|
رسالةُ الإرهاب| نذبحكم في كل مكان!
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5405 - 2017 / 1 / 17 - 16:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
===================== أظنُّ الرسالةَ باتت واضحةً تصرخُ في وجوهنا جميعًا. عصابةُ الدمّ خصومُ الحياة يقولون لنا بصوت غليظ إنهم "عابرون للمكان وللزمان". لن نتعجّل إجراءات المباحث التي سوف تحسم، بإذن الله، ملابسات استشهاد آخر ضحايا الدم: الطبيب "بسّام صفوت ذكي" أخصائي الجراحة العامة بمستشفى ديروط المركزي، الذي عُثر عليه مذبوحًا في مسكنه قبل يومين، وشهد له زملاؤه بالمستشفى والإدارة الصحية بأسيوط بأنه كان حسن الخلق يتمتع بعلاقات طيبة مع الزملاء كافة، وأن لا أعداء له. لكن حوادثَ إرهابية ثلاثةً خلال أسابيعَ ثلاثة: بدءًا بتفجير سبع وعشرين سيدة وطفلة مسيحيات كنّ يصلين في كنيستهنّ البطرسية في وضح النهار، مرورًا بنحر مسيحيّ مسالم يجلس على باب متجره أمام المارّة في شارع حيوي بالأسكندرية في الحادية عشر مساء، وانتهاء بذبح طبيب مسيحيّ في مسكنه، لابد يقول لنا إن الإرهابيين يرسلون لنا رسالة فحواها: “في بيوت الله، وفي الطرقات الحاشدة، وفي بيوتكم الآمنة، جئناكم بالذبح، نهارًا وليلا وعلى رؤوس الأشهاد.” ولستُ أدري ماذا ينتظر العالم ليواجه "الإرهاب"؟! "الإرهاب الإرهاب" وليس "الإرهابيين"، ما أقصد. هل لابد أن يفنى العالمُ، حتى يبدأ أولو الأمر في مواجهة العدوّ الحقيقي الذي يدمّر الإنسانية، ويُقوّض الحضارات ويمحو المنجز البشري، مع فجر كل يوم جديد، بدأب لا ينفد وإصرار لا تفتر عزيمتُه؟! هل الأمرُ بكل ذلك الغموض فلا ينتبه صنّاعُ القرار في بلادي أن الإرهابَ يكمن في "الأدمغة" وليس في خزائن الرشاشات والأحزمة الناسفة والقنابل والمُديّ والنصال؟ بماذا يشعر أربابُ الفتن حين تصرخ سيدة: "هو الدين بتاعكو كده؟" في وجوه غوغاء يرشقون بيوت الله بالأحجار وشظايا الزجاج أو يحرقون منازلَ آمنة ويقتلون بشرًا مسالمين؛ بثقة تامة في الإفلات من العقاب، في مشهد مُهين لمصر ولتاريخها، لا يليق إلا بالعصور الهمجية الأولى قبل بناء الدولة وسيادة القانون؟! هل يشعر أربابُ الفتن من شيوخ الظلام بالرضا عن النفس حينما يُشار بإصبع الاتهام فور وقوع أية جريمة في أي بقعة بالعالم إلى صدرنا نحن المسلمين؟ هل يشعر حكامُ مصر المتعاقبون بالفخر حين كتب "بطرس غالي" في مذكراته: “سوء الحظ جعلني أنتمي للأقلية في وطن غير متسامح.”؟ في دولة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة التي أمضيتُ بها العام الماضي، أصبحت تلك المشاحناتُ العَقَدية والسخافاتُ المذهبية والمشاجراتُ العنصرية والملاسناتُ والبذاءاتُ الطائفية من بقايا "الفولكلور المنقرض" الذي يشاهده سكّانُ تلك الدولة على شاشات الفضائيات كوقائع راهنة تحدث في بلادنا، فيتعجبون ويضربون كفًّا بكفّ كأنهم يشاهدون قناة ديسكفري تعرض على Animal Planet غرائبَ وعجائب المخلوقات المنقرضة الآفلة. في تلك الدولة الجميلة: تعيش في وءام تام، (ولا تتعايش)، مئاتُ الجنسيات يحملون مئات العقائد والطوائف والمذاهب، وليس من حقك "مجرد" أن تتجاسر وتفكر أن تسأل شخصًا، وإن كان عاملا بسيطًا، عن دينه أو طائفته أو مذهبه، أو حتى إن كان يؤمن أن هناك إلهًا لهذا الكون أم لا. لماذا؟ وكيف كان هذا؟ لأن هناك رجلا مثقفًا مستنيرًا اسمه الشيخ زايد، أحب وطنه حبًّا جمًّا فقرر أن يخلق نموذجًا فريدًا لمجتمع حُرّ راقٍ متحضر يحترم "الإنسان" كقيمة عُليا يجب الاستثمار في طاقاتها اللانهائية من أجل الإنماء والترقّي وبناء المنظومة الحضارية السامية التي خلقنا اللهُ واستخلفنا على الأرض من أجلها. حصلت الإمارات العربية المتحدة على المرتبة الأولى عالميًّا في التعايش السلمي بين الجنسيات لاحتضانها أكثر من 200 جنسية على أرضها، وفقًا للتقرير السنوي للمنظمة العالمية للسلم والرعاية والإغاثة التابعة للأمم المتحدة. والحق أنني أفضل كلمة: "العيش" عن كلمة: "التعايش السلمي"، لما تحمل الكلمة الأخيرة من معنى التعايش القسري بين الخصوم، مثل التعايش مع المرض أو مع العدو. هي حالٌ من العيش المتناغم كما بين أعضاء أوركسترا سيمفوني محترف يدرك أن أقل نغمة نشاز من أي عازف، تُفسد مجمل اللحن، لهذا يعزفون بجمال وسمو، وعينهم على قائد الأوركسترا الذي يعشق النغمة النظيفة مثلما يعشق المستمع؛ فيأبى أن تدخل أذنيه نغمةٌ نابية تشذ عن اللحن الموزون الآسر. هذا المايسترو، الشيخ زايد ومن تبعه من حكّام، كانوا من الجسارة وقوة البأس بحيث أصمّوا آذانهم عن فقراء الروح خصوم الحياة أعداء الجمال من أرباب الفتن الذين يبخّون سمومهم الملغومة على شاشات الفضائيات وفوق هامات المنابر وفي المنشورات التحريضية التي هي المسبب الأول عن كل ما يجري على أرض مصر، وفي مجمل بقاع الأرض، من جرائم طائفية يومية وبلطجات مقززة على يد موتورين يُسلّمون عقولهم وآذانهم لتلك الماكينة الإرهابية الجهنمية: الفتاوى التحريضية. الشيخ زايد هِبة الإمارات، ربُّ هبْ لنا مثله.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صديقي معتز الدمرداش
-
شريهان … قطعة البهجة والعذوبة
-
صدقةٌ جبرية …. منحةٌ من الله!
-
الوسادةُ الإلهية …. كنزُك
-
بيكار … ريشةٌ ملونة طمسها الظلام
-
متى ينتهي كتابي عن الإمارات؟
-
لأن الله يرى ولأن مصر تستحق!
-
طائرةٌ للفاسدين والسد العالي الجديد
-
الأقباط … يركلون أمريكا
-
لأن الله يرى!
-
الشنطة بيني وبينك
-
المصري اليوم تحاور الشاعرة فاطمة ناعوت
-
على هامش البطرسية
-
أيها الجندي … أنت تجرحني!
-
الجميلةُ المغدورة، اليومَ عيدُها
-
من حشا الحزام الناسف بالشظايا؟
-
قُبلة يهوذا
-
لهذا لم أحادثك يا صبحي!
-
دموعُ الفارس | إلى محمد صبحي
-
شجرةٌ وأربعُ عيون
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|