|
حالةٌ من ملايينِ الحالات
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 17:34
المحور:
الادب والفن
إنه هو الذي دمَّر حياتي للأبد : هذا الحقير رامي . يجب عليَّ أن أذبحه الآن كي لا يُسبِّبَ لي أبرح الآلام مرة أخرى ، و لا يبعث في قلبي الرُعب كل ليلة ، قط . نعم ! هذا ما يجب عليَّ فعله . يجب عليَّ ذَبْحه الآن . أين السكّين ؟ لا بد أنها في المطبخ . لأركض بسرعة إلى المطبخ .. هيا .. البركة في الحركة .. ها هو باب المطبخ .. و لكنه مُقفل بإحكام . تلك هي مؤامرة أخرى من مؤامرات أمي و أخوالي و إخواني ضدّي . هؤلاء الخبثاء يقفلون عليَّ الأبواب ، محوِّلين الدار إلى قفص مغلق بغية حبسي فيه و أنا الشاهين الحُر العابر للزمن و للقارات . تباً للمستحيل : يجب أن أكسر باب المطبخ حتماً . أنا داحية الأبواب . دفرة واحدة مني تكفي .. طاخ .. ها قد انخلع الباب . لا يوجد من هو أقوى مني . لا بد ان السكِّين محفوظة في أحد أدراج دولاب المطبخ ، نعم بالتأكيد . لا أريد إضاعة الوقت بالبحث الطويل عنها . الوقت قصير و عليَّ إنجاز كل شيء قبل أن يأتي المساء . يجب أن أكسر الدولاب لأستخرج السكِّين ، مثلما كسرت بقية ابواب و شبابيك الدار و دواليب الملابس و شاشتي التلفزة و الثلاجة و أجهزة الاستقبال و التكييف و المدافئ و الكراسي و الكنبات . أنا قويّة مثل النبي سليمان ، و لا شيء يقف بوجهي . سأدمِّر كل من يقف ضدّي ، حتى و إن تألَّب الجميع علي ، و حاكوا أبشع المؤامرات ضدّي . نعم ، كلهم متآمرون : أمي و أخوالي و أخَوَي الحقيرين : رامي و أمير . خصوصاً ذاك الحقير رامي . أووه ، اووء ، وووء ، أوووء . ليس هذا وقت البكاء . الأقوياء لا يبكون ، و أنا أقوى امرأة . أووه اووه . خخخم . إرفع يا سمسم ! طاخ ! ها قد تهشَّم الدولاب ، و أندلقت من أدراجه كل العُدَد المنزلية المحفوظة فيها لمنعي عنها . رائع : هذا المنشار الجديد الطويل يفي بالغرض تماماً . - ما الذي تفعلينه بالمنشار ، أيتها المجنونة ؟ - أريد به تخليص البنات الشريفات من شرِّك المستطير . - أوهووه ! لقد عُدتِ للهلوسة مرة أخرى . إصحي ، أرجوك ؛ أنا هو أخوك الذي يحبّك ، و لستُ عدوّاً لك . - أنا صاحية كالشمس و إن لم أنَم منذ ستة شهور . و أنت هو عدوّي الأكبر .أنبطح حالاً على الأرض أيها الحقير كي أجلس على صدرك ، و إلا بَقَرْت لك بَطنكَ بهذا المنشار . لماذا تكذب و تدَّعي أُّنك تحبني و أنت لا تحب أحداً غير نفسك ؟ هيا ، انبطح و لا تؤخِّرني فلديَّ واجبات سامية كبرى أخرى . أنا المخلِّص المنتظر للبشر المعذبين ! - ها قد قد انبطحتُ على الأرضية إرضاء لك ؛ و لكي أثبتَ لكَ كم أنا أحبكِ و احترمكِ ، يا أختي العزيزة . - و ها قد جلستُ أنا الآن على أمِّ صَدركَ . قل لي أولاً : من هو المجنون الحقيقي : أنا أم أنت ؟ أجب فوراً . - أنا المجنون ، طبعاً . نعم . أنا هو المجنون بلا ريب ، و أنت ربَّة العقل التي أحبُّها و تحبُّني و ترفض إلحاق أيَّ أذى بي . - بل يجب عليَّ أن أؤذيك أبلغ الأذى أيها المجرم الحقير كي أرتاح أخيراً من كوابيسك . نعم ، يجب عليَّ أن أذبحكَ ذبح الدجاج ، أيُّها المجرم . - النجدة ، هاه آه هاه . ادركيني يا أمّاه . أنها أقوى من الحديييد ! هاه ، ها . أسمعيني - حبيبتي راميه ؛ هاه ، ها ، هاع . أنا دخيل عندك . اتوسَّل إليك أن لا تقتليني فأنا أخاك الأكبر الذي يُحبُّكِ . هاه ، هاه .النجدااااااا . أرجوك أن لا تذبحيني فأنا أحبُّك كثيراً ، أرجوكِ . أنت عزيزتي ، و أنا أخوك الأكبر المستعد للثم قدميك كي ترضين عنَي . إهدأي قليلاً ، أرجوك ! - لا هدوء بعد أن صحوتُ اليوم صحوةً ما بعدها صحوة . إنني أكرهكَ ، أيُّها الجبان . يجب أن تموت جرّاء اغتصابك لي ! لقد تقصَّدتَ تحطيمي ، و شطرت يومها جسدي شطرين ، و لكن هيهات ، فالله يمهل و لا يهمل ! تَذَكّر جيداً ليلة يوم الثلاثاء ذاك الذي قام فيه أبي بضرب أمي صباحاً لأنها امتنعت عن إعطائه مصوغاتها الذهبية و تحويشة العمر ، ثم حَمَلَ أمتعته ظهراً و خرجَ ليهاجر وحده إلى بلد أعمامه الأمريكان ، و تخلّى عنّا إلى الأبد . و لكن الله أعطاني القوة الآن كي أنتقم منك ؛ و ها أنت ترفسُ تحتي مثل الدجاجة الحقيرة ! يجب أن أذبَحَكَ قُرْبة إلى الله تعالى كي أخلِّص أجمل الجميلات العبقريات مثلي من شرِّ أفعالك الحقيرة ، أيها النَّذل . تشاهَد على روحِكَ . يللا ، بالعجل ! - آخ ، هاه ، آه . النجدأأأ . أقسم لك أنني لم أفعل بك شيء . أين هي مخافَتَكِ من غضب الله الجبار ؟ ستدخلين النار إن قتلتني و أنا البريء . أرجوك ! ععع ، النجدة ! خالي ! أمّي ! أين أنتم ؟ - يا لك من كذّاب ، و ستين كذّاب ! إن الله بريء من الظالمين أمثالك . ألم تسحلني ليلتها من شعري بيديك الاثنتين سحلاً إلى الفراش و أنت تنهش رقبتي بأنيابك ، فانقلبتُ أنا أُوَلوِلُ و أرفسُ على بطني كي لا أمكَّنَكَ منّي و أنت هائج مثل الثور ؟ ها ؟ هل تستطيع أن تنكر كل هذه الحقائق الناصعة ؟ أيُّها الحقير ، لقد مزَّقتَ ليلتها بدلتي الثمينة و ملابسي الداخلية تمزيقاً مثل الأخطبوط ؛ و اغتصبتني بوحشية دون أن ترحم توسّلاتي إليك و دموعي المدرارة ؛ ثم لكمتني بعد فعلتك الشنعاء ، فأدميت أنفي . أووء ، وووو ، ووع . خخأأ . تشاهَدْ الآن على روحك النتنة ! أنت من سبَّبَ ليَ يومها أشدَّ الآم ، و التي تلاها الشلل النصفي . أووء . نخء . و لكن الله منحني الآن كل القوّة لأنتقم منك شرَّ الانتقام . لقد حلَّت الآن ساعة أجلك الأخير . اتلوا الشهادة فوراً ! - النجدأأأأ ! النجدأأأأ ! عزيزتي ، أتوسل إليكِ ؛ تذكَّري جيداً ، أرجوك . لم أكن أنا ، و الله العظيم . آخ صدري ، سينفجر ! أتوسل إليك ، آخ ؛ اسمعيني ، أرجوك : لا بد أن شخصاً آخر هو الذي فعل بك ذلك الفعل الشنيع ، يا أختي العزيزة ، فأنا أحبّك ، و الله العظيم . آخ ، صدقيني ، أرجوك . طيِّب : فقط قولي لي من هو هذا المجرم الحقير الذي اغتصبك ، و سترينني كيف أنّني سأقتله بلا ذرة من رحمة ثاراً لك حتى و لو طارَ منّي إلى الصين . هل رَضيتِ الآن عنّي ؟ النجدة ، أمّاه ، أمّاه ، خالي ! - لا تكذّب ، أيها الكلب ! اعترف بأنك قد اغتصبتني و ضربتني لأنك تكرهني لكوني أحسن منك ؛ و رحت من بعدِها تعد الخطط الخبيثة لقتلي غسلاً للعار كي تفلت من العقاب العاد جرّاء جريمتك الشنعاء . أما أخوك أمير ، فلم يفعل بي للمرّة الأولى إلا بعد اقترافك لجريمتك تلك بشهر كامل . ليلتها ، كنت نائمة في غرفتي على ظهري و ليس على بطني ؛ و هو لم يضربني و يشد شعري و يعضّني مثلك ؛ بل توسَّل طويلاً جداً بي ، و قبًّل حذائي ، و لثم كل مكان من جسمي قبل أن يستغل الحقير شفقتي عليه أبشع الاستغلال . يجب عليَّ عضّكَ الآن . - لا حولَ و لا قوة َإلا بالله ! و لكنه لم يبلغ سنَّ الرشد بعد ! ننن ، هاه ، ها ، آخ ! هاه ، آخ ، ننننخ ، لقد عضَّت أنفي ، النجدة ! آه ، آخ . ما الذي حصل لك فجعلك تزورّين كاللبوة المجذوبة هذا الصباح ؟ أصحي ، أتوسل إليكِ ! آخ ، لقد غرزتْ أسنان المنشار بعنقي ! أرجوكِ ، أخ . هاه ، عاع . الرَّحمة ، يا أختاه ! النجدة ! أمّاه ، أمّاه ، تعالَي بسرعة ، لقد تحوَّلت هذه المجنونة إلى وحش كاسر ! خالي ، خالي ، النجدأأأأأ ! إنها تريد ذبحي بالمنشار ، آخ ، النجدة ! أماه ! خالي ! أين أنتم ؟ إلحقوني ! - أسكت أيها الكذَاب ! لقد بَلَغَ أمير السابعة عشرة من العمر ؛ و لا بد أنه قد تعلّم اغتصاب العذارى الفاتنات منك ، أيها الحقير . ألم تغتصب أنت صديقتي عذراء على فراشي عند غيابي يوم جاءت لعيادتي بمناسبة خروجي من المستشفى ، مستغلاً خلو الجو لك في الدار بعد ذهابي لمراجعة عيادة الطبيب مع أمي ؟ لقد كنتَ أنتَ البادئ ـ أيها الكذّاب . اغتصبتني ليلتها بوحشية أولاً ، ثم أوسعتني بَعدَها ضرباً عندما هدَّدتُكَ بإبلاغ أمّي و خالي بفعلتك الحقيرة تلك ، فجَعلتَني أنزف من فوق و من تحت . من يومها لم تعد الكوابيس تتركني أهْجع و لو حتى لدقيقة واحدة ، فأحاطت الأهِلّة السوداء عينيَّ الملوَّنتين الجميلتين . أوووء ، أوووعخ . و لكنني قهرتُ كل تلك الآلام بإرادتي الجبّارة ؛ و ها قد مكَّنني الله منك الآن لأفِشَّ غِلّي بِكَ ، فأستطيع بعدها النوم مرتاحةً و لو لساعة واحدة فقط . أوووء ، أوووووو . و الآن ، أين المفر ؟ إقرأ الشهادة على روحك الحقيرة حالاً . يللا ؛ بسرعة ، فلديَّ حسابات مصيريّة أخرى يجب عليًّ تصفيتها فوراً . أولاً مع أخيك أمير الحقير جرَاء أفعاله المشينة بي كل ليلة مستغلاً شفقتي عليه و رعايتي له مذ كان طفلاً رضيعاً ؛ و بسبب سرقته مني نقودي ، و ساعتي العابرة للزمن ، مع خاتم سليمان السحري بياقوتته الحمراء . كما أن الواجب يحتم عليَّ تصفية حسابي أيضاً مع أستاذة مادة الرياضيات المعاصرة التي رسَّبتني عمداً بدلاً من إعطائي درجتي المستحقة : مائة من مائة في الامتحان الفصلي . لقد فعلت كل ذلك بي لكوني جميلة جداً ؛ و لأن مُعامِل ذكائي أعلى منها بكثير ، و لأنني أفهم منها و من أساتذة أساتذتها بفضل نظرياتي الرياضية الجديدة التي اعترف بها العالم أجمع . و لقد تركتُ الكليّة إلى الأبد بسببها ؛ تلك القحبة الشمطاء التي ما تزال تحلم بأن يغتصبها حقير مثلك في ليلة غبراء ! و لكنها لن تستطيع الإفلات مني مهما حاولت التخفّي عني و التآمر عليَّ معك ؛ سأحوِّلها إلى كباب مشوي يطقطق ، فيصفِّق لي العالم أجمع ! الحمد لله أن كل البنات العبقريات الجميلات مثلي قد تَرَكنَ الدراسة في ذلك القسم الرث أيضاً و ذلك تضامناً منهن معي ، و لم تستمر على الدوام سوى الغبيّات الدميمات . نعم ، الغبيات الدميمات مثلك أنت . أنت هو المجرم الغبي الدميم . و الآن ، و بسم الله ، و على بركة الله ، فسأذبحك بهذا المنشار الحاد لأخلِّص البشريّة المعذَّبة من المجرمين أمثالك . أنا المخلِّصُ المُنتظَر . هذا ما أكدّه لي الآن النبي سليمان العظيم ، الذي يطوف عبر الأزمان حول حلقات النسوان الفاتنات مثلي بواسطة القوة الطاردة عن المركز ! سأقطّعك إرباً إربا ، ثم أرمي أشلاءك في المرحاض !
بغداد : 29/12/2016
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة -ليلةً الشتاءِ- للشاعر الروسي : بوريس پاستِرناك (1890
...
-
نشيد المجرة
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 3
...
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 2
-
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها / 1
-
المهاجر / 3-3
-
تطور سلطة البرجوازية الطفيلية في العراق من 1980 إلى الآن
-
المهاجر / 2 - 3
-
تدهور أسعار النفط الخام و العجز في موازنة العراق
-
المهاجر / 1 - 3
-
ترنيمة الموتى
-
حقائق عن أورويل / 16
-
حقائق عن جورج أورويل / 15
-
حقائق عن جورج أورويل / 14
-
نوط الشجاعة
-
حقائق عن جورج أورويل / 13
-
عفاريت لسع الخصى
-
حقائق عن جورج أورويل / 12
-
ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 5
-
حقائق عن جورج أورويل / 11
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|