|
الإرهاب واحد ....والوسائل متعددة
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 5371 - 2016 / 12 / 14 - 16:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإرهاب واحد....والوسائل متعددة راسم عبيدات بسبب تعارض وتعدد المصالح والأهداف،لا يمكن ان نصل الى تعريف محدد وواضح للإرهاب،وخصوصاً بأن الإرهاب الذي تمارسه دول أو جماعات او أفراد يهدف الى زعزعة الأمن والإستقرار في بلد ما بإستخدام وسائل العنف أو العمل على فرض نظام أو سلطة ما على شعب بخلاف إرادته او إحتلال أرض شعب والعمل على طرده وترحيله قصراً وإحلال مجتمع أخر مكانه.
الأنظمة الإستعمارية التي هي نتاج رأسمالية متغولة ومتوحشة هي أكثر الدول ممارسة للإرهاب وتوظيفاً للجماعات الإرهابية خدمة لمصالحها واهدافها،فهي تتناقض وتتعارض مع ما تحمله وترفعه وتدافع عنه من قيم الحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتعددية وتقرير المصير،عندما يتعارض ذلك مع مصالحها واهدافها ونفوذها،وهي لا تتورع عن منح الجماعات الإرهابية ألقاب قوى جهادية او مناضلة من اجل الحرية والديمقراطية أو معارضة سياسية او مسلحة وحتى لا نبقى في العام فلا بد من تحليل ملموس لواقع ملموس.
أمريكا عملت على دعم أنظمة فاسدة وديكتاتورية ،مارست كل أشكال القمع بحق شعوبها،وعملت على قلب أنظمة حكم جاءت للحكم بشكل ديمقراطي على انقاض أنظمة مغرقة في الديكتاتورية والفاشية،فهي من قادت الإنقلاب على نظام مصدق في ايران عام 1953 والذي جاء للحكم بشكل ديمقراطي وأتت بالشاه محمد رضا بهلوي صنيعتها كملك لإيران بديلاً عنه، وكذلك قادت الإنقلاب على حكم السلفادور الليندي الذي فاز في تشيلي في الانتخابات بشكل ديمقراطي ضد الطاغية بينوشيه في نوفمبر عام 1970،ولتعيده للحكم في سبتمبر 1973 ،رغم سجله الحافل بالتعذيب والفساد والديكتاتورية،ودعمت قوى إرهابية ضد الأنظمة الديمقراطية في كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا وغيرها من البلدان الأخرى،وليس هذا فحسب،بل وظفت قوى إرهابية لخدمة مصالحها وأهدافها ومشاريعها،فعلى سبيل المثال وظفت وأستخدمت ما يسمى بقوى الجهاد العالمي والعرب الأفغان،من اجل طرد الروس من أفغانستان،تحت شعار الجهاد ضد الكفرة والنظام الشيوعي هناك،وليصبغ عليهم الرئيس الأمريكي الراحل ريغان صفة المناضلين من اجل الحرية،وما أن إنتهى دورهم ومهمتهم، حتى جرى اتهامهم هم وجماعة "القاعدة" بن لادن باحداث 11 سبتمبر وتفجير البرجيين،وبانهم مجموعة من القتلة والإرهابيين،ولتشن عليهم حرب بلا هوادة ،جرى على أثرها إحتلال أفغانستان وقتل بن لادن صنيعة أمريكا.
وليس هذا فحسب فأمريكا هي الداعم الرئيسي لإسرائيل في كل جرائمها وتعدياتها وتجاوزاتها وخرقها للقانون الدولي والدولي الإنساني،وكل الإتفاقيات والمواثيق الدولية،فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف،فهي من تمنع صدور أي قرارات او فرض عقوبات على دولة الإحتلال "إسرائيل" في المؤسسات الدولية وبالتحديد مجلس الأمن الدولي نتيجة لخرقها وعدم تطبيقها او تنفيذها لقرارات الشرعية الدولية. أمريكا التي صنفت "داعش" و"النصرة" كتنظيمات إرهابية،لم تقم بأي دور فاعل في محاربتها أو تصفيتها،بل عملت وفق سياسة الإحتواء المزدوج،تقديم الدعم لها من سلاح ودعم لوجستي ومخابراتي وغيره،وتوجيه ضربات ديكورية وشكلانية لها في العراق،لكي تستمر في خدمتها وتحقيق أهدافها ومصالحها في العراق وسوريا،بالعمل على تدمير البلدين وتفكيك جيشيهما،وتفكيك وتقسيم جغرافيتيهما وإعادة تركيبهما بما يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل وقوى الإستعمار الغربي،في إنتاج سايكس- بيكو جديد قائم على التخوم المذهبية والطائفية. ونحن نجد التناقض في المواقف الأمريكية في التعاطي والتعامل مع الجماعات الإرهابية،حيث يجري محاربة "داعش" في العراق،وبالمقابل يجري دعمها في سوريا،بمعنى التعاطي المزدوج والإنتقائي مع هذه الجماعات،وفق مدى انسجامها وخدمتها للأهداف والمصالح الأمريكية،وليس على قاعدة أنها جماعات إرهابية،قد تخرج عن طوع وسيطرة مشغليها وبالتالي تشكل مخاطر على البشرية والإنسانية والمجتمع الدولي بأكمله،حيث وجدنا بأن تلك الجماعات في إرتدادها الى الدول التي حضنتها ووفرت لها الدعم،قد قامت باعمال إرهابية ضربت اكثر من بلد ودولة،ولكن رغم ذلك استمرت عواصم تلك الدول بتوفير الدعم والحضانة والرعاية لها،وخاصة واشنطن،باريس ولندن. في الوقت الذي تتعامل به أمريكا والغرب الإستعماري مع الدول والجماعات والأفراد الممارسين للإرهاب،ليس وفق قاعدة محددة ومعايير واحدة وواضحة،إرتباطاً بالمصالح والأهداف،نجد أنها تتنكر لحق الشعوب في الحرية والإستقلال والإنعتاق من الاحتلال،وكذلك استخدام القوة من اجل تغير أنظمة حكم قائمة لا تتفق وسياستها العدوانية،وخير شاهد ودليل على ذلك،فهي تنكر على الشعب الفلسطيني حقه في التخلص من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة،وتصف نضاله وتنظيماته السياسية ب"الإرهاب" و"الإرهابيين"،في حين تقول بحق إسرائيل التي تمارس الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني،في الدفاع عن نفسها في مواجهة "الإرهاب" الفلسطيني،وكذلك نرى المثال بشكل صارخ في سوريا،حيث تدعم أمريكا ودول الغرب الإستعماري وأدواتها الإقليمية (تركيا) والعربية (مشيخات الخليج العربي) الجماعات الإرهابية من القاعدة ومتفرعاتها "داعش" و"النصرة" وغيرها من التشكيلات والألوية الإرهابية والتكفيرية،من اجل إسقاط وتغيير نظام الحكم في سوريا،رغماً عن إرادة الشعب السوري. نحن ندرك تماماً بأن الإرهاب عابر للقارات والمذاهب والطوائف،وليس مرتبطاً بمذهب أو دين معين،أو فئة أو جماعة ذات صبغة سياسية محددة، ولكن ما يجري ويمارس من إرهاب يضرب المنطقة العربية على وجه التحديد،حيث نجد بأن هناك محاولات جادة وحثيثة لوسم الدين الإسلامي بأنه دين قائم على القتل والعنف والإرهاب،وهذا نتاج لإختطاف الدين الإسلامي من قبل جماعات مغرقة في التطرف والإقصائية،توظف الدين لخدمة أغراضها وأهدافها،وتشوه جوهر وحقيقة الدين الإسلامي القائم على التسامح والمحبة،وهذا يجري في ظل عدم قيام المرجعيات الدينية وعلى وجه التخصيص السنية منها،بإدانة ورفض مثل هذه الأفعال والأعمال الإجرامية من قتل يجري بطرق وحشية وبوهيمية،وإستهداف لدور العبادة والعلم والأسواق والأماكن العامة،وبما يضعف من تعاطف العالم معنا عندما يتعرض المسلمين كما يجري في نيجيريا وبورما للقتل على الهوية بطرق وحشية.
ولذلك في عالمنا العربي والإسلامي بات مطلوباً ،أن يبدأ التغيير الآن برفض الفساد والاستبداد السياسي وسيطرة التطرف الإسلامي المنفلت،وإقامة نظام مدني حقوقي يرعى حقوق الأقليات قبل الأكثرية،ويعيد الدين إلى مكانه الطبيعي داخل المسجد والكنيسة لا يتعدى أبوابهما ،بعيدا عن المشترك الاجتماعي العام،وإعادة صياغة دستور كامل المدنية يقوم على عقد اجتماعي يرعى الصالح العام لكافة المواطنين على التساوي، وإلا فإن القوادم ستكون أفدح من السوالف . القدس المحتلة – فلسطين
14/12/2016 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بعد حيفا....ما بعد حلب
-
في الذكرى التاسعة والعشرون لإنتفاضة الحجر
-
ما بعد انتخابات مؤتمر فتح السابع.....؟؟
-
مسلحو حلب,,...................إما الإحتثاث او الرحيل
-
-الأسرى ومؤتمر المقاطعة-
-
كاسترو زعيم بحجم ثورة
-
احتراق العقل العربي
-
قرارات وثيقة مؤتمر عشائر الخليل...العبرة في التنفيذ
-
حلب للحسم العسكري...واليمن للحل السياسي
-
القدس......الأقصى .... الإستهداف المستمر ؟؟؟
-
فوز ترامب ...إنتصارُ لليمين فهل يتعظ العرب...؟؟
-
مدرسة -الجيروسلم- مسح للهوية الوطنية الفلسطينية
-
سُعار اسرائيلي بعد قرار -اليونسكو-
-
القدس.......مشاريع تهويدية مستمرة
-
في الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم
-
ستون عاماً على مذبحة كفر قاسم والدم الفلسطيني نزفه مستمراً
-
المصالحة ....والدوران في الحلقة المفرغة
-
مبادرة شلح .....برنامج وطني مكثف
-
نهاية الحقبة السعودية في لبنان
-
عن أزمة الغرفة التجارية.....ووقفية القدس
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|