|
في العَجَلة .. النَدامة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5374 - 2016 / 12 / 17 - 12:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يمُرُ بلدٌ ما ، بظروفٍ صعبة ويُعاني من أزماتٍ حادّة ويئنُ ناسه من الحرمان وسوء العَيش ، فأن قادته وحكامه ، في العادة ، يتصرفون بأقصى سُرعة ، ويُأجلون إلتزاماتهم غير الضرورية ، بل ويقطعون زياراتهم ويعودون على الفَور ، لِمُعالجة الأوضاع . إلاّ في أقليم كُردستان العراق ، فلا حاجةَ للإسهاب في كَم الأزمات المُستفحلة ، والحدود الخطرة التي وصلتْ إليها معاناة شرائح واسعة من المُجتمع ، والخلافات والتقاطعات بين الأحزاب السياسية ... ورغم كُل ذلك ، فأن أصحاب القرار في السُلطة ، أي الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ، ليسا مُستعجلَين البتّة .. فحتى بعد كلمة السيد " مسعود البارزاني " قبل حوالي الشهر ، التي وردَ فيها بأنهُ مُستعد للتخلي عن رئاسة الأقليم ، ودعا الأطراف السياسية لترشيح شخصٍ آخر مكانه ، ودعا الأحزاب السياسية للجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد حلول للمشاكل الراهنة ، فأن الخطوات العملية التي أعقبَتْ ذلك ، ولا سّيما من قِبَل حِزبَي السُلطة ، كانتْ بطيئة كثيراً وغير جّدية بدرجةٍ كافية . وأدناه بعض المُلاحظات : * الحزب الديمقراطي الكردستاني ، من الناحية الفعلية ، مُسيطرٌ على معظم إيرادات النفط والغاز وكذلك لهُ اليد الطولى في العلاقات الخارجية . ويتصرفُ بالفعل وكأنهُ " الحزب القائِد " . إضافةً إلى ان جميع ممثلي الديمقراطي ، سواء في بغداد أو أربيل وفي جميع المواقع ، يعزفون على نفس النغمة ويرددون نفس الطروحات . * الإتحاد الوطني الكردستاني ، رغم محاولات رأب الصدع الداخلي ، فأنهُ مُقّسَمٌ بصورةٍ دراماتيكية ، وهذا الإنقسام يُؤثِر سلباً على مُجمل الحالة في الأقليم . ومن مظاهِر الإنقسام : كُتلة الإتحاد في مجلس النواب العراقي ، نّسقتْ مع حركة التغيير والحزبَين الإسلاميَين ، من أجل تمرير مشروع ميزانية 2017 ، والتي ألزَمتْ فيها الأقليم بتصدير 550 ألف برميل نفط يومياً من خلال " سومو " وتدفع بغداد بالمُقابِل رواتب موظفي الأقليم ورواتب البيشمركة . إلا ان الإجتماع الأخير لمجلس وزراء الأقليم ، والذي صدرَ عنهُ بالإجماع قرارٌ برفض مشروع ميزانية بغداد لسنة 2017 لأنه ليس في صالح الأقليم ، فأن ممثلي الإتحاد كانوا موجودين في الإجتماع ، ولم يصدر عنهم ، ما يُخالِف ذلك . وهذا يُناقِض تماماً ، ما قامتْ به كُتلة الإتحاد في مجلس النواب في بغداد . أصبح من الشائِع ، ان يدلي قيادي في الإتحاد ، بتصريحات متشددة ضد سياسة حكومة الأقليم بصدد علاقتها مع بغداد وإنعدام الشفافية في ملف النفط والغاز .. وبعدها بساعات فقط ، يخرج قيادي آخَر من الإتحاد ، بتصريحات مُهادِنة ومُنسجمة مع سياسة الحزب الديمقراطي . * بما ان أغلب الإنتقادات تصبُ على الحزب الديمقراطي ، فأنهُ المَعني بصورةٍ رئيسية بأن يُبادِر إلى إيجاد حلول . ولكن مُجرَد القيام بتشكيل وفدٍ مُفاوِض ، إستغرقَ عدة أيام ، ثم بدأ بزيارات في أربيل ، لأحزاب ثانوية لاتُؤثِر فعلياً على مُجريات الأحداث ، كالأحزاب التركمانية والمسيحية والحزب الشيوعي ..الخ . وحتى زيارته للإتحاد الإسلامي ، كانتْ على الأغلب ، لجَس النبض أولاً وتثبيتْ " حيادية " الإتحاد الإسلامي ثانياً ! . في حين لم تبدأ المحادثات والمفاوضات الجدية ، مع كُل من حركة التغيير والإتحاد الوطني ، بعد . ويبدو ان " التماطُل " وتضييع الوقت ، يتقاسمه كُل من الديمقراطي والإتحاد ، من خلال : - إنعقاد مؤتمر الإشتركية الديمقراطية الدولية ، في السليمانية ، برعاية الإتحاد الوطني ، وإنشغال قيادات الإتحاد بهذهِ الفعالية . وكأننا نعيش في تَرَف حياة مُستقِرة هانئة ، لاينقصنا شئ ، سوى عقد مؤتمرات عقيمة لا طائل من وراءها . - إنشغال قيادات الحزب الديمقراطي ، ببعض مراسيم التعازي ، لعدة أيام . - سَفر السيد " كوسرت رسول " إلى إيطاليا ، لإستلام جائزة تكريمية من إحدى المُدن الإيطالية . في حين كان في إمكانهِ إيفاد أحد مُساعديهِ للإنابةِ عنهُ والإعتذار بسبب إنشغالهِ بحل أزمات الأقليم ، لكنه لم يفعل وسافر ووفَر حجةُ إضافية لتأجيل المفاوضات . - التسابُق المحموم ، في عقد كونفرنسات ومؤتمرات ، في كُل من الجامعة الأمريكية في دهوك والجامعة الأمريكية في السليمانية ومراكز البحوث في أربيل ، ودعوة شخصيات عالمية وأكاديميين وحضور كبار المسؤولين الحكوميين والحزبيين في الأقليم ، تحت يافطات كبيرة . طبعاً ، ان إنشغال معظم المسؤولين الفاعلين ، في هذه المؤتمرات ، هو أحد أسباب التلكؤ في البدء بمحادثات جدية بين الفرقاء السياسيين . - تنظيم تظاهُرات وتجمعات في أربيل ودهوك وغيرها ، للتنديد بتصريحات نائبة في مجلس النواب العراقي ، وإنتظار ردود أفعال من الجانب الآخَر ، من أجل إشغال الناس بهذه الأمور الصغيرة . ..................... بما أننا إقترَبنا من نهاية العام وحلول أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة ، فمن المنطقي " حسب مقاييس الساسة في الأقليم " ، أن تُؤَجَل جميع محاولات عقد إجتماعات بين الديمقراطي وحركة التغيير والإتحاد الوطني ، إلى مطلَع عام 2017 ... لسببٍ وجيه : إرتباط العديد من المسؤولين الكبار ، بمواعيد سفر الى الخارج بمناسبة الأعياد . وليسَ من المعقول أبداً ، إلغاء رحلات أولئك السادة .. بينما بالمُقابِل ، يُمكن بسهولة ، أن يتحمل الناس ، شهراً آخَر أو شهرَين أو حتى أربعة ، لأنهم تعّودوا على ذلك ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هزيمةٌ شنيعة للمالكي وحزب الدعوة
-
29% من نفوس الأقليم ، مُستلمو رواتِب
-
أسئِلةٌ وأجوبة
-
هل سيشعل الكُرد شرارة حربٍ جديدة بالوكالة ، في الشرق الأوسَط
...
-
حّجي حّسان
-
بَرْدٌ وإنجماد
-
هل مِنْ نهايةٍ لمُسلسَل - مجهولون - ؟
-
مُرّشَحين لخلافة البارزاني
-
حول الموصل . الوضع الحالي والآفاق
-
الميراث
-
نحنُ وترامب
-
بعدَ ستينَ سنة
-
حنفية المطبخ المكسورة
-
تحرير الموصل ... وما بعده
-
بابا .. بابا .. لقد أخذتُ عشرة
-
لَمْ تَعُدْ نكاتكُم تضحِكَني
-
أللهُمَ ... كَما قُلْتُ لكَ البارِحة
-
كَمْ نحنُ محظوظون
-
سُمّاقٌ .. وصورٌ تذكارية
-
مُؤتمر KNK السادس عشر . مُلاحظات 3
المزيد.....
-
تطورات الحادث الجوي في واشنطن.. طائرة ركاب اصطدمت بمروحية عس
...
-
مصادر لـCNN: اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب بالقرب من واشن
...
-
فيديو استقبال محمد بن سلمان وأداء صلاة الميت على الأمير محمد
...
-
كيف تتم عملية تبادل الرهائن في غزة؟
-
اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب تحمل 60 شخصا بالقرب
...
-
يكثر استهلاكه في المنطقة العربية.. الحليب الحيواني الأكثر فا
...
-
إسرائيل: 11 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم هذا الأسب
...
-
تصادم طائرة ركاب مع مروحية عسكرية قرب مطار ريغان بالعاصمة ال
...
-
عاجل | رويترز: طائرة ركاب تابعة لخطوط جوية أميركية اصطدمت بط
...
-
ترامب يستعد لإعلان قرار يهم طلاب الجامعات المتعاطفين مع حماس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|