نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1422 - 2006 / 1 / 6 - 11:10
المحور:
الادب والفن
مثل برتقالة تعطش بصباح أخيلة خريفها ، أعمارنا دهنت بريقها بطين التخفي رهبة من شيخوخة مبكرة .ورغم هذا يقول الحب في منطق هيام الروح والقلب المجروح : إن العاطفة مثل غيمة صيف لا تمطر إلا والشمس طالعة .
ولأنني أحب البرتقال لأنه يمنح البحارة أمل الوصول إلى المرفأ ولا يصابون بالإسقربوط ، صرت أتفاءل بهذه الثمرة وأتمنى أن يكون اسم المراة التي املكها برتقالة حتى اقتل ظمأ شوقي بالليمون الذي بين شفتيها لكن ليس كلما يتمنى المرء يدركه ...
فالمراة التي جلست على دكة باب حياتي اسمها فجلة ..وبين الفجل والبرتقال كالذي بين منجم الفحم ومنجم الماس . وفجلة التي أغراني فيها دلال مشيتها وحاجة تغريبة الحرب إلى جسد ينسيك اللحظات الحرجة لا تعرف في حياتها سوى هرس الطبيخ وقلي السمك ورش ساحة البيت بالماء وهي تغني بصوت يسمعه كل الجيران أغنية أم كلثوم : حيرت قلبي معاك .
احك رأسي واتسائل عن أي حيرة تتحدث فجلة ما دامت في كل مرة أعود إلى البيت تتعمد أن تقف قبال رف الكتب وتصرخ وتسب ماركيز ومعدن المنغنيز وكل شعراء الإنديز ..
قيل لها لماذا ؟
قالت : لإتهم يسرقون متعتي .
هم لا يصدقون إن أجمل متعها هو الشخير والتمدد على الحصير والنوم في اليوم المطير ، ورغم هذا ينصحني الجيران بمنح فجلة كامل حقها الدستوري والاجتماعي.
ــ أي حق وهي مثل الدجاج البياض لديها درزينة أولاد ؟
فترد ــ حتى لو مليون . أنا من حقي أن أصير أفضل من هذه الكتب أي كانت فائدتها .
وهكذا ... أنستني فجلة أشواق البرتقال ومحتويات الكتب . استلمت إلى طغيانها ، وتحولت من روح ثور إلى ماكنة لإنتاج الفراخ ...
وحين أمر على محل الفاكهاني وأتأمل البرتقال لا يغريني شيء فيه ، فمجرد تأمل لونه الشهي يطل رأسها الكبير كطاق من الطين وهو يهتف كما مارش عسكري : أريد حقي كزوجة .
وكم تمنيت أن يكون للبرتقالة فم لتصرخ بدلا عنها : وأنا أريد حقي كبرتقالة .
لكنها لم تفعل . وظلت جالسة في السلة الصغيرة إلى اللحظة التي جاء بها مشتري وببرود أعصاب دفع ثمنها وقشرها أمامي ..ثم رماها في جوفه وهي تذرف الدموع بغزارة .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟