سلمان عبد
الحوار المتمدن-العدد: 5372 - 2016 / 12 / 15 - 00:17
المحور:
كتابات ساخرة
كان المحافظ سابقا يسمى " المتصرف " او عاميا يطلق عليه " المُصرّف " والمحافظة كانت تسمى بــ " اللواء " فكان يطلق على محافظ كربلاء مثلا " متصرف لواء كربلاء " . الا ان الامر تغير الان كما هو معروف .
وقد تعاقب على محافظة كربلاء الكثير من المتصرفين او المحافظين ، فمنهم من لم يعد يتذكره احد على طريقة " ان حضر لم يعد وان غاب لم يفتقد " أي انه تسنم المنصب ولم يترك اثرا ابدا وكان نصيبه النسيان لا بل كان البعض منهم عرضة للتنديد ، ومنهم من لازال يذكربكل اجلال واحترام لما قدمه للمحافظة من خدمات او مشاريع مهمة كان يسعى لها بكل جهد و مثابرة تنطوي على احساس بالمسؤولية فكان له الذكر الطيب . ومن هؤلاء المرحوم عباس البلداوي .
في سنة 1955 ، رأيت بنفسي سيارات مصلحة نقل الركاب تجوب مدينة كربلاء ، وكنت استخدمها للذهاب الى المدرسة ( ثانوية كربلاء ) لأن بيتنا يبعد عنها مسافة كبيرة في العباسية الشرقية " الدخانية " وقد اصدرت المصلحة وقتها بطاقات للطلاب بسعر رخيص كنت اقتنيها واستعملها لمدة شهر ويمكن تجديدها ، وكان وراء هذا المشروع متصرف ( محافظ ) كربلاء الاستاذ المرحوم عباس البلداوي .
ويذكر الاستاذ عبود الشالجي في كتابه " موسوعة الكنايات البغدادية " عن هذا الرجل فيقول :
كان المرحوم البلداوي مثالا للعفة والاستقامة والخلق الكريم ، وليَّ القضاء فكان قاضيا مثاليا ، ووليَّ الادارة فكان اداريا مثاليا ، وقدحصلت معه قصة عندما كان متصرفا في لواء ( محافظة ) كربلاء وخلاصتها :
( انه انشأ مشروعا لنقل الركاب داخل اللواء بسيارات باص كبيرة ، وقامت بالعمل شركة زودت المشروع بسيارات باص المانية ماركة " مارسيدس " ، وبعد ان انجزت الشركة عملها ، واستوفت اجرها ، تقدم مديرها الى المتصرف وقدم اليه " هدية " من الشركة ، ظرفا يحتوي على عشرة الاف دينار ، فلم يغضب رحمه الله ، ولكنه قابل المدير ببشاشة وقال له : اني اشكرك واشكر الشركة على هذا اللطف ، ولكني ارجو منك ان تقدم هذه الهدية الى ادارة البلدية التي يعود مشروع الباصات اليها ، حيث انها مكلّــفة بالقيام بمشاريع كثيرة تحتاج الى بذل ، وهذا المبلغ يعينها على القيام ببعض تلك المشاريع ، وتم الامر وفقا لأقتراحه ، اذ قدمت الشركة ذلك المبلغ تبرعا منها للبلدية ) .
وللقصة تتمة : ( ففي الاسبوع الذي ردّ فيه العشرة الاف دينار ، قدِم عباس البلداوي الى بغداد ، واقترض مني مائة دينار اشترى بها ملابس له ولاولاده ) .
عرب وين طنبورة وين ؟
#سلمان_عبد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟