مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1425 - 2006 / 1 / 9 - 10:16
المحور:
الادب والفن
في الدقائق الأخيرة من العام المنصرم .. أطفأ العالم الأضواء والشموع .. ثمّ أضاءها .. ليستقبل العام الجديد .. بالنور والفرح والألعاب الناريّة الملوّنة .. إبتهاجا وتفاؤلا .. بالغد والمستقبل الاّتي .
إنتهى ليل .. وأتى نهار اّخر .. أمل .. حبّ .. سلام جديد
إنسان جديد .. بالمشاعر والرؤى .. بالأهداف والأفكار .. والأعمال والمشاريع ..
الأعياد هي .. الفرح .. التواصل وكل مايغذّي ويحفّز للمستقبل .. ويجدّد العلاقات الإنسانية بكلّ المعاني والقيم والتطوير نحو الأرقى والأفضل والأنبل .. والأنظف
الزمن يسير يركض .. العصور .. السنين .. الأيام .. , هل نبقى مكاننا كما نحن .. محنّطين .. مسمّرين ك( عمود الملح ) بتطلّعنا المستمرّ نحو الوراء .. ؟
فالسير نحو الأمام يجعلنا نخلع الكفن .. رمز القديم , الموت , القبر , الظلمة , العتمة .. والتفسّخ والعفن
ها هي تكنولوجيا الإتصالات توحّد العالم .. بالصوت والصورة , أفراحا وأحزانا .. أعيادا ومناسبات ومواسما .. أخبارا جمالا .. علما وتطوّرا ..
ولكن .. أين نحن من كلّ هذا الكمّ المتدفّق .. المتراكم لدينا , من المعرفة والعلم والتجارب والمعطيات الجديدة لخدمة الإنسان و تقدّمه ... ؟
لقد اّن الأوان .. دقّت الساعة ( ساعة الحقيقة ) .. في العائلة الكونيّة الواحدة –
لقد انكشف كلّ شئ .. لم يعد الكذب والتمثيل والأقنعة تفيد بتستّر الذنوب والعيوب والجرائم والأفعال والأقوال والمواقف .. والهروب من المواجهة والإعتراف في الأقفاص .. والمحاكم .... ؟؟
كم كان جميلا .. ورائعا لو أن الحكّام الطغاة , وقادة الدول الكبرى .. التي تقود وتغذّي الإرهاب والهيمنة والإحتلالات , وتساند إغتصاب أراضي الغير , وتهجير وتشتيت الشعوب المستقرّة الاّمنة – أن تغيّر من نهجها وأساليبها وطبيعتها وممارساتها .. ؟
لو كان العالم فعلا قريبا من إنسانيّته الحقيقية .. بعيدا عن وحشيّته وأنانيّته وجشعه وغروره .. وتنكّره وخيانته للأرض والشعب والواقع .. والتاريخ .. ؟ لحاسبت الأنظمة نفسها , واعترفت بأخطائها وجرائمها وسلوكها اللاوطني واللاأخلاقي واللاإنساني .. أمام شعوبها وأمام البشريّة جمعاء .
أما كان للحكّام المستبدّين , أن يستمعوا لاّمال .. واّلام شعوبهم المستعبدة , وأصوات الأحرار الذين قدّموا برامج الإنقاذ .. الواحد بعد الاّخر منذ أمد بعيد .. ؟
أما كان أفضل لهم من أن يقفوا أذلاّء أمام الأجنبي الذي يطاردهم .. حتى إلى قصورهم .. ليضعهم في قفص الإتهام .. ؟ !
ولكن " لا حياة لمن تنادي " .. وبهذا قدّموا خدمة مجّانية للعدوّ ومخطّطاته العدوانيّة , وخرابا لأوطانهم وشعوبهم .
إن الإستبداد .. وجنون وغرور السلطة , والتمسّك بمسيرة الماضي السوداء , أعمى بصيرة الحكّام ,حتى أفقدهم البصر والسمع –
لم يبق أمام شعبنا المضطهد ,وخاصّة قواه الفاعلة الحيّة الكادحة والمسحوقة صاحبة المصلحة الاولى بالتغيير سوى أخذ قضيّتها بأيديها بعيدة عن الأصنام .. والصور البالية .. والخطاب الملغوم والمستهلك
والنزول إلى الشارع لتكنيس الرؤوس الخاوية .. والفاسدة .
والتلاقي لتحقيق الإنتفاضة الشعبيّة المرجوّة النابعة من المعمل والكوخ والقرية والجامعة .. والمعتقل .. لا من مواعظ قصور طغاة اليوم .. والأمس .
التحديّات المصيريّة الخطيرة كبيرة ومتعدّدة للوطن والشعب .. وحقوقنا المشروعة مغيّبة ومغتصبة .. لنناضل جميعا بكلّ الوسائل والأساليب على قاعدة أخلاقية صلبة .. وشفّافة بعيدة عن عبادة الأشخاص أيّا كان مركزهم وموقعهم , دون إقصاء أو تهميش , لإي وطني غيّور على وطنه وشعبه لبناء دولة القانون , وحقوق الإنسان ومؤسّساتها الديمقراطية .. , لأن الوطني الحقيقي في النظام والمعارضة على حدّ سواء , لا يضطهد الوطني الاّخر - لانتشال شعبنا من مستنقع الخوف ومملكة الرعب والإستبداد .. ليرتقي إلى عالم الحبّ الإنساني .. والأمن .. وحق الحياة .. والتحرّر من كل قيود الماضي الظلامي الثقيل المتخلّف بالديكتاتوريات .. والإحتلالات الغريبة البغيضة – الأمريكية والصهيونيّة وغيرها .. التي لا تليق بهذا العصر .
لقد كان العام الماضي .. عاما حافلا بالشهداء والإغتيالات والقتل والجرائم والمجازر والخطف والذبح والمقابر الجماعية وووووو
مغلّفا بالحزن والسواد والبكاء والماّسي وكل أنواع الموت والدمار .. والكوارث البشريّة .. والطبيعية ..
لنفكّر .. ونعمل معا .. كيف يصبح عالمنا أحلى , وأبهى عيشا للإنسان .. والإنسانية
لنعمل على اجتثاث الظلم والسجون والإعتقالات والتهجير والإبعاد .. والخطف والتفجير والذبح والتعصّب والشوفينيّة وإقصاء الاّخر , من أوطاننا العزيزة الغالية .. الجميلة الخصبة الغنيّة .. بإنسانها .. وأرضها .. وطبيعتها -
لندفن الفساد والسرقة والإحتكار والغشّ وعالم الجريمة .. وعبادة المال .. والدولار
علينا أن نعالج أمورنا المستعصية .. بروح جديدة , وأساليب هادئة مدروسة بكلّ حكمة ورويّة , وبشكل جذري , ودون ترقيع أو تجميل للقديم المهترئ شكلا .. ومضمونا .. وزمنا
قضايانا القديمة متراكمة .. ومشاكلنا كثيرة .. وأحداث متسارعة جديدة .. وتحدّيات خطيرة وكبيرة أمامنا .. واختيارات صعبة , علينا أن ندرسها جيّدا , ونقيّمها , ونحلّلها بقلب مفتوح , وعقل واع , لأنها جديرة بتسليط الضؤ عليها , إنها قنابل تفجير .. أو منافذ طريق جديد
نصف عقد مضى .. من الألفيّة الثالثة .. دون نقش حرف واحد في سجل الساحة السياسيّة السوريّة
السلطة .. هي السلطة , والأسلوب هو الأسلوب , والخطاب والممارسة والفعل , أكثر طيشا وعبثيّة , وتمسّكا بالمخلّفات الديكتاتوريّة , أكثر تعسّفا وبطشا بالمجتمعات , والتجمّعات المدنيّة , والتحرّك السياسي الطبيعي الفعلي الحرّ
فإلى متى ينتظر الشعب السوري الخلاص .. والحريّة .. إلى ماشاء الله ... ؟؟
كفى العالم حروبا , وتفكّكا , واستلابا , واستباحا , واغتصابا , وتشريدا , وسلبا
كفى شعوب العالم تاّمرا وأسلحة وشركات ومفيات وقواعدا وأساطيلا - كفاها استعمارا واحتلالا وإذلالا ..
كفى شعوب العالم .. طغاة .. وحكاّما ( ألعوبة ) وصورة .. وممالكا جديدة وراثيّة , أمنيّة مخابراتية .. عائليّة .
كفى استهتارا للشعوب .. وتغييبا للأحزاب والرأي الاّخر .. ومصادرة القرار
كفانا شعارات للتصدير والإستهلاك .. وسفك الدماء .. مزّقت أوطاننا .. وأفقرت شعوبنا , وزرعت الضغينة والكره بين شعبنا ( الكويتي – و العراقي , اللبناني – والسوري وووووو) الخ
حبّذا .. لو تعترف هذه الطغم الحاكمة بأخطائها , وجرائمها , ومقابرها الجماعيّة , قبل أن ترحل .. أو ترحّل .. .. ؟ !
لنقيم الأعراس والزينة والأضواء .. في ساحاتنا .. وشوارعنا .. وبيوتنا
لترقص وتغنّي وتنشد الفتيات .. والشباب , وترجع السهرات , والحوارات , والإجتماعات , والمنتديات تملأ فضاءاتنا .. ومسارحنا
لنقيم المحاضرات والندوات والشعر والقصائد في كل سوق .. ومدينة .. وتتلاقي فيها كل الثقافات والأديان واللغات
واللهجات والقوميّات وكل تلاوين مجتمعاتنا الجميلة الرائعة .. لتغتني وتزهو وتثري خطابنا وفكرنا ومعرفتنا .. وحضارتنا .
ما الذي يمنعنا من تحقيق السعادة لأجيالنا .. والفرح لبيوتنا .. ؟
لنكسّر السواتر والجدران .. والأقنعة . لنخترق حجب الخوف والشكّ . لنشحذ إرادتنا وثقتنا وتصميمنا على عمل شئ مهمّ في حياتنا , له قيمة ومعنى , نسير في دروب الضؤ .. والنور نحو نجوم الصباح المضيئة بألف زهرة وزهرة .. وورود الأعياد .. أعياد الحبّ .. والتحرّر .. وأمنيات 2006
ليكن هذا العام عام الفرح .. والحريّة .. والتقدّم .. والعدالة الإجتماعية .. والسلام الحقيقي لكل الأوطان .. والشعوب المقيمة على سطح الأرض .
لايسعني أخيرا .. في هذه المناسبة والأيام المباركة .. إلاّ أن أقدّر وأشكر بكلّ محبة وأخوّة .. لكلّ القرّاء , والمنتديات , والمواقع , والمنظّمات والصحف وغيرهم , الذين قدّموا لنا التهنئة والمعايدة في عيدي الميلاد و العام الجديد –
وبدورنا نتقدّم .. بأحرّ التهاني .. وأطيب الأماني بعيد " الأضحى " المبارك .. لكل القرّاء الكرام والأصدقاء والصديقات في الخارج والداخل , وكاتبات وكتّاب الحوار المتمدّن , وإدارته الكريمة والعاملين فيه , ولشعبنا في سوريّة وفي الوطن العربي والعالم .
ما أجمل المواسم .. والأفراح .. .والأعياد المجتمعة .. إنها رمز التاّخي , والمحبّة , والجمال ,
أعيادكم أعيادنا , وأعيادنا أعيادكم , لافرق لدينا .. كلّنا أسرة إنسانيّة واحدة .. تؤمن بالمحبّة والعطاء والسلام والتعاون
وتنادي .. بالإخاء الإنساني الجميل ...
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟