نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5397 - 2017 / 1 / 9 - 18:13
المحور:
الادب والفن
إنّه الإدمان. أرى نفسي أدمن على الأشياء مجرد أن أستعملها، وعلى الطّعام بمجرد أن يلامس شفتّي. حسب رأي " خبراء" الإدمان التي يعرضونها على المواقع الصّفراء فإنّ الإدمان جينات، وقد يكون كذلك، فلم أتحرّ عن الموضوع، وقد يكون مثل وصفة العسل على الرّيق من أجل القضاء على مرض السّكري، ولا بد من ذكر حادثة جرت في السّويد العام الفائت بهذه المناسبة ، حيث أنّ عائلة طفل مريض بمرض السّكري، لم يمنعه الطّبيب من الطّعام لأنّه يعالج بالأنسولين ، لكنّ العائلة جميعها بمن فيها الطّفل اتبعوا حميّة أخذوها عن إحدى المواقع، حيث قال الموقع: أنّها تطيح بالمرض خلال أسابيع، فدخل الطفل في غيبوبة خلال أيّام ، ونقل إلى المستشفى حيث تمّت معالجته، وبنفس الوقت تمّ تسليمه لعائلة حاضنة أخرى لأنّ عائلته كادت تتسبب بموته.
أراني مدمنة على أكل البصل، ولا أشبع إن لم أضع إلى جانب طعامي نصف بصلة يابسة، أو عدّة بصلات خضراء. كنت أفتقد بعض الطّعام المصّنع في بلدتي مثل " الشّنكليش" وطالما أنّه غير متوفّر في مكان إقامتي. أصنّعه بيدي، آكله في الصّباح مع الزيت ورأس بصل، وكأساً من الشّاي. أشعر بالشّبع والسّعادة ، وكما تعلمون فإنّ الشّبع يصنع السّعادة. أغلب الشعب السّوري ليس سعيداً لأنّه لا يشبع الطعام والماء والدّفء.
أمعن في جيناتي جيّداً. أسأل: هل هذا وراثة جينيّة، أم اجتماعيّة؟ أن لا تشبع باللحوم ، والخضار، والفواكه ، وتشبع بالبرغل، والشنكليش، والبصل هي ربما مشكلة أخلاقية تنمّ على عدم الاندماج، وبخاصة إذا دعيت من قبل أحد السّكان على شوربة سمك، وإلى جانبها أرغفة ساخنة ، تشتهي الأرغفة السّاخنة، ولولا الخجل لا تمدّ يدك لشورية السّمك. هم تعوّدوا عليها كما تعوّدت أنا على البصل.
الكثير منّا يعتزّ بآبائه، وأجداده، وأنا منهم. يقولون أن أجدادنا اخترعوا الأبجديّة. هذا صحيح، لكنّ زراعة البصل لا تقلّ أهميّة عن اختراع الأبجدية، وقد تفنّنت أمّي في أسلوب زراعته حتى أنّ رائحة أوراقه الخضراء أشّمها الآن، وأشعر أنّ في عطره شيء مميّز يوقظ ذاكرتي. كان هذا جزءاً من سيرتي الذّاتية" أنا، والبصل"
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟