|
الانتهازية العلمية ورواية الدكتور ابراهيم لذو النون أيوب
ابراهيم خليل العلاف
الحوار المتمدن-العدد: 5400 - 2017 / 1 / 12 - 15:42
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الانتهازية العلمية ورواية الدكتور ابراهيم لذو النون أيوب ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل وذو النون أيوب ، قاص ، وروائي عراقي موصلي رائد .إنه من أوائل الذين كتبوا القصة والرواية الحديثة في العراق ، وهو مدرس رياضيات تخرج في دار المعلمين العالية (كلية التربية فيما بعد ) .كان كاتبا ماركسيا انضم الى الحزب الشيوعي العراقي وكان من أقطابه ، لكنه سرعان ما إنشق عنه وترك العراق وعاش في فيينا في النمسا وتزوج هناك إمرأة المانية كان يدعوها بأم هريرة .. له مذكرات مثيرة للجدل وهو نفسه مثير للجدل بسبب أفكاره ورؤاه التي عبر عنها ضمن فترات ومراحل تاريخية مختلفة .كُنتُ أراه في الموصل حيث هو من ابناء محلتي رأس الكور ، وكان شقيقه (أحمد ايوب ) شيوعيا اصدر في الموصل جريدة بإسم (الشبيبة ) وقد اضطر لترك الموصل بعد حركة الشواف في الموصل سنة 1959 . كان ذو النون من مؤسسي مجلة (المجلة ) التقدمية المتنورة التي صدرت في الموصل ثم انتقلت الى بغداد وقد كتبتُ عنها .. ولدي اعدادها في مكتبتي الشخصية وهي مجلة بشرت بمبادئ الحرية والتقدم . كانت مجلة يسارية . الذي يهمني اليوم ان اقف عند رواية ذو النون ايوب : (الدكتور ابراهيم ) وقد قرأتها وسمعت من والدي انه كان يقصد فيها الدكتور محمد فاضل الجمالي الذي عمل مديرا عاما للمعارف ووزيرا للمعارف ووزيرا للخارجية ثم رئيسا لوزراء العراق في العهد الملكي . وبعد ثورة 14 تموز 1958 حوكم امام المحكمة العسكرية العليا الخاصة (محمة المهداوي ) وحكم عليه بالاعدام وبعدها اطلق سراحه ورحل لى تونس وهناك حفظ له الحبيب بورقيبة رئيس جمهورية تونس صنيعه عندما كان صوتا عراقيا مؤيدا لاستقلال تونس في الامم المتحدة ، فعينه استاذا للتربية بالجامعة التونسية وبقي هناك حتى وفاته .وعندما كنت اكتب اطروحتي عن السياسة التعليمية في العراق 1914-1932 راسلته وسألته عن التأثير الاميركي في مسيرة التعليم العراقي واحتفظ برسائله وقد نشرت احداها في النت وفي جريدة فتى العراق (الموصلية ) . صدرت الطبعة الاولى من رواية (الدكتور ابراهيم ) سنة 1939. ويقول الاستاذ يوسف نمر ذياب في كتابه (قراءة في كتب لم تصدر حديثا ) الذي صدر ببغداد سنة 1981 ان ذا النون ايوب قد بدأ بروايته (الدكتور ابراهيم ) مرحلة جديدة في الرواية العراقية مرحاة اكثر نضجا في الشكل الفني حتى ان الناقد العربي الدكتور سهيل ادريس قال عنها في مجلته (الاداب ) انها تقف في طليعة النتاج القصصي في الادب العربي المعاصر من حيث انعكاس الاوضاع الاجتماعية في مرآة الادب .. وقد عد الدكتور سهيل ادريس ذو النون ايوب بداية المرحلة الثانية للقصة العراقية التي بدأت مرحلتها الاولى بما كتبه محمد احمد السيد . اصل الرواية اقصوصة بعنوان (نحو القمة ) اتهم فيها ذو النون ايوب بعد نشرها بأنه يعرض بموظف كبير في الادارة العراقية ذي نفوذ فعوقب الكاتب ونقل الى منطقة بعيدة في شمال العراق وكان مدرسا ثانويا اداريا بسبب ذلك فكان ذلك دافعا لان يعيد كتابة قصته القصيرة في شكل رواية . كانت حياة الدكتور ابراهيم ، حياة شاب عاش في وسط عائلي كل ما فيه مزيف من ناحية القيم .. كان أبوه رجلا استغل سذاجة الناس العوام ، وطيبتهم وبنى له مكانة على الدجل والكذب ، وسار الابن على سر أبيه ، واستطاع الحصول على بعثة حكومية علمية الى انكلترا .. ومن احدى الجامعات الانكليزية حصل على شهادة الدكتوراه وتزوج هناك امرأة من البلد الذي كان يدرس فيه . وعاد الى الوطن وكانت الانتهازية طريقه الى الارتقاء على سلم الوظائف الحكومية ، لكن سلوكه سرعان ما بان للاخرين فحبل الكذب قصير ، وجاء ذلك بعد ان اصطدم بحامل دكتوراه في العلوم امتنع الدكتور ابراهيم من توظيفه بدائرته ونال منه ما ناله من الضرب المبرح فلم يجد الدكتور - بعد ان افتضح أمره وفصل من وظيفته - الا ان يسافر مع زوجته الى امريكا . من الطريف ان نشير الى ان الروائي قال فيما بعد انه كان يوما يجلس في مقهى ببغداد جاءه رجل وقال له انه هو الدكتور ابراهيم المقصود في قصته (نحو القمة ) وقد تخيل الكاتب ان الرجل الذي تحدث معه هو الذي اوحى لهذا المتنفذ الكبير بأن ذا النون ايوب يقصده فكان ما كان من امر نقله الى شمال العراق . وفي شمال العراق استلم القاص والروائي رسائل من اعداء الدكتور ابراهيم وكارهي نفوذه ، وفي هذه الرسائل قدموا الكثير مما لم يكن يعرفه عن سيرة واخلاق وخصوصيات الدكتور ابراهيم بطل روايته ، والتي تمثل –كما قال الكاتب – نوعا خاصا سماه الانتهازية العلمية او العصرية . ومهما يكن من أمر فأن رواية (الدكتور ابراهيم ) كانت من نوع الروايات التي انتهج في كتاباتها الكاتب الاسلوب الواقعي وسواءقصد فيها الدكتور محمد فاضل الجمالي ام غيره الا انها تعكس حالة الطرق الانتهازية التي طالما يسلكها بعض المثقفين من اجل الوصول الى المواقع العليا في الدولة ضاربين عرض الحائط الكثير من قيم الصدق والنبالة والشرف والنزاهة وهذا مما يطعن في مصداقيتهم العلمية ورصانتهم الاكاديمية ودورهم الرسالي كأساتذة في الجامعة وكحاصلي اعلى الدرجات العلمية التي يفترض من حامليها ان يكونوا صادقين في تعاملهم مع قضايا شعبهم ووطنهم .
#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مضار التاريخ !
-
مجلة (دجلة ) ..مجلة عراقية ثقافية اسبوعية عامة
-
احمد فياض ألمفرجي والعمل الأرشيفي في العراق
-
لورنس العرب وأعمدة الحكمة السبعة
-
الدكتور علي كمال الطبيب وعالم النفس
-
هكذا كان يجب ان تكون جريدة الصباح
-
ميثاق العمل الوطني في العراق 1971
-
الموجة الصاخبة في الدراسات التاريخية العراقية الحديثة
-
الدكتور محمد أنيس وجماعة الاهالي في العراق
-
الاسرة المالكة في العراق 1921-1958 أحوالها ،ونظامها ، وعادات
...
-
مؤتمر شعوب الشرق في باكو 1920
-
أسماء مستعارة وكنى في الصحافة العراقية المعاصرة
-
الاستاذ الدكتور عبد الرزاق محي الدين 1910 -1983 : وقفة عند س
...
-
واقع الوثائق الرسمية العراقية عن الفترة من 1968 حتى 2003 ومص
...
-
الدكتور فاضل البراك ودراساته عن حكومة الدفاع الوطني ، والملا
...
-
المؤرخ الاستاذ الدكتور علاء موسى كاظم نورس
-
مجلة آفاق عربية (العراقية ) 1975-2003
-
الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف : رؤيته ودراساته للتاريخ العث
...
-
الدكتور سامي سعيد الاحمد من المؤرخين العراقيين البارزين
-
قضية مرض الملك طلال ملك الاردن وتنحيته 1952 في وثيقة عراقية
المزيد.....
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|