أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جعفر جوقي - لماذا مات الله؟!














المزيد.....


لماذا مات الله؟!


جعفر جوقي

الحوار المتمدن-العدد: 5401 - 2017 / 1 / 13 - 22:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا مات الله!

تعد فكرة وجود الله وما يتمحور حولها من المسائل الميتافيزيقية من اهم القضايا التي تتم مناقشتها في الفلسفة. وبما أن الفلسفة بدأت مع اول علامة استفهام وضعها البشر فأن السؤال عن وجود شيء ما خلف هذا العالم وجد مع السؤال الأول/البداية الأولى للعقل. على حد تعبير الفيلسوف الالماني كارل ماركس فأن الفكرة هي إنعكاس حركة المادة في الدماغ عكس ما قاله هيغل الذي اعتبر الفكرة المطلقة Idea هي صانع المادة. فكرة ماركس هي الأقرب إلى الواقع حتى وإن لم تكن الواقع ذاته لذا اعتقد ان الخطوة الأولى للعقل بدأت من السؤال وهذا السؤال من المفترض ان يكون "ما هذا/هذه" وثم "من اوجده/ها".
وبما أن السؤال هو اول العقل والفلسفة هي اول السؤال فأن الله كان اول افتراض, لذا الله بصيغه واسماءه وادواره المختلفة ما هو إلا صيرورة الافتراض الأول.

عبارة الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه "مات الله" هي من اكثر العبارات التي يتم تأويلها من فلسفته ويعتبرها القارئ النقطة الرئيسية والأهم من مجمل افكاره. ولأن عدم ترتيب الأفكار والقضايا بشكل دقيق يؤدي إلى عدم التمييز بين السبب والنتيجة/ بين ما هو جوهري وجانبي, وتكون النتيجة التي يتوصل إليها القارئ ليست غير صحيحة فحسب بل لا يمكن ربطها مع الموضع حتى.
فكرة موت الله ما هي إلا هامش او نقطة توضيحية للمسألة الأهم في فلسفة نيتشه.

كما قلت آنفا فكرة وجود الله من اكثر القضايا التي يركز عليها الفلاسفة, هذا التركيز الذي عبارة عن تأملات ذاتية اثر كثيرا على المجتمع البشري سلبا, مع ان كل الافكار الفلسفية كانت تتمحور حول الإنسان إلا انها اخطأت بحقه في الكثير من المسائل واهمها:
- كان يأتي الإنسان في المرتبة الثانية ككائن مسير يفعل ما يأمر به الله.
- عدم إعطاء اهمية كافية للحياة وبدلا من ذلك كان الفلاسفة يعتبرون الحياة امتحان للقبول في الجنة لا اكثر.
- لم يحتسب الإنسان كحيوان يمتاز بالعقل وخصائص فيزيولوجية وجسمية تجعل منه الحيوان الأرقى بل احتسب كمخلوق فضله الله عن سائر المخلوقات واختاره عبيدا لنفسه.
حتى اولائك الملحدون او غير المؤمنين بوجود الله من الفلاسفة كشوبنهاور مثلا لم ينظروا إلى الإنسان بشكل يليق به. على حد تعبير نيتشه شوبنهاور لم يتخطى الافكار المسيحية او الاخلاق المسيحية – اخلاق الضعفاء - ابدا.
كان نيتشه دائما يهاجم الفلاسفة لكونهم قصروا بحق الحقيقة ونقده اللاذع للفلاسفة يؤكد ما اقوله.

لمعرفة حقيقة "موت الله" نحتاج معرفة الدوافع والأسباب الكامنة خلف هذه الفكرة المثيرة. اعتقد ان الدافع الأكبر لنيتشه بقتل الله والآلهة كان حبه للبشر.

قراءة هذه الفقرة من "هكذا تكلم زرادشت" ستساعدنا في معرفة جوهر فلسفة نيتشه
(يلتقي نيتشه بناسك حين ينحدر من الجبل)
يقول الناسك لنيتشه: لقد كنت في عزلتك كما لو كنت في بحر, وكان البحر يحملك. ويحك, اتريد أن تخرج إلى اليابسة؟ ويحك, اتريد ان تجرجر جسدك بنفسك من جديد؟
أنني احب البشر, قال زرادشت
يقول الناسك: ولم انا امضي وحيدا في الغاب وفي الخلاء يا ترى؟ أليس بسبب ما كنت أكنه من حب المفرط للبشر؟ لكن الآن احب الله, اما البشر فلا احبهم. فالإنسان شيء فاضح النقص في نظري, وحب البشر سيكون فيه هلاكي.
اجاب زرادشت: مالي والكلام عن الحب إنني احمل هدية للبشر!
يقول الشيخ: لا تذهب إلى البشر وابق هنا في الغاب! بل من الأفضل ان تمضي إلى البهائم.
سأله زرادشت: ماذا تفعل في هذا الغاب؟
الشيخ: انظم الأناشيد وأغنيها, وعندما انظم الأناشيد واغنيها, اضحك وابكي وأدمدم, هكذا اسبح لربي
(بعد ان يتركه نيتشه - زرادشت) يقول:
أيعقل هذا؟! هذا القديس العجوز لم يسمع هنا في غابه بعد أن الله قد مات!

هذا المونولوج بين زرادشت الذي هو نيتشه والناسك الذي يمثل اولائك الذين ينظرون إلى الإنسان بنظرة دونية هو اختصار رسالة نتيشه كلها/ كل فلسفته.
النقاط المهمة في المونولوج:
- الإنسان اولى بالحب والتعظيم من الله.
- التركيز على الأنسان لكونه واقع موجود وقابل للمعرفة بدلا من الله غير الموجود في الواقع الذي نستطيع رؤيته.
- اليابسة/الأرض التي تمثل الحياة هي التي تستحق العيش فيها ومعها لا المثل
كما نزل سقراط الفلسفة من السماء إلى الأرض, يخرج نيتشه الفلسفة من دائرة الله إلى دائرة الإنسان. لذا فموت الله ما هو سوى انتقال الفلسفة من خدمة افتراض الله إلى خدمة حقيقة الإنسان.
وقول نيتشه "الله افتراض" هو دعوة الرحيل من اللاوقع واللاموضوعي/الافتراضي للتأمل في الإنسان وحده.

يمكن الوصول إلى الحقيقة ذاتها من جانب آخر وموضوع آخر من فلسفة نيتشه.
الإنسان الأعلى او سوبرمان الذي يعتبره نيتشه الإنسان الخالص او الإنسان الإنسان الذي سيتخطى كل الميتافيزيقيا وأخلاق العبيد ويصل إلى الجانب الآخر من الضفة هو ليس نتيجة موت الله, بل سبب موته. لم يأتي الإنسان الأعلى لأن الله مضى بل لأن الأول جاء لم يبقى للأخير مكان.



#جعفر_جوقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. ركاب يقفون على جناح طائرة بعد اشتعال النيران بمحركها ...
- سوريا.. القلم الأخضر بيد أحمد الشرع عند توقيع الإعلان الدستو ...
- كالاس: وشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إلا ...
- الاتفاق بين دمشق والأكراد.. ماذا عن التفاصل والآثار المحتملة ...
- سوريا.. محافظ اللاذقية يعزي سيدة من الساحل في مقتل نجليها وح ...
- شيخ الموحدين الدروز الحناوي: لم نطلب الحماية من أحد ويجب إعط ...
- طهران: العقوبات الأمريكية الجديدة دليل على الخداع وخرق القا ...
- حريق ضخم في أحد مباني المعامل المركزية لوزارة الصحة المصرية ...
- محامو الطالب الفلسطيني محمود خليل يطالبون بالإفراج الفوري عن ...
- اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج داء الثعلبة


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جعفر جوقي - لماذا مات الله؟!