|
رأي قانوني هل ستؤثر حالة شارون الصحيّة على موعد الانتخابات؟
يوسف جبارين
الحوار المتمدن-العدد: 1423 - 2006 / 1 / 7 - 10:10
المحور:
القضية الفلسطينية
تأتي الأزمة الصحية الحادة التي ألمّت برئيس الحكومة الاسرائيلي، ارئيل شارون في خضم حقبة زمنية ذات خصوصية (وحساسية) قانونية وسياسية غير عادية. فوفقا للوضعية الدستورية- القانونية الحالية فان الحكومة هي بمثابة "حكومة انتقالية" وذلك على اثر صدور أمر بحل الكنيست مؤخرا وتعيين موعد الانتخابات في الثامن والعشرين من آذار القادم بموجب الاتفاق الذي تم بين رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، والاحزاب الكبيرة. ومن ناحية الصلاحيات فان الحكومة الانتقالية تتمتع تقريبا بكافة صلاحيات الحكومة العادية، لربما باستثناء القرارات ذات الابعاد المصيرية على عمل الحكومة المنتخبة القادمة. ويحق للحكومة الانتقالية تعيين وزراء جدد (من بين اعضاء الكنيست الحاليين) دون الحاجة الى تصديق من الكنيست على هذه التعيينات كما هي الحال عادة. وبحسب البند (16) من "قانون أساس: الحكومة"، فانه اذا ما تعذّر على رئيس الحكومة، بشكل مؤقت، القيام بمهامه الرسمية؛ ينوب عنه القائم بأعماله. ولا يميّز القانون هنا بين رئيس حكومة انتقالية او حكومة عادية. وبما ان التشريعات الدستورية تسعى لضمان فاعلية كافة الصلاحيات دون انقطاع؛ يتمتع القائم باعمال رئيس الحكومة في هذه الحالة بصلاحيات كاملة كتلك التي يملكها رئيس الحكومة، دون أي نقصان. وهكذا بعد دخول شارون المستشفى في حالة صحية تمنعه من القيام بمهامه ولو مؤقتا، تم نقل صلاحياته الى ايهود اولمرت بعد تنسيق (هاتفي) ما بين المستشار القضائي للحكومة وسكرتير الحكومة. ورغم ان القانون الاسرائيلي لا يحدد بوضوح ماهية الوضعية او الظروف التي يجب ان تتوافر حتى يتعذر فيها على رئيس الحكومة القيام بمهامه؛ لم يترك رأي الاطباء المختصين مجالا للشك من الناحية القانونية والسياسية بوجوب نقل الصلاحيات. (وهكذا كانت،بالمناسبة، المفارقة بنقل صلاحيات شارون منه في نفس اليوم الذي تم فيه تسجيل حزبه الجديد). ما هو مدى تأثير هذه التطورات على تاريخ الانتخابات؟ يمكن القول، باقتضاب، انه من المستبعد ان تؤدي هذه التطورات الى تغيير الموعد المقرر لكن المعطيات القانونية قد تحمل بعض المرونة. "قانون أساس: الحكومة" يوفر فترة اقصاها مئة يوم يستطيع خلالها القائم باعمال رئيس الحكومة مواصلة اشغال مهامه رئيسا للحكومة. ومع انتهاء هذه الفترة ينظر القانون الى الحكومة وكأنها حكومة مستقيلة. وعندها وخلال فترة اقصاها سبعة ايام على رئيس الدولة تكليف احد اعضاء الكنيست بتشكيل حكومة جديدة. في الظروف القانونية الحالية في البلاد والتي بحسبها من المقرر ان تجري الانتخابات خلال حوالي الثمانين يوما (اي اقل من فترة المئة يوم المذكورة) فانه من غير المتوقع ان تؤثر حالة رئيس الحكومة على موعد الانتخابات في 28/3. أما في حالة وفاة رئيس الحكومة، فان القانون يمنح الكنيست صلاحية تأجيل موعد الانتخابات اذا ما صوّت الى جانب التأجيل ثلثا أعضاء الكنيست (80 عضوا) على الاقل، وذلك شريطة ان تتوافر "ظروف خاصة" تحول دون اجراء الانتخابات في موعدها. (وقد حدث ان توافرت هذه الظروف عام 1973 حين تم تأجيل موعد الانتخابات لشهرين اثر اندلاع حرب أكتوبر). إن أي قرار بشأن تأجيل موعد الانتخابات سيكون خاضعا لامكانية الطعن امام محكمة العدل العليا، علما انه من غير الواضح قانونيا ما هي عينيَّا الظروف الخاصة التي اذا نشأت فقد تسمح بتأجيل الانتخابات، كما ان مدى حدة المراجعة القضائية التي ستوفرها المحكمة يظل محض تخمينات. تجدر الاشارة ايضا ان الكنيست الحالية لم تكمل دورة كاملة لمدة اربع سنوات، بعد. وفي حال وفاة رئيس الحكومة على رئيس الدولة ان يكلف احد اعضاء الكنيست بتشكيل حكومة خلال اسبوعين، وفي هذه الحالة فان من يشكل الحكومة يكون رئيسا للحكومة الانتقالية حتى تأليف الحكومة الجديدة بعد الانتخابات. وفي ظل التوترات السياسية القائمة فانه من المتوقع ان يكون للمستشار القضائي للحكومة دور فاعل في تفسير الوضعية القانونية الناشئة في كل حالة وحالة، علما ان تفسيراته تخضع لمراجعة محكمة العدل العليا. والسؤال هو: هل ستدور الاحداث لتستقر الكرة الانتخابية في ملعب محكمة العدل العليا؟ هذا السؤال ليس ضربا من الخيال وهو يذكرنا بما حدث في انتخابات الرئاسة الامريكية قبل الاخيرة حين حسمت المحكمة العليا الفدرالية المنافسة بين بوش وآل غور، لصالح الاول.
(الكاتب إخصائي حقوقي ومحاضر جامعي)
#يوسف_جبارين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|