أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني محمد ناصر - صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 2















المزيد.....

صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 2


أماني محمد ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 11:00
المحور: الادب والفن
    


كم مضى من الوقت على فراقنا ؟ لست أدري !!
وإذا سألتني يوماً أيها القارئ: هل من نصيحة تزجيها لعاشق يرتاد الهوى؟
أجيبكَ:
ألاّ يهوى من النظرة الأولى ... وإن فعل فليترو كثيراً وليفكر قبل البوح لمحبوبه ... تلك النظرة التي أهدتني عمراً حينما التقيتك أول مرة ... وأهدتني رفاتاً حينما ودّعُتكَ آخر مرة...
رفاتي التي حملتُها وحدي ومضيتُ إليكِ أيتها البحيرة... أناجي نوارس روحي ...
أسائلها: إلى أين تمضين بي؟! إلى أين الرحيل !! ؟!..
أللبحيرة عائد أنتَ ... أم آتٍ من حلمِ المستحيل ؟!! …
أسمع همهمة الرياح ونمنمة النسيم على شطِّ البحيرة ...
هي ذي وشوشات الحصى تحدثني هامسة عن حلم المستحيل ...
رحماكَ ربي ... إلى أين هو ماضٍ نورس الروحِ ؟!!
خوف الأمس ما زال يتغلغل بأعماقي ... ويملأ بالدمع أحداقي ...

عدتُ في ذاكرتي وأنا أرشف آخر رشفة من فنجان القهوة إلى اللحظة الأولى التي أحببتك فيها ... وهي اللحظة الأولى التي رأيتك فيها ... وليت تلك اللحظة كانت قد ألغيت من سنوات عمري ...
تذكرتُ حينها الحوار الذي دار بيني وبين الأستاذ عبد المعطي صديق العائلة الذي تكفَّلَ بي بعد رحيل والدي ... إذ كان يحاول جاهداً إقناعي بالعدول عن رأيي فيما يخص التدريس في مدرسة المكفوفين ...
وليته لم يفعل ذلك ... لأنه من دون أن يدري ... خطّ بيديه جرح عمري!!!
وعدتُ أذكر حينما قلتُ له :
- أرجوكَ أيها الأستاذ عبد المعطي ... أرجوكَ اقبل اعتذاري ... فالعمل هنا متعبٌ ومضنٍ...
أُقدّرُ أنك تذكرّتني وحدي دون سواي في هذا العمل ولكنه لا يناسبني ...
ألا ترى معي أن هذا النوع من العمل سيسرق عمري ويشغلني عن عملي؟... ثم لا تنسى أنني عما قريب ربما أسافر للعمل في الخارج، فما فائدة أن أضيّع وقتي هنا ؟
قال الأستاذ عبد المعطي :
ـ لتجربي مرة واحدة؛ يوماً فقط أو يومين، فإذا ما تأقلمت استمري وإلاّ فلكِ حرية الاختيار !
ـ لا أستطيع ذلك يا أستاذ وأنت تدرك ذلك جيداً فما الرابط بين كتابة الشعر والتدريس؟؟! ثم إنه تدريس فريد من نوعه، وأنا لا أعرف شيئاً عن المكفوفين… ولا عنْ طرائق تدريسهم إلاّ الشيء اليسير ... وربما لن يعينني ذلك في شيء ... أستأذنك بالانصراف الآن ولنبقَ على اتصال ...
انصرفتُ عنه متوجهة لمنزلي فناداني ثانية :
ـ وفاء اسمعيني !!!
التفتُّ إليه ... فرأيتكَ !! يا مهجة الروح ... يا نبع الحنان ومنبتَ الحبِّ...
هناك في المكان الراسخ أبداً بذاكرتي ... في تلك الزاوية تسمّرت عينايَ على قامتك... أتعبني حضورُك المفاجئ المليء بالقوةِ والمفعم بالرجولة ... وغمرني ما يشبه سطوة الألم ...
سطوة الألم التي اعترتني حينما رأيتك …
سطوة الألم التي انتشرت بأعماقي حينما وقعت عيناي عليكَ لأول مرة...
سطوة الألم التي جرت بجسدي مجرى الروح فيه ...
كان الأستاذ عبد المعطي ما زال يحاول جاهداً إقناعي بالبقاء والعودة غداً كي أستمر في عملي ...
كنتُ أسمعه وأنصتُ إليكَ …وكنتُ أراه وصورتك ماثلة أمامي ... أسرق النظر إليها بين حين وآخر ... رحتُ في دوامة غريبة لم أعهدها من قبل وبدأتُ أتساءل : هل هذا إعجاب بك؟! هل هو حب لك، من أول نظرة ؟! لستُ قادرة على تحديد تلك المشاعر التي اعترتني في تلك اللحظة !!!
استيقظتُ من تساؤلاتي على صوت الأستاذ عبد المعطي قائلاً:
ـ ما بكِ يا وفاء ؟!! لماذا لا تجيبيني ؟
قلتُ له بصوت متهدج ...
ـ كما تريد يا أستاذ !!!
كاد يطير من الفرح وهو يعتقد أنه أقنعني أخيراً ...
لكنّه لم يدرك أنني لم أبقَ هنا لأجله هو ... وإنما لأجلكَ أنتَ ...
لم يعد يهمني العمر الذي يمضي ألماً طالما أنتَ فيه تداويه…
ألغيتُ لحظتها قرار السفر ... وقررتُ السفر إليكَ مهما كانت النتائج ...
شعرتُ حينها بتناقضات في داخلي ...
مشاعر غريبة تعتريني لأول مرة ... بعد زمن طويل ... طويل ...
أي نوع من الرجال أنتَ ؟!
كنتُ أعتقد أنه لا يوجد رجل في العالم أجمع يستطيع التسلل إلى قلبي ...
وكنتُ أعتقد بكبرياء الأنثى أنني لن أسلّم قلبي لأحد لا من أول نظرة ولا من ألف نظرة...
فأي كبرياء ذاك الذي حطّمته ؟!
يا لأحاسيسي التي استيقظت في اللحظة التي التقيتكَ فيها … ويا لروعة لقياكَ ...
أردتُ أن أعترف لنفسي بأشياء وأشياء ولكن ... خانتني اللغة، وتكشفت عجمة الكلمات ..
أردتُ أن أصرخَ بأعلى صوتي ببضعة كلمات ولكن ... ماذا أقول وأنا بعد لا أعرف من أنتَ ولا كيف أتيتَ ؟…
صرتُ أحدث نفسي: لعلّه سحر اللحظة الأولى التي تومض حالما تلتقي الأنثى برجل يشبه فتى أحلامها ... وسرعان ما تنطفئ ...
ربما هي الحاجة لملء الفراغ العاطفي الذي أعيش فيه..
هل شعوري تجاهك نزوة ؟!! …
لا … لا أعتقد ذلك … فكل ما بأحلامي يناديك … يناجيك …
يا روعة الأحلام !!!
كانت هواجس عدة تدور في مخيلتي وأنا في طريقي إلى المنزل ... وأسئلة كثيرة لا أجد لها أي جواب ...
* * *
أيقظني من هواجسي تلك وأنا على ضفاف البحيرة صوت من ورائي :
- صورة يا آنسة ؟
سألته :
- وحدي ؟!
أجاب :
- ولكن لا أحد معكِ !!! ... انظري إلى روعة البحيرة وصفاء السماء... ما رأيكِ بصورة في هذا المنظر الخلاّب؟
أعدتُ السؤال :
- وحدي ؟!
نظر إليَّ بجزع ثم ولّى عني ظاناً أنه يكلّم امرأة فقدتْ عقلها … ولكنه لم يفطن إلى ما رميتُ … فكيف لي أن آخذ صورة، أنتَ لستَ فيها ؟!

طلبتُ فنجاناً آخر من القهوة ...
جاءني فنجان القهوة محملاً بأنغام أغنية عبد الحليم حافظ " أي دمعة حزن لا" ...
لكأنّ البحيرة كانت تحدثني ... لكأن الشاهد الوحيد على عمق حبنا يخفف بعض آلامي ...
كنتُ أعشق تلك الأغنية :
" أي دمعة حزن لا ...
أي جرح في قلب لا ...
أي لحظة حيرة لا ...
حتى نار الغيرة لا ..."
أين أنتَ الآن ؟! وهل تذكرني كما تسيطر عليّ ذكراكَ؟!
"عايشين سنين أحلام ...
دايبين في أحلى كلام..
لا عرفنا لحظة ندم ...
ولا خوف من الأيام ..."
مع أني كنتُ أستشعر الخوف منذ بدء قصتي معك !!!
وها أنت يا عمري تتركني وحيدة لا حول لي أو قوة...
وبيني وبينك جبال شاهقة ... ومسافات واسعة ... وبحيرة سرمدية...!!!
أشتاق إليك ... فبُعدك أذبل رائعات الزهور ...
كنتَ الزمان الذي أعيش له ... وكنتُ المنسيةُ في ذاك الزمانِ ...
آهٍ منك ما أقساكَ وألف آهٍ من قلبٍ ليس ينساكَ!! ...



#أماني_محمد_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 1
- لغروب الشمس معنىً آخر
- خبّرني يا طيرْ 1
- نداءاتي2
- نداءاتي1
- سواد النفط والأقزام الأربعة
- فجل ونعنع
- معاملة أسرى الحرب وانتهاك الولايات المتحدة الأميركية وإسرائي ...
- ! مس... كول
- ملحق كليلة ودمنة
- فنجان قهوة... ولفافة تبغ... وهوى
- نظرات وذكريات مؤلمة
- أمريكا ماما والأربعون إرهابي
- ليلى والخنزير
- رايس في بلاد العجائب


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني محمد ناصر - صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 2