أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المشماش - الحلْقة في المغرب مدرسة أولى














المزيد.....


الحلْقة في المغرب مدرسة أولى


محمد المشماش

الحوار المتمدن-العدد: 5369 - 2016 / 12 / 12 - 00:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في أيام الدراسة في الابتدائي عندما كنت أدرسُ في مدرسة باب الخوخة ذكور التي تحولت فيما بعد لإعدادية الأمل بالمدينة القديمة بفاس, أتذكر كل يوم الإثنين و الخميس كنت أنتهي من الدراسة على الساعة الرابعة زوالا و كنت أحظر معي عشر ريالات (نصف درهم مغربي),أربعة ريالات أشتريها زريعة سوداءْ من الدكان المقابل للمدرسة و ستة دريالات الأخرى أخصصها لصاحب الحلْقَة و كنت أقصد "راس القليعة" (ساحة في المدينة العتيقة بفاس) لكي أتفرج على الحلْقة, في الحلْقة كان شيخا (لا أظن على أنه لا زال قيد الحياة) كان يسرد علينا قصص الأنبياء و الرسل بطريقة هزلية, كنتُ مدمنا على حصصه أتابعها بنهمٍ شديد, كان الجميع يفضل حلقة (البوكسور) أو المْسـيَح الفكاهي الكبير و كنت أقول في قرار نفسي لماذا يقصدون حلقة العنف و يتبارزون من أجل لا شيء (يمكن أنهم كانوا متأثرين بمحمد علي كلاي الذي لم أكن أشاهد مبارزاته) أما "المْسيَح" كنت أتابع مسرحياته كذلك رغم أنها كانت متشابهة كانت تستهويني النكت الجنسية و نكت المقارنة بين الفاسي و العروبي, و العلاقة بين الرجل و المرأة, و خصوصا عندما كان يستل مزماره العجيب من جيب سترته الرثًة لكي يعزف موسيقاه الخاصة.

أجلس القرفصاء في مقدمة حلقة الرجل الشيخ بأدب و تركيز شديدين لم أكن أفكر في المراجع التي يستند إليها, هل هي كتب مقدسة, أم كتب تاريخ؟ فمنظر المجلدات كلها تشبه القرآن (أدركت هذا من بعد), المهم أنه كان يغريني مشهد المجلد الكبير الذي كان يقرأ منه قصص الأنبياء و الرسل, لأنه كان يختلف عن شكل الكتب المدرسية المملة, كان يحكي لنا عن مغامرات الأنبياء مع المشركين الذين لم يقتنعوا بفضائل النعم التي يجلبونها, من خلاله عرفت على أن الإسلام ليس هو الدين الوحيد الموجود و أن النصارى و اليهود ليسوا كفارا كما يقول إمام مسجد الجمعة في خطبته الذي كان يدعي عليهم بالموت و الدمار و الطوفان و العواصف و تيتيم أبنائهم و ترميل نسائهم, دائما راودتني هذه المقارنة بين رجل الحلقة الشيخ البسيط الذي كنت أتابعه في صغري و إمام خطبة الجمعة الذي تابعته فيما بعد و الذي يجلب آلاف المصليين بمسجد التجموعتي بحي سيدي بوجيدة, الإمام الذي تحول بقدرة قادر من معدم فقير إلى أحد أغنياء المدينة حتى أصبح يحضر يوم الجمعة أو إلى دروس و ندوات جمعية الأمل التي كانت تأطر مراهقي حزب إسلامي (هم أصلا لم يكونوا على معرفة بذلك) بحراس شخصيين و سيارة رباعية الدفع مع العلم أنني لم أستفد منه شيئا غير دعواته على الكفار و اليهود و النصارى, في حين شيخ الحلقة الذي لا أظن أنه أغتنى من قطعنا النقدية الصفراء التي لا تسمن و لا تغني من جوع, ترك في مخيلتي أثرا كبيرا جعلني أبحث في الكتب الكبيرة عن أسئلتي المتواضعة.

هكذا أدركت أن تعليم لا يلقن مباديء الشك و النقد و التساؤل, تعليم ينبغي رميه في سلة المهملات, تعليم لا فائدة منه, إنه ينتج نخب مقولبة, على شاكلة الآلات الفاقدة للوعي أو الزومبي أو الشيخ مول الصابونة أو الشيخ السار أو الشيخ الكبير الذي يلقبونه بمفكرهم العظيم الذي يبحث عن الدولة المدنية في فكر ابن تيمية أو لا أدري أشياء كهذه لا تشبه الإنسان. المهم من هذا المجد لشيخ الحلقة الرجل المتواضع الذي لا أعرف حتى اسمه.



#محمد_المشماش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطابو بين الديني و الثقافي و السياسي
- من علمنة الوعي إلى علمنة السياسة
- اسبينوزا و الدولة المدنية
- عذرا أمَي!
- المرأة بين تصوري جون ستيوارت ميل و فرويد
- فرويد وأوهام الحضارة
- فرويد,الإيروس و الموت
- فرويد,في الحب و الجنس
- هوس اللاشعور
- في التسامح و الدوغما
- شعوب السكيزوفرينيا لا علاقة لها بالتسامح
- جحيم -داعش-,من المتضرر أكثر الشرق أم الغرب؟
- الحب بين الميثولوجيا الإغريقية و النهضة الأوروبية
- العنف و السلطة في فكر أرندت


المزيد.....




- السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته ...
- نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف ...
- -الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر ...
- السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
- نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران ...
- نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب ...
- كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
- تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
- -مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت ...
- مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المشماش - الحلْقة في المغرب مدرسة أولى