أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاروق عطية - كوميديا نتاني الرطاط















المزيد.....

كوميديا نتاني الرطاط


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 5391 - 2017 / 1 / 3 - 01:16
المحور: كتابات ساخرة
    


أمام السياسات الاقتصادية الخاطئة وخطوات الحكومة المصرية المتسارعة برفع الدعم عن السلع وتعويم الجنيه، سياسات أدت لتدهور الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية حتي وصل سعر الدولار الأمريكي إلي 20 جنيها، ترحمت علي أيام زمان قبل حركة ضباط 23 يوليو، حيث كان الدولار = 20 قرشا، أي أن الجنيه المصري كان = 5 دولارات أمريكية، وسبحان مغير الأحوال. نتيجة لتلك السياسات الاقتصادية الغير رشيدة، ازدادت الطبقة الفقيرة فقرا وتآكلت الطبقة المتوسطة حتي وصلت لما قرب خط الفقر.
لذلك قررت أن أتواجد في أحد الأماكن الشعبية لأتعايش مع الفقراء علي الطبيعة، لمعرفة مدي ما يعانونه ومدي تحملهم للغلاء الطاحن، وهل يستطيعون مواصلة الحياة بصبر حتي ينصلح الحال وتتعافي مصر من وعكتها وتعود أقوي مما كانت اقتصاديا بإذن الله، كما طالبنا السيد الرئيس بالصبر لمدة ستة شهور ليس إلا بعدها تتعدل الأحوال.
توجهت لمنطقة شعبية يعيش فيها بسطاء عامة الشعب إسمها اسطبل عنتر، ودخلت لأحد مقاهي الحي، مقهي المعلم بعره، مقهي بلدي متواضع به عدد من الطاولات ترتص حولها المقاعد البسيطة يجلس عليها أولاد البلد، البعض يلعب الطاولة والبعض يلعب الدومينو، وآخرين يشاهدون التلفاز القديم ذو الشاشة الكاثود التي انتهي زمانها، يحتسون الشاي الأسود أو القهوة التركي أو مغلي الحلبة الحصي ويدخنون الجوزة. جلست علي أحدالمقاعد الشاغرة بجوار من يشاهدون التلفاز ويتسامرون. جاء النادل سريعا يسأل عما أريد احتساؤه، فطلبت شاي كشري، فصاح بصوت جهوري: واحد شاي كشري وصلحه السكر بره، بعد قليل أحضر لي الشاي وكوب من الماء. رحت أرتشف مشروبي بتلذذ وتابعت ما يعرض في التلفاز.
كان التلفاز يعرض بث لبرنامج "مباشر من العاصمة" على قناة "أون لاين" التي يملكها رجل الأعمال وعضو مجلش النواب سعيد حساسين، وتقديم نتاني الرطاط، وهي مقدمة برامج توك شو مثيرة للجدل، كانت تعمل بقناة "أون تي في"وطردت منها نتيجة العيب والتجاوز في حق شعب المغرب الشقيق وملك حكيم يحب مصر. قد انتقدت دور المغرب في القضية الفلسطينية، وقالت إن أهم دعائم اقتصاد المغرب من الدعارة، وأن المغرب لديها ترتيب متقدم بين الدول المصابة بمرض الإيدز. ظلت فترة مبتعدة عن الظهور ثم عادت للعمل بقناة القاهرة والناس التي يملكها رجل الأعمال طارق نور، وسرعان ما طردت منها. وبعد أيام من قرار استبعادها، الذي اعتبره البعض مفاجئاً، فتحت النار على قناتها، التي استقبلتها عقب موقعة إهانتها للشعب المغربي. لم تكتف بمهاجمة قناتها، بل هاجمت رجال أعمال ووصفتهم بغير الوطنيين، يريدون إسكات "صوت الإعلاميين الوطنيين ــ أمثالها ــ والذين لا يعملون وفقاً لأجندتهم الخاصة"، وكشفت عن اثنين منهم "نجيب ساويرس، وصلاح دياب رئيس مجلس إدارة صحيفة المصري اليوم"، ووصفتهما بالأيدي التي تسببت في استبعادها، بعد شرائهما أسهما في "القاهرة والناس". وكانت سببا في العديد من الأزمات بسبب أدائها الإعلامي الذي وصفه المتابعون بالمنفلت.
قالت بنبرة خطابية كأنها معلمة الأجيال الملهمة التي لا تنطق عن الهوي، وحركاتها وتعبيرات وجهها تنم عن الجدية التامة: إحنا شعب حضارة 7000 سنة واكتر، طيب يبقي ربنا اختار لنا شكل غلاء الأسعار لأن دي الأداة اللي بيها هيراجع كل مواطن مصري ما له وما عليه، ولأن الأداة فيها فسوة التعلّم، زي بالضبط لما ابني يطلع له اسنان بيبقي عضمه مش شايله، أو لما يبدأ يمشي يبقي لازم يتسند، ولما ياكل وياكل زيادة يبقي لازم معدته وأمعاؤه لا تحتمل، هو ده اللي احنا بنعيشه، علشان نبطل كل شوية نتكلم إمتي هيرخص إمتي هيغلي، أمتي هيروح إمتي هييجي.
كانت تعبيرات المشاهدين من حولي تنم عن شديد الدهشة والقرف، واحد منهم بصق تجاه الشاشة وخلع آخر حذاؤه ملوحا به وآخر حوقل وبسمل، لكنهم تابعوا جميعا ما تقول. قالت كأنها تسأل نفسها: هو الكلام ده إنتي بتقولهولنا النهار ده ليه ؟ وتجاوب نفسها: لأن اللحظة بتستدعيه ولازم نشوفه كويس ولازم نعرف ان احنا في اختبار من ربنا مش من القيادة السياسية، احنا في اختبار من ربنا. وتتساءل: هل أنتم مؤمنون بحق ؟ ثم تتابع آمِرة: ده أنا قلت متاكلوش غير ¾ بطن، ولا انتوا مؤمنين إيمان الشكل؟ هل انتم مستعدين تحققوا الحلم اللي نزلتوا في الميادين تهتفوا بيه ؟ عاوزين بلد مختلفة بتشبه الحضارة الحديثة ؟ هتدفعوا تمن ده ؟ فمينفعش بقي نرجع نروح ونيجي.
صاح أحدالمشاهدين الصعايدة: هي بت الدزمة دي عتقول ايه ؟ وقال آخر: كفرت بنت الكلب ودخّلت ربنا في السياسة، هو ربنا يا جدعان اللي بيحكم البلد ويرفع الأسعار واحنا مش داريين ؟ أجابه آخر: ده كفر والعياذ بالله، فين قانون ازدراء الأديان ؟
استمرت بنت الرطاط في هزيانها: ولا ألاقي واحد متعاطف يقول أصل البسطاء، مفيش حاجة اسمها أصل، البسطاء يتحملوا مسؤولية انه آن الأوان للإفاقة، والطبقة الوسطى والعليا آن الأوان يبطلوا فكرة التحويش واللي عنده عاوز يبقي عنده اتنين، اللحظة اختلفت، اللي عاوز يصدق خير وبركة، واللي مش عاوز يصدق أنا اعتقد إنه من عند رب العالمين هيصدق هيصدق. طيب الإشارة ده جِبتها منين؟ من مشهد لازم تشوفوه بعد الفاصل.
احتدم النقاش في فترة الفاصل وكان رأي الجميع أن نتاني حاولت التفلسف وإظهار أن ما تقوله وحي من عند الله فجعلت نفسها أضحوكة، وأن حديثها عن البسطاء والغلابة ينم عن جهل أو ربما تعالي عليهم ادعاءً أنها مولودة من الأثرياء، وربما كانت في الأصل من أسرة معدمة، قد يكون أبوها عامل تراحيل وأمها خدّامة أو بياعة سرّيحة، طفحا الكوتة لتربيتها وجعلاها آدمية تحس بمتاعب الناس لكنها للأسف تعالت عليهم وهددتهم بحكم الله، الذي لا تعرف مدي حُبه للبسطاء وعنايته بهم. وتعجب الجميع من دعوتها الطبقة الوسطي والعليا بعدم التحويش وطلب الزيادة. طيب ما تبدأ بنفسها وبمن يعمل بالإعلام مثلها وهم بلا حسد يتقاضون الملايين لمجرد جلوسهم أمام الماكروفون يطالبون الغلابة بالتقشف وأكل ¾ بطن وبدل تلات طقات الاكتفاء بطقتين وهم متخمون مليئي الكروش..!
بعد الفاصل عرضت فيديو للرئيس وهو يقول: "خللي بالكم مدام قلتوا تحيا مصر، أنا قلت الكلام ده مرتين تلاته أربعة وأكتر كمان، تحيا مصر بينا كلنا ان احنا نحط أيدينا في ايدين بعض ومنستكترش أبدا اننا نقدر نعمل نجاح ونجاح ونجاح، وهنتغلب علي مشاكلنا وهنعمبل بفضل الله سبحانه وتعالي وبإخلاصكم هنعمل كل حاجة طيبة للشعب ده. الشعب ده الشعب المصري أنا باتكلم وانا والله مابقول كلام لا سياسي ولا معنوي..." وصمت الرئس وبدي كأنه يهمهم بلا نطق.
علقت نتاني علي هذا المشهد بطريقتها المستفذة المتعالية قائلة: أعتقد أن المشهد واضح جدا لأن في مواجهة مشاعر الحب بمفهوم مكارم الأخلاق لشخص أخلاقي بطبيعته، مينفعش بأي حال أنه يقبل وهو يعلم بأن الكُثُر من أبناء شعبه لم يتلقّوا معني زيادة الأسعار وأن هي سلاح ربنا لتعليمنا، فما كان منه غير اللي انتوا سمعتوه ده ، وده من أسمي المشاعر بمفهوم علم النفس، ده ان الانسان يقدر يكتم كل شعور بالأسي عشان ربنا يعمل الإفاقة لأبناء شعبه لأنه بيتألم لمن لم يستطع أن يدرك أو يفهم ان اللي لسه بياكل 3 طقات و4 طقات بالنسبة لهذا الرجل بمفهومه الأخلاقي ده بيئذي مشاعره، لأن هو نِفسه يرضيه، لكن في مواجهة هذه اللحظة ربنا اختار أداة العقاب، لأن طوال ال5 سنوات كان المطلوب مننا نحسم مواقف كتير، ولأن احنا كنا طول الوقت بنحاول نرضي كل الأطراف عشان نعدّي من الخطوة لأن أولادنا طول الوقت بيقولوا كل كلام يعطل ويكتّف رجلين الدولة المصرية. اللقطة اللي قدامكم شديدة الأهمية، خلوني أقول لكم أنا فهمتها ازاي. اللقطة دي قالت ببساطة أن الرجل داخله صراع حاد بين حاجتين أولا شعوره بالأسي للمصريين اللي محتاجين يعيشوا بالطريقة القديمة ولم يتلقوا أداة الله لتعليمهم، عاوزين ياكلوا، عاوزين سكّر زيادة، عايزين لحمة زيادة، عايزين فراخ زيادة، عايزين رز زيادة، عايزين كل ما هو طعام. الطعام في مفهوم الإسلام ده الذي يُثقل ¬¬¬البدن لأن أثقال البدن يعني علي طول استدعاء النفس اللوامة ربنا قال ناكل ¾ ونسيب الربع. لما بنملي التنك ونكمل الربع الشيطان بيدخل في الـ ¾ كمان. فالمسألة بالنسباله كانت واضحة شعوره العميق بالألم، وانه يسيطر علي غضبه وانه يخرج منه فقط همهمة بهذا الشكل، لأنه بيضبط ما بين لحظتين مهمين لحظة ربه هو اللي اختارها، وبما إن ربنا هو اللي اختارها ان احنا مش هنتعلم ومش هنستطيع إلا بهذه الطريقة. مفيش حل ده اختيار ربنا مهما نفعل لن يكون هناك حل إلا احنا نصل إلي التعلم وأنا ضربتهالكم بالمثال اللي عاشه المسلمين الأوائل، النقطة التابية أوالصراع التاني، أريّحهم يا رب وأنا مش ضامن أنا قاعد قد إيه، ومش ضامن اللي هيجي بعدي هيملك نفس الجرأة بانه يدفع بهذه الدولة للأمام ولا يرجع للمسكنات القديمة وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.
قبل أن تكمل الرطاط المزيد من الرط قام الشخص الممسك بالحذاء بقذفه بكل عنف نجاهها مما حطم شاشة التلفأز، وحدث لتحطمها دوي كدوي القتابل شديدة الانفجار، فاستيثظت من نومي وأنا أرتجف وأتصبب عرقا.
https://www.youtube.com/watch?v=zvXeXoB0EtI




.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكائد ودسائس لحرق وهدم الكنائس
- العودة لعبادة البعل:
- الدولة حين تعد ولا تفي بالوعود
- المنافقون ألوان وأشكال
- نا واخويا وابن عمي ع الغريب
- يوم من عمري لا ينسي
- داعّوشي رايح دأعّوشي جاي
- تراعيني قيراط أراعيك قيراطين
- أعيادنا يا حلوين من 6 اكتوبر حتي الهلوين
- السعودية وديل الكلب
- عصير العلم نصف كوب من الفنكوش
- أنتم السابقون ونحن اللاحقون
- الشُرطة بين الأمس واليوم
- جيوبك أكثر نظافة مع ضريبة القيمة المضافة
- يا خوفي يا بدران ثاني مرة
- محارب سلاحه الفكر والإيمان
- الشروط العُمَرية مرورا بالعِزبي حتي مجلس العار
- الوقح والأمنجي والمجني عليها
- الإيهام والإحباط والجريمة
- الساذج والمكّار والوزير


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاروق عطية - كوميديا نتاني الرطاط