أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - دجلة يجري هادئاً وسط الضفاف المضطربة: قراءة نقدية في الفيلم التسجيلي - مياه دجلة تجري رغم اللوعة - لمايكل أنجلو سفيرنيني















المزيد.....

دجلة يجري هادئاً وسط الضفاف المضطربة: قراءة نقدية في الفيلم التسجيلي - مياه دجلة تجري رغم اللوعة - لمايكل أنجلو سفيرنيني


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1424 - 2006 / 1 / 8 - 10:43
المحور: الادب والفن
    


دأبَ مهرجان بلافون السينمائي في مدينة باري الإيطالية على تخصيص أكثر من نافذة للإطلال على التجارب السينمائية في العالم. وفي دورته الخامسة عشر لعام 2005، وضمن برنامجه الذي يقع خارج إطار مسابقة الأفلام التسجيلية والروائية، الطويلة والقصيرة، خصص المهرجان نافذة للسينما العراقية. وقد إنتقى منظمو المهرجان ستة أفلام عراقية بعد إستشارة الأستاذ إنتشال التميمي، والذي زودهم بدوره بنسخ من هذه الأفلام التي يمتد تاريخ إنتاجها منذ أواسط سبعينات القرن الماضي وحتى عام 2003 ، والأفلام هي على التوالي " المنعطف " لجعفر علي، و " حقول الذرة الغريبة " لقاسم عبد، و " جيان " لجانو روزبياني، و " زمان رجل القصب " لعامر علوان، و " غير صالح للعرض " لعدي رشيد، و " العراق موطني " لهادي ماهود. كما إختارت اللجنة المنظمة للمهرجان فيلماً تسجيلياً طويلاً بعنوان " مياه دجلة تجري رغم اللوعة " للمخرج الإيطالي مايكل أنجلو سيفرنيني، وهذا الفيلم هو مدار بحثنا ودراستنا لأنه يدور في العراق، ويتمحور حول الأوضاع الجديدة التي أفرزها الاحتلال الإنكلو- أمريكي للعراق. وجدير ذكره أن هناك العديد من الأفلام التسجيلية العالمية التي إتخذت من العراق موضوعاً لها ومن بينها " الحرب على العراق " للمخرج الأمريكي روبيرت كرينوالد، و " تحت ظلال النخيل " للمخرج الأسترالي وايني كولس جينس، و " إحتلال أرض الأحلام " للمخرجين الأمريكيين إيان أولدز وغاريت سكوت، و " فاشية أمريكا " للأمريكية ريتشاردسون، و " السلاحف يمكن أن يطير " للإيراني بهمن قباذي. ويبدو أن هذا المخرج الإيطالي الشاب مؤمن بدور العدسة في نقل الحقيقة وتجسيدها كما هي على أرض الواقع، فهو لا يميل إلى تجميل الواقع أو تزويره. وحينما سألته على هامش المهرجان عن الأسباب التي دفعته لتفادي تصوير بعض الشرائح الاجتماعية والطوائف الدينية كالآشوريين، والتركمان، والإيزيديين، والأرمن، والعراقيين من أصول فارسية قال بالحرف الواحد " إن ضيق الوقت هو السبب، إضافة إلى خشيتنا من المفاجآت التي قد تصادفنا في أية لحظة بسبب الإنفلات الأمني " ومع ذلك فإن الفيلم تناول بشكل رئيس عشر شخصيات عراقية تنتمي إلى قوميات وديانات مختلفة كالعربية والكردية والكلدانية والشبكية، ومن العرب هناك شخصيات شيعية وأخرى سنية، وثالثة ليبرالية. كما ركز الفيلم على شخصيات مثقفة مثل مدير المكتية الوطنية، وأناس آخرين يعملون في الأدب والفن والصحافة سنتوقف عندهم تباعاً. وكي يضع المخرج مُشاهِدهُ في الصورة السياسية للعراق قبل الحرب وبعده فقد إنتقى مَشاهِد ذكية جداً لصدام حسين وهو يستقبل مسعود البارزاني بحميمية، ويتحضن صديق الأمس رامسفيلد الذي وقف إلى جانبه في أثناء الحرب العراقية- الإيرانية. كما عزّز الفيلم ببعض لقطات الإعدام الوحشية المأخوذة من الفيلم التسجيلي " ظلام " حيث يتم إعدام بعض المعارضين العراقيين لنظام صدام حسين بواسطة المتفجرات الصغيرة التي ثُبتت في جيوبهم ليحولوهم بعدها إلى أكوام من رماد في لمح البصر!
معارضون لصدام ومناوئون للهيمنة الخارجية
الغريب أن المتحدثة الأولى ظهرت باسم مُستعار، وبملامح مُضببة وكأنها ما تزال تخشى سلطة البعث التي غابت وتبددت، وأصبحت أثراً بعد عين. يا تُرى، هل تخشى هذه السيدة " ليلى " على حياتها من بقايا فلول البعث المهزوم، وشراذمه المذعورة، أم أن هذا الخوف سوف يرافقنا إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً؟. على أية حال، تحدثت السيدة المنفية التي عادت إلى العراق غبّ سقوط النظام عن سنوات السبعينات من القرن الماضي حيث كان الأمل ما يزال مرتسماً بعراق حر، ديمقراطي، ثري ينال فيه المواطن حقه اقتصادياً، وسياسياً، واجتماعياً، لكن هذا الأمل الضئيل سرعان ما تلاشى كما ذهبت " ليلى " فسلطة البعث بدأت تلاحق العراقيين، وتحصي عليهم أنفاسهم، وتجبرهم على التوقيع على تعهد خطي يقضي بعدم انتمائهم إلى أي حزب سياسي باستثناء حزب البعث، وأكثر من ذلك فقد ساهمت هذه السلطة في غسل أدمغتهم، ونجحت في تحويل جزء غير قليل منهم إلى أجهزة أمنية سامت العراقيين سوء العذاب. لذلك تأبطت ليلى أحلامها، وغادرت العراق لغرض الدراسة على أمل العودة إليه بحلول نظام ديمقراطي، تعددي، حر، يحترم الإنسان، ويضعه في أول اهتماماته. أما الشخصية الثانية فقد كان إمام شيعي شاب يدعى أنور، وقد إستطاع هذا الرجل الواعي أن يعرّي الطرفين، فهو يرى في كلا الطرفين ظَلَمة، فالنظام السابق كان يعدم العراقيين لمجرد الشك بنواياهم، ويأخذ أهلهم وإخوانهم وأقربائهم بجريرتهم. وتوقف عند ويلات الحرب العراقية- الإيرانية وما نجمت عنه من مآسي على الخطوط الأمامية والخطوط الخلفية على السواء. أما الإحتلال فلم يكن يفرّق بين الإرهابيين وعامة الناس، وغالباً ما كان يلجأ إلى استعمال القوة المفرطة، والعقوبات الجماعية بسبب عدد قليل من الإرهابيين، أغلبهم تسللوا من وراء الحدود لتصفية حساباتهم مع أمريكا على أرض العراق، بينما كان الضرر الأكبر يلحق بالعراقيين الذين تقوضت مدنهم وبيوتهم وأحلامهم دفعة واحدة. الشخصية الثالثة كانت كردية، وهي السيدة نسرين برواري، الوزيرة الشابة في حكومة أياد علاوي السابقة، وقد سلطت الضوء على ما تعرضت له شخصياً من سجن لمدة سنة واحدة كونها معارضة للنظام الدكتاتوري السابق، وكونها كردية لم تنل حقوقها القومية المشروعة. وقد توقفت عند مجرزة حلبجة، والمقابر الجماعية التي تعرض لها أهل الوسط والجنوب. وكانت ترى أن هذا النظام الشمولي كان يجب أن ينتهي منذ زمن طويل لكنها لم تُشِر إلى أن الأمريكيين هم الذين ساندوا صدام حسين وأبقوه في سدة الحكم كل هذه السنوات الطوال. الشخصية الرابعة " سيف " كانت ضعيفة الحضور، ربما لأنه لا يحسن الكلام بالعربية، وقد كان وجوده فائضاً، لكنه أشار إلى الأكراد المرّحلين إلى الجنوب، وهذه معضلة حقيقية عانت منها بعض شرائح الشعب الكردي، كما عانى منها بعض العرب الذين رحّلوا قسراً إلى مناطق كردية. أما رجل الدين الكلداني، القس شاليمون وردوني فقد إنتقد النظام الشمولي السابق والأمريكان، وأستنكر على الغرب معاقبة العراقيين جميعاً، وفرض الحصار عليهم بسبب شخص واحد هو صدام حسين. وهو يرى أن هدف الإدارة الأمريكية في العراق هو النفط، وليس نشر قيم الحرية والديمقراطية. كما أكدّ على وحدة العراقيين بكل أطيافهم في السرّاء والضراء، وقال بأن ما يتعرض له المسلم سيتعرض له المسيحي والصابئي والإيزيدي. وانتقد نظام الحريات والديمقراطيات الجاهزة التي يريدون تطبيقها في الشرق الأوسط الكبير. ولكي ينوّع المخرج في شخوصه فقد إختار هذه المرة رجل دين سني اسمه عماد الذي اتهم أمريكا وكل من يعاونها بالإرهاب. وهو لا يرى في المشروع الأمريكي حرية أو ديمقراطية أو عدالة إجتماعية، كما تمنى على الشعوب أن تفهم ما معنى الإسلام، وتفرّق في الوقت ذاته بين حق المقاومة الشرعية وبين الإرهاب البغيض الذي يستهدف الأبرياء من المدنيين العراقيين. وقبل أن ينتقل المخرج إلى شخصيات أخر فقد إرتأى أن يتوقف عند الإمام الشيعي الشاب أنور مرة ثانية لأنه تحدث عن إنتفاضة عام 1991 التي قمعها الحرس الجمهوري على مرأى من القطعات الأمريكية. كما ذكّر العراقيين ببوادر الانتفاضة التي أوقد فتيلها الإمام محمد صادق الصدر قبل أن يعدمه صدام. أما المتحدث الجديد فهو سعد، مدير المكتبة الوطنية العراقية الذي اشار إلى حِرَفية اللصوص الذين سرقوا الكتب والمصادر والمخطوطات المهمة، أو حرقوها، فهم يعرفون جيداً إلى أين يتجهون بالكتاب المسروق، ولمن يبيعونه. كما تحدث عن تجهيل النظام السابق وبشكل متعمد للعراقيين الذين كانوا يقرؤون بغزارة، ويطلعون على أحدث الإصدارات الثقافبة والفنية والفكرية. المشرّد حيدر تحدث عن معاناته، وأحلامه المؤودة، وتطلعه إلى تكوين أسرة وبيت وأولاد يلعبون في ثناياه. مهنّد الراقص المحترف الذي يحلم هو وبعض من أصدقائه في أكادمية الفنون الجميلة بتأدية اللوحة الفنية الراقصة العنونة بـ " الموت البطيء " من دون معونة ومن دون معلمين! مكي، الكاتب الصحفي الذي كان شاهداً على المظاهرات السلمية التي انطلقت أول مرة في الفلوجة مطالبة بعدم دخول القطعات الأجنبية إليها، وانتهاك حرمتها، لكن ليس هناك من يصيخ السمع لصوت العقل والحكمة التي تفهم ماذا يعني انتهاك حرمة مدينة ذات جذور دينية وقبلية، وما سينجم عن هذا الانتهاك من رد فعل عنيف. النحات بسام تحدث بشاعرية عن ثقافة المدينة التي انتهكتها ثقافة البادية وكيف استطاع هو وزملاءه أن يضعون نصباً جديداً في ساحة الفردوس بدل تمثال الطاغية الذي أسقطته دبابة أمريكية. وأخيراً الفنانة التشكيلية آفا التي تريد أن تعيد للمرأة حريتها المفقودة، لذلك فهي تفكر برسم " فيكر " جديد لإمرأة قوية، مترفعّة، تحب نفسها، وليست ضعيفة، مسلوبة وكأنها مُستعارة من الزمن البغيض الذي لا نتمنى جميعاً عودته. كما رصد الفيلم حركة الدبابات الأمريكية وهي تجتاح الشوارع العراقية، وطائرات الأباتشي وهي تحلّق في سماء بغداد، وهناك أطفال يلعبون كرة القدم حتى من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر إلى الطائرات السمتية التي تزمجر في السماء. النبرة العامة لهذا الفيلم تدين الحرب، وتقف ضد بشاعتها في أي مكان من هذا العالم.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية/ الروائي ذياب ...
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية: الشاعر عواد ن ...
- أطفال الحصار - للمخرج عامر علوان: ضحايا اليورانيوم المنضّب و ...
- الخادمتان- باللغة الهولندية ... العراقي رسول الصغير يخون جان ...
- خادمات - رسول الصغير: البنية الهذيانية والإيغال في التغريب-
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية/ الروائي جاسم ...
- في ضيافة الوحش - لطارق صالح الربيعي: سيرة ذاتية بإمتيار يتطا ...
- الفيلم التسجيلي - مندائيو العراق- لعامر علوان: فلسفة الحياة ...
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي/ الشاعر وديع العبيدي: - ...
- -استفتاء الأدباء العراقيين من المنافي العالمية /مهدي علي الر ...
- (استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية / الشاعر كريم ...
- رسام الكاريكاتير الجنوب أفريقي زابيرو جونثان شابيرو ينال الج ...
- استفتاء الأدباء العراقيين: زهير كاظم عبّود: إن العراق حاضر ف ...
- الإرهاب الأسود يغيّب المخرج العالمي مصطفى العقاد الذي روّج أ ...
- تقنية - الوسائط المتعددة - في مسرحية ( أين ال - هناك -؟ ) تم ...
- فلاديمير بوتين أول رئيس روسي يزور هولندا بعد ثلاثة قرون: هول ...
- عزلة البلَّور
- د. نصر حامد أبو زيد يفوز بجائزة - ابن رشد للفكر الحر - لسنة ...
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية / الشاعر باسم ...
- استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية: د. حسين الأنص ...


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - دجلة يجري هادئاً وسط الضفاف المضطربة: قراءة نقدية في الفيلم التسجيلي - مياه دجلة تجري رغم اللوعة - لمايكل أنجلو سفيرنيني