أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني محمد ناصر - صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 1















المزيد.....

صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 1


أماني محمد ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 1421 - 2006 / 1 / 5 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


إن نسيتُ .. فلا أنسى تلك البحيرة التي كانت هادئة هذا الصباح كهدوء حبِّك لي .. والتي أبدعتها اليد الإلهية، وكان لنا فيها لقاءات لا تُنسى ...
فهنا ... تنهد الصباح بأجمل إشراقة للشمس وأبدعها منظراً ..
وهنا ... اغتسلت أرواحنا بدموع من اللهفة والحنين ... ولثم خدودنا نسيم قادم من وراء هذه البحيرة ليضفي على دموعنا الصفاء والنقاء ...
وهنا تحادثت العصافير عن قصة مارغريت الذائبة العاشقة لفاوست...
ومرَّ الغروب ملامساً أمواج البحيرة الصافية وحوّلها لمرآة سحرية تعكس لون الأفق الأرجواني فتضفي على أفئدتنا سحراً ما بعده سحر ...
وهنا ... تناثر الشوق عطراً ففاح عبير الربيع منه ياسميناً وارتعش الياسمين من عطر الشوق...

كنتُ جالسة قبالة هذه البحيرة أفكر بالألم الذي خلّفه غيابكَ عني ...
رحتُ أنعم النظر فيها ... شاردة في أيامٍ كنتَ فيها الأكثر جمالاً والأكثر عذاباً ...
ولولا شعوري بالألم في هذه اللحظات ... لكنتُ استمتعتُ بمنظر هذه البحيرة وذكرياتي معها ...
ولكن الجرح الذي حَفَرْتَهُ في قلبي ... عاد ينزف !!!
كنتُ أتناول فنجان قهوتي الصباحي على ضفاف هذه البحيرة ... وأذكر جلساتنا وحبكَ للقهوة وولعكَ بها ...
كانت قهوتك مُرَّة كمرارة الحرمان الذي أشعرتني به منذ اللحظة الأولى التي اعترفتَ لي فيها بحبك، وكشفت أمامي أوراق قلبك ...
كنتُ أدرك بشعور الأنثى وحدْسها أن الطريق بيننا مسدود ... وأنني في النهاية سأعود وحدي محمّلة بآلامي وأحزاني ودموع يأسي ...
ولكم أحرقتني تلك الدموع ... !!
كنتُ في إجازة قصيرة بعد أن شاركتُ في مؤتمر للمكفوفين ... قيل إنني: قد أبدعتُ فيه... وحينما تسلمتُ شهادة التقدير من قبل رئيس المؤتمر ... لم أكن سعيدة بها كغيري ... بل كنتُ حينها أفكر بك وأنا في قاعة التكريم وأضع يدي على قلبٍ قد انفطر لشدة ما أحبكَ، وسط تصفيق جمهور اعتقد أنني أضع يدي على صدري شاكرة له ...
ويا لشقاء صدرٍ أحبكَ لحدّ الألم !!!
عدتُ إلى مقعدي وكلي شوق إليكَ ... أوّاه منها لوعة المشتاق !!!
كنتُ أتمنى أن تكون معي في هذه اللحظات التي أحنّ فيها إلى وجهكَ الملائكي ... ويدك الذهبية وعينيك اللوزيتين..!!
إلى كل ما فيك ...
دمعتكَ التي لم أرها آخر لقاء بيننا ... ولكنني شعرتُ بها ...
صفاء عينيكَ واخضرار قلبك ...
ضجيج غضبكَ ... وكل شيء.. كل شيء.. كل شيء!!!
وما زلتُ أذكر كل كلماتك ... وكل الجراح التي غرستَها في صدري ...
كمْ يحلو لكمْ معشر الرجال أن تجرحوا الأنثى التي تهواكم ...!!!
أَتَعْلَمْ ؟! …
حتى تلك الجراح أفتقدها وأتوق إليها ...
وما بين جرح وآخر يموت أمل فيّ، ويحيا يأس ، وما بين الأمل واليأس ألف عبارة " ابقَ معي " ...
يدمرني نزيف حبي الدامي لك ... نزيف من القلب إلى القلب!!!...
يأخذني إليكَ حنيني المجروح ... فتعيده إليَّ دماءً مبعثرة ...!!!
وعدتُ بذاكرتي إلى ما قلتَهُ لي :
" أستأذنكِ... أريد أن أغسل وجهي من حرِّ الصيفِ"..
ولم يخفَ عني كعاشقةٍ أنكَ تريد أن تغسلَ الدموع التي خلَّفتْها لك لحظات صمتي وغضبي !!!
قلتَ لي: إنّ آخر لقاء بيننا قد أراك أشياء لم ترها من قبل لشدَّ ما آمل أن يكون ذلك حقاً.
فهمتُ قصدك … ولكنني اتخذتُ له بكبرياء الأنثى المجروحة منحىً آخراً…
فأنتم معشر الرجال لكم يحلو لكم أن تروا دمعة الأنثى التي لملمت ما تبقى من عمرها لتضعه أمانة بين أيديكم …
لشدَّ ما أتمنى أن يكون آخر لقاء بيننا قد أراكَ حقاً ما لم تره من قبل...!!!
لشدَّ ما أتمنى أن يكون قد أراكَ خوفي من مستقبلي معكَ...
مستقبلي الذي تريده كما تريده أنتَ وحدك وليس كما نريده نحن الاثنان معاً!!
ولشدَّ ما أتمنى أن يكون قد أراكَ رغبتي الجامحة بك وبأن يحتويني صدركَ ... وشوقي إليكَ ونيراني التي تحاوطها بمائك، تنثر عليها بضع قطرات حتى لا تنطفئ !!!
لعلّكَ رأيتَ ... من الأشياء التي لم ترها من قبل.. مقدار الألم الذي سَبَّبْتَهُ لي طوال سنة ونصف السنة ... ومدى ألم احتضار الهوى حينما كنتُ أمامك أنثى تتفتّحُ لك، ولك وحدك وروداً، ولكنك ويا للأسف نسيتَ أن تسقي ورود الحديقة !!!
ولعلك رأيت أيضاً كيف كنتُ نبضات قلب يموت بك ويحيا لك !!! ... ويعشقُ موته لأجلك ... ويكره حياته بعيداً عنكَ!!!
كنتُ أحاول الاستشفاء من حالة العشقِ التي راودتني طيلة هذه المدة ... فأنا وفي اللحظة التي كنتُ أتسلّم فيها شهادة التقدير والجمهور يصفق لي ...كنتُ أسلّّمكَ شهادة فشلي في تجربتي معكَ وقلبي يقطر دماً ...
"ولتشفى من حالة عشقية ـ كما تقول أحلام مستغانمي في روايتها عابر سرير ـ يلزمك رفاة حبٍّ ، لا تمثالاً لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق ، مصرّاً على ذيّاكَ البريق الذي انْخطفْتَ به يوماً . يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس إليكَ ...
أنت من يتأمل جثة حبٍّ في طور التعفن ، لا تحتفظ بحبٍّ ميت في براد الذاكرة ، اُكتُبْ ، لمثل هذا خُلِقَتِ الرواياتُ ... "
لكأنَّ أحلام كانت تعيش بقلبي ... تطّلِعُ على تمزقي بعشقي ... لتكتب بذكائها العاطفي إحساسي الممزق وإحساس كل عاشقة مثلي .
كنتُ شاردةً بكل آمالي بكَ التي استحالت منك آلاماً ... ومنظر البحيرة يأسر قلبي... وكنتُ حينها أهيم حزناً على ضفافها ... أنظر إليها فلا أرى إلاّ وجهكَ يتراقص على صفحة مائها ...
أغرف قليلاً من مائها بيدي ... فأرى وجهك من جديد في يدي ...
تتسارع نبضات قلبي ... ويخفق فؤادي ألماً لفراق فؤاد هذه البحيرة!!!...
فعلى هذه الصخرة شربنا معاً من نقائها !!!
وتحت هذه الشجرة جلسنا نستظل من حرِّ الهوى، ونستخرج خمراً يُسكر أفئدتنا ...
وهنا كانت لنا بصمة أبدية لأروع حكايا الحب ...
وهنا ... وتحديداً في هذا المكان ... وعلى هذه الصخرة البيضاء ... وقرب هذه الشجرة ... قدّمتَ لي دون أن تدري أيقونة سُكٍر ... أولها سُكّر وآخرها علقم ... وقدمتُ لكَ وليتك كنتَ تدري أيقونة عشق أبدية.. أولها عشق وآخرها هذيان!!
فكوني اليوم لي خمراً أيتها البحيرة ... أسكر به لأنسى آلامي وأحزاني... كوني نبيذاً أحمر يرِّطبُ وحدتي ويؤنس وحشتي ...
كوني صرخة ألم من هوى يكاد يفتك بفؤادي ... علَّ الصوت يصل إلى الحبيب فينتزعني من صمتي ويأسي..
كوني راوية ... تروي قصة ألمي مع حبيب تركني ... أهذي وحدي على شاطئك اللازوردي أزرع أحلاماً وأجني أوهاماً ...
كوني اليوم لي صديقة أيتها البحيرة ... أبثّها أشجاني ...
اجمعي ما تبقى من أشلاء حبي وانثريه وروداً على وسادة حبيبي..
كوني ترنيمة سحرٍ أتغنى بها لمن تركني وحدي، أعاني سطوة الألم!!!
ودعيني أنهل من أعماقك عبراتٍ أبكيها حزناً على فراق أجمل لياليكِ !!!
كنتُ كاتبة مقالات عاطفية ... أكتبُ بضعاً من أحاسيسي وأحاسيس غيري وأنشره في بعض المجلات والصحف..
وكنتَ بعد كل لحظة نشوة تجمعنا تسائلني :
- أكتبتِ شيئاً ؟!
أقول لك :
- ليس بعدُ ...
فتعود لتسألني مازحاً :
- هل تنتظرين أن آتي لَكِ بدفتر وأقلام ؟
أجيبك على رأي أحلام مستغانمي :
- " لتكتب ، لا يكفي أن يهديكَ أحد دفتراً وأقلاماً ، بل لا بد أن يؤذيكَ أحدٌ إلى حدّ الكتابة " ...
ولهذا تراني الآن أكتب قصتي معكَ !!!
قصتي التي ابتدأتَها بحب هادئ عميق ... وأنهيتَها بسطوة الألم ...
قصتي التي ابتدأتَها بالحب الذي أهداني وروداً ... وما أسرع ما تذبل الورود !!!
الحب الذي سألني يوماً : من أنتِ ؟!
من أنا !!! ؟!
أنا الغريبة التائهة بلا عنوان !!!
أنا الوجود الضائع بين أشلاء الأماني !!!
أنا المتهمة بحبي !!! وما ذنب المحب حبيبي ؟!!!…
وهاأنا ذا في المكان نفسه … وحيدة… أشيدّ ممالك الذكرى … ذكرى الأحبة الذين رحلوا … أضيء ماضي الليالي المطفأة ...
أنا !!! ... أنا التي تحترق جمراً لتصبح رماداً خامداً بعد ليل غريب طويل ...
أنا !!! أنا التي تصرخ الآه منكِ يا ليالي الشوق ... يا مساءات الحريق...



#أماني_محمد_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغروب الشمس معنىً آخر
- خبّرني يا طيرْ 1
- نداءاتي2
- نداءاتي1
- سواد النفط والأقزام الأربعة
- فجل ونعنع
- معاملة أسرى الحرب وانتهاك الولايات المتحدة الأميركية وإسرائي ...
- ! مس... كول
- ملحق كليلة ودمنة
- فنجان قهوة... ولفافة تبغ... وهوى
- نظرات وذكريات مؤلمة
- أمريكا ماما والأربعون إرهابي
- ليلى والخنزير
- رايس في بلاد العجائب


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني محمد ناصر - صفحاتٌ من رواية -سطوة الألم- 1