|
في الذكرى التاسعة والعشرون لإنتفاضة الحجر
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 17:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الذكرى التاسعة والعشرون لإنتفاضة الحجر بقلم :- راسم عبيدات لم تكن انتفاضة الحجر-الإنتفاضة الأولى- عابرة في سفر النضال الوطني الفلسطيني الممتد والمتواصل منذ بداية الغزوة الصهيونية الأولى لفلسطين وحتى يومنا هذه،حيث عوامل استدامته ما زالت قائمة حتى يومنا هذا،وستبقى قائمة ما دام الإحتلال جاثم على صدورنا ناهب لأرضنا ومتنكراً لحقوقنا ووجودنا.
هذه الإنتفاضة كانت محطة هامة من محطات النضال الوطني الفلسطيني،وادخلت الى قاموس نضال الشعوب مصطلح الإنتفاضة،هذه الإنتفاضة التي كان مفجرها الأساس عنجهية وغطرسة الإحتلال،حيث صدمت احدى شاحناته العسكرية في قطاع غزة في يوم 7/12/1987 مجموعة من العمال الفلسطينيين المتجهين الى اعمالهم في فلسطين المحتلة عام 48،ليسقط اربعة منهم شهداء والعديد من الجرحى وفي اليوم التالي،يوم 8/12/1987،انفجر بركان الغضب الفلسطيني من مخيم جباليا مسقط رأس العمال الشهداء،وليمتد لهيب الإنتفاضة الشعبية من القطاع الى كل الضفة الغربية،وليتوحد الكفاح والنضال والدم الفلسطيني على طول وعرض مساحات الوطن،هذه الإنتفاضة قبل التطرق الى ما يميزوها فعلينا القول،بأن من اهم عوامل اندلاعها،هو الرد على محاولة تهميش منظمة التحرير الفلسطينية والإلتفاف على وحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني. إندلعت الإنتفاضة ولكن رغم ان شراراتها كانت عفوية،إلا ان الفصائل استطاعت ان تلتقط اللحظة المناسبة،حيث عملت على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة كهيئة أركان تقود الشارع الفلسطيني،تضع الخطط والبرامج وتحدد المطالب والهدف الناظم لها،واليات التنفيذ،وتصدر توجيهاتها وتعليماتها للجماهير الفلسطينية في بيانات دورية للمهام المطلوب العمل على تنفيذها،وكيفية العمل على استدامتها وتطويرها،وتحدد شعارها الناظم بالحرية والإستقلال،وتبقي على قنوات اتصال دائمة مع القيادة الفلسطينية في الخارج وبالتحديد في تونس،حيث ان القيادة الموحدة كانت الذراع الكفاحي لمنظمة التحرير.
المشهد الانتفاضي اليومي لهذه الإنتفاضة الشعبية،التي تميزت بالزخم والحشد الشعبي الواسع المشارك في أنشطتها وفعالياتها،حيث مختلف الشرائح الإجتماعية شاركت فيها وتوحدت خلف قيادتها ومطالبها،طرق مسدودة بالحجارة والسواتر الترابية وشبان يتمترسون خلف اطارات مشتعلة جاهزون لرمي الحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الإحتلال،سحب كثيفة من الدخان الاسود تغطي السماء،جامعات ومؤسسات تعليمية مغلقة،والحديث عن التعليم الشعبي البديل،الأعلام الفلسطينية مرفرفة تزين اعمدة الهاتف والكهرباء وتتزين بها الأسوار وجدران المنازل،والشعارات الوطنية والفصائلية تخط على الجدران من أجل استنهاض الجماهير ودعوتها لمواصلة الكفاح والنضال الشعبي،وتوجيه التحية لشبان الإنتفاضة وتمجيد الشهداء والإشادة بصمود الأسرى الأبطال وتضحياتهم،بيانات (قاوم) في كل مكان،العودة للاقتصاد البيتي،نساء وفتيات يشاركن بفعالية في الانتفاضة،والاطر النسوية واللجان الشبابية تنشط في زيارة الجرحى وبيوت الشهداء،رائحة الدم والموت تنتشر في كل مكان،احتلال فقد السيطرة،الاعلام يفضح ويعري ما يسمى بديمقراطية الإحتلال،جنود بعربات مصفحة يواجهون اطفالا مسلحين فقط بالإرادة والحجارة ومصممين على نيل حريتهم واستقلالهم،الإحتلال يحظر على وسائل الإعلام تغطية فعاليات الإنتفاضة من أجل محاصرة لهيبها المشتعل. سعى شعبنا الفلسطيني من خلال هذه الإنتفاضة الشعبية لتحقيق حلمه بنيل حريته واستقلاله،ونقل شعار الدولة الفلسطينية من الإمكانية التاريخية الى الإمكانية الواقعية،وكذلك الى إطلاق سراح كل أسرانا في سجون الإحتلال فلسطينيين وعرب،ووقف "تغول" المحتل على المواطنين والتجار الفلسطينيين عبر فرضه للضرائب الباهظة عليهم،ولعل الخلاف في الإجتهادات السياسية،أحدثت حالة من البلبلة والإرباك في القيادة الفلسطينية،فهناك من رأى بأن لا بد من الإستثمار السياسي لهذه الإنتفاضة الشعبية،استثمار سياسي متسرع،قادتنا الى دهاليز مؤتمر مدريد،ومنذ اتفاق المبادىء،اتفاق أوسلو ايلول 1994،الذي رأى فيه البعض ممراً اجبارياً،ونحن ندفع ثمن ذلك المزيد من التفكك على المستوى الوطني والمجتمعي،ناهيك عن ما فعله هذا الإتفاق،من تقسيم للأرض الفلسطينية الى معازل و"جيتوهات" مغلقة،وليستمر النزف الفلسطيني ويتصاعد،نحو الإنقسام المدمر المتواصل،والذي يفعل فعله في الجسد الفلسطيني كالسرطان،وليضيف لحالة الضعف الفلسطيني ضعفاً أخر،وليستغل الإحتلال حالة الضعف الفلسطينية هذه،ودخول الحالة العربية في حروب التدمير الذاتي والحروب المذهبية والطائفية،وإنتقال العديد منها لتطبيع علاقاتها مع المحتل على أكثر من صعيد ومستوى،ولتصل حد التنسيق والتعاون العلني،والحرف لبوصلة الصراع بإعتبار أن المحتل "اسرائيل" ليست الخطر المباشر على أمننا القومي وأمتنا العربية ووجودها،بل ايران،وكذلك تعطل الإرادة الدولية بسبب اشتباك أقطابها الرئيسية روسيا وأمريكا في معارك وحروب لها أولوياتها على القضية الفلسطينية،ما يحدث في سوريا ولبنان واليمن،ويضاف لذلك صعود القوى اليمينية المتطرفة في أكثر من بلد أوروبي،ووصول "ترامب" الجمهوري المعروف بيمينيته وتطرفه الى سدة الحكم في أمريكا،كل هذا شجع الحكومة اليمينية المغرقة في التطرف في دولة الإحتلال،من أجل تكريس المزيد من الوقائع والحقائق بالقوة على الأرض،عبر "تسونامي" استيطاني يلتهم مدينة القدس،ويسرع في تهويدها وأسرلتها،وكذلك تكثيف الإستطيان وتصعيده في الضفة الغربية لخلق دولة للمستوطنين فيها،تمهيداً لضمها لدولة الإحتلال،كما يخطط لذلك أقطاب اليمين الصهيوني المتطرف نتنياهو – نفتالي وليبرمان. بعد تسعة وعشرون عاماً على انتفاضة الحجر التي فشلنا فيها في نقل شعار الدولة الفلسطينية من الإمكانية التاريخية الى الإمكانية الواقعية،واضح بأن حلمنا في تحقيق ذلك يتباعد،حيث الحالة الفلسطينية الضعيفة والمنقسمة على ذاتها سببٌ مباشر في ذلك،وكذلك قياداتنا بكل الوان طيفها ليست على مستوى التحديات والمسؤوليات،تغلب مصالحها ومكتسباتها وإمتيازاتها الفئوية والحزبية على المصالح العليا للشعب الفلسطيني،والحل كل قوانا وفصائلنا تدركه جيداً،ولكنها لا تعمل على ترجمته الى فعل على أرض الواقع لا انتصار بدون انهاء الإنقسام واستعادة الوحدة الوطنية على اساس برنامج سياسي واستراتيجية موحدتين. القدس المحتلة – فلسطين
9/12/2016 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بعد انتخابات مؤتمر فتح السابع.....؟؟
-
مسلحو حلب,,...................إما الإحتثاث او الرحيل
-
-الأسرى ومؤتمر المقاطعة-
-
كاسترو زعيم بحجم ثورة
-
احتراق العقل العربي
-
قرارات وثيقة مؤتمر عشائر الخليل...العبرة في التنفيذ
-
حلب للحسم العسكري...واليمن للحل السياسي
-
القدس......الأقصى .... الإستهداف المستمر ؟؟؟
-
فوز ترامب ...إنتصارُ لليمين فهل يتعظ العرب...؟؟
-
مدرسة -الجيروسلم- مسح للهوية الوطنية الفلسطينية
-
سُعار اسرائيلي بعد قرار -اليونسكو-
-
القدس.......مشاريع تهويدية مستمرة
-
في الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم
-
ستون عاماً على مذبحة كفر قاسم والدم الفلسطيني نزفه مستمراً
-
المصالحة ....والدوران في الحلقة المفرغة
-
مبادرة شلح .....برنامج وطني مكثف
-
نهاية الحقبة السعودية في لبنان
-
عن أزمة الغرفة التجارية.....ووقفية القدس
-
المستثمرون في معركة الموصل
-
قرار -اليونسكو- .....انتصار للحق الفلسطيني
المزيد.....
-
الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال
...
-
قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا
...
-
الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
-
أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
-
اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي
...
-
-فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست
...
-
العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
-
سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|