|
تعلموا الديمقراطية من هنود امريكا اللاتينية
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 08:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التعليب ، اي تعليب هو تصنيع يفقد المادة المعلبة قيما اساسية فيها وستنتهي صلاحيتها بانتهاء فعل المادة الحافظة لها ، وعندما نتأمل هذه المقاربة نجد ان المادة المعلبة هي مادة قد شوهت في اغلب صفاتها رغم احتفاضها بالخصائص الليفية والفيزيائية "بعض الطعم واللون والرائحة " للمادة الاصلية ، اما الطبيعي اي شئ طبيعي فهو كامل القيمة ، بل هو حقيقة يحمل كل صفات الشئ الذي يمثله ، انه ابن بئته ويمكن ان ينتقل الى اي بيئة اخرى شبيهة وفيها يعطي ذات النتائج ايضا، والتعليب هنا يشمل الاغذية والانظمة والافكار والممارسات وكل شئ قابل للوجهين المعلب والطبيعي . وقد تكون الحاجة الانسانية وراء مبررات تعليب الفواكه والخضر واللحوم على علاتها لكن الشعارات والدساتير والممارسات الاجتماعية عندما تعلب تكون قد فقدت صدقيتها بل تكون قد زيفت تماما وهي تشبه النبتة الشيطانية التي تتصير حسب اتجاهات محركها ، شيطان الجن والانس ، واذا كنا نقول على الادب المترجم انه فاقد الروح رغم الابداع الحقيقي المجسد فيه ورغم الجهد الفكري المزدوج لمطابقته لغويا ، فماذا نقول عن أملاء قسري بمحتوى غير انساني يتزين باشكال من البيان اللغوي المؤثر والكلايش التي تغري القلب قبل العين ، لايسع القول عنه سوى انه خداع وكلام حق يراد به باطل .
العدو الاول للديمقراطية في العالم :
من يستهين بقيمة الانسان ، ويستهتر بمصائر شعوب بأكملها، ومن يتفنن بصنع اسلحة الدمار الشامل لاجل مد مصالحه ، ومن يستغل ضعف الاخرين لاذلالهم بجشع بربري ، ومن هو على استعداد لقتل الملايين في سبيل علو شأنه وشأن سطوته هكذا نوع من الانظمة ليست فقط غير ديمقراطية وانما لا تصنف بشريا ايضا، وعليه ليس من حق امريكا التبجح بالديمقراطية وهي احد اسباب فشلها في انحاء المعمورة ، وكأنها الرسول الدجال الذي يعد بما لا يملك . النظام النيابي ليس بدعة امريكية ، فمنذ اخبار المدينة الفاضلة وجمهورية افلاطون في حضارة الاغريق القديمة واخبار مسلات القوانين السومرية والبابلية الاقدم ، كانت التجربة الانسانية تنزع نحو دولة القانون وتبحث عن الاسلوب الانسب لتمثيل سكان الدول ومواطنيها ، فكان التمثيل النيابي اختراع اغريقي مع سبق الاصرار والترصد وحتى في تسميته المتداولة حاليا " ديمقراطية " حكم الشعب اي حكم الاكثرية النيابية لهذا الشعب ، وكانت نواميس كل هذه المحاولات والممارسات هو البحث عن العدالة في الحكم وفي اتخاذ القرار الذي يعم الدولة والمجتمع ، وعندما تنحرف هذه الاشكال عن هذا الهدف اي العدل فانها تصبح قالب ميت لا يفي بالغرض الذي انشأ من اجله ويجري تعديله وتغييره لما يخدم قضية العدل في الحكم وبالتالي العدل في تنمية الانتاج لصالح العدل في التوزيع ، وهذه معضلة لازال البشر يناضلون لحلها بما يناسب مبدأ العدل المنشود . وما يدلل علىذلك الثورات العظيمة التي اغنت التجارب الانسانية بعظمة عطاءها النظري والتطبيقي في وقتها ، الثورة الجليلة في انكلترا والثورة الفرنسية والثورة الامريكية والثورة البلشفية في روسيا . ان سيادة القطب الاحتكاري الامريكي وانفراده في التحكم بمصائر شعوب العالم جعل منه العدو الاول لتطلعات هذه الشعوب نحو مجتمعات نامية باتجاه ديمقراطي عادل ، وما حدث في امريكا الاتينية من ادوار معيقة لشعوبها وتطلعاتها لهو خير دليل على ذلك ، فهذه انقلابات جمهوريات الموز وهذه العلاقات المشبوهة مع مافيات المخدرات في دول القارة ، وهذه السياسة الامريكية المتعالية التي تتعامل مع بلدان القارة الغنية على انها حديقة خلفية لها، واعتقد ان التاريخ القريب كان حافلا بالتدخلات السافرة في شؤون الارجنتين والبرازيل ، وشيلي التي شهدت واحدا من اكثر الانقلابات دموية باشراف السي اي ايه حيث اغتيل فيه سلفادور الليندي الرئيس المنتخب بشكل حر وحقيقي وذبحت الديمقراطية من اجل مصالح احتكارات النحاس الامريكية ، اما نيكاراغوا فالتأمر بات اكثر من علني على الحكومة الساندينية الشرعية بدعم امريكي كامل للمتمردين فيها ، التدخل السري والعلني يشبه الطاعون في قارة الثورة التي لن تموت القارة التي تتنفس ريح خوزيه مارتي وجيفارا وفيدل كاسترو قارة ولادة بحكمتها الهندية الحمراء بعذريتها وبريتها ونقاءها الذي لن يولوثه سماسرة العم سام وتجار البشروحروبهم الغبية ، لن تموت في ارواحهم كرامة الانسان . لنبحث عن الراية المفقودة : راية شافيز وراية ايفوموراليس وراية الباحثون عن العدل لشعوبهم والعدل في شعوبهم عن راية علي وعمر بن الخطاب وابوذر الغفاري عن راية الحسين الحقيقية وعن راية شعلان ابو الجون والشيخ ضاري ، انها كثيرة وكثيرة لنبحث عنها ولنتعلم منها ، لقد دنس القادمون من مؤخرة جحافل جيوش الاستغلال والتبعية القيم الحقيقية لكل راياتنا المقدسة انهم باعوا انفسهم للظلالة معتقدين ان خداع وتزييف ما يسموه ديمقراطية وعراق جديد سيمنع الناس من رؤية الحقيقة التي تقول لاقيمة لاقتراع هو مسير وليس مخير، لاقيمة لانتخاب دون تكافؤ الفرص لا قيمة لانتخاب ليس بأياد امينة ، الديمقراطية نراها جلية في فينزولا ، ونراها مدوية في بوليفيا نرى اشراف دولي محايد ، نرى قوى تمثل الكادحين وهم الاكثرية وقوى مرتبطة بمصالح الاغنياء والاحتكارات الاجنبية ، نرى الجيش محايدا ، نرى امريكا تتدخل لصالح جماعاتها ، نرى الشعب يختار الكرامة الوطنية ويرفض الاستعباد الامريكي ، نرى شافيز ينتصر بشعبه لانه في طريق الحق والعدل ، نرى رئيس شعبي منتخب بمرتب لا يزيد عن 1500 دولار ، نرى الوجاهة والاناقة فيهم فقط ، نراهم نزهاء والشعب شاهد ، نراهم رائعين لانهم يحملون هموم شعوبهم ، نراهم ابطالا فهم منتخبون صدقا وهم اهلا لهذا الانتخاب ، فهل يتعلم الامعات والتبع في مشهدنا السياسي المنصبون على شعبنا من هذه المشاهد درسا .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خارطة طريق الدولة الكردية
-
نهض نوبل منتصرا للمقهورين
-
ذكاء خليل وغباء الحكيم
-
بغداد اغنية تتقطر بها كل انغام البلاد
-
الاعور
-
الانتخابات العامة في العراق مذبحة سياسية بأمتياز
-
سورية والعشاء الامريكي الاخير
-
حركة التحرر الوطني العربية بين النهوض والسبات
-
سمات العصر الراهن والاهداف الجديدة لقوى التغيير العالمي
-
هل العراق بحاجة الى مواكب عزاء ام اعادة بناء
-
ثنائية الاعصار
-
هوامش في فنون الجدل والدجل
-
الانظمة العربية بين التطبيع مع شعوبها واسرائيل
-
ثلاثية -للمنتظر-
-
كاترينا وين طمبورة وين ؟
-
على الذهب الاسود تدور الدوائر
-
يسار ولكن
-
الحماسة في الاهزوجة
-
مثقفون وسياسيون للبيع
-
من يغذي الارهاب في العالم
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|