|
في التحرير والتسوية والطبقات الشعبية
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5384 - 2016 / 12 / 27 - 12:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ألفي يوماً ونيف من الحرب العدوانية الإرهابية ، القذرة ، على سوريا .. وبعد تحرير حلب ، الواعد بتحرير كل المناطق السورية المحتلة .. وبعد أن صار منسوب التسوية الدولية للحرب ، يكاد أن يوازي منسوب الحرب ..
وسوا ْ نجحت مساعي السلام .. أو استمرت الحرب ، ما زال هناك حاجة للقول والتكرار .. اليوم .. وكل يوم .. أن من قاد ويقود .. حتى نهاية الحرب .. " داعش .. والنصرة .. والقاعدة " وتوابعها .. هو مركز القرار الإمبريالي ـ الرجعي .. الذي يعبر عن مصالح الاحتكارات اللصوصية العابرة للقارات ، سيما احتكارات الطاقة ، وصناعة الأسلحة ، التقليدي ، والنووية ، والفضائية .. واحتكارات الرأسمال المالي ، والإعلام ، والاتصالات .
وللقول أيضاً ، أن الأساس في تشكيل التنظيمات الإرهابية في الأوساط الإسلامية ، هم رجال الدين المتخلفين ، الذين وضعوا خبراتهم في ا ستغباء ، وتضليل ، من لا دراية له بالشؤون الإسلامية .. عبر علاقات مأجورة ، مع المخابرات الأميركية وغيرها ، للعبث في القيم الإسلامية ، وتجنيد الناس البسطاء في التنظيمات الإرهابية ، بغطاء ديني جهادي مزيف . ومن ثم سهلوا ظهور النزعات الإرهابية المستقلة ، في حركتها ، وعوائد نهبها ، وسبيها ، وطموحاتها .
وللقول أيضاً ، أن تدمير المشاريع القومية التحررية .. دولاً .. وأحزاباً .. وبرامج . والعداء المدمر للنظريات التقدمية واليسارية الاشتراكية ، هو فعل إمبريالي مدروس بمشاركة المثقفين المنحرفين المأجورين ، لتجريد الشعوب ، من أحد أهم وقومات ، وضمان وجودها ومستقبلها .
وللقول أيضاً ، أن تفشي ظاهرة الإرهاب ، وتأسيس كيانات فاشية دموية وهمجية ، ، قادرة على الانتشار ، والعبث بمختلف البلدان ، لصالح الدول الداعمة للإرهاب ، ولصالح القيادات الإرهابية العليا في آن ، في علاقة جدلية لا تنفصم .
وللقول أخيراً وليس آخراً .. أن نشر التخلف الفكري ، والديني ، والحضاري ، يجري بدعم إمبريالي ـ رجعي ، متعمد ، يستهدف تشويه العقل والوعي والثقافة ، وفتح المجال للمجهول الشيطاني الخبيث ، وللممارسات الإرهابية الشاذة المدمرة .
وذلك لترسيخ انتصاراتنا ، وقيمنا الوطنية .. ولتظل تضحيات شعبنا في مقاومة العدوان ، درساً خالداً في ذاكرة الأجيال القادمة .. وكذلك حتى لا ننسى ، أن الحرب علينا ، بخلفياتها المتعددة ، قد جاءتنا من مقتضيات مخطط دولي معاد واحد ، " اسمه الفوضى الخلاقة " .. بني واستخدم ، لإحباط محيط واسع من بلداننا العربية ، وبلدان أخرى ، والسيطرة عليها . ولتعويم النظام الرأسمالي ، بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ،وفرز مكوناته ، لتكريس نظام قطبي أحادي ، يقود العالم كه . بيد أنه من المفيد التذكير باختصار ، أن النظام الرأسمالي ، رغم حرصه على أن يمتلك ويستخدم ، أرقى أشكال التنظيم ، والتكنولوجيا ، في عملية الإنتاج والتوزيع والتسويق ، ويحاول تجنب فيروس الفوضى في عملية المنافسة ، والسباق في تهب ثروات الشعوب ، والسيطرة على الأسواق ، إلا أنه لم يستطع الحيلولة ، دون اختراق " الفوضى الخلاقة لعالمه أيضاً .. دون حسابات مسبقة ، فيما نشر هذه الفوضى ، على مستوى القارات ، خلال رع قرن .
ولعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي ، والأزمة الاقتصادية الممتدة قرابة عشر سنوات متواصلة ، وفوضى انخفاض أسعار وإنتاج الطاقة ..وانتقال الإرهاب إلى عقر البلدان الأجنبية الداعمة له ، ونجاح شخص ، لا يوحي بالأمان والاستقرار بشكل عام ، مثل " دونالد ترا مب " رئيساً للولايات المتحدة ، وتحليق شبح اليمين فوق الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، في بلدان أوربية هامة ، ويهدد بالمزيد من عدم الاستقرار ، سياسياً ،وأمنياً ، واقتصادياً .. هو من الدلالات المؤكدة على ذلك . بمعنى سيطرة أسوأ ما الدول الرأسمالية .. يمينية .. ورجعية .. وفاشية على الحكم . ما يهدد العالم بانهيارات اقتصادية وسياسية ، ويهدد بتوسيع مناطق الحروب القائمة ، وزيادة وتنوع هذه الحروب ، والانتقال من " الفوضى الخلاقة " إلى الأزمات الخانقة المستعصية وحرو ب تمتاز بقتل أكثر وتدمير أكثر .
كل هذه الأمور ، ينبغي حفظها جيداً دون أن يغيب الاهتمام العالي بالمسؤولية ، بكيفية التعاطي السياسي والشعبي اليومي ، بثنائية وتنوع المهام العسكرية والسياسية الراهنة والمقبلة ، على خلفية ، أن الحروب في الشرق الأوسط ، هي نتاج صراعات دولية ، لإعادة بناء نظام عالمي جديد ، وليست حصراً نتيجة صراعات ذاتية وحسب .
إن مضمون .. واستراتيجية .. ومفاعيل هذه الحروب الرأسمالية ، الغامضة ، والمكشوفة في الوقت عينه ، تستدعي لدى القوى الوطنية المحلية .. في الحكم .. وخارج الحكم .. عند التفكير بإنهاء الحرب المدمرة ، ألاّ تعتمد على نفس آليات ، وقوى صراع الرأسمالية المحتوم . وإنما تعتمد على قواها هي ، وعلى قدراتها الذاتية أولاً . والعودة إلى مشاريعها القومية التحررية ، والتقدمية ،والديمقراطية ، واليسارية حمالة مشروع الاشتراكية .
إن أي تسوية تتحقق من قبل القوى الرأسمالية الكبرى ، لحروب الشرق الأوسط .. وأهمها الحرب السورية ، لن تكون إلاّ تسوية بين مصالح هذه القوى أولاً ، وبالتالي بناء الوضع الاجتماعي السوري على أعمدة وقوانين الرأسمالية التابعة ، ووضعاً معلقاً في شبكة العلاقات والمصالح التي حددتها هذه التسوية . وفي الوضع الذي سينتج عن الحرب البالغة التدمير والتفكك ، فقط القوى السورية الغنية النافذة ، هي التي ستتسلم وتقود مقتضيات التسوية . أما القوى الاجتماعية الفقيرة " الطبقات الشعبية " نتيجة الحرب ، وفقدانها للأطر السياسية الخاصة بها ، الناظمة لتطلعاتها ومصالحها ، قبل الحرب ، وفي الحرب ، سوف تكون ملحقة في آخر أجندة التسوية .. وذلك على الرغم من أنها عانت الكثير نتيجة الأزمة الداخلية ، والصراع الفاشل لحلها قبل الحرب . وعانت إبان الحرب المستمرة حتى الآن ، من النزوح والتهجير ، ومذلة الجوع والإرهاب ، والبطالة ، وتحويلها إلى وقود للحرب . وهي الآن القوى الشعبية ، ذات المصلحة الأساسية المباشر ، أكثر من قوى اجتماعية أخرى ، لإنهاء وحسم الحرب ، حرباً ، أو عبر تسوية سمية إنسانية عادلة . وإعادة سريان مفاهيم وقيم السياسة الوطنية ، والتآخي ، وإعادة الإعمار .
ولملاقاة هذه المرحلة بسلام وثقة بالمستقبل ، إن على القوى الوطنية الديمقراطية ، أن توحد صفوفها ، وتأخذ دورها ، في الدفاع عن القوى الشعبية .. وتواجه صراعات خارجية " من أجل تسوية " في المجال الحربي .. وداخلية " سلطوية في عملية إعادة بناء الدولة والمجتمع . آخذة بعين الاعتبار ، أن التسوية الدولية المطروحة ، هي ليست " الحل السياسي " الذي كانت تتلهف معارضات كثيرة ، لركوب موجاته ، التي توصلها إلى السلطة .
إن السلطة تحت سقف " التسوية الدولية " هي حالة مشاركة أجنبية متعددة القوى .. تتعامل بموازين القوى مع الداخل السوري المجزأ . المهم في المرحلة الراهنة ، وما بعده ، هو الحضور الشعبي وتعبيراته السياسية ، من أجل استكمال التحرير ، ومن أجل تسوية للحالة السورية ، تضمن وحدة سوريا ، وسلامة أراضيها . وتفتح المجال للقوى الشعبية ..لتمارس حقوقها .. وتسعى لتحقيق طموحاتها الاجتماعية والسياسية ضمن وحدة وطنية شاملة .. وعدالة اجتماعية متكاملة .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستحقاق السياسي المطروح بعد تحرير حلب
-
حلب تنتصر .. وستكمل الطريق
-
العقيدة السياسية ومسؤولية تحرير الوطن وحمايته
-
حلب تتحرر .. وتتوحد ... ( مرة أخرى )
-
بين نداء السلام وقذائف القصف الوحشي
-
كل ما في الأمر
-
الطريق إلى عرش الشيطان
-
الحل السياسي ليس الآن .. سوريا إلى أين
-
المرآة الكاذبة
-
سوريا في غمرة التحولات المصيرية
-
معنى الحرية إلى المهجرين
-
متاهة السياسة الدولية الجديدة وتداعياتها
-
حلب تتحرر .. وتتوحد .. وتجدد
-
اتفاق لافروف كيري يحتضر إلى شهداء جبل ثردة
-
حين تحل التسويات الدولية محل الشعب
-
متغيرات السياسة الحتمية في الحرب
-
سوريا واللعبة الدولية المتجددة
-
سوريا بين لعبة دولية انتهت وأخرى قادمة
-
رمز طائفي قاتل لهجوم إرهابي فاشل
-
آن أوان تجديد رؤى القوى الوطنية
المزيد.....
-
زاخاروفا: محاولة اغتيال ترامب مظهر ديمقراطي حسب منطق الخارجي
...
-
مدفيديف: روسيا أصبحت أكثر استعدادا للصراع مع الغرب مما كانت
...
-
ليبيا ترفع القيد الإجرائي عن 13 متهما في محاولة اغتيال مستشا
...
-
ترامب لا يستبعد رفع العقوبات عن روسيا ضمن صفقة حول أوكرانيا
...
-
لافروف يجتمع بنظيره السويسري في نيويورك
-
مدفيديف: أي محاولات من قبل الناتو لتهديد حدودنا ستواجه ردا ح
...
-
بعد أشهر من توقف الهجمات... مسيرتان تستهدفان -عين الأسد- بال
...
-
بايدن يتعهد بمواصلة السباق الرئاسي ويهاجم ترامب
-
داعش يعلن مسؤوليته عن هجوم على مسجد للشيعة في عمان
-
بايدن يتعهد بمواصلة السباق الرئاسي وينتقد سياسات ترامب
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|