|
..رحماك ربي
فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 11:02
المحور:
الادب والفن
يلازمني الخدر،ولا ادرك تماما ما تمتطيه تلك الجيف..امرأة نتفت موضع الأبط،وأخرى قصت شعرها،وثالثة دهنت نهدها خلف زحمة الظلام وفركته بخيال قبلة على متن مجهول..فخلعوا رؤوسهن.. من عنق مأذنة يأتي صوت جهور ليستقر في ضلع الفجر وبنكهة لا يراودها ظل، يتعالى الصوت،يتداخل بأنين الريح وصفيرها،يطرق نافذتي كتوليفة من مفردات عائمة في تخوم الحدث:
..حي.. حي.. حيّ على الصلاة.. تلك الفاجرة حلقت ابطيها والفسق وحي.. الله اكبر ..قد قامت الأنثى برأس ٍ حليق..الله اكبر.. قد قام الجسد للموت، بفجور نهد..! ...
..رحماك ربي.. - الكوت- مدينة اخرى فسقت على ضفاف صالون حلاقة للعاهرات!..وفسقت بغداد قبلها بأدوات حلاقة للسيدات..فسق العراق، وأودع الكفر قواميسه بين خصلات شعر قد تشذبت لصبايا ومقصات شيطانية فوق لوح، رحماك ربي.. تلك المقصات تنتظر رأس امرأة لتلقنها الفجور بقصة داخلة توا من بلاد الشرك!.. تبا..لِم لا يسرع الضوء!.. لا اشك في سرعته، مهوول هو الداخل منه الى القحوف! ولم ار باقة ورد على باب الحسين، فالورد من رجس الشياطين، ولم ينجوا..لم ينجوا.. بقع دم في الجوار وضحايا تستغيث، كهل فقد ساقه، طفل جائع ممزق الأوصال يلهم البارود،وعلى الناصية وبظهر قبة مذهّبة، مرضعة بنصف وليد تولول على رصيف مفخخ كمثل مجنون او ثائر:
رحماك رحماك.. وتطهرت ارض الفداء!.. كربلاء كربلاء انشدي واشلاء الزائرين ياحسين.. يا رقع الدم مهلا يا ..عراق..يا.. بلاء يا حسيناه شريان أبني ما زال.. حي لا تقبروه
.. ولا اعرف تماما ما تمتطيه تلك الجيف!!.. فروسية اخرى من خُرق الهابطين بالرحمان،لا تحتمل وحشية الغاب كنعت!، مَن يتصيد الزائرين،بشيوخهم ونسائهم، بعيونهم الحائرة ونداء ارواحهم المبتلاة لنجدة الأرض وما يحملون إلا الدعاء كوسيلة ثكلى،لا ينأى بوجه آدم بعيدا عن الخبل،ولا بوجه الرب بعيدا عن كرة اللهب.. .. وما برح المكان ظني فتلك الأرض ادعية من فرح!، كم من البهجة يريد الرب في ارض الرافدين، كم من السقوط نجمع في الدياجير كي يأتي لنا بالقيامة،الم يرهم وقد مروا، شدّوا العلم بذيل بئر وفاجعة وباركوه بالخرس، ثم راحوا ينشدون:
..موطني موطني.. الثراءُ والفراءُ.. والبئر حي.. يارعاع يا.. وعاء نجاتكم مماتكم ونفطنا ذا همنا حي الموت حق!
رحماك ربي،فليهبط الدفء ليدثر النبلاء فقد اخشوشنوا بسموم البرد!.. كم عميقة تلك العزلة بين الضوء والأرض، بين الورقة والقلم، بين المأذنة وجوف السماء،وقرص الشمس اصغر مما كنت اظن، لم يكبر ولم يَعتِق ملل الإحتراق..ولم يكن بليدا ذلك الطفل المتضور عندما رسم قرص الرغيف طريا في قلب ورقة، وفي زاويتها المعقوفة رسم قوسا هزيلا بذيول متدلية كأذناب القرود ثم قفز صارخا باكيا:
انظر ابي ..قد رسمت فلقة الشمس فوق شجرة زيتون تنتظر الجرف!..
.. طعم الزيتون كان كبقايا من مخلفات الترف في ذاكرة الأب..تلمس ذقنه الأشعث، وامتد نظره مابين الأفق والأفق وحرك يده مابين الساق و.. ولم يجد الأخرى.. مابين العين و.. ولم يجد الأخرى.. مابين الملعقة والصحن ولم يجد لقمة،مابين السماوات السبع و.. ولم يجد العرش..مط عنقه من شق الجرح ملوحا لشيء ما في الفضاء واطلق العنان لحنجرته المبتلة بنشيج مكبوت:
ها نحن مهرولون كالأشباح.. في ازقة البارود ونحو متجر القرابين مرحى لنا كم مترفون تلك هي طوبى لها طوبى للمذنبات اوقفوها لم تزن ِ الأرض بعد كي يرجمها الرب!!!..
ثم لعق ما بين فكيه من وجع قديم،وجع جديد، لينادي:
اوقفوا الحرث بمعول الدم انصتوا لي اول قطرة لم تكن عهرا او بلاء انها حواء دبغت لنا الأرض فأينعت بالنسل بمخاض ٍ ومشيمة تداركوا لا تظلموا الأخوين..
ويلا زمني الملل، وقحط الربيع كالتعويذة يطن في رأسي، ولم اعرف بعد ما تمتطيه تلك الجيف..رحماك ربي.. فلينزل المطر..ماذا فعلوا بالفرح، واي كساءٍ البسوه فذعر!..وما انفك ذلك الصوت يأتي من صلب الزمن ليدخل النوافذ، فقد تركناها مواربة.. الشوارع والأرصفة والحانات والمعابد وجحور الأرض وقلاعها فقدت شهوة الولوج بحبيبات المطر، فتطهرت بفضيلة مومس قد اعتزلت لاحقا...صياح الديكة كالهرواة فوق السطوح ولم يتعفف بعد بأثم العصر..رحماك ربي.. فقد امتزجت صيحة بلهاء من ديك اعزل بذلك الصوت الجهور القادم من قبعة صحن فطقطق المطر بسيمفونيتة الخالدة على ظهر الأرض الطهور!:
طارقٌ من مطر مطرٌ دم مطر قتيلٌ حي حيّ على... الله اكبر...قد قامت الروح....، كبقايا من هزيمة عادلة تهمس في آذن مارد نام بعصمة نبي او عرش ق ِ عرشكَ يارعاع قوا خوفكم اخلو سبيل الكون أولم يكتشف مجنونكم وبدون حاسوب أنه أحدبٌ ماطر!!
لابأس إن لازمني الخجل،فلا ادرك تماما ما تمتطيه تلك الجيف، رحماك ربي..يقلقني الوقت فلم يحن وقت الآذان بعد،ربما ينتظر الحدث،بعض ضجيج وهلع، بعض موت لينطلق مخترقا حاجر الصمت،.. الصمت.. اشعر ببعض كسل ولا أظن السبب دبيب نملة وقد كانت في يوم خلى بشرى ونذير.. سأتوضأ على اي حال لأصلي، فزائرنا اليوم سيأتي عن قريب،بعنق مأذنة..قطرة دم.. وصعلوك آخر بصولجان...رحماك ربي..فليهطل المطر حيا في كل حي..الله اكبر..كل شيء حي.. ولا ادرك تماما ما........
#فاتن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حميّة مدرسية وصور...
-
صرخة..حول محاكمة قلم
-
همسات من طين..
-
محروقات وثرثرة
-
وخرج والدي من قبره!
-
مطبات وتواصل ...
-
اغيثوني ..مَن انتخب؟
-
المرور بجسد المرأة..هو الحل!..
-
مقتطفات من بلد الغلابة والثراء..مصر
-
الحروف غير المنقطة في .. السمراء والهُدهُد!
-
!!تفجيرات الأردن وحوار ابو عمير وأم عمير
-
..أبو نواس والتفجير
-
دمعة
-
الانسان..بين الغضب والإسترخاء...2
-
الانسان .. بين الغضب والإسترخاء
-
..ميليس وسجع الورق
-
المرأة في المعادلات الرياضية أيضا!
-
!كي لا نوجه الإهانة لذواتنا بنعومة
-
لست وحدي...
-
بين الوعي المحكوم ... والمرأة....
المزيد.....
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|