ذياب مهدي محسن
الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 10:30
المحور:
الادب والفن
قديما كانوا يعتقلون الوقت في الحجر يمسكون بضفائر اللحظة قبل هروبها لينقشوا خلودها على الجدران او في منحوتة تحكي عنها الى آخر الزمان اليوم تفعل الصورة ذلك توقف الدهر اذا شاءت لتحبس ما نريده في أطار التبريد الزمني الحديث تسجل طفولتنا ،فرحنا،أحزاننا ..كل مواقفنا ولحظات اعمارنا لتكون بمثابة شهود يخبروننا اولا ويخبرون من يأتي بعدنا كيف كنا وكيف تغيرنا ملامحنا ..أعمارنا ..مسارخطونا على أرض هذا الكوكب...الغائبون...الباقون ...القادمون
الصورة حياة كذلك حياة نحن نكتبها بالمشهد بالنبض كم نعوداليها كلما تقدم بنا العمر كم نتآمل خلالها كيف كنا وكم نتألم كيف سنصير كم نتبلور خلالها وكم نشف أمامها كما اللبلور ...وحدها الثبات في الزمن المتحول...التحول في ثبات الغبار والامكنة وحدها الناجية الوحيدة من كوارث الشيخوخة
في الصورة نحن ننتصر على الزمن خارجها نحن مهزومين دائما ننكسر عند عتبة الحلم
مشكلة الصورة أنها لا تعتقل الحلم ...الحلم دائما يسبقها الى التلاشي خاصة اذا كانت أحلامنا تنبت على وسادة الخراب العظيم كما في عراقنا الآن..؟؟؟
دائما قفوا امام الكاميرا مبتسمات ومبتسمين وحده الله يعلم اذا كنا سنبتسم بعد ذلك وحده يدرك وعورة السنوات التي كلما أمعنا السير نحوها كلما تقوست ظهورنا وأنحنت أرادتنا وتهشمت أحلامنا على صخرة الواقع المر
للصورة ربيعها وخريفها الاصغر ولهاالشتاءات الكثيرة وصيف الاحتراق المضني حين ننام وتخرج الصور من أطاراتها تمارس حياتنا كما نحياها تماما تفتح الابواب ليلا تندلف الى الشوارع الخاوية من صخب الاقدام والعجلات..؟؟؟ تركض على الارصفة تتسلق الاشجار التي لا تغفو تتسلل الى الحدائق العامة تلتقي صور العشاق على مقاعد اللهفة ...صور الزعماء على الكراسي المقلوبة ...؟؟؟ صور الاطفال على العشب الندي الاخضر..ما في تلك الحياة الليلية أن الصور تقول ما نعجز عن قوله ونحن على خيول اليقظة أجمل ما فيها أنها ترمي انشوطتها على كل غيمة تحاول الابتعاد قبل ان تدفع ضريبة الخصب
أمس أعتقلوا صورتي وهي تركض حافية على شوارع الوطن في ليلته الجديدة...آه ياعراق ...أتهموها بالتحريض على الصراخ وانها تفشي أسرار النائمين وتدعو بقية الصور للانقلاب على اصحابها..؟؟؟ أمس يريدون ان يحاكموا مواقعنا في الانترنيت حيث نكتب في نوافذ الحرية ...كتابات والحوار المتمدن
أمس فقط اطلق أحد القناصين المحتلين قذيفته باتجاه صورتي وهي تحمل زهرة مع صور بابا نوؤيل مع صور اطفال يتجولون في شوارع دار السلام...؟؟؟
أمس مفخخات تفجرت على صورتي بغداد
لعلني تماديت ليلتها وانا أطلق زهرتي على عدسة الكاميرا التي لم تلتقط لغاية اليوم صورة حقيقية لهذا الشخير الذي يتصاعد ليلا نهارا من كافة أسرة وبيوت هذه الخلية (كياناتنا السياسية ومرجعياتنا)
التي لا تطرح العسل والتي أسميها موطني العراقي ..؟؟ من يدفع كفالتي..؟؟ أحتاج صورتي من جديد..؟ عراق جديد لاخرجا من أطار النوم الى بحيرة الوجع الصوفي مرددا سنمضي سنمضي...؟ والمهوال السومري من أمة العراق بهوسته
ها اخوتي ها
زنزانه أتذوب بشرطيه......زنزانه أتذوب بشرطيه......زنزانه أتذوب بشرطيه
#ذياب_مهدي_محسن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟