إنسان سوي، متحرر من الخوف، متفاعل إيجابيا مع قضايا وطنه، لا يمكن الإجابة عن السؤال المركزي الذي وضعناه نصب أعيننا في مقدمة هذا البرنامج، ولا يمكن بالتالي الإجابة عن الأسئلة الأخرى الكثيرة المتمفصلة معه، بدءا من القضايا المطلبية، وصولا إلى قضايا الكبرى، مثل قضايا التحرير، والوحدة القومية، والقضايا الإنسانية..الخ. من أجل ذلك وضعنا نصب أعيننا العمل على المهام التالية، باعتبارها مهاما ذات أولوية: 1- إغلاق ملف السجن السياسي، ورد المظالم إلى أهلها، وتسوية أوضاع المواطنين غير المجنسين، وأولئك الذين اجبروا على الهجرة الطوعية أو القسرية، خطوات ضرورية، وهامة جداً على طريق الحرية، والديمقراطية، تعيد للمواطن ثقته بنفسه، وبوطنه. 2- العمل على تعديل الدستور وفق مبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وإلغاء جميع القوانين الاستثنائية المخالفة له. 3-العمل على استصدار القوانين والتشريعات الناظمة لممارسة المواطنين لحرياتهم الشخصية، الطبيعية والسياسية، مثل قوانين الأحوال الشخصية، وقوانين التعلم والعمل والإبداع، وقوانين النشاط النقابي والسياسي..الخ. 4- التأكيد في جميع القوانين الناظمة لباب الحريات الشخصية على المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات. ز- في مجال الحياة السياسية: إن الحديث عن الحياة السياسية في سورية هو حديث عن السلطة ودورها في إنجاز مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية، وعن البديل المحتمل والممكن. وهو كذلك حديث عن المعارضة السياسية..الخ. من الناحية النظرية السلطة تتكون من ثلاث مستويات: - المستوى الأول يضم الأشخاص الحاكمين، وهم دائما أشخاص حقيقيون. - المستوى الثاني ويضم مؤسسات الحكم، وهي دائماً هيئات اعتبارية. - المستوى الثالث يضم الصيغة التعاقدية للسلطة، أي منظومة التشريعات والقوانين والأوامر الإدارية..الخ التي تضبط عمل السلطة وتوجهه. في السلطات الاستبدادية كما هو حال السلطة في سورية، يندمج المستوى الأول للسلطة بالمستوى الثاني، فتفقد مؤسسات الحكم طابعها المؤسساتي، وتتحول إلى مجرد أجهزة للتوصيل الأوامري والضبط المجتمعي. أضف إلى ذلك يضيق كثيراً المستوى التعاقدي، ويبرز فيه الدور الإرادوي للمستوى الأول بحسب مصالحه، وفي القلب منها مصلحته في استمرار السلطة ذاتها، واستمرار بيئتها المحافظة على طابعها كسلطة استبدادية. أما بالنسبة لأحزاب المعارضة، فهي ليست بأفضل حال من شقيقاتها أحزاب السلطة، أليس حال المعارضة من حال السلطة؟، فكما تكون، تكون هي. من الخطأ أن نتصور أن الاستبداد هو نظام في السياسة فقط، بل قبل ذلك ومن حيث الأساس هو نظام في الاجتماع، وفي الثقافة..الخ. في مثل هذه البيئة من الصعوبة بمكان وجود أحزاب ديمقراطية. ويزيد المشكلة تعقيداً كون السلطة حاولت خلال عقود متواصلة نزع السياسة من المجتمع، وقمع أي عمل سياسي معارض، فتحولت الأحزاب المعارضة ( بل بقايا أحزاب) إلى نوع من الأخويات التي تجمعها طقوس السرية. مع ذلك لم تفقد روح الحياة السياسية "المعارضة"، وقدمت على هذا الطريق تضحيات كبيرة، هي في الذاكرة المجتمعية باقية كعلامات مضيئة على طريق التقدم الاجتماعي. وهي، أيضاً، لم تفقد روح المبادرة الوطنية، والقدرة على التعالي على الجراح في سبيل المصالح الوطنية، والقومية العليا، فدعت إلى المصالحة، ومن ثم إلى التغيير. في الفترة الأخيرة، وتحت ضغط المتغيرات الداخلية والخارجية، بدأت أحزاب المعارضة التقليدية، تراجع تجربتها السياسية،و أخذت تتشكل في سورية أحزاب جديدة بمسميات"ليبرالية" مختلفة، يمكنها أن تشكل رافدا جديدا للحياة السياسية في سورية. في ضوء ذلك، فإننا سوف نعمل على إنجاز المهام التالية: 1-العمل على استصدار قانون عصري للأحزاب، يشرعن، و ينظم الحياة السياسية في البلد. من حيث المبدأ ينبغي عدم وضع قيود على العمل السياسي المنظم، سوى تلك القيود التي تفرضها حقوق المواطنة، وضرورة استمرار النظام الديمقراطي. لذلك ومن حيث المبدأ نرى أن يشترط قانون الأحزاب ما يلي: - أن يؤمن كل حزب بالديمقراطية، ويمارسها في حياته الداخلية، وفي المجتمع. - أن يؤمن الحزب بحرية الآخرين، وبالتالي يقر بالتعددية والاختلاف، على صعيد المجتمع، وبالحق بممارسة ذلك. 2- العمل على إنشاء محكمة إدارية خاصة بالأحزاب، تتولى مهام منح التراخيص للأحزاب السياسية، وتسجيلها، وكذلك فرض العقوبات بحقها، ومن ضمنها النظر في حل الأحزاب القائمة ومنعا من العمل الرسمي، كحالة إجرائية قصوا. 3- العمل على استكمال وتطوير القوانين والتشريعات الناظمة لممارسة العمل النقابي في مختلف المجالات، وضمان استقلاليته التامة عن الدولة وأجهزتها، وعن الأحزاب السياسية. 4- العمل سريعا على إلغاء إعلان حالة الطوارئ في البلد، وجميع القوانين والتشريعات والمحاكم المرتكزة إليها، بل النظر في إلغاء الأحكام التي صدرت مستندة إليها، خصوصا تلك التي لها علاقة بالحياة السياسية. 5- تشجيع قوى المعارضة المختلفة، على إعادة تجديد ذاتها، ويكون ذلك من خلال الشروع في نقد جدي وعميق لتجربتها السابقة في العمل السياسي، كمقدمة لا بد منها، للتأسيس لعمل سياسي وطني مشترك. 6- تشجيع أحزاب السلطة وفي مقدمتها حزب البعث الحاكم، على تحمل المسؤولية الأدبية، والأخلاقية، في الحد الأدنى، عما وصلت إليه البلد من ضعف، من جراء عمليات النهب المنظم لثروات البلد أو تبديدها، ومن خلال تعميم مناخات الفساد، والإفساد، والقضاء على الحياة السياسية في المجتمع..الخ. 7- إن المشروع الوطني المناهض للتأخر والاستبداد هو المشروع الإستراتيجي الذي نعمل عليه، ونعمل على جعله مشروعا وطنياً، تعمل عليه، ومن أجله جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد. 8- الاستبداد ليس ظاهرة في السياسة فقط، بل في جميع مجالات الحياة الاجتماعية الأخرى، وإن القضاء عليه لا يكون إلا من خلال تعميم مناخات الحرية والديمقراطية في المجتمع. وفي هذا المجال، نرى أن إزالة الاستبداد من الحقل السياسي، له الأولوية، لأنه وحده الذي يضع بلدنا على طريق التحرر الشامل، ويخلق ديناميكيات جديدة للتطور والتقدم. 9- إن إعادة إنتاج الثقافة والسياسة في المجتمع على أسس عقلانية تنويرية، وديمقراطية شرط لازم، للتحرر من الاستبداد. في هذا المجال نعتقد بضرورة إصلاح الفكر الديني، والمؤسسات الدينية، وتجديد الخطاب الديني، على أسس من العقلانية، تجعل التدين شأناً خاصاً، وتحرره من القراءات الظلامية، والمتطرفة له. 10-إن سؤال التغيير من الداخل أو من الخارج، الذي تسلل إلى الداخل السوري، وأخذ يفصح عن نفسه بعد الغزو الأمريكي للعراق، سؤال واضح التوجه، وأخذ يدفع باتجاه اصطفافات جديدة. مرة أخرى، لا نجد كبير عناء في تحديد المسؤول الأول عن دفع الناس للتفكير بالقوى الخارجية لتغيير النظام السياسي في بلدها، إنه ببساطة الاستبداد. وإذ نرفض أي تدخل خارجي مباشر(تدخل مسلح) لتغيير النظام السياسي في البلد، وسوف نقاومه في حال حصوله، فإننا نقدر عالياً، و نتفهم تغير المناخ الدولي، في اتجاه الحد من توليد الطلب على الأنظمة الاستبدادية، والدكتاتورية، وسوف نعمل على الاستفادة منه. 11- إن تحرير الجولان المحتل هو قضية وطنية بامتياز، سوف نعمل على بلورة موقف وطني جامع منها، يؤسس لتأمين مستلزمات التحرير المختلفة. غير أنه في ضوء الظروف الراهنة، والتغيرات التي طرأت على الصعيد العالمي، وفي ضوء موازين القوى القائمة في المنطقة، قد يكون من المفيد تقديم خيار التفاوض لاسترجاعه إلى الوطن الأم سورية، على غيره من الخيارات الأخرى المحتملة. و- في المجال الأمني. 1- إعادة النظر في بنية القوات المسلحة وتنظيمها ووظيفتها، وفق مبادئ الفعالية العسكرية. 2- إنشاء مجلس أعلى للقوات المسلحة، تناط به جميع المسائل التي لها علاقة بالحياة العسكرية، مثل قضايا التخطيط العسكري، والتأهيل والتدريب، والتأمين المادي والفني..الخ. 3- إنشاء أكاديمية للعلوم العسكرية المختلفة، تتبع لها جميع المراكز البحثية العسكرية التقنية والاستراتيجية. 4 - إعادة النظر في قواعد الانتساب إلى صفوف القوات المسلحة، بحيث لا يقبل في جميع كليات الضباط إلا من حصل على معدلات نجاح عالية. 5-إعادة النظر في تأدية خدمة العلم، بحيث يتم السوق بعد نيل الشهادة الثانوية، وإجراء مفاضلة القبول في الجامعات والمعاهد الدراسية. بهذه الطريقة وبشيء من التخطيط يمكن الحصول على جيش احتياطي كامل في الجامعات والمعاهد المدنية. 6- تأمين جميع الشروط المادية والمعنوية لحياة تليق بالعسكرية السورية. 7- منع العمل الحزبي في صفوف القوات المسلحة، وتغيير قسمها بحيث يكون للوطن والدستور. 8- في ضوء استقرار المنطقة، وحل أزماتها المختلفة، وتطور علاقات التعاون الإقليمية، يمكن الانتقال من نظام الخدمة العسكرية الإلزامية إلى نظام الاحتراف العسكري، مع مراعاة حاجات الوطن الأمنية. 9- العمل على احتراف الأجهزة الأمنية، وتخصصها، وضبط وظيفتها، في ضوء الدستور والاحتياجات الأمنية للوطن، ومنع تدخلها في الشؤون السياسية. 10- إنشاء مجلس أعلى للأمن القومي، يجمع بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، والوزارات السيادية في الحكومة، إلى جانب قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، تناط به جميع المسائل الاستراتيجية التي لها علاقة بأمن الوطن. 11- في عالم اليوم تعتبر الدبلوماسية عنصرا هاما جدا من عناصر الأمن القومي، لذلك لا بد من إجراء إصلاح شامل في المؤسسة الدبلوماسية السورية، وتأمينها ماديا ورفدها بقوى عاملة مدربة ومؤهلة. ولخدمة هذا الغرض من الأهمية من إنشاء معهد خاص لإعداد الدبلوماسيين. 3- الوضع العربي والمهام المطلوبة إن السؤال عن العرب، وفيما إذا كانوا يشكلون أمة، وبالتالي هل لهم الحق في الوحدة في دولة قومية..الخ، لا يزال على ما يبدو سؤالا راهناً. بل أصبح السؤال ذاته موضع شك من جراء فشل المشاريع القومية بصيغتيها البعثية والناصرية، والميل نحو التخارج والاندماج في تكوينات إقليمية أو عالمية بديلة. مع ذلك ورغم كل الضغوطات الداخلية والخارجية التي تعرض لها العرب، بما فيها وضعهم تحت مناخات استعمارية مختلفة، وزرع الفرقة والصراع بينهم، أو محاولة دمجهم في تكوينات إقليمية جديدة مثل مشروع الشرق الأوسط، أو الشراكة المتوسطية..الخ، فإنهم لم ينقطعوا عن التواصل و التفاعل الثقافي والسياسي والتوجه نحو صياغة مستقبل مشترك. ومن خلال قناعتنا بوحدة المستقبل والمصير العربي، فإن رؤى الحزب ومواقفه في المجال العربي سوف تسترشد بما يلي: 1- إن القول بانتهاء عصر القوميات في الظروف الراهنة، والاستدلال على ذلك من خلال فشل الحركة القومية العربية بصيغتها الناصرية و البعثية، وبالتالي الاستنتاج بأن الفكر القومي العربي لم يعد له من أفق، هو قول متسرع وغير دقيق. الدولة القومية سوف تظل لأمد بعيد الوحدة البنائية للمجتمع الإنساني، وأساس الحضارة الحديثة، بل ضرورة من ضروراتها. 2- إن الوحدة العربية هي مطلب راهن واستراتيجي في الوقت ذاته، ليس باعتبارها حق من حقوق الأمة فحسب، بل وقبل ذلك وبعده لأنها المجال الحيوي لحل معضلة تقدم وازدهار الوطن العربي بصورة عامة، وتقدم وازدهار كل قطر عربي. 3- إن الدولة القطرية هي حقيقة سياسية وتاريخية، ولذلك فإن الوحدة المنشودة سوف تأخذ، في الأغلب الأعم، صيغة الدولة الاتحادية. 4- إن بناء الدولة القطرية النموذجية في حياتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية..، متقدمة ومزدهرة، سوف تكون قومية الاتجاه بالضرورة، وسوف تشكل أكبر محفز للوحدة العربية. 5- إن الطريق إلى الوحدة متعدد وطويل، قد يبدأ بمشروع اقتصادي استراتيجي، أو قد يأخذ صيغة سوق اقتصادية حرة، أو سوق مشتركة، أو تنسيق السياسات الاقتصادية، وإنشاء تكتل اقتصادي إقليمي..الخ. وقد يحصل ذالك بين دولتين عربيتين أو أكثر، وقد تسرع عليه دول وتتأخر أخرى، لكن في النهاية لا بديل عن الوحدة السياسية سوى الموت الحضاري. 6- وفي مجمل الأحوال لا يمكن أن تنجح الوحدة إلا إذا شيدت على الأساس الاقتصادي، أي إلا إذا اقتنع الجميع بأن لهم مصلحة فيها. وهذا يعني من الناحية العملية أن تأخذ شكل نظام في المصالح، يأخذ بعين الاعتبار المصالح القطرية لكل دولة، وليس القفز فوقها، أو تجاهلها. 7- وعلى عكس الخطاب الوحدوي السابق الذي تميز بالفوقية والاستبدادية، فإن الشرط الضروري لتحقيق الوحدة هو تحقيق الحرية والديمقراطية في كل قطر عربي، فالوحدة لا يمكن أن تكون إلا وحدة ديمقراطية، مشبعة بمناخات الحرية، والمسؤولية، والتعددية، والقانون. 8-في إطار الوطن العربي ثمة أربع أقاليم متميزة، هي إقليم المغرب العربي، والإقليم الأوسط، وإقليم الجزيرة العربية، وإقليم المشرق العربي، يمكن أن تشكل إطاراً لتفاعلات وحدوية اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية..الخ، على الطريق العام باتجاه الوحدة العربية الشاملة، يجب دعمها وتأييدها. 9- وعلى الطريق الطويل إلى الوحدة، يجب العمل في سبيل دعم وتنشيط أية صيغة وحدوية، تقرب العرب من بعضهم، و تؤطر عملهم المشترك. في هذا المجال من الأهمية بمكان دعم الجامعة العربية، وجميع الهيئات المتخصصة التابعة لها، وكذلك دعم جميع المنظمات والاتحادات النقابية، والمهنية العربية، وهيئات المجتمع المدني الاجتماعية، والثقافية، والحقوقية..الخ. 10-إن المشروع النهضوي العربي، الذي هو من حيث الأساس مشروع وحدوي، لا يمكن أن يكون إلا مشروعاً وطنياً، وقومياً، وإنسانياُ، في الوقت ذاته، وحتى يكون كذلك لا بد أن يكون ديمقراطياً، يراعي حقوق الإنسان، وفي طليعتها حقوقه السياسية، والاجتماعية، ويحترم حقوق الأقليات القومية، والدينية. 11- من الناحية التاريخية، وكما بينت تجربة القرن الماضي، إن بين المشروع النهضوي العربي، والمشروع الصهيوني في المنطقة نوع من التضاد، وبالتالي فإن تقدم أحدهما كان يعني تراجع الآخر. وفي المستقبل سوف يستمر هذا التضاد حتى ينتصر الحق العربي الفلسطيني التاريخي في فلسطين، ويعاد دمج إسرائيل في المنطقة، بحيث تفقد طابعها الصهيوني، وتصبح جزءاً عضوياً من تكوينها. 12- في كل ما يخص العلاقات العربية العربية، فإن لغة الحوار، والتضامن، والتعاون، هي اللغة الوحيدة المقبولة، وبالتالي يجب رفض أي خيار عنفي لحل المشكلات العربية - العربية العالقة، أو تلك التي يمكن أن تنشأ مستقبلاً، وتبقى الأطر العربية هي الأطر المفضلة لحلها. 13-وفيما يخص العلاقات بين الدول العربية، والدول المجاورة، وغيرها من الدول، يجب تغليب لغة الحوار والتعاون، والابتعاد عن الأساليب العنفية، وتحكيم القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، في حل المشكلات العالقة، أو التي يمكن أن تنشأ مستقبلاً. ومع أن العالم لا يزال مشبعاً بالعنف، فإن اللجوء إلى الخيارات العنفية يبقى الحل الأخير، ويأتي كرد فعل، وليس مبتدئا بالفعل. 14-قلما تفاعل الشعب في سورية مع قضية بهذه الكثافة، بعد القضية الفلسطينية، مثل تفاعله مع الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله، وهذا وضع مفهوم ومبرر، نظراً لما يمثله العراق بالنسبة إلى سورية والسوريين من بعد قومي واستراتيجي. في هذا المجال نرى أن خروج القوات الأجنبية من العراق، وقيام عراق ديمقراطي، مزدهر، تتعايش فيه جميع مكوناته القومية والدينية بحرية، وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات، مكسب لسورية، وللوطن العربي. 15-إن القضية الفلسطينية أصبحت قضية إنسانية، وعالمية بامتياز، بقدر ما هي قضية فلسطينية، وعربية، وإن حل هذه القضية يكون بقيام الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية. وإذ نقدر عالياً دور المقاومة الفلسطينية ضد القوات الإسرائيلية المحتلة، والمستوطنين في القدس، والضفة الغربية، وقطاع غزة، فإننا ندعو إلى تجنب المدنيين، وخصوصا، الأطفال. وإذ ندرك مسؤولية إسرائيل عما يجري في فلسطين من عنف، بتجاهلها لحقوق الفلسطينيين المشروعة، فإننا ندعو الفلسطينيين إلى إعادة الاعتبار للخيارات السياسية والتمسك بها، والمناورة بالمقاومة بما يخدم هذه الخيارات، لأن الحل في الظروف الراهنة هو حل سياسي وليس عسكريا. 4-الوضع الدولي ومهامنا الإنسانية إن سؤال العولمة هو سؤال العصر الراهن، العصر الذي يشهد التحولات الكبرى في الحياة المادية والفكرية للناس، إنه عصر يزداد فيه العالم ترابطاً بصورة لم يعرفها من قبل، ويحصل ذلك بوتائر سريعة غير مألوفة، إنه عصر الثورة العلمية والتكنولوجية، عصر عولمة الرأسمالية. من حيث المبدأ يمكن القول أن العولمة تمثل زمنا تطوريا رأسماليا، تجري خلاله مجموعة من العمليات المترابطة التي تشغل مساحة الكوكب بكامله، فتوحده على أسس تفارقية في المجال الاقتصادي والاجتماعي، متخطية الحدود القومية، ومتجاوزة الدولة الوطنية، محركها الدافع هو الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرة. لقد أصبح رأس المال في عصر العولمة عالمياً سواء من حيث انغلاق دوائر رواجه، أو من حيث ملكيته، أو أماكن توطنه، وهو بذلك يتخطى جميع العوائق أمام حرية حركته وانتقاله. وفي هذا السياق أخذ مفهوم الدولة الوطنية والعديد من المفاهيم الأخرى المرتبطة بها، التي كانت سائدة في مرحلة الرأسمالية التقليدية، تتغير بصورة جوهرية في مرحلة الرأسمالية العالمية، خصوصا لجهة تقليص الوظائف السيادية للدولة على إقليمها وشعبها. إن عمليات العولمة المتسارعة آخذة في دمج العالم على قاعدة تفارقية، تحكمه القطبية الحادة، ففي جهة من العالم تتراكم ثروات كبيرة وتتحسن باطراد مؤشرات الحياة ، وفي الجهة الأخرى ينمو التخلف والفقر. كل شيء في عالم اليوم يتحول إلى ضده. فبدلا من استخدام قدرات الإنسان الإنتاجية المتنامية في إشباع حاجاته، تستخدم لإفقاره مادياً وروحياً، وبدلا من أن يتسامى الإنسان أخلاقيا وروحياً بفضل إمكانياته الثقافية والمعرفية، نراه ينحط إلى أبشع حالات الدناءة والتكبر والاستهتار بمصيره. عالم اليوم يعبر عن ذاته في مجال تخريب البيئة، وفي مجال تكديس وتطوير الأسلحة النووية، وفي مجال تراكم الديون العالمية ونمو ما يسمى بالرأسمال الوهمي، وفي المجاعات المتكررة والحروب الأهلية، والإرهاب المتعدد الأشكال والمصادر..الخ، حتى كدنا نألفها كأشياء طبيعية في حياتنا. لقد خلقت عمليات التكامل والاندماج الجارية عالميا مجموعة من الاشتراطات بين البنى المختلفة المكونة للنظام الرأسمالي العالمي، ترتب عليها أثار عميقة ليس فقط في مجال الاقتصاد، بل في مجال السياسة والثقافة، والفكر والأيدولوجيا..الخ. من الصعوبة في الوقت الراهن الفصل بين العوامل الخارجية والعوامل الداخلية للتطور الوطني، وان مقولة أولوية العوامل الداخلية على العوامل الخارجية بدأت تفقد أهميتها. بتكثيف نقول أن جوهر الصراع الاجتماعي في هذه الوضعية، سواء من ناحية مهامه الملموسة أو ذات الطابع المستقبلي(المشروع الأيديولوجي)، أو أدواته وأساليبه، لا يمكنه الاعتماد على العوامل الداخلية فقط، بل لا بد له أن يأخذ بعين الاعتبار وبنفس القدر من الأهمية، استطالة العوامل الخارجية في الداخل الوطني. في ضوء التحليل السابق يمكن التوصل إلى مجموعة من الاستنتاجات تشكل بدورها مهاماً سياسية على الصعيد الإنساني: 1- العولمة ظاهرة موضوعية، مرحلة جديدة في تطور الرأسمالية، وبالتالي ليس من الصائب سياسياً النضال ضدها، بل العمل على فهمها والمشاركة فيها، ودفعها إلى حدها النهائي على قاعدة التكيف المتبادل. 2- وبما أن العولمة ظاهرة موضوعية، فهي ككل ظاهرة اجتماعية موضوعية لها أسبابها في الحراك الاجتماعي العام، ولها نتائجها. فإذا نظرنا إليها من زاوية الأسباب تبدو أنها منطقية وأقل إشكالا، أما إذا نظرنا إليها من زاوية النتائج، وانعكاسها على مصير الناس فإنها سوف تبدو متناقضة إلى حد بعيد. بمعنى آخر، العولمة، في الوقت الذي تعولم فيه العديد من النتائج الإيجابية التي يمكن أن تكون في خدمة البشرية جمعاء، مثل تطور العلوم والتكنولوجيا وتطبيقاتها في مجال إنتاج الغذاء والدواء..الخ، فإنها تعولم العديد من النتائج السلبية مثل تنشيط الجريمة، والمخدرات، وتخريب البيئة، واستنزاف الموارد، وتهديم الثقافات الوطنية..الخ. 3- لقد تعرضت البيئة إلى تخريب شديد، واستنزفت مواردها، من جراء التنافس الرأسمالي اللامسؤول، وهذا ما يهدد وجود الجنس البشري بحد ذاته، لذلك فإن مهمة صيانة البيئة ومواردها، هي مهمة إنسانية من الدرجة الأولى، يجب العمل على كل الصعد، وبمخلف الوسائل المشروعة، على صيانتها وحمايتها من التعديات. وتتحمل الدول المتقدمة مسؤولية أخلاقية كبيرة في هذا المجال. 4-ولقد طال التخريب أيضاً البيئة الاجتماعية الدولية، فانتشرت الجريمة المنظمة والمخدرات والأوبئة، وأخذت تكتسب طابعاً عالمياً أكثر فأكثر، لذلك فإن إيجاد الحلول لها لا يكون إلا عالميا. 5-إن منطق العولمة الجارية، وخصوصا في ظل القطبية الأحادية، يزيد من مناخات العنف، ولذلك تصبح مهمة الدفاع عن السلم العالمي مهمة إنسانية بامتياز، تستقطب جهود جميع القوى المحبة للسلام. 6-وفي هذا الإطار يجب أن تتقدم مهمة نزع السلاح في جدول أعمال جميع الدول و الشعوب، وخصوصا سلاح الدمار الشامل. 7- ومن أجل المساعدة في إنجاز المهمة السابقة، لا بد من حل المشكلات الدولية العالقة، وإطفاء بؤر التوتر، في ضوء القانون الدولي، وعلى أساس مبدأ العدالة، والأمن للجميع. 8- ونظراً لآن من أخطر الأسباب المولدة للعنف، والمهددة للسلم العالمي، يكمن في التطور اللامتكافئ بين الشمال والجنوب، لذلك لا بد من العمل بصورة جماعية لردم هذه الهوة الآخذة في الاتساع بين الدول الغنية والدول الفقيرة، بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، ويكون ذلك من خلال الانتقال بالتنمية من الإطار الوطني إلى الإطار الإقليمي و العالمي، وجعل تنمية البلدان المتخلفة مهمة إنسانية، ومسؤولية دولية وخصوصا للدول المتقدمة. 9- ولإنجاز المهمة السابقة الذكر من المهم جداً، خلق الأطر التنظيمية المناسبة، من قبيل تشجيع التكتلات الاقتصادية الإقليمية والجهوية، والاستفادة من المزايا النسبية المتاحة في كل بلد. إن المستقبل هو للتكتلات الاقتصادية الكبيرة. 10- ومما يجعل إنجاز المهام المذكورة أعلاه ممكنا، ضرورة الانتقال من نظام القطبية الأحادية إلى نظام تعدد الأقطاب. ولذلك يجب العمل بكل الوسائل الممكنة في إطار القانون الدولي، لخلق واقع دولي جديد متعدد وأكثر عدالة وديمقراطية، والانتقال به من منطق التنافس إلى منطق الحوار والتكامل. وفي هذا الإطار أيضاً، من الأهمية بمكان إنشاء، ودعم وتطوير المنظمات الإقليمية العامة والمتخصصة. 11- ومع أن تعدد الأقطاب هو خطوة في الاتجاه الصحيح، غير أنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن العمل الجماعي الدولي، لذلك فإن منظمة الأمم المتحدة، والوكالات التابعة لها، تبقى الإطار الأفضل لإدارة العالم، لذلك يجب العمل على دعمها وتطويرها، وجعلها أكثر ديمقراطية. 12 -وبالقياس إلى مشروعنا الاستراتيجي المناهض للتأخر، والاستبداد، تتحدد علاقتنا ومواقفنا تجاه القوى الخارجية، ومشاريعها، وسياساتها، ومصالحها..الخ. 13-في عالم اليوم، الشعوب الحرة هي وحدها التي تعرف مصالحها، وتعمل في سبيلها، غير هيابة من علاقات التبعية المتبادلة التي يمليها تحقيق هذه المصالح.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية تودع عاما صعبا وتستقبل عاما أصعباً
-
عبد الحليم خدام: الفضيحة غير المتوقعة للنظام السوري
-
سورية للجميع: هل الجميع فعلا لسورية؟
-
الاصلاح في سورية- ضروراته ومعيقاته
-
مساهمة في إعادة صياغة إعلان دمشق
-
الخطر الذي يواجه سورية قادم من أين؟
-
تقرير ميلتس: بوابة عبور خطرة جداً
-
سورية إلى أين؟
-
إعلان دمشق والمسؤولية الكبيرة
-
ما أفسدة دهر الاستبداد هل يصلحه عطاره الجديد؟!
-
في سبيل حوار رصين وهادئ
-
أدوات قديمة لا تصنع جديدا
-
نحو حزب بلا تاريخ- مرة اخرى
-
محددات السياسة الامريكية في الوطن العربي
-
وأخيرا عقد البعث مؤتمره
-
السوريون يكسرون القاعدة الذهبية لنظامهم
-
في سبيل مشروع وطني ديمقراطي لإنقاذ سورية
-
نحو حزب سياسي منفتح على المستقبل
-
مساهمة في نقد العقلية البعثية
-
الليبرالية وحذلقة المثقفين
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|