أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل كامل - في التشكيل العربي المعاصر/ في مشروع سلام عمر الجمالي -تقسيم-














المزيد.....

في التشكيل العربي المعاصر/ في مشروع سلام عمر الجمالي -تقسيم-


عادل كامل

الحوار المتمدن-العدد: 5383 - 2016 / 12 / 26 - 14:50
المحور: الادب والفن
    


في التشكيل العربي المعاصر

في مشروع سلام عمر الجمالي "تقسيم"
الميتافيزيقا لا تتستر على الغياب!





عادل كامل
قبل نصف قرن، بدأت حياتي الفنية بسؤال: ما الفائدة من إنتاج (الفن)، في مجتمعات سلب منها الخيال، استنادا ً فرضية أن أسلافنا ـ قبل عصر الطوفان الأعظم ـ كان خيالهم قد صاغ نسيج أساطيرهم، على خلاف زمننا: صار الناس أسرى آليات الواقع، ومن غير أساطير، ومن غير خيال، عدا: استكمال ما هو قيد المرور ابعد من حدوده.
سلام عمر، في العام 2016، وفي البلد الوحيد القادر على إعادة التوازن للثقافة، مع ضدها، لبنان ـ بيروت، لا يبحث عن إجابات، بل يقترح أسئلة لا تقوم على اللغة، ولا تقوم على الأساطير: هل بلغ العصر (العربي) ذروته، في دحر التقدم، وفي مواكبة العالم، والتمسك بأمل ما، حتى لو كان وهما ً...؟
ففي مشروعه الفني "تقسيم" (بمعنى ما تفكيك) يغدو تاريخ الحداثة قد أصبح أكثر وضوحا ً لتمثل مصائر لم تعد تحدث فوق الأرض، بل عبر: الصور ـ والأثير. إنها تنتسب إلى (اللا كون) الذي صار وجودا ً لاستكمال مروره، وليس لمعرفته، أو التحكم بمساراته. فالإحساس بالواقع لم يعد برنامجا ً طليعيا ، أو حتى حقا ً مستلبا ً، بل جزءا ً من وجود بلا مقدمات، وبلا زمن.
فهل ثمة معنى للـ (الفن)، بعد أن غدا (سلعة/ شيئا ًكباقي الأشياء/ أو حيزا ً مشغولا ً بالفراغات)، منذ نبهنا هيغل لصدمة موت الفن، حيث لم تعد للميتافيزيقا مكانة في لفت النظر، فالرأسمالية، ليست اختراعا ً حديثا ً، أو وليدة التراكمات، مثلما أن مستقبلها لا تحدده القوى المضادة لها، ذلك لأن نظام (بذرة الخلق الأولى) ـ برمجتها أو خطتها العصية على الإدراك ـ تأسست على النحو الذي يدعه يكمل كل ما نراه قد جرد الإنسان من شروط وجوده: الهواء وليس الكرامة، الغياب وليس الديمومة، الخبز وليس الحرية، القبح وليس الجمال، القهر وليس المسرة، الألم وليس الوجع، العنف وليس المودة أو الوئام ...الخ، كي يختار الفنان سلام عمر (المسدس) علامة، وكان باستطاعته ـ طبعا ً ـ أن يختار أي رمز آخر من رموز عصرنا، ينتسب إلى اللغة التي شغلت مساحة القرن الأخير، اللغة بوصفها فنا ً يكمل مقدماته، منذ أن تفككت الإمبراطورية العثمانية، وصولا ً إلى تفكك أوربا ذاتها، بعد خروج بريطانيا من مشروع أوربا الموحدة. فالتقسيم مفهوم يتجاوز آليات عمل الجدل، وصراع الطبقات، وأفول الأيديولوجيات، وبزوغ عصر ما بعد العولمة.
حقا ً لا يستطيع المتلقي أن يشعر بالـ (القرف)، أو بالكراهية، وهو يشاهد أسلحة شبيهة بالحلوى، ملونة، زاهية، ومنجزة بتصميم أخاذ، جذاب، حتى بدت (المسدسات) واجهة لعرض السلع الأكثر تداولا ً على صعيد الجماعات، الأفراد، والمؤسسات، ومقترنة بشركاتها، ودولها، حتى كأنها تبرهن أن غياب (الهوية)، لا يعني غياب (الإنسان)، بل على العكس: إن للفن مكانة في منح الصراع ديمومته، بل، وشرعيته، في دينامية آليات الصراع.
إننا إزاء العاب، لم يبذل الفنان سلام عمر جهدا ً ببنائها، بل راح يلتقطها، عبر البصر، لتغدو إعلانات عبر الفضائيات، وعبر وسائل الاتصال المختلفة، الأكثر تطورا ً في حداثتها.
فالمسدس ليس رمزا ً للقهر، أو للقوة، أو لإثارة الفزع، والكآبة، بل غدا نموذجا ً لأكثر الأسلحة شفافية، نعومة، جاذبية في وجودنا. فالخيال لم يعد يذهب ابعد من حدود واقعيته السحرية: لأن العلامة لا يمكن عزلها عن نظام إدارة القارات، ومجتمعاتها، إن كانت أوربية ـ مصدرة للبضائع ومتحكمة بالأسواق ـ أو في العالم الثالث ـ وهي تستجدي مصيرها، حتى وهي تحتفل بخرابها، وأفولها.
لكن هل ثمة صدمة، جمالية، في الأقل، لهذا الضرب من الفن وقد أعاد للصورة دور اللغة في التمويه، كما في أساطير الماضي وهي تمجد الآلهة، أم أن سلام عمر، يؤدي الدور ذاته لحامل (الكفر) دون ارتكابه...؟
إن مجتمعا ً من غير فن، بالبداهة، ليس مجتمعا ً. لأن إنسان ما قبل التاريخ، لم يتكون، إلا بالفن. فالصدمة الأولى ستكون ذهبت مع الريح، في مجتمعات منشغلة، حد الموت، باختراع تصادمات لا تطرد الإبداع الفني، بل تحول الإنسان ذاته، إلى سلعة، لكنها سلعة خالية من الميتافيزيقيا. وهذا ما سمح للتدمير أن يتوغل في بلدان كانت تنعم بقناعة الصمت، في الأقل، ليتم تفكيكها، كما تم تفكيك (الذرة)، في فاتحة القرن الماضي، ليتم الاحتفال بالإبادات الجمعية، وما ستتركه من آثار عميقة ليس بموت (الفن)، أو موت (الإنسان)، بل بجعل الحياة تمضي كحكاية أعدت خاتمتها لها قبل أن تكون لها مقدمات.
سيقال: هل هذا المعرض الجذاب للسلاح ـ ولنتخيل تاريخ الأسلحة، منذ الرمح، السهم، السيف، المدفع، الصاروخ عابر القارات، وصولا ً إلى الأسلحة الناعمة، ما بعد الذرية ـ يمتلك قدرا ً من إثارة الدهشة، أو الصدمة، أو الاستفزاز، بالخيال السائد لدى النخب، وليس لدى الملايين إلا الانشغال بالبحث عن: الخبز، والهرب من الاجتثاث، والمحو..؟
ربما لم يترك سلام عمر، للفن، إلا الأثر؛ الصدى وقد سكن العلامة، أسوة بكنوز المتاحف الحربية، لا تمتلك إلا مرورا ً شبيها بمرور الأطياف، لكنها لا تمتلك رغبة بإعادة فجيعة الأسئلة: كم قتلت، وكم هو عدد ضحاياها. فالفن الذي يحرض على إثارة الأسئلة، أما يخاطب من لا يفهم شيئا ً، أو يخاطب الذين لا تساعدهم المعرفة إلا على تجنب الخوض فيها. فهل ثمة (قسوة) أكثر بلاغة، من تحول القسوة إلى صورة، لا تقارن، إلا بالحلوى، والعاب الأعياد، والانتصارات التمويهية، أو بالعروض السحرية للأسلحة التي لا تترك ألما ً، بل ولا حتى ذكرى ما لغيابها؟!
26/12/2016



#عادل_كامل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدنان المبارك/ من السنما الى مشفرات السرد
- رماد وقصص قصيرة اخرى
- قصة قصيرة/ بانتظار من يعيد القراءة
- قصة قصيرة/ انتفاضة البعوض
- رفاهية وقصص قصيرة اخرى
- المستنقع وقصص قصيرة اخرى
- قصة قصيرة/ تقرير غير مؤكد حول العدم
- قصة قصيرة/ السيرك
- في المكتبة/ اصدارات فنية وجمالية ونقدية
- قصة قصيرة/ التحقيق لم يكتمل بعد
- في معرض طبيعة عراقية/ لا خيار لنا سوى الجمال
- في المكتبة الجمالية/ ذاكرة التشكيل الحديث في العراق [محمود ص ...
- عطر وقصص قصيرة اخرى
- خزافزن عراقيون ابتكارات فنية تعيد قراءة ثوابتها
- ذئاب وقصص قصيرة اخرى
- جحيم وقصص قصيرة اخرى
- قصة قصيرة/ هكذا تكلم النمر
- قصة قصيرة/ ممرات الزمن
- اله المواشي وقصص اخرى
- قصة قصيرة/ الماء والوحل


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل كامل - في التشكيل العربي المعاصر/ في مشروع سلام عمر الجمالي -تقسيم-