الإسلام لا يحكم بقتل المرتد

حيدر عباس هادي

الحوار المتمدن-العدد: 5368 - 2016 / 12 / 11 - 12:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يدعي الملحدون أن من أشد الإشكالات التي يطرحوها على الدين الإسلامي هو حكم قتل المرتد والمرتد هو الفرد الذي يدخل في الدين الإسلامي ثم يتنكر له و يخرج منه . ولكن هذا الحكم لا ينسجم مع ما يحمله الإسلام من تسامح حين قال نبي الإسلام (ص )جئتكم بالرسالة السهلة السمحاء فلا ينسجم مفهوم السهولة والتسامح مع حكم القتل لترك الإنسان لذلك الدين ولا يمكن أن يكون خاتم الديانات السماوية بهذه الشدة . وعلينا إن أردنا فهم أحكام الإسلام أن نأخذها من مصدرها الأول وهو القرآن الكريم ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه والذي أنزله الله وهو له حافظ من أن تطاله يد التحريف واصابع التزييف. وإن أردنا أن نستنطق القرآن حول مسألة الارتداد وحكمها نجد أن القرآن قد أجاب عن هذه المسألة في موردين وهما الآية 217 في سورة البقرة حيث قال سبحانه (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) وفي سورة المائدة الآية 54 (ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) هذا ما ذكر عن المرتد في القرآن فأين حكم القتل فيه؟؟ الموضع الأول نوه الله سبحانه إلى عاقبة الارتداد وهي حالة حبط الأعمال في الدنيا والآخرة وفي المورد الثاني ذكر الحق سبحانه انه غني عن من يرتد فمن أين جاء حكم القتل ؟
وإذا كان النبي (ص) يمثل أسمى تطبيق عملي للإسلام وهو المشرع الأول بعد أحكام القرآن الشرعية وهو الكاشف لما خفي منها والدليل على فك رموزها وهو الترجمة العملية للرسالة السماوية لم يحكم بقتل المرتد فمن أين جاء هذا الحكم ؟؟ ربما يقول قائل متسائلا لم يكن مرتدين إبان حياة النبي (ص) ؟؟؟
أقول نعم ولكن وبشكل صريح تذكره أمهات كتب السير وتاريخ الإسلام و بشكل جلي لا يقبل الشك وتتفق عليه كل الفرق الإسلامية ألا وهو صلح الحديبية الذي تم بين المسلمين ومشركي قريش والذي تضمن شرط مهم جدا وهو أن لا يسمح للمسلمين استقبال مسلمين جدد من قريش خلال فترة الصلح وبالمقابل إذا رجع شخص من المسلمين إلى مكة وأنكر اسلامه لا يحق لمحمد المطالبة به. وقد وافق النبي (ص)على هذا الشرط وامضاه وبهذا يكون النبي قد وقع على وثيقة تحمل شرط عدم قتل المرتد.
وإن أشكل أحد قائلا إن المسلمين كانوا ضعافا فوافق النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الشرط ؟؟؟ أقول كل المصادر التاريخية مثل صحيح مسلم و كتاب الجهاد والسير وغيرها ممن تعرضت لهذه الحادثة تصرح بأن صلح الحديبية تم وقد كان المسلمين بموقع قوة لا موقع ضعف بل على العكس كانت قريش بموقع ضعف وإلا لما وافقت بالسماح للمسلمين بالحج بعد حين .
وبهذا يكون حكم المرتد أجنبي عن الإسلام إذ لم يحكم به الله سبحانه ولم يقره رسوله (ص) ومع شديد الأسف أجد معظم المذاهب الإسلامية تحكم بقتل المرتد ولم نجد ذلك الحكم لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله (ص) عندما كان عدد المسلمين قليل ويحتاجون لمن يزيد عديدهم وقد يخلخل إيمان بعض المسلمين في ذلك الوقت الارتداد لأنهم حديثي عهد بالإسلام فكان خطر الارتداد أكبر وأشد وطأة ومع ذلك لم يحكم بقتل المرتد اما الآن وعديد المسلمين يتجاوز المليار فما أثر المرتد ليحكم بقتله؟ ؟ ومنذا يتجرأ ويعطي حكما لم يقره الله ورسوله؟ ؟ خصوصا إذا كان الحكم يخص قتل إنسان. فليت المفكرين الإسلاميين يلتفتوا إلى حكم الله وسيرة رسوله. ....

#حيدر_عباس_هادي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات