|
هل سيشعل الكُرد شرارة حربٍ جديدة بالوكالة ، في الشرق الأوسَط ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5356 - 2016 / 11 / 29 - 20:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقلم : نيكولا ديكلي إيبوستي 27/11/2016 نيشنال إنتريست ترجمة : امين يونس .................. أشياءٌ كثيرة تغّيرتْ ، منذ ذاك اليوم من نوفمبر 2013 ، حين خاطبَ " رجب طيب أردوغان " و " مسعود البارزاني " ، الحشد الهائل في دياربكر ، كُبرى المُدن الكردية ، إحتفالا أو إحتفاءاً ، بالصداقة الأبدية بين الأتراك والكُرد . ففي السنوات الثلاثة اللاحقة ، تخّلتْ تركيا ، عن سياسة الإنفتاح تجاه الكُرد ، والآن هي في حربٍ مُجّدداً ضد حزب العُمال الكردستاني PKK . مركز مدينة دياربكر أصبح مسرحاً ، لحصارٍ طويل منذ عدة أشهُر ، وتتعرض الأحزاب المُؤيدة للكُرد ، للتهديدات المُستمرة بالمنع . حكومة أقليم كردستان العراق KRG ، التي يقودها الرئيس البارزاني ، تُقاتِل ضِدَ دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشرق ISIL ، التهديد الأكبر الذي واجَهَ الأقليم الكردي منذ 1990 . وقيادة الأقليم ، تُكافِح مع وجود أزمةٍ مالية ، ومُنافِسين سياسيين جديين . لكن من الأشياء القليلة التي لم تتغَيَر ، هي الشراكة القوية بين الزعيمَين ، وتلك العلاقة ستكون لها آثار حاسمة ومصيرية ، على عملية تحرير الموصل . عملية تحرير الموصل من داعش ، التي ستُعيد السيادة العراقية على ثاني أكبر المُدن في البلاد ، ستطيح بطموحات اللاعبين الأقليميين في الحصول على غنائم الحرب . ومن بينهم حكومة أقليم كردستان ، التي ستربح الكثير من جهة وتخسر الكثير أيضاً من جهةس أخرى . الرئيس مسعود البارزاني ، قَد وعدَ شعبه ، بأن الإستفتاء على الإستقلال ، سيعقب الحرب الجارية ، الإستفتاء في الأقليم وكذلك في المناطق المتنازع عليها ، التي حّررها البيشمركة من داعِش . الإستقلال هو ذاك الحلم الذي يُراوِد الغالبية العُظمى من الكُرد ، لكن كما يبدو ، فأن الطريق إلى الإستفتاء تكتنفهُ عراقيل جّمة . الدَعوة إلى الإستقلال ، إنطلقتْ في جوٍ من تصاعُد عدم الإستقرار ، الناتج عن الحرب ضد داعش وتفاقُم الأزمة الإقتصادية ، التي قّوضَتْ شعبية الرئيس . سُلطة حزب البارزاني ، الحزب الديمقراطي الكردستاني KDP ، تُواجِه تهديداً مُتنامِياً ، مِنْ قِبَل منافسيها السياسيين ، لاسّيما منذ توقيع تحالُفٍ بين أكبر حزبَين مُعارضَين " حزب الإتحاد الوطني الكردستاني PUK ، و كوران حركة التغيير " . المُعارَضة أبدتْ الكثير من الفتور أزاء الإستفتاء ، والمراقبين سّلطوا الضوء على المخاطِر التي ستواجِه كردستاناً مُستقلة ، في مثل هذه المنطقة الهائجة العنيفة . الدولة الجديدة ، ستواجه في الواقع ، تحديات صعبة ، في علاقاتها مع جيرانها . قبل كُل شئ ، فأن التحسُن الحالي ، في علاقة أربيل مع بغداد ، مردهُ غالباً ، هو الحرب على داعش . ما سيترتب على تحرير الموصل ، سيفتح من جديد ، المسائِل المُعّلَقة غير المحلولة ، حول مُستقبل شمال العراق والمناطِق المتنازع عليها بين حكومة الأقليم والحكومة المركزية ، ومن ضمنها المناطق الغنية بالنفط في مدينة كركوك . في هذه القضية ، فأن إيران وسوريا ، على الأرجح ، ستدعمان العراق ، بسبب علاقاتهم القوية ضمن الدينامية الأقليمية ، وكذلك أيضاً ، بسبب تخوفهما من عواقِب دولةٍ كردية مستقلة قوية ، على الأقليات الكردية في بلديهما . في هذا السياق ، ان الشراكة المتينة بين أنقرة وحكومة أقليم كردستان ، بقدر ما هي حيوية وجوهرية ، فأنها تُشّكِل مُعضلة صعبة في نفس الوقت . هذه العلاقات تطورت مُؤخراً ، ولكن في سياقٍ مُختلف تماماً . فحتى نهاية مُتأخرة من عام 2000 ، فأن تُركيا لم تكُن ترى في كُرد العراق ، إلا مدعاة لِقَلِقٍ أمني ، على خلفية صراعها الطويل الأمد ضد حزب العمال PKK . تُركيا كانتْ ترى في الحُكم الذاتي المُتزايد في أقليم كردستان العراق ، كابوساً . تغيرتْ الأمور ببطأ في السنوات 2007 – 2009 ، عندما تبنى رئيس الوزراء حينها ، أردوغان ، سياسية كردية جديدة " الإنفتاح على الكُرد " وبدأ مفاوضات سلام مع حزب العمال PKK . في هذه البيئة السياسية الجديدة ، فأن علاقات أنقرة مع أقليم كردستان العراق ولا سيما مع البارزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني ، كانت لها مظاهِر مٌتعددة وكانت في صالح وفائدة الجانبَين . فمن جانب ، فأن أقليم كردستان ، أصبحَ سوقاً مُهّمة للصادرات الصناعية التركية ، وتدفُق الإستثمارات ساعد على إزدهار إقتصاد أقليم كردستان العراق . ومن جانبٍ آخر ، فأن حزب العدالة والتنمية التُركي الحاكِم AKP والحزب الديمقراطي الكردستاني KDP ، أظهرا درجةُ عالية من الإنسجام ، في سياستهما الإجتماعية المُحافِظة ، كما في نهجهما الودي تجاه الرأسمالية وموقفهما المُرّحِب بالمُمولين الدوليين . العلاقات مع البارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني PDK ، خَدَمَتْ أردوغان في تنافُسه مع الأحزاب الشرعية المُؤيدة لحزب العمال PKK ، والفوز بأصوات الكُرد في جنوب شرق تركيا . في نفس الوقت ، إستثمرَ البارزاني ، صداقته الجديدة ، لموازنة علاقاته المتدهورة مع العراق . .................. مما يُلاحَظ ، أن هذه العلاقة ، ومع تمتعها بتأييد من الولايات المتحدة والمُجتمع الدولي ، لكونها عامل لحفظ التوازن والإستقرار ، فأنها تُضفي تعقيداً على نمط الديناميكية في المنطقة . فتُركيا وإيران ، على طَرَفي نقيض في الحرب الأهلية في سوريا ، والإندحار الظاهِر لدولة الخلافة الإسلامية ISIL ، يُثير أسئلة حول مُستقبل كُل من شمال سوريا وشمال العراق . أنقرة أظهرتْ مُؤخَراً ، شهيتها ، للإضطلاع بِدَورٍ أساسي ، ما بعد مرحلة داعش ، في الموصل ، مما سيخلق توّتُراً مع بغداد وبالتالي مع طهران . حقيقة ، ان مواقف أحزاب المعارضة الرئيسية في أقليم كردستان " حزب الإتحاد الوطني وحركة التغيير " ، تعكسُ بطريقةٍ من الطُرق ، وتُعرب عن مواقف العراق وإيران ... وهذهِ علامةٌ على مدى تشابُك الديناميكيات الأقليمية مع الشؤون الداخلية في أقليم كردستان العراق . في السنوات القليلة الماضية ، إستطاع زعيم الحزب الوطني الكردستاني PUK ، توثيق علاقتهِ مع طهران ، كوسيلة لموازنة علاقة البارزاني مع تركيا . العديد من العوامِل التي تُشّدِد الخِناق ، على الأحزاب الكردية العراقية " الأزمة المالية / تحّزُب قوات البيشمركة / وتمديد فترة رئاسة البارزاني ... من المُمكن أن تتفاقَم بسهولة . في جَوٍ من ضبابية مُستقبل ولاية نينوى ، وإزدياد الضغط على حكومة أقليم كردستان ، فأن إنحياز الأحزاب الكردية للقوى الخارجية " تركيا وإيران " ، يُشكل أرضيةً خصبة لحرب شرق أوسطية أخرى ، بالوَكالة . الصراع المتجدِد بين تركيا وحزب العمال PKK ، هو عاملٌ آخَر ينبغي أخذهُ بِنظر الإعتبار . فسياسة أنقرة المنفتحة على الكُرد " التي سّهلَتْ التقارُب مع حكومة أقليم كردستان " قد دُفِنَتْ في صَيف 2015 . إصطنعَ أردوغان خطاباً قومياً ، ووصلت الحرب مع ال PKK إلى قمّة العُنف . التدخُل التركي في سوريا في آب 2016 ، خطوة إضافية لإحتواء تمدُد القوات الكردية المُرتبطة سياسيا مع ال PKK في سوريا . أن تقّبُل البارزاني ، لخطوة حزب العدالة والتنمية الحاكم AKP ، في هذه النُسخة من المعاداة للكُرد ، أثَرَتْ كثيراً على شعبيته في أوساط الرأي العام القومي ، وحتى في أوساط أنصاره أنفسهم . حزب العمال PKK ، رّدَ على علاقات تركيا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ، بالتحالُف مع حزب الإتحاد الوطني وتطوير علاقاته الخاصة مع إيران ... مما سيجعله طرفاً مُحتَملاً من المواجهات الكردية الداخلية . في مثل هذه الأجواء الأقليمية ، فأن إعلان حكومة أقليم كردستان ، من جانبٍ واحِد ، لدولةٍ مُستقلة ، سوف يجلب المزيد من عدم الإستقرار وخطر نشوب حربٍ أهلية . كُل القُوى الأقليمية المعنِية ، ترى في مُستقبل شمال العراق ك " لُعبة مُحّصلتها صفر " ، يجري الرهان فيها ، على إستقرار كُل من تركيا والعراق . في هذه الحالة ، فأن إنسحاب الولايات المتحدة من المنطقة ، رُبما سيكون العامِل الذي يُشعِل فتيل النار .ان فُقدان التعهدات من قِبَل إدارة ترامب ، بإتجاه التكامُل الأقليمي في العراق ، رُبما يُؤدي إلى تدخلات مُباشرة من إيران وتركيا ، مما سيكون له عواقب وخيمة . ما تزال الولايات المتحدة في موضعٍ يُمكِنها من لعب دور الوسيط ، لإيجاد حلٍ يُرضي جميع الأطراف . أولاً ، تأمين السيادة العراقية على سهل نينوى ، لمنع تفّكُك وإنحلال الدولة ، والإحتواء المُباشِر للعوامل الخارجية . ثانياً ، على العراق ، ان يتداول حلولاً جديدة للمناطق السُنية ، التي كانتْ او ما تزال مُحتلةً مِنْ قِبَل دولة الخلافة الإسلامية ISIL ، والتي من المُفترَض أن تتضمن نوعاً من الحُكم المحّلي . تستطيع تركيا أن تلعب دَوراً إيجابياً في هذه العملية ، عن طريق ترميم دَورها السياسي والإقتصادي الذي كانتْ تمارسه قبل مرحلة داعش ، من خلال السُنة العراقيين . ثالثاً ، المادة 140 من الدستور العراقي " التي وعدتْ بإجراء إستفتاءٍ في المناطِق المتنازَع عليها " يجب أن تُنجَز ، وبهذا سوف تُحّدَد أخيراً حدود أقليم كردستان . إذا كانَ سيجري إستفتاءٌ على إستقلال الكُرد ، فأن ذلك ينبغي أن يجري بالتعاون مع اللاعبين الأقليميين وضمن موافقات واسعة من المحاددين الأقليميين . ان توطين وإستقرار شمال العراق ، ما بعد دولة الخلافة الإسلامية ISIL ، سوف يُمّثِل جُزءاً مُهما جداً من نظام الشرق الأوسط الجديد ، وما زالَ في مقدور واشنطن أن تلعبَ دَور حفظ التوازُن والإستقرار ، وتمنع الفاعلين الدوليين من ملأ الفراغ .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حّجي حّسان
-
بَرْدٌ وإنجماد
-
هل مِنْ نهايةٍ لمُسلسَل - مجهولون - ؟
-
مُرّشَحين لخلافة البارزاني
-
حول الموصل . الوضع الحالي والآفاق
-
الميراث
-
نحنُ وترامب
-
بعدَ ستينَ سنة
-
حنفية المطبخ المكسورة
-
تحرير الموصل ... وما بعده
-
بابا .. بابا .. لقد أخذتُ عشرة
-
لَمْ تَعُدْ نكاتكُم تضحِكَني
-
أللهُمَ ... كَما قُلْتُ لكَ البارِحة
-
كَمْ نحنُ محظوظون
-
سُمّاقٌ .. وصورٌ تذكارية
-
مُؤتمر KNK السادس عشر . مُلاحظات 3
-
مُؤتمر KNK السادس عشر . ملاحظات 2
-
مُؤتمر KNK السادس عشر . مُلاحظات سريعة
-
المُؤتَمر القومي الكردستاني KNK السادس عشر
-
البصل .. وما أدراكَ ما البصل ؟
المزيد.....
-
فيديو لحافلات تقل مرضى وجرحى فلسطينيين تصل إلى معبر رفح في ط
...
-
قصف روسي لبلدة دوبروبيليا الأوكرانية يخلف جرحى وخسائر مادية
...
-
مقتل عشرة في قرية سورية سكانها علويون والسلطات تبحث عن الجنا
...
-
لمن سيصوت الألمان من أصول عربية خلال الانتخابات المقبلة؟
-
للمرة الأولى منذ 12 عاما.. أسير أردني يلتقي بطفله الوليد من
...
-
مجموعة لاهاي تكتل دولي لمحاسبة إسرائيل
-
حماس: حالة أسرى العدو تثبت قيم وأخلاق المقاومة
-
كاتب تركي: ترامب حوّل -الحلم الأميركي- إلى كابوس
-
الجميع متعبون والمزاج تغير.. الغارديان تلقي الضوء على أزمة ف
...
-
-مشهد مخيف هناك-: مراسل CNN يصف ما سببه تحطم الطائرة بمركز ت
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|