|
- تاونات- التي في خاطري و-تاونات- التي في خاطرك –المحطة الخامسة عشر-
محمد البكوري
الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 09:52
المحور:
الادب والفن
تدور العجلات وتدور... تهرول... تطير بنا بسرعة البرق... العجلات الممسوحة للحافلة المهترئة، حيث الكوسانات من النوع الرديء، والتي تنبعث من أسفلها رائحة البصاق والتقيء، وحيث لا أجهزة تكييف في هذا الصيف القائظ ... حتى أبرد عن نفسي وأثلج صدري وأنور عقلي أعمد بشغف، إلى قراءة مقاطع من إبداع أدبي قدم لي كهدية من الدكتور محمد السرغيني تحت عنوان " وجدتك في هذا الأرخبيل " :" تتقاطع بنا الطرقات وتكتظ المسافات : طقوسية التجربة وازدواجية التداخل. عراه تعب كاسح من رتابة المسافة. تقاسم جسده مع ثيابه. أسلم وجهه للنافذة المطلة على الساحة الخضراء. ألقى أوزار الأرض على الأرض كأن دوران الصورة في المادة. الطقس مركز العناصر والأرض سيدة الجاذبية. إلا أن الغرائز في ثنائية الالتهاب والانطفاء يتعاقب عليها الليل والنهار.فكيف تلتقط أنفاسها ملتهبة ومنطفئة؟ ص 3 . تصول وتجول بكل أريحية ... بكل حرية ... كلمات هذه المقاطع المفعمة بالرقي الابداعي بخيالي وتعود به إلى ذكريات الزمن الجميل، حيث تتقد الذاكرة من جديد وينتعش الحنين مرة أخرى... أغمض عيناي قليلا، لعل ذاكرتي تشحن بصور تقشعر لها الروح قبل أن يرتجف منها جسدي النحيل... اليوم الأول لي في فضاء رحب، يسع حيوات المرحوم جدي الحاج وزوجاته وأولاده وبناته-أعمامي وعماتي- ...فضاء "الدويوار" ... عليك "أعمي بوشتى" المعلم أن تسرع الخطوات... أن تبذل أقصى ما أوتيت من قوة ...أن تضاعف المجهود... أن تحث "البناية والخدامة باش يطلقو يديم شويا لبناء العزيب" ... "يالاه نتغذاو بعدا، راه راخيها الله ...كوكوت معمرة باللوبيا وعشرة ديال خبزات ومقراج ديال أتاي ... وارا برع ... المهم نعمروا الكرش ومولاها ربي" ... يخاطبني بنبرة ممزوجة بالحسرة : "شوف أولدي! قرا على راسك... القراية هي لي ديمالك ...هي لتنفعك ... البالا والفاس مافيهم نفع ...ماتصور منهم ولو" ... كان ذاك، هو الدرس الأول الذي يلقنه لي "عمي بوشتى" في مدرسة الحياة، والتي أنا جد متأكد أنه خبرها كامل الخبرة ... "طياح سنانو في معرفتها"... وكان علي لزوما أنا "سنان حليب" الاذعان الطوعي لنصيحته "الثمينة" وأن"نهبط راسي ونسمع الهدرة" ... لعبة الأسنان هي ذاتها لعبة الأجيال، تظل دوما محددا لا مناص منه في فلسفة "الشيخ والمريد" ... عليك بالاستجابة الفورية لكل توجيهات الأكبر منك ، ولو كان هذا الأخير مافتئ يردد على مسامعك اللازمة : " ما كبر غير الله!" عليك بالانبطاح الارادي لرغبته في عدم نسيان "الأصل الطيب" و"المنبت الحسن "... عدم نكران جميل تاونات، البلدة التي يجري في عروقك تينها وزيتونها... عسلها وحنظلها... حلوها ومرها ... ألم تنجبك هاته البلدة الهادئة والقابعة في ركن سخي من هذا العالم الخفي بعد أن تحملت جاهدة عبء المخاض ؟ ! عليك ألا تغير جلدتك أوتكون كالثعبان يغير حراشفه ... عليك أن لا تتنصل من "التاوناتةTOUNATISATION" ... " التوناتة" هي تلك النسمة الرقيقة التي تنعش دنياك... تلك النغمة الرنانة التي تطرب لحظاتك ... تلك الهمسة العذبة التي تؤنس حياتك... تلك البسمة الحلوة التي تفرح أساريرك... " التاوناتة" هي ذلك العش الدافيء الذي يحتضن أحلامنا النقية نحن الطيور المهاجرة المشتتة في كل بقاع المعمور والمغردة هنا وهناك ... حينما نسمع تاونات نحس بذواتنا ترتج ... تهتز... ترقص فرحا ... تتمايل نشوانة في كل زاوية وكل ركن من العالم ... تتحرك مشاعرنا ذات اليمين وذات الشمال... "التاوناتة" هي استنشاق رحيق الذكريات"العسلية" من منحلة الأيام التي يتمنى المرء منا أن تعود لكن هيهات! ! ! " نجيبو المغرب أيام رمضان في قلعة بوفول ... نسرق لحظة عشق في شارع العشاق... توجاد البقول في عين الله... تنقية الفول من كاركالو ونقله بالبرويطة إلى مطحنة القلايع ... الطيران مع"غلينديزار" و"جيمي القوية" و"اكس اور" في مزبلة الغابة ... خوض غمار حروب "النبيلة والجباد" ..."سقي الماء وتعمراه في البوادا من شنبار... سرقة البعقاس من عرصة مفضل... لعب لعبة العريس والعروسة ببراعة وبراءة نادرتين... الزعما ديال دخول الغار لي كاين في المصلى بلا خوف ولا تردد... اصطياد المجذيخة في غابة العسريين وتشويطها والتلذذ بأكلها... نصيدو بالسدرة بوبغال والحجل ... دير مراسيم د دفين ديال أبجوي في دار دعايشة ... جمع قراعي خاوية ديال السكايرية وبيعها بعشرة دريال... بيع كرني سبيطار وما بارد وميكا صاك وسلوان وكلكول أوطايب وهاري ... شراء فرفرا أو لعب وكول وماسكة دريال وجبان كولوبان ... عومان في الصباب والميكي والقبطان وأسكار ...تحميمة فعالة تاركة في الحمام دلبراريك أو دحجدريان... جني بوخنو من جبل أسطار ...مغازلة لاص دوكوباص والصوطا والكابال مع القمارة... أكل العنب البلدي ديال بني زروال والبرقوق ديال بوعادل والكرموس ديال بوهودة وتاونات دلقشور والهندية دلعقبة توت... "التاوناتة" باختصار نرجسي شديد وبشوفينية غريبة،هي ذلك الشعور النبيل والاحساس الجميل الذي ينتاب كل "تاوناتي" قح أعلن أن دمائه تحتوي على كريات بيضاء وكريات حمراء وكريات "متاوناتة" ! هذه الأخيرة، هي فصيلة نادرة يحرص "الجبلي" الطائر الحر، بجود وسخاء، على التبرع بها لهذا العالم الذي يبدو أن رصيده من الدم "النقي"هو في نقصان فظيع! فهلمي أيتها الطيور المهاجرة لانقاذه قبل فوات الأوان! ! ! ... يتبع...
#محمد_البكوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفكار على درب الحكامة-1-
-
- تاونات- التي في خاطري و-تاونات- التي في خاطرك –المحطة الرا
...
-
- تاونات- التي في خاطري و-تاونات- التي في خاطرك –المحطة الثا
...
-
القامرة التي في خاطري والقاهرة التي في خاطرك - المحطة الثاني
...
-
المهاجر
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الحاد
...
-
-ثورة الواو- ما قبل الأخيرة وما بعد الآخرة.
-
-امي نفري- ! جنة الله فوق ارضه !
-
لقاء Surf club
-
العدالة الطرقية
-
بوح الطام طام (2)
-
بوح الطام طام (1)
-
عطسات البنغو ! أو - ديجيتالية عايشة مولات لبحر -
-
فجرية الفجور أوغروب التشظي !
-
مرتين.....
-
فيسكاليتية اللذة !
-
الهجرة السرية والامن الانساني المفقود
-
-المكتب المركزي للابحاث القضائية ومأسسة الحكامة الامنية بالم
...
-
سحر القلادة
-
زوائد ... زوائل
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|