الشقّيقتان الشقيقتان

مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)

الحوار المتمدن-العدد: 5394 - 2017 / 1 / 6 - 12:13
المحور: الادب والفن
    

(الشقّيقتان الشقيقتان)
مراد سليمان علو

كان على أحد سفوح جبل سنجار بين الصخور والأعشاب شقّيقتان جميلتان تتمايلان فرحا بقدوم عيد اربعاء رأس السنة.
وبعد أن اشرقت الشمس وأزالت الندى قالت أحداهما للثانية: "لسنا محظوظتين إلى هذا الحدّ، فبعد أن حبتنا الطبيعة بأجمل لون، وأرّق شكل في الأيام القادمة ستقطفنا الأيادي، وسنجد نفسينا ملتصقتين بالطين على باب احدى الأكواخ في قرية ما".
تنبهّت الشقّيقة الثانية إلى ما قالته اختها، فردّت عليها مبتسمة: "ما أهملك من شقّيقة لسنا ورودا لنقطف بل شقائقا نقتلع من الجذور مع بعضٍ من طيننا، ونكون علامة للعيد في القرى، مباركة تلك الأصابع التي تمّد إلينا، ومبارك عيد ذلك الدار الذي سنكون على بابه عنوانا، ستمرّ افواج الأطفال والرجال والصبايا والشباب والعجائز من تحتنا مسرورين نسمع ضحكاتهم ونسرّ بأحاديثهم وهم يعايدون بعضهم البعض في ذلك اليوم المجيد، لا تهتمي كثيرا يا أختاه فطوبى لتلك الشقّيقة التي تمتد اليها الأصابع بلطف فهو المراد المبتغى لكل واحدة منا وشرف رفيع لا تناله كلّ الشقائق".
فعادت الأولى للكلام وبتلاتها تتراقص مع نسيم الصباح: "يبدو إنك تحاولين عزاءي بهذا الكلام الناعم، ولكن مرادي أن أبقى هكذا طوال الربيع تغمرني الندى كلّ فجر، وتنشفّ بتلاتي وأوراقي اشعة الشمس الذهبية كلّ صباح، واستمتع بالنسيم العليل كلّ مساء، واسمع حكاياتك كلّ ليلة، وهكذا إلى أن يرحل الربيع، فنرحل معه ونترك بذورنا ها هنا، وفي الربيع القادم تنبت عائلة من الشقائق تسرّ الناظرين بدلا من اثنتين فقط تشعران بالوحدة على هذا السفح القصي من الجبل".
وفي تلك الأثناء كانت شقيقتها تدندن مع نفسها ولم تبالي بما قالته فقد غمرتها فرحة انتظار يوم عيد نيسان، ولكن شاءت الأقدار أن لا يكون عيدا في ذلك الربيع فقد هاجر أهالي تلك القرى عن بكرة ابيهم منذ الثالث من آب الماضي ومنذ ذلك الربيع وتلك الشقائق تتكائر ولكنها في كل نيسان تنتظر قدوم أهالي القرى قبل العيد.
*******

#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات