أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الله والزنزانة النص الكامل















المزيد.....



الله والزنزانة النص الكامل


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5356 - 2016 / 11 / 29 - 05:00
المحور: الادب والفن
    


الأعمال الكاملة
الدراسات (14)


د. أفنان القاسم


الله والزنزانة
عبد الله مطلق القحطاني





قحطانيات


















































إلى رائف بدوي











































المقدمة







































القحطاني والله
رأيي من رأي بازوليني: علم اللاهوت هو أحد فروع الأدب العجائبي، هناك من يقول الأدب الخرافي، هناك من يقول الأدب غير الواقعي، هناك من يقول كما قال بوكاتشي: ليس علم اللاهوت شيئًا آخر غير شِعر الله، فَغَرَفَ القحطاني من هذا الشعر ليسقي فرع الأدب الذي انْتَهَلَ تحليلي من مناهله، وكان للقحطاني الفضل في تأسيس نظرية "قحطانية" تدور حول الفضائل الإلهية، الإيمان والرجاء والمحبة، محورها الإنسان، فأخضع حكمة الفلسفة كما يرى باكون لعلم اللاهوت، ولم ينتج في كل كتاباته غير ما يُملي عليه العقل، وكأنه ينتج علمه الخاص به، فتصارَعَ مع السلف والخلف، الحق والباطل معياره، ولم يتردد عن قول ما لم يقله غيره في الصحابة، في الأئمة، في القساوسة، في فكرة الألوهية، بمعنى في الرب المسيحي قبل الله المسلم، وفي أدوات الحكم.

القحطاني والزنزانة
تهمة القحطاني والحكم عليه وتعذيبه مزحة، والله حلوه هادي! حلوة بالمفهوم الشعبي، التهكمي، وكأني ببطل كافكا يعود حيًا، تهمة عاقِبَتُها مُرَّة، مُرَّة؟ علقمية: ألف جلدة وسنوات طويلة في المعتقل، شيء من الروح الكتابية لفولتير، تمثيلية مضحكة يغلب فيها التهريج القمعي والمرح الدموي، فماذا تعني التهمة وقد تغير معناها مع القحطاني؟ وماذا يعني القانون؟ مأساة القحطاني تعيد إلى النقاش مجددًا مسألة الحرية في السعودية وفي العالم، فصمت العالم تهمة، وبالتالي الحرية ليست حرية، لنجدنا في قلب موضوع الحرية وفلسفة الوجود، لا أحد يمد له يد العون، لا أحد يرى الرجل البريء الذي تم تنفيذ الحكم الجائر فيه، لا أحد يشعر باختناقه في الزقاق الذي يعيش فيه، وكأنه يحمل الزنزانة على كتفيه أينما يذهب، وفي الزنزانة يضع روحه.

القحطاني ورائف بدوي
رائف بدوي يرزح تحت ثقل "الخطايا" في السجن الصغير وعبد الله مطلق القحطاني يرزح تحت ثقل "الخطايا" في السجن الكبير، لأنه لم يزل مطاردًا بجنحة خرافية كما لم يزل رائف بدوي مطاردًا بنفس الجنحة الخرافية، فكلاهما بطل من أبطال الأدب العجائبي الذي ينتمي إليه علم اللاهوت، لهذا تحولت مأساة القحطاني إلى فصل من فصول الكتاب المقدس للقمع كما تحولت مأساة بدوي إلى فصل آخر مضاف إلى هذا الكتاب المقدس للقمع، فصل آخر لا أخير، والجواب على كل هذا؟ إنه القانون! قانون العبث، نعم، عبث الجلاد، المتعة، متعة الجلاد، الجبن، جبن الجلاد، الرعب، رعب الجلاد.

القحطاني والعبودية
لا أريد أن أتكلم عن عبودية الحكم الوهابي، مئات آلاف المقالات كتبت في فضحها، ولم تؤت أُكُلَها. أريد أن أتكلم عن العبودية كأسر، كإكراه، كإخضاع، كتبعية، أريد أن أتكلم عن المستعبَد الذي يقوى كالقحطاني على رفع صوته، والذي لا يقوى على الدفاع عن نفسه، المستعبد كالقحطاني الذي يصبح البؤس والأمل لديه شيئًا واحدًا، الإعاقة والحلم شيئًا واحدًا، الشيء والإنسان شيئًا واحدًا. إنه الشكل المعاصر للعبودية، أعمق من شكلها الإثني، أبعد من بعدها الديني، أفظع من موديلها الهجري، عبودية القحطاني أن يسدد من عمره كل يوم يومًا كمن يبيع ابنًا.

القحطاني والحرية
يريد القحطاني جواز سفر، يريد السفر، يريد الزواج، يريد إطعام الحمام في ستوكهولم، يريد الحديث مع الثلج بدل الرمل ومع الشمس الباردة، يريد البحث عن فيكنج أصله من بلاد الحجاز، فلربما كان أباه، يريد قراءة القرآن باللغة السويدية، يريد الكتابة باللغة السويدية، في اللاهوتيات وفي غيرها، يريد الدخول في عراء الأشياء، يريد التفكير برأسه في السعودية من هناك، من أقصى مكان، ليراها أخرى، فوطنه يبقى شيئًا آخر، يبقى وطنه شيئًا آخر، وطنه يبقى، وطنه أمه، ووطنه يبقى أمه الأميرة.


باريس 2016.11.27





























قحطانيات1


































































علم السرد
لم أقرأ حتى اليوم دراسة عن الدين تكون فيها السرديات منهجًا، وبالتالي لم أجد ما هو جديد في الطرح نظريًا وفي الاستنتاج علميًا، الجديد في النظرة نعم، كما نرى عند عبد الله مطلق القحطاني، وفي التأمل، بينما يكون الجديد فيما نطبقه من أفكار، وفيما نستخدمه من طرق، وعلم السرد كنظرية وكمنهج مليء بالأفكار الجديدة والطرق الجديدة، ربما غدا قديمًا في الغرب بعد أن نهل الغرب من البنيوية في دراساته الأنتروبولوجية والإثنولوجية وباقي العلوم الإنسانية ما نهل، لكنه يبقى جديدًا بالنسبة لنا، وعلى أي حال الطرق والأفكار الأصيلة لا تشيخ، تتكيف مع مادتها في التطبيق، وبقدر ما تَنْفَح المادة بالجديد بقدر ما تستمد قوتها منها.

المقاربة النقدية
تتركز المقالات عن الدين -أقول مقالات فلا دراسات بالفعل هناك- على ملاحظات عامة حقًا لكنها قلما تكون ذكية، كما هو الحال عند عبد الله مطلق القحطاني، وهي لا ترقى إلى حد تشكيل تيار نظري، لأنها هي نفسها تبحث عن نظرية، تبحث عن منهج، فتقع في شَرَك الوصفية، بكلمات أخرى الوصف لا التحليل، الحكم لا المعايير، وغالبًا التشبيه لا التوضيح، وكلنا يعلم أن التشبيه ليس بحجة. مما يجعلنا نبقى ندور في فلك إعادة بناء للدين من حجره القديم، وفي ظننا أننا نرمي إلى تحديثه، وفي الحالات القصوى إلى نفيه، نفي دين على حساب دين آخر، أو نفي كل الأديان، وهذا ما أدعوه بسلبية القرابة، عندما يتعلق الأمر بالديانات التوحيدية الثلاثة، التي لا تهمني في هذا المقام، بل ما يهمني المقاربة النقدية لها التي لم تتطور اعتمادًا منها على علم السرد كمنهج وكنظرية، وإنما على انطباعات ذاتية أو تاريخية.

الأفكار النقدية
لن أنزع عن المقاربات الدينية التي لم تعتمد علم السرد كنظرية وكمنهج أهميتها، خاصة الذكية منها كما تعودنا عليه لدى عبد الله مطلق القحطاني، فهذه المقاربات مقدمة لا بد منها لهذا التيار النقدي تحت الشروط الموضوعية التي تمليها الحداثة: تاريخية فيما يخص المنقود بالنسبة لزمنه (قرآن، إنجيل، توراة...) وعلمية فيما يخص الناقد كذلك بالنسبة لزمنه (تقليدي، تجديدي، بنيوي...). واعتمادي التحليل السردي للمقاربة –انتبه- للنصوص التي قاربت الدين لا للدين، فالمقاربة للدين مغامرة كبرى لن أخوضها اليوم في حديثي عن كتابات عبد الله مطلق القحطاني، اعتمادي إذن التحليل لمقاربة النصوص التي قاربت الدين سيركز على الكيفية التي تمت فيها رؤية الأشياء، لأنير الطريق، بفضل علم السرد كمنهج وكنظرية، لما ينبغي عليه أن تكون هذه الكيفية، أقول "ينبغي" كمفردة شرطية غير ملزِمة فيها نظر، أي أنني أقترح طريقة أخرى لرؤية الأشياء، ولا أقوم بقطيعة، لهذا نوهت بكتابات عبد الله مطلق القحطاني كمقدمة ضرورية لنفهم عبر الأفكار النقدية لعلم السرد موضع الدين في مجتمعاتنا، ووضع هذه المجتمعات في الدين، وبالتالي الدين كما نحياه، تأثيره على حياتنا، وتأثير حياتنا عليه، بلا أية عدوانية في الاعتقاد مسبقة، أو أية تعصبية في الاعتقاد كذلك مسبقة. ما يهمنا هو الأسئلة الجديدة التي تطرحها علينا السرديات، من خارج الصهيل والعواء اليوميين اللذين يثقبان طبلة أذننا عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

حجب النور وإطلاقه
مع الأسف علم السرد كمنهج وكنظرية لا يوجد لا من قريب ولا من بعيد في أعمال عبد الله مطلق القحطاني، علمًا بأنه كنظام دلالي ورمزي يتوافق مع الدين كنظام دلالي ورمزي، وبالتالي ينهل كلاهما من نظام أعم وأشمل، الأنتروبولوجيا (الإناسة أو علم الإنسان علم يبحث في أصل الجنس البشري وتطوره وأعرافه وعاداته ومعتقداته)، بمعنى أن علم السرد لا يتنافى مع الشريعة اختصاصه، وهو لم يفعل سوى ملامسة هذه الدلالات وهذه الرموز، فأعاد تحديدها في مكانها وزمانها، لكنه لم يحددها في مكاننا وزماننا، أي بشكل جديد لمعانيها، فبقي سجينًا –ولو لفترة- للثقافة التقليدية، رغم سعيه الحثيث للنجاة منها: إنه مع التنوير وضد الإقصاء، ولهذين الموقفين شرف المعارض لهذه الثقافة، لكنه لا يلبث أن يعارض بين مسيحية وإسلام، فيقصي من يقصي نفسه بنفسه من الأديان تحت شروط محددة، ويساهم دون أن يشاء في التظليم (عكس التنوير)، بكلمات أخرى في حجب النور، ولكن ليس طويلاً، لأنه لا يلبث أن يطلق النور، أن يسأل ويتساءل، وبتعبير آخر، أن بتناقض، لينتقل من سجين للثقافة التقليدية إلى طليق من الثقافة السائدة (الثقافة كإيديولوجيا أخطبوطية سلطوية قمعية).

ثنائية التظليم/التنوير
سأحاول في الحلقتين القادمتين عند تحليلي السردي لأول نصين من نصوصه إثبات الفرضية السابقة، والتي أوجزها في ثنائية التظليم/التنوير، دون ذلك يبقى ما قلته في إطار التخمين، لهذا أفترض حتى هذه اللحظة ولا أؤكد ما أقول، وسيكون إثباتي اعتمادًا مني على دلالات الألفاظ (اللغة) ومدلولاتها (المعاني) كعناصر للتحليل السردي الناراتيفي، والعلاقات ما بينها، فأصل إلى ما يقترحه النص القحطاني من تصور للدين وللفرد وللمجتمع.






















قحطانيات2














































الحرية والعبودية كمفهوم
ينقسم مقال عبد الله مطلق القحطاني "الحرية والعبودية والإسلام والكفر" إلى مجموعتين متعارضتين في تركيبهما: المجموعة الأولى الحرية مقابل العبودية، والمجموعة الثانية الإسلام مقابل الكفر. للحرية في المجموعة الأولى وحدات تتألف منها: الوحدة الأولى التخلص من الاستعباد، الوحدة الثانية التخلص من القمع، الوحدة الثالثة التخلص من الاستبداد، الوحدة الرابعة التخلص من الظلم، الوحدة الخامسة التخلص من الفقر، الوحدة السادسة التخلص من القهر. للعبودية في المجموعة الثانية نفس الوحدات: الوحدة الأولى الاستعباد، الوحدة الثانية القمع، الوحدة الثالثة الاستبداد، الوحدة الرابعة الظلم، الوحدة الخامسة الفقر، الوحدة السادسة القهر. دلالات وحدات المجموعتين المتعارضتين أساسًا، فمجموعة الحرية تعارض مجموعة العبودية، دلالات وحدات المجموعتين واضحة في تعارضها، بفضل هذا التعارض نفك كود الحرية وكود العبودية، كمفهوم على هذا المستوى.

الحرية والعبودية كفعل
ماذا نفعل بالحرية دون أن نكون أحرارًا؟ كما رأينا هناك علاقة متعارضة بين الحرية والعبودية على مستوى المفهوم، ولتكون العلاقة متعارضة بينهما على مستوى الفعل، يحل الإسلام محل العبودية، والكفر محل الحرية. إذن للكفر كمجموعة أولى، الوحدات الست المكونة من التخلص من الاستعباد والقمع والاستبداد والظلم والفقر والقهر، مقابل الإسلام كمجموعة ثانية تتشكل من الاستعباد والقمع والاستبداد والظلم والفقر والقهر، نفس الوحدات الست، الإسلام في دلالاته هنا كنظام قهري لا كنهج إيماني، والكفر كنظام تحرري لا كنهج إلحادي.

الحرية والكفر مقابل العبودية والإسلام
هنا ندخل في تعقيدات ازدواجية تعمق من التعارض بين المجموعتين. في الواقع، في كل مجموعة الآن ست وحدات مزدوجة، ست للحرية من ناحية وست للكفر من ناحية، أي لدينا مجموعة أولى كبيرة. كذلك ست للعبودية من ناحية وست للإسلام من ناحية، أي لدينا مجموعة ثانية كبيرة. التعارض بين المجموعتين الكبيرتين يصل أقصاه، عندما ندخل في تفاصيل كل مجموعة. مجموعة العبودية والإسلام: نقرأ: سنوات التنكيل والتعذيب والجلد والسجن والفصل من الجامعة والذل والهوان والتشرد... في المقهى الشعبي حيث المهانة والذل... سوط وسيف السلطان لا زال عالقا أثره في النفس والعقل. مجموعة الحرية والكفر: نقرأ: لكن بالفعل لو لم يكن من سبيل للخروج من العبودية والاستعباد والقمع والاستبداد والفقر والذل باسم الدين إلا بالكفر بهذا الدين لإسقاط مبررات الظلم والقمع والقهر والاستبداد باسم الدين، فهل يكفر الشاب بالدين من أجل حريته وتحرره من نير استعباد الحاكم باسم الدين؟

كود التمرد بين المجموعتين الكبيرتين
ينتج عن المجموعتين الكبيرتين، حرية + كفر مقابل عبودية + إسلام، عملية تحويل إلى كودات: تساؤلات (نص)، خيار صعب (نص)، معادلة صعبة (نص)، إلا أن أهم كود هو كود التمرد عندما نقرأ: سرعة استجابة كثير من الشباب في البيئات الإسلامية الأكثر قمعًا واستبدادًا وظلمًا وقهرًا باسم الدين للانضمام إلى المنظمات الإرهابية المتطرفة وواقع معاشهم المقموع. هذا الكود الذي يفسر كل الوحدات السابقة في تعارضها: الاستعباد والقمع والاستبداد والظلم والفقر والقهر. هنا نحن في قلب أفعال حقيقية لم تعد دلالات لمفاهيم فكرية، أو لتصورات خيالية، والتمرد كسلوك يعبر عن: نقرأ: هل هم في واقع الحال كفروا بإسلام الحاكم المستبد واستعباده وقهره وظلمه وشرعنة أشياخ وعاظ السلطان، واتجهوا إلى إسلام آخر اعتقدوا صحته عند تلك المنظمات المتطرفة والمتشدد والإرهابية؟ إذن في هذا السياق، عناصر الحرية والكفر لا تضمن منحى التمرد، فيكون الهرب من إسلام الحاكم المستبد والمستعبد والظالم إلى إسلام الإرهاب والتشدد والتطرف.

الفصل والوصل
الأمثلة التي أعطيتها على أساس أنها أسئلة هي في نفس الوقت أجوبة (هل هم في واقع الحال كفروا... إلى آخره و، هم في واقع الحال كفروا... إلى آخره. هل يكفر الشاب بالدين من أجل حريته... إلى آخره و، يكفر الشاب بالدين من أجل حريته... إلى آخره)، الفصل بينها كأسئلة وكأجوبة يؤدي إلى الحرية والكفر تحت كافة أشكالهما، والعبودية والإسلام تحت كافة أشكالهما، ولكن في فضاء يصل بينهما في الواقع، فضاء الحاكم والشيخ والواعظ والمنظمات المتطرفة، ليتحدد بالتالي الإسلام كعبودية كيف، والحرية ككفر كيف. فالتجلي السردي للتحول البنيوي هو تجلي النفي بين إسلام قمعي وإسلام عادل، وبين كفر قمعي وكفر عادل، بكلمتين: بين حرية وعبودية.






















قحطانيات3











































الرسالة المخبأة
في مقالة عبد الله مطلق القحطاني "المسيحية بين النصوص والتأريخ والنفاق": نقرأ: إله الكتاب المقدس إله سادي إرهابي متعطش للدماء متحيز للفساد، إله أباح القتل لكل صنوف البشر، من الجنين حتى الكهل الكبير، ذكرًا كان أم أنثى، ولم يكتف بذلك بل حتى الدواب لم تسلم من شره وبطشه وساديته وتعطشه للدماء، إله لا نظير له ولا شبيه في الإجرام والحض عليه، في السبي وسخرة البشر، في التلذذ في فنون استعباد البشر. وصف الإله هنا أقرب إلى ما اعتدنا عليه في الأدب الأسطوري، وغالبًا ما يكون البطل في هذا النوع من الكتابات إسقاطًا للخيال الشعبي الذي عماده فكرة (الفكرة البنيوية) تؤرقه خَيِّرة أو شِريرة، يبني هذا الخيال الشعبي من حولها شخصياته، الإله إحداها. لكن في بنيته القحطانية، الإله هنا أقرب إلى الشيطان: سادي إرهابي متعطش للدماء متحيز للفساد... إلى آخره، من هذه الأوصاف لا يرمي القحطاني إلى عمل قائمة فلكلورية، وإنما إلى إبلاغ رسالة مخبأة خلفها، رسالة تنويرية ينقلها الكاتب إلى القارئ، ومن قارئ إلى قارئ، ومن قارئ إلى قراء لأهميتها، ومن قراء اليوم إلى قراء الغد، إلى قراء ما بعد الغد، وهكذا.

إله الكتاب المقدس كيف؟
بعد الأوصاف حوله، تأتي الأفكار حوله، وهذا الإله القاتل والإرهابي والمحرض على القتل والإجرام لم يكتف بذلك، بل هو: نقرأ: إله ضال مضل وفاسد مفسد، يأمر بالزنا، ويتفنن بذلك وبصور مقززة لنفس السويّ. إذن هو: أولاً) ضال مضل. ثانيًا) فاسد مفسد. ثالثًا) يأمر بالزنا ويتفنن به. ثلاث أفكار إذن وثلاث طرق في التعبير عنها: الضال المضل، الفاسد المفسد، الآمر المتفنن. دونها ليس هناك إله كتاب مقدس، وهو في طريقة التعبير عنه إله بشري، إنه ضال وفاسد وآمر ككل إنسان منا، ومضل ومفسد ومتفنن أيضًا ككل إنسان منا، وهو بالتالي في السماء ما الإنسان على الأرض، فيؤكد النص ما ينفيه الكاتب: إله الكتاب المقدس ضال ومضل لأن الإنسان ضال ومضل، فاسد ومفسد لأن الإنسان فاسد ومفسد، آمر ومتفنن لأن الإنسان آمر ومتفنن. وبالتالي، الرسالة المخبأة خلف هذه الأفكار رسالة اجتماعية حول الضلال والضالين.

فك الكود أو حل الشِّفرة
فيما استنتجناه هناك كود للأفكار الثلاث السابقة بخصوص الإنسان الضال بعد أن حل محل الإله الضال، نفكه كما يلي: أولاً) الإنسان الضال لا يتبدل بعد أن يصبح إلهًا ضالاً. ثانيًا) الإنسان الضال خطير على مجتمعه. ثالثًا) الإنسان الضال طريد مجتمعه. هنا يتم تبرير ما ينطبق على المسيحية في الماضي: نقرأ: وقدماء الآباء لم يُسْقِطوا الحدود وخاصة حد الحرق طوال تأريخ المسيحية في أوروبا وكذلك حد الرجم والرِّدة أو ما تسمى بالهرطقة. الكامن المستتر المخبأ، الرسالة المخبأة خلف كل أوصاف إله الكتاب المقدس هذا والأفكار حوله، ما هي سوى تنبيهات يتم لفت النظر إليها، وقواعد (حدود) في السلوك يجب احترامها لتفادي الحرق أو الرجم أو الجلد كقواعد (كحدود) للجزاء والعقاب.

إلغاء الإله
عند إلغاء الإله الضال يُلغى الإنسان الضال، لكن لإلغاء الإله الضال شرط أساسي، ألا وهو إلغاء المسيحية: نقرأ: المسيحية لم تتخل يومًا عن الحدود إلا مجبرة في القرون الثلاثة الأخيرة بعد تقليم أظافرها ثم قصها للأبد، المسيحية الآن ليست كما يحاول البعض إظهارها! هي حالة نفاق وليست محبة مزعومة! (انتهى نص القحطاني)... ليست محبة مزعومة لأنها غير ما هي عليه، فيحل النفاق محل المحبة، وفي عالم من النفاق، يضلَّل الإنسان، وبالتالي يضلَّل الإله، وتكون النتائج الاجتماعية الوخيمة التي سيواجهها الفرد والمجتمع إذا ما داوما على الاعتقاد بإله مضلَّل.

خاتمة
الوظيفة الأساسية عند القحطاني هي الكشف عن الرسالة المخبأة لأجل توصيلها كعبرة كنصيحة كإنذار... إلى آخره، ولأسلوب كهذا محور، اسمه محور التعدي، أي أن الكلام الخطاب المقال يتعدى الظاهر فيه، ليكشف عن الخافي فيه، نماذج رأيناها في ثلاث حالات: تنويرية، اجتماعية، تنبيهية. ولكن من يضمن فعلها على القارئ وفعل القارئ بها؟ الضمان هو الإقناع، والإقناع عندما أتى القحطاني بشخصية متعارضة للإله: ضالة مضلة، فاسدة مفسدة، آمرة متفننة، وبما أن التعارض لا يكفي الإقناع، لا بد من عملية قلب في النظام الإلهي، كالانقلاب الذي نعرفه جميعًا عندما يطاح بملك أو برئيس، وذلك عندما ألغى الإله الضال، وحرر الإنسان من ضلاله.























قحطانيات4











































نظام الإسناد
بعد المقالتين السابقتين اللتين حللناهما، سنختار تشكيلة من المقالات التي تعبر عن أوجه مختلفة للقحطاني، لنفهم فكره من كل نواحيه، وخاصة ليكون الاستمتاع بالنقد بقدر الاستمتاع بمادة النقد. في مقالته "داعش ومذبحة المثليين في فلوريدا ما الرسالة؟!"، يلجأ الكاتب إلى أقوال عدد من الشهود، ليسند هذا الفعل إلى المنظمة الإرهابية، ومن شهادة إلى أخرى، يعطي لكتابته صفة ما هو انتقالي، والانتقالية لديه قياسها المثلية التي تُعتبر جريمة لداعش عقابها القتل. لكن ما يهمنا هنا ليس المثلية كطقس من طقوس الجنس، وإنما كجوهر سردي لتقديم درامي. ولأن الشهادات لهولها أقرب إلى رواية أمور وهمية يظن صاحبها أنها حقيقية، أقرب إلى "التخريف"، يبدأ القحطاني بهذا الحدث الواقعي: "في أواخر شهر أغسطس من العام الفائت 2015 م عقد مجلس الأمن الدولي جلسة وصفت آنذاك بالتاريخية لبحث حقوق المثليين جنسيًا"، ليقوم الحدث مقام البنية، فأقوال الشهود لتجارب عاشوها بالفعل، وهي تُدْرَك كتضمين زمني للحدث الأساسي الذي هو مذبحة المثليين في فلوريدا، وحول هذه المذبحة يتم توزيع الوظائف التعبيرية.

الوظائف التعبيرية
بينما تختلف الوظائف التعبيرية من وظيفة إلى أخرى، تبقى لنظام الإسناد، نظام الشهادات، سردية مشتركة: "شهادات فظيعة ومروعة عن جرائم وحشية ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش - بحق المثليين جنسيًا في المناطق التي يسيطر عليها وحكمها في كل من العراق وسوريا"، "أكد بعض الشهود في حينها فظاعة تلك الجرائم وبشاعة ووحشية تنفيذها"، "إن المثليين جنسيًا في المناطق التي يحكمها تنظيم الدولة الإسلامية يلاحقون ويقتلون على الدوام، وإن التنظيم يعمد إلى رمي المثليين جنسيًا من أعلى المباني الشاهقة، أو يضعهم في ساحات عامة حيث يرجمون بالحجارة من قبل جموع غفيرة من الناس وبمن فيهم الأطفال، كما لو أن المشاركين في عملية الرجم يحضرون حفل زفاف"، "كما أن التنظيم نفسه بث عبر الإنترنت سبعة تسجيلات مصورة لعمليات إعدام بحق المثليين جنسيًا بدءًا من شهر يوليو 2014".
من الواضح أن ما يقال واحد في الشهادات السابقة كلها عن الجرائم الوحشية التي ارتكبت، وكأننا بالقحطاني يعيد بناءها السردي، وهذه هي أولى الوظائف التعبيرية.
الوظيفة التعبيرية الثانية إشارية، فهو يكتب مقالة يقيّم فيها سلوك منظمة إرهابية، ويشير إلى فظاعة أفعالها.
الوظيفة التعبيرية الثالثة ذاتانية (عكس موضوعية)، عندما يقيّم المعرفة كلها على أساس من الخبرة الذاتية (تجربته تحت سياط الجلاد).
الوظيفة التعبيرية الرابعة إجرائية، ونحن بالإجرائية لا نقصد الكيفية التي تتم فيها تصفية المثليين، وإنما الكيفية التي يلجأ إليها الكاتب في عرض هذه التصفية، عن طريق اختياره الشهادات هذه من بين آلافها كعناصر تخدم موضوعه.
الوظيفة التعبيرية الخامسة تلطيفية، وطبعًا تلطيفية في السرد أمام الفظائع في الواقع، فهو لا يلجأ إلى التفصيل في الوصف، ويكتفي بالتلخيص كقاعدة عامة.

محور المثلية/محور اللَّذة
"واليوم وقبل ساعات قالت الشرطة الأمريكية إن عددًا من الأشخاص أصيبوا في إطلاق نار في ناد ليلي بمدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا، ثم توالت الأخبار سريعًا لتعلن مقتل خمسين شخصًا وجرح ثلاثة وخمسين شخصًا آخرين، ويتضح أن الإرهابي الجاني شخص اسمه عمر متين وعمره تسع وعشرون عامًا، وأنه أمريكي من أصل أفغاني، وحادثة إطلاق النار هذه الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وبعدها تبنى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام العملية الإرهابية ونشر صورة المسلح الذي نفذها والذي أيضًا قُتل لاحقًا برصاص الشرطة عقب اقتحامها الملهى الليلي - نادي بالَس - الخاص بالمثليين جنسيًا".
بعد أن يلقي بنا من جديد المقطع السابق في المحور السردي الذي بدأت به المقالة، والذي هو الفظاعة (فظائع حرب داعش ضد المثليين في الشرق)، نجدنا في قلب محور اللَّذة (نادي بالَس الخاص بالمثليين جنسيًا)، في قلب المجتمع الأمريكي، مجتمع يسلم بالمثلية كأساس للاستدلال في المسائل الجنسية لكنها –أي المثلية- ليست بالضرورة بديهية، فيرى القحطاني اللَّذة مبدأً يبني مقالته، عندما نقرأ عن قناعته التامة: "وفي الحقيقة أنا على قناعة تامة أن العملية الإرهابية هذه من تدبير وتمويل تنظيم الدولة الإسلامية، وأنه اختار عن سبق إصرار وتعمد مثل هذا الهدف المدني وذي الصبغة والسمة هذه، وأنه أي التنظيم كان على ثقة أن أثر مثل هذه العملية الإرهابية إعلاميًا أشد من اعتداءات سبتمبر أيلول الأسود 2001 الإرهابية"، وعندما نقف على تحديد الصبغة والسمة للعملية الإرهابية لديه، صبغة وسمة جنسيتين، فنذهب من الموضوع حول المثلية جنسيًا إلى الفاعل الذي هو المثلي، وبكلام آخر اللّذة كما يرتأيها المثلي، الناجمة عن علاقة إنسانية، واللّذة كما يرتأيها تنظيم داعش، الناجمة عن علاقة دموية، جوابًا على السؤال: "لكن لماذا اختار التنظيم هدفًا مدنيًا ليرسل رسالته عوضًا عن أي هدف عسكري؟!" جوابًا يشير إليه القحطاني دون أن يسميه كما فعلنا: "في الواقع نوع الهدف كاف للجواب عن مثل هذا السؤال!"

محور الشهوة
محور اللَّذة يفترض محورًا آخر، ألا وهو محور الشهوة، اعتداءات على مثليين آخرين وجرائم أخرى: "لكن هل يعمد التنظيم إلى تكرار مثل هذه العملية في أوروبا أو غيرها؟! وماذا عن فرنسا تحديدًا؟! الحقيقة سبق التنظيم أن هدد برمي المثليين جنسيًا في أوروبا من أماكن بعينها ولهذا أتوقع أن يفعلها بعض المتعاطفين معه".
محور الشهوة هنا ذو وجهين سرديين، للمثليين وللتنظيم، فالسرد الخاص بجرائم التنظيم لا يتطابق من حيث الدلالة مع السرد الخاص بمن ارتكبت فيهم هذه الجرائم، لكن السردين يتماهيان من حيث الحدث الذي يأخذ معنى واحدًا للشهوة كرغبة تتعدد من فرد إلى آخر، وتتوحد لدى كل الأفراد في تحققها عند إهراق اللَّذة كناية عن الدم. وهذا ما وقع في بنجلاديش، على يد واحد من أهلها، بعد الذي وقع في أورلاندو على يد واحد من أهلها وأهل غيرها (أمريكي من أصل أفغاني)، الشهوة في تعددها، فها نحن بعد سوريا والعراق وأمريكا في بنجلاديش، وها هي اللَّذة تهرق إعلاميًا: "لكن من المؤكد أن عملية إعدام رئيس تحرير المجلة التي تعنى بالمثليين جنسيا والسحاقيات في بنجلاديش آخر الشهر قبل الماضي والتي تبناها تنظيم القاعدة الإرهابي تؤكد توجهًا إرهابيًا منظمًا من قبل بعض التنظيمات الإرهابية الإسلامية نحو المثليين جنسيًا بسبب ما يصاحب مثل هذا النوع من الجرائم من تغطية غربية إعلامية وزخم وصخب معًا".































































قحطانيات5









































بنية الواقع
في مقالته "معاقو السعودية واقع أليم وضرورات عاجلة!"، يلجأ القحطاني إلى مُسَلَّمَات تتتالى حسب بنية للواقع الأليم الذي يعيشه المعاقون قوامها الضرورات العاجلة، وهي ضرورات في نفس الوقت أهداف، عندما نقرأ: "وما نسعى إليه من أهداف في صالح شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في وطني الحبيب ومن الجنسين، الإناث والذكور على حد سواء، رغم إقراري بأن الإناث من شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر ظلما وقهرا وبؤسا وحاجة وألما ومعاناة وضيقا وتضييقا وعنصرية وتمييزا وقل ما شئت في هذا السياق ولا حرج، إلا أن المؤكد أن كلا الجنسين يعاني، وأن كثيرا من الحقوق الواجبة لهذه الشريحة مفقودة ومعدومة!!" ليس ما يسرده القحطاني حكايات مبالغًا فيها، فالواقع أليم بالفعل، إلى درجة يبدو فيها ابنًا للخيال، لتتحول الضرورات إلى أمر ملح، أمر عاجل، كما جاء في العنوان، وتصبح الإعاقة موضوعًا وسيطًا لموضوع أعظم الذي هو موضوع الحقوق الواجبة، موضوع الحياة.

الموقف الغير المتساوي الحدين
السارد، أي القحطاني، هو معاق أيضًا، وهو حين حديثه عن الضرورات العاجلة للمعاقين في السعودية يرسم في الوقت نفسه الضرورات العاجلة له: "ودعونا بداية أيضا نؤكد أن معاناة الشخص من الإعاقة المكتسبة بسبب واقعة تعذيب في جهاز أمني بعينه، أو حادثة سير أشد وطأة ممن ولد بمثل هذه الإعاقة أو تلك، إلا أن الأولى أشد وطأة وظلما وألما ومعاناة مع استمرار التضييق الأمني والتمييز ضده سنوات عمره اللاحقة!!" وهو هنا كمن يجتذب أحدًا بالثناء عليه، عندما يميز بين وضعه كمعاق نتيجة لتعذيب وبين وضع غيره كمعاق نتيجة لولادة. لكن يحاول الراوي وضع الجانبين في محور الأمل، ليس في الشفاء، فالشفاء غير ممكن، في الحكومة، منبهًا في بداية مقالته إلى أنه: "بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة إلى بعض الأمور الإيجابية وليس تطبيلا للحكومة الواطية أو نفاقا!!، لم أفعلها في سني الشباب وسنوات الاعتقال والتعذيب والشدة والذل والفقر والهوان! حتى أفعلها الآن وقد شاب الراس واشتعل شيبا! لا لن أكون بوقا للحكومة أبدا، لكن الإنصاف في النقل والذكر أمر تقتضيه الأمانة وبكل أنواعها، وبعد ذلك نذكر ما نرغبه ونتطلع إليه من آمال".

السرد وخارج السرد
عندئذ، تدلل المقالة على الإعاقة كموضوع وسيط لموضوع أعظم، موضوع الحياة، كما قلنا، وهذا ما يُسرد، ويُدَلَّل عليه تحت قماط الحكومة في الوقت نفسه كموضوع وسيط لموضوع أعظم، موضوع أمورها الإيجابية، كما جاء في النص أعلاه، لنجد أنفسنا خارج ما يُسرد، وقد غدت الإعاقة خبرًا من الأخبار. لكن كلمات القحطاني عن موقفه الثابت من الحكومة، تشير إلى أن ما قاله بخصوصها ليس خاتمة الكلام، وإنما توقف بسيط لا بد منه، فهو يواصل: "ومع هذا نقول: إن الحكومة قامت ومن عقود بإنشاء مراكز تأهيل شامل لذوي الاحتياجات الخاصة وتشمل رعاية طبية ونفسية وكذلك ما يمكن وصفه بالرعاية الصحية الجسمانية والحركية مع توفير ما يلزم من أدوات طبية لهذا النوع من الإعاقة الخاصة بالجسم كنقص عضو ونحوه، صحيح أن ممارسات تعذيب وضرب وتقصير واستغلال وقع وتم توثيقه صوتا وصورة ونشره في شبكة الإنترنت! إلا أن هذه الظاهرة بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وكذلك سهولة شراء الأجهزة الذكية ساهم في زجر وخوف الكثيرين من ضعاف النفوس من العمالة الوافدة بمراكز التأهيل الشامل، وأيضا الحكومة بحال لم يدخل ذوو وأسرة الشخص المعاق طفلا كان أو شابا أو حتى رجلا دون الخامسة والأربعين من عمره ، إن لم يدخل ويسكن المعاق أي مركز تأهيل شامل فإن الحكومة تقوم بصرف مبلغ من المال شهريا أو كل ستة اشهر مبلغ ألفي ريال!! حسب نوع المرض والإعاقة!! الأمراض الخبيثة والتي هي خطيرة وتهدد حياة المعاق فالغالب بحال كان المرض سببًا بإعاقة المريض فإنها تصرف له مبلغ ألف وستمائة ريال شهريا!! وأما الأمراض والإعاقات الأقل خطورة وهي إعاقة متوسطة فنصف المبلغ، وأما إعاقة الحركة كعرج ونحوه فكما قلت فتصرف له مبلغ ألفي ريال كل ستة اشهر!! أي ثلاثمائة ريال شهريا!! كارثة بالفعل بكل ما تعنيه كلمة كارثة من معنى!! لكن أيضا الحكومة من خلال مراكز التأهيل الشامل تصرف بطاقة تخفيض لتذاكر السفر!! وكأن المعاق أصلا يقدر أن يسافر!!!"

الشكل البنيوي
نحن هنا في العمق الداخل للسرد بعد أن وقفنا قليلاً خارجه، وكذلك نحن هنا أمام موقف للسارد متساوي الحدين، وقد تراجعت تجربة القحطاني الشخصية أمام تجربة كل المعاقين التي هي تجربته كذلك (تحت سيتكلم بصيغة الجمع قائلاً "منحنا"): مراكز التأهيل الشامل، الرعاية الطبية والنفسية، الرعاية الصحية والحركية، صرف مبلغ من المال، صرف بطاقة تخفيض لتذاكر السفر، مع "لطشة" ساخرة يختتم بها المقطع السابق: وكأن المعاق أصلاً يقدر أن يسافر!!! ولهذا تفسير يقول إن الروي/السرد لن يتوقف، وإن الإعاقة يمكن "التحايل عليها" بما تفعله الحكومة، ولا يمكن الشفاء منها، الإعاقة كمأساة "نموذج" كعدم الإعاقة، والفصل بينهما هو الشكل البنيوي للتعارض بينهما، فيتكلم الكاتب عن منحة أرض للمعاق، وبسطة دائمة، كلتاهما من سابع المستحيلات، وينهي مقالته أول مرة بكلمة عن الفتاة المعاقة قائلاً إنها: "للأسف مهمشة ومسلوبة الحقوق قتلتها الإعاقة والعنوسة مع الإهمال!! هي أشد ألما وحاجة لنيل حقوقها كلها من المعاق الذكر والذي يمكن له أن يتدبر بعض الضروريات على خلاف الفتاة!! الفتاة المعاقة معاناتها مضاعفة ومؤلمة وهذا مبحث آخر!!!!!!" ثم ينهي مقالته ثاني مرة بما يحتاجه المعاقون بشكل عاجل: "مضاعفة الإعانة المالية الشهرية ثلاث مرات على الأقل، توفير السكن المجاني الفوري أو على الأقل منحنا أراض سكنية نبني فوقها كوخ خشب أو ننصب خيمة عوضا عن تحكم أصحاب العقارات واستحلاب جل الإعانة المالية في إيجار غرفة أو شقة بائسة في بيت شعبي آيل للسقوط بأي لحظة!! إعانة زواج وتسهيل إصدار أمر زواج من الخارج! والسماح بسهولة للمعاقة المواطنة بالزواج من الوافد، تعويض المعاقين بسبب قضايا التعذيب بما يتناسب مع حجم وفداحة ما لحقهم من إعاقة وأمراض! وطي صفحة التعذيب في الأجهزة الأمنية للأبد!!" هنا الفصل بين الإعاقة وعدم الإعاقة كشكل بنيوي للتعارض هو كذلك فصل بين المعاق الذكر والمعاق الأنثى، بين الإعانة المالية ومضاعفة هذه الإعانة، بين السكن المجاني والسكن بأجرة، بين السكن الملك وتحكم أصحاب العقارات، بين إعانة وتسهيل زواج من الخارج والزواج من الداخل (شغل عبد الله الشاغل)، بين التعويض لقضايا التعذيب وطي صفحة الماضي، هذا الفصل بين وبين هو في الوقت ذاته مأزق تكمن فيه كل معضلة المعاقين.































































قحطانيات6














































الحوافز السردية
لا يكفي أن نقول "حرب الميكروفونات ارحمينا يا حكومة يا طاهرة!" كعنوان حتى ينتهي الإشكال، وترحمنا الحكومة، فهناك حوافز سردية من الواجب اختيارها، هذا الاختيار يتطلب رسم حدود للمقالة، وهذا الرسم لدى القحطاني هو طريقته في الكتابة، والتي هي عبارة عن سلسلة من اللقطات تمثل تصوره للموضوع الذي يطرحه. انتقاله من حافز سردي إلى حافز سردي آخر يتم بتقطيع اللقطات: " أقول من سوء الحظ أنني أسكن في حي - حارة - قديمة وشعبية، وأغلب المنازل فيها قديمة ويعود تأريخ بنائها لعقود سبعة وتزيد!، والمنازل القديمة يسهل اختراق الإزعاج لها وأيًا كان نوع الإزعاج!، إلا أن الأسوأ حظا من هذا هو أنني اسكن بمنتصف المسافة بين جامعين كبيرين!، والغرفة التي أسكنها على شارع داخلي عرضه بضعة أمتار!! وطبعا المنازل ليست متجاورة فحسب! بل متلاصقة - طيزين بسروال زي ما نقول بالمثل الشعبي، وبالقطع البيت الشعبي الذي اسكن فيه هو خاص بالعزاب وتقريبا لا يوجد بجواره مثله، وبالتالي جميع الجيران الذين يقطنون البيوت المجاورة والملاصقة لي هم أسر وعائلات، وكل أسرة لديها جيش عرمرم من الأطفال، وليسوا حتى عائلات من المواطنين والمواطنات، بل من الوافدين ومن جنسيات شتى، عربية وآسيوية وافريقية!!"

الكتابة السردية
تنقسم الحوافز السردية الناراتيفية إلى قسمين، حوافز مكانية: حارة قديمة وشعبية-منازل قديمة-جامعان كبيران-سكن خاص بالعزاب-غرفة على شارع داخلي-منازل متلاصقة... وحوافز زمانية: سوء الحظ-إزعاج-طيزين بسروال-أُسَر وعائلات وجيش عرمرم من الأطفال... فللكتابة السردية هدفها من وراء تقسيم الحوافز السردية على شكل لقطات مقطعة، والهدف هو "الإزعاج" الذي يضيع بين حوافز سردية أخرى، فالإشارة إليه من بين إشارات، إشارات ضرورية ليشار إليه في اللحظة المناسبة بالبنان.

المحور السردي
المحور السردي بالطبع هو الإزعاج، ولأنه إزعاج لا يطاق، يبرره الكاتب بقوله: "من سوء حظي - وبالمناسبة سوء الحظ يكاد الخصلة الوحيدة التي لازمتني طوال سني عمري الماضية"، وكما نرى، سوء الحظ "نموذجي" لملازمته، وكأنه محورٌ للبشر لا محورٌ للسارد، وهو يتفاقم مع الإزعاج، ويتفاقم الإزعاج معه، عندما نقرأ: "فتخيل معي حجم معاناتي من الإزعاج طوال اليوم وإلى وقت متأخر من الليل، ومع هذا قدرت أن أصبر وتأقلمت وإلا لمت نوعا ما مع هذا الوضع والنوع من الإزعاج، وقطعا مكره أخاك لا بطل!" بالإكراه يتأقلم، فهو كشخصية من الشخصيات المستسلمة "لسرد الإزعاج"، لا بد أن يتأقلم أو يختفي تمامًا.

التعارض السردي
هناك إزعاج وإزعاج، إزعاج "عادي"، إزعاج حارة، وإزعاج "غير عادي"، إزعاج إمامين، الإزعاج الأول محتمل، والإزعاج الثاني غير محتمل: "لكن فاجعتي مع الإزعاج ومأساتي الحقيقية معه تتمثل مع حرب مشتعلة بين إمامي جامعين!! حرب مقدسة وحقيقية يا سادة!! ولا أعرف سبب اشتعالها المفاجئ منذ أيام قليلة، إذ لاحظت أن أصوات ميكرفونات كل جامع من الاثنين قد علت بزيادة مفرطة! وكأن الإمام الأول يعاند الآخر! فيزيد عدد ميكرفوناته ويرفع حجم ومدى صوت كل ميكرفون!" وبينما الإزعاج العادي يدفع إلى التأقلم، الإزعاج غير العادي لا يدفع إلى أي تأقلم، فهو إزعاج مقدس لحرب مقدسة دون سبب تقحم الآذان كإشكالية لم تكن أيام الأسود الجميل بلال مؤذن الرسول. التعارض السردي هنا بين زمنين يفرض الثاني حضور الأول، ويطرح مسألة الميكروفون كمسألة حضارية، فمن يريد الصلاة لا حاجة له بمن يثقب أذنه، والتأكيد على ذلك تحويل الميكروفون إلى وسيلة قتالية شخصية حربجية شعوائية عشوائية بين شيخين أحمقين: "المضحك يوم الجمعة حينما يخطب كل إمام منهما في جامعه!! يتداخل صوت الأول بالثاني وبالتالي لا تسمع صوتا أو خطبة صلاة جمعة قدر ما تسمع نباح أحدهم! أو ردحا معتبرا لإحدى نسوة الحي من الجنسية الإثيوبية والتي تجهل العربية المكسرة حتى!! إنها حرب بالفعل!! لكنها مقززة ومزعجة ومسيئة للدين والإنسان معا!! فضلا عن الطفل والمسن والمريض!! ارحمينا يا حكومة، ارحمينا يا طاهرة من عبث أئمة جوامعك ومساجدك يا طاهرة!!!!!!" القضية تتعدى كل قوى الحي، فهي قضية حكومة طاهرة، لما يصبح التعارض السردي بين الطهارة والشطارة (الهمجية) التركيب الكُموني في جماعة (العوامل المُؤوِّلة لتركيب هذه الجماعة).






















قحطانيات7














































بنية المسألية
المسألية هي علم طرح المسائل، وهي في السياق الذي نحن فيه تدور حول الأرثوذكس، ومما لديهم من مريب ومشكوك فيه، فيركز القحطاني على مسألتين، مسألة التجسد الإلهي، ومسألة الله الكلمة، آتيًا البيوت من أبوابها، عندما ينقل عن الموقع القبطي، موقع الأنبا تكلا، ما يريد أن يدحضه في الفكر الديني المتعلق بالكنائس الشرقية، تحت حكم إشكالي، والحكم الإشكالي هو حكم غير نهائي في علم اللاهوت، عماده الحجج الجدلية.

تصور وسط بين المعنى المجرد والإدراك
فلنقرأ ما ينقله الكاتب عن التجسد الإلهي: "يعني أن الله وهو ملك السموات والأرض قد تنازل وأخذ جسدا إنسانيا !! ، فاتحد بطبيعتنا ، وظهر بيننا على الأرض !! ، وأن الله غير المنظور قد صار منظورا في جسد الإنسان !! ، وأن الله تواضع حبا فينا !! وأخلى ذاته - أخذ صورة عبد صائرا في شبه الناس ! وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه ! وأطاع حتى الموت !!!!! - وأخذ جسدنا !!" ما يهمنا التصور الذي يريد أن يدحضه القحطاني لدى الأرثوذكس الأقباط، والذي يفترض أن للقحطاني تصورًا معارضًا، غير وسط بين المعنى المجرد والإدراك، لا يقوله، لكننا نحدسه، علامات التعجب المضافة إلى النص الأصلي خير دليل على ذلك. وإلى حد الآن، لا يوجد إثبات بالقرائن، لا يوجد نقض كمفهوم في علم المنطق، لا توجد قضية مُسَلَّمة مقابل قضية مُسَلَّمة، يوجد زمن كُمُون، وهي الفترة الفاصلة بين التنبيه والاستجابة في علم النفس. بشكل غير مباشر، ينذرنا النص بما يحمل من كلام، فلا نبتلع ما جاء فيه، ويتركنا قابعين على عتبة الانتقالية، والانتقالية لمن يريد أن يعلم هي صفة ما هو انتقالي.

محور الانتقالية
الوظائف التي تدل على التجسد الإلهي في الاستشهاد السابق: الله يأخذ جسدًا إنسانيًا، الله يصير منظورًا، الله يتواضع حبًا فينا... إلى آخره، لا تتحدد إلا عن طريق الانتقالية كمحور لنفس الوظائف التي تدل على الله الكلمة. فلنقرأ ما ينقله الكاتب عن الله الكلمة: "الله الكلمة أقنوم الابن صار إنسانا وحل بيننا ! وكلمة صار لا تعني هنا الصيرورة أو التحول !! بل هي تعني حرفيا أخذ جسدا !! ، فأقنوم الابن الله الكلمة أزلي لا يتغير ولا يتحول بل هو ثابت !! ، وكل ما حدث هو أنه أخذ جسدا !! ليحل بيننا بصورة حسية فنسمعه ونراه !! وأقنوم الابن لم يتجسد فقط ولكنه تجسد تأنس ، وهذا يعني أنه تجسد في جسم إنساني وأخذ الطبيعة الإنسانية كلها !! ، التجسد الإلهي لا يعني أن الله قد أخلى السماء من وجوده حين نزل على الأرض !! فوجوده يملأ السموات والأرض !! وإنما أخلى ذاته من المجد !!! هذا الأمر دخل في دائرة قدرة الله ! وليس فيه صعوبة أو غرابة !! لأن الذي يملك الأكثر يملك الأقل !!! أليس في قدرة الملك أن يلبس رداء العمال ويجلس بينهم ويتحدث إليهم ؟!! أليس في قدرة المدرس أن ينزل إلى مستوى التلاميذ ويتحدث إليهم !! أليس في إمكان الرجل رفيع الشأن أن يتنازل ويسير مع عامة الناس ؟!!!" في الفلسفة الأقنوم هو الجوهر، الماهية، المادة، وفي علم اللاهوت هو الشخص، ولدى الأقباط الأرثوذكس، هو الله الكلمة شخص الابن. وظيفة الشخص أن يكون هو وأن يكون غيره، الله الكلمة الابن، وهي نفس الوظيفة من نفس الوظائف التي يتشكل منها محور الانتقالية، وكأننا لا ننتقل، أو أننا ننتقل فينا، حتى أن المفردات عن الله الكلمة الابن تكاد تكون واحدة، وهي في أغلبها مترادفات: ظهر بيننا (الله) حل بيننا (الابن)، أو متشابهات: أخذ جسدًا (الله) أخذ جسدًا (الابن)، أو متفارقات: أخلى ذاتًا (الله) أخلى السموات (الله)، هو في الواقع لم يخل السموات، تبرير الصيرورة، تبرير التواضع، تبرير الوجود، تبرير الملكية... إلى آخره.

التجسد كوظيفة فعالة
لماذا التجسد وفق منظور الأرثوذكس؟ سؤال يطرحه القحطاني بلسانهم، ويجيب عليه بلسانهم:
"لم يكن تجسد ابن الله هدفا في ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهي :
1 - فداء الإنسان
2 - تجديد خلقة الإنسان
3 - تعليم الإنسان الفضيلة والكمال وتقديم المثل الأعلى
4 - لأن الله غير قابل للموت بلاهوته ، أخذ جسدا قابلا للموت ، فيه ذاق الموت من أجل الجميع !!
إذا لا بد من التجسد لكي يتم الخلاص وفداء الإنسان !!!!!!!!!!!"
يقع التجسد إذن كصيرورة في الجسد لا تعني التحول ولكن التجسد لأجل التجسد، بما أن الله أزلي والابن أزلي، وذلك للمظاهر الأربعة السابقة، والتي هي أبعد ما يكون عليه من الأطوار: فداء، تجديد، تعليم، خلاص وفداء، وظائف تعبيرية ليس إلا، يطرب الأرثوذكسي على سماعها وتردادها كرجع الصوت أو الصدى، وكأنه في قلب التهويم –كل ما سبق أقرب إلى أضغاث أحلام- وبين غاف وصاح يختصر الأرثوذكسي التجسد بالكلمات التالية: "الله بنفسه (اللوغوس) دخل في أحشاء السيدة العذراء !! ونقى لنفسه من لحمها وأنسجتها وكون لنفسه جسدا كاملا !!! وأخذ ينمو نموا كاملا تسعة أشهر حتى ولد ولادة جسدية عادية !!!"

السؤال الإشكالي
"هل يمكن لكم أن تشرحوا لنا طريقة حبل السيدة مريم العذرا ؟!! وفق ما ورد في العهد الجديد الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك ؟! لوقا 1 / 35 !!!! وهل أنتم أصلا تعترفون بلفظ الجلالة الله كالمسلمين لتزجوا به بكل واردة وشاردة في عقيدتكم ؟!!!!!" بهذا السؤال ذي الحجج الجدلية يدلل القحطاني ويندد، لأن الوظائف التعبيرية، بمضمونها التعبيري، كما رأينا، كشفت عن العقيدة الأرثوذكسية كونها أضغاث أحلام، وفي هذا ما فيه من تجريد، فنحن لا يمكننا أن نقسمها، فكيف أن نتقاسمها؟







































































قحطانيات8












































بنية التدوير
العنوان الثاني للقحطاني من سلسلة أرثوذكسياته هو "الأقنوم الثالث وتخبط الأرثوذكس بمعناه"، وفي الحال يبرز "التخبط" محورًا، ليكون التوزيع البنيوي على شكل "دائرة" تميز كتابات القحطاني، وتسمح لنا بتمييز الميل إلى الالتقاء في نقطة واحدة، تكون غالبًا على شكل سؤال، وهذه هي بنية التدوير لديه، بنيةٌ الميلُ فيها هنا يدور حول الأقنوم الثالث أو الروح القدس: "وملخص ذلك كله تأكيد روح الإله منذ الأزل وجودا !! ، وأن روح الله يعمل في الإنسان منذ الأزل !!! ، وأن روح الرب يتكلم !! ، وأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس !! وأن الروح القدس يملأ من يدعوه الرب للخدمة ويملأ عقله أيضا بالفهم والمعرفة والحكمة !! ، وأنه في كل زمن كان للرب شهود إذ يرسل بروحه القدوس فيعمل ويعلم ويرشد !!" التخبط هنا واضح كمحور: روح الرب يعمل، يتكلم، يملأ، يرسل، يُعَلِّم، يرشد، كل هذا يدخل في تيار الروح القدس، وتبعًا لبنية التدوير، لا بد للكتابة القحطانية أن تدلل على تيار معاكس للروح القدس، وإلا فلن نتقدم: "بل ويلبس روح الرب بعض خلقه كحال زكريا بن يهوياداع الكاهن !! وكما قال بولس روح الحكمة !! وروح النبوة والعدالة والسلطة !! وأن روح الرب منذ الأزل يصنع قوات وعجائب على يدي الأنبياء والقديسين والرسل !!! من إقامة موتى وشفاء مرضى وإخراج شياطين !! - هذه كلها فعلها أنبياء العهد القديم ولم تكن حكرا على يسوع !!! - ، وأخيرا يؤكد الكتاب المقدس أيضا أنها ليست حكرا على الأنبياء والقديسين والرسل !! بل أيضا في نفوس وقلوب المؤمنين !!!" التيار المعاكس للروح القدس هو خَلْقُهُ من أنبياء وقديسين ورسل يصنعون العجائب قبل صنع المسيح.

الروح القدس في الكتاب المقدس
إذن يتعاقب التيار والتيار المعاكس، الروح القدس وخَلْقُهُ، لندخل في الجوهر السردي للروح القدس كمفردة وأين وردت وتحت أية صيغ وسياقات: "وردت مفردة الروح المتعلقة بإله الكتاب المقدس بمواضع متعددة في الكتاب المقدس وبصيغ وسياقات متعددة ومختلفة ، بدءا من أول فقرة من أول إصحاح في أول سفر في الكتاب المقدس وهو سفر التكوين ، مرورا بسفر صموئيل الثاني وسفر الخروج ، وسفر أخبار الأيام ، وسفر حزقيال ، وسفر أشعياء ، وسفر المزامير ، وسفر اليشع ، وسفر الملوك الثاني ، وانتهاءً بانجيل لوقا ، ورسالة بولس إلى أهل أفسس ، وسفر أعمال الرسل ، ورسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس !! ورسالة بطرس الثانية ، وأخيرا سفر الرؤيا آخر سفر في الكتاب المقدس من العهد الجديد !!" الإشارات كلها إلى مراجع، وكأننا ببنية التدوير تغترف من التاريخية (كون الشيء تاريخيًا) لتنبني، فهل هذا لإثبات واقعية حادث الأقنوم الثالث أم للتزيين بمراجع تمثل شخوصًا مقتبسة من حياة القديسين والتاريخ المقدس، فلا ننس أن المعني بالمفردة الروح القدس وخَلْقُهُ؟

أشهر معاني كلمة روح
للإجابة على سؤالنا السابق وفي نفس الوقت للتقدم في عملية بناء التدوير، يضع القحطاني قائمة جرد لمعاني كلمة روح في الكتاب المقدس، بشيء من الإطناب، ودافعه التدوير السردي: "جاءت بمعنى ريح ونسمة ، - وهذا معناها الأصلي وفق مفهوم الأرثوذكس !! - ، فاستعملت عن بعض القوات غير المنظورة ! روح العرافة !! وروح الضلال !! وروح المسيح !! ، وعبر بها عن اتجاهات خاصة بالإنسان فقيل المنسحق والمتواضع الروح !! ، وروح منكسرة !! وروح الوداعة !! وروح الفشل !! ، وروح سبات !! وأيضا سمي بها الملائكة الأبرار والأشرار !!!" تسمية الملائكة الأبرار والأشرار بروح يعيدنا إلى فكرة التيار والتيار المعاكس، لكن الفكرة هنا ليست لوظيفة تدويرية بل لوظيفة تعبيرية من ناحية، ولوظيفة تشكيكية من ناحية.

مفهوم الأرثوذكس للروح القدس
مع المفهوم نحن هنا على وشك الانتهاء من إغلاق الدائرة: "لا يمكن الجزم بمفهوم واحد وقاطع عندهم للروح القدس !! لكنهم يوصون قارئ الكتاب المقدس أن يفرق !! إن كان هو الأقنوم الثالث !! في اللاهوت المستحق الإيمان والتعبد !!! ، أو كان مجرد قوة تساعد المؤمن في حياته الروحية !!! ثم ينتقلون للتأكيد على أن القارئ للكتاب المقدس يرى بوضوح أن الروح القدس شخص !! ذو صفات إلهية !! ويقوم بأعمال لا يقوم بها إلا الإله !! وأنه يهب بركات عظيمة للمؤمنين ..... الخ ، لكنهم في النهاية يؤكدون على أنه سر من الأسرار الإلهية !!!" زاوية الانحراف في الميل الدائري تقوم على تناقض ليس المفهوم ولكن الموقف من المفهوم، وكأننا هنا –كما يقول القحطاني- لا يمكننا الجزم بمفهوم واحد وقاطع، لهذا كان الموقف من المفهوم (إن كان... أو كان...) محيرًا كموقف جمعي جماعي، وبالتالي أدت الوظائف التعبيرية للروح القدس إلى مفاهيم مختلفة.

سؤال الختام
"وسؤالي البسيط: إن لم يكن هذا تخبط واضح فماذا تسمونه إذن ؟!! وكيف يقدر لمخلوق أن يحضر الخالق الروح القدس في زيت الميرون ؟!!!!!" بهذا السؤال نجدنا في محور التخبط من جديد، وبحكم هذا المحور، ييسر القحطاني للأرثوذكسي السبيل أمام انغلاق الدائرة.


















قحطانيات9













































اللعبة السردية
تتميز مقالة القحطاني "نعيم القبر وعذابه والأرثوذكس والعهد القديم" بلعبة سردية بين السارد، الذي هو القحطاني، والمصادر التي ينهل منها، التي هي الأسفار، أسفار الكتاب المقدس. يقول: "ربما يجهل البعض أن الكتاب المقدس أكد بمواضع متعددة عذاب القبر ونعيمه والذي كعقيدة إيمانية مسلم بها يؤمن بها أهل السنة والجماعة المسلمين !! ، لنطالع هذا العدد من سفر التكوين 37 : 35 : فقام جميع بنيه وجميع بناته ليعزوه ، فأبى أن يتعزى وقال : إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية !! ، وبكى عليه أبوه !!!" لهذه اللعبة وظيفتان على علاقة باللغة، وظيفة فك المعلومات، ووظيفة اللجوء إلى السياق، الذي هو المصادر أو المراجع. المعلومات التي نفكها من سفر التكوين 37 : 35 هي التالية: رفض يعقوب لعزاء بناته وبنيه في موت أخيهم يوسف، وتفضيله النواح عليه والنزول إلى الهاوبة، إلى القبر معه. وكما نرى، هذه المصادر والمراجع كسياق هي في الوقت نفسه سياق للواقع، سياق لموت يوسف، وموت يوسف هنا لا يمكن إخفاؤه، لكنه ليس واضحًا بالشكل الذي ذكرناه، فليست هناك تسمية ليعقوب، وليست هناك تسمية ليوسف، فيكون لمصدر المعلومة حول موت يوسف "كود" يجب فكه، وسياق يجب نشره، وسيظهر دور السارد (القحطاني هنا وكاتب الكتاب المقدس هناك) بموقفه المتنامي أكثر فأكثر من مصدر معلومته.

التعارض بين الساردين
الموقف المتنامي للسارد المعاصر (القحطاني) ولسارد العهد القديم (كاتب الكتاب المقدس) نلمسه في المعلومة التالية: "وأيضا في سفر التكوين 42 : 38 : فقال - يعقوب - : لا ينزل ابني معكم ، لأن أخاه قد مات ، وهو وحده باق ، فإن أصابته أذية في الطريق التي تذهبون فيها تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية !!" فيعقوب هنا تمت تسميته، تسمية أضافها القحطاني، ليكون التعارض بين صاحب المعلومة الرسمية، صاحب المصدر المسموح به (كاتب الكتاب المقدس) وصاحب المعلومة اللارسمية، صاحب التصريح غير المسموح به (القحطاني)، وبينما صاحب المعلومة الرسمية يرمي إلى التعميم، كما يدلل النص عليه، فعذاب القبر (الهاوية بكلام يعقوب) ليس فقط ليعقوب بل ولكل البشر، يرمي صاحب المعلومة اللارسمية إلى التحديد، الأول يريد أن يفاقم علاقات الناس بالموت، والثاني يريد أن يخفف منها.

التكامل بين الساردين
بالطبع التعارض بين الساردين لا ينفي التكامل، التكامل بين المعلومتين، التكامل بين العصرين، التكامل بين المكانين، التكامل بين الرسمي واللارسمي عندما نقرأ: "وفي سفر هوشع 13 : 14 : من يد الهاوية أفديهم ، من الموت أخلصهم ، أين وباؤك يا موت !!! ، أين شوكتك يا هاوية ؟ تختفي الندامة عن عيني !" التكامل هنا يفترض التعميم (أفديهم أخلصهم بصيغة الجمع)، ويأتي التحديد هذه المرة من سارد العهد القديم عندما يقول: تختفي الندامة عن عيني (عيني بصيغة المفرد). وعندما يكون سؤال التحدي التالي: أين وباؤك يا موت، أين شوكتك، تختفي الندامة عن عيني، تصبح المعلومة نصفين، نصفًا رسميًا (كاتب الكتاب المقدس كسارد من الماضي)، ونصفًا لارسميًا (القحطاني كسارد من الحاضر)، إنها معلومة مشتركة. ويسأل سائل ما علاقة القحطاني بالأمر، فهو لم يفعل سوى نقل المعلومة؟ القحطاني كسارد معاصر يسعى إلى دحض نعيم القبر وعذابه عند الأرثوذكس، وهو بذلك يعصرن النص المقدس، ويضعه في سياق نقضه.

انفصال الأنت في القبر
من العادة قول: انفصال الأنا في الحلم، وبما أن القبر هو الجحيم هو الكابوس عند الأرثوذكس، نقول انفصال الأنت في القبر، وهي محاولة للتقدم في السرد، فبعد التعارض بين الساردين والتكامل، نجدنا في قلب التماثل، وهذه المرة ليس تماثل المعلومة، هذه المرة تماثل ضمير المخاطب أنت: "سفر أشعياء 14 : 15 : لكنك انحدرت إلى الهاوية !! إلى أسفل الجب !! سفر المزامير 94 : لأنه ليس في الموت ذكرك ، في الهاوية من يحمدك !!!" تماثل ضمير المخاطب أنت وضمير الغائب هم: "سفر العدد 16 : 30 : ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية فتعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب !!" التماثل هنا بين هم (فهبطوا أحياء إلى الهاوية) وبين أنت (لكنك انحدرت إلى الهاوية)، وبينما ازدروا بالرب ابتلعهم القبر، هناك في الهاوية من يحميك أنت الذي لا ذكر لك في الموت. إنها طريقة بالأحرى نفسية، كابوسية، وهي فقط مبررة ربانيًا تبرير الكتاب المقدس لها (وليس تبريرنا نحن لها): "سفر صموئيل الأول 6 : 5 : الرب يميت ويحيي ، يُهبط إلى الهاوية ويُصعد !!"

التنديد بنيويًا
يندد القحطاني بالصياغة الرسمية المبالغ فيها لعذاب ونعيم القبر عند الأرثوذكس: "سفر يشوع ابن سيراخ 28 : 25 - 27 : الموت به موت قاس والجحيم أنفع منه ! ، لكنه لا يتسلط على الأتقياء ، ولا هم يحترقون بلهيبه ، بل الذين يتركون الرب يقعون تحت سلطانه ، فيشتعل فيهم ! ولا ينطفئ .... !!!" يندد بشيء من السخرية المبطنة، فبنية الاستشهاد السابق استشهاد في الوقت ذاته على المفارقة بين أتقياء وغير أتقياء، أشرار كما سنرى، ونحن ما يهمنا هنا التنديد لغة لا التنديد لسانًا: "مكان انتقال الأبرار والأشرار بعد الموت في العهد القديم هو الهاوية !! ولكن هناك نوعين من الهاوية أو مكانين في الهاوية !! مكان أو مكانة للأشرار وبها عذاب ونار !!!!! أتعاب وعذاب شديد !! ، ومكان آخر به سلام بدون عذاب أو أتعاب !!!"... عندئذ يعيدنا السرد التاريخي إلى السرد المعاصر: "وسؤالي الاستنكاري للأخوة الكرام الأرثوذكس –يقول القحطاني- : لماذا تعيبون وتنكرون على المسلمين إيمانهم بنعيم القبر وعذابه وهو أصلا مؤكد في كتابكم المقدس خاصة في العهد القديم ؟!!!
أليس الأولى بكم نقد العهد القديم وتوجيه ما قلتموه بشأن نعيم القبر وعذابه تجاه المسلمين إليه عوضا عنهم !!!!" سؤال موضوعي حول واقع ديني مشترك، وكأني به يقول ما فيش حدا أحسن من حدا.





































































قحطانيات10












































التحليل السردي
في مقالته "الإسلام والقمع وترسيخ الحكم الدكتاتوري"، يعرض القحطاني لعمودي الترغيب والترهيب للإسلام، ويصل إلى نتيجة أن "معضلتنا مع القمع والديكتاتورية في الحقيقة ليست في الحكام بقدر ما هي في النصوص الإسلامية"، فكيف تم ذلك سرديًا؟ نطرح السؤال لنقول إن الحقل السردي هو كل شيء لنا، ومثلما دأبنا عليه في القحطانيات الأخرى نحن لا نناقش أفكار الكاتب، ونترك هذه الأفكار تتناقش وحدها، فما يهمنا نظام هذه الأفكار، وبكلام آخر التصور السردي لها.

المستوى الانتقالي
ينتقل بنا القحطاني من مستوى سردي إلى مستوى سردي سمةً لسرديته (لمقالته)، فهو يبدأ بالباحث "المنصف والعقلاني الذي لا يمكنه أن يتنصل من حقيقة مهمة يتجنب أغلب الباحثين المسلمين عن سبق قصد وتعمد الخوض في غمارها"، ملقيًا إياه –أي الباحث المنصف والعقلاني- في شبكة من العلاقات المجتمعية عندما يقارنه بالباحث غير المنصف وغير العقلاني الباحث المسلم، وهذا هو المستوى الأول الذي دافعه للباحث المنصف والعقلاني عدم التنصل من قول الحقيقة. المستوى الثاني دافعه الخوف المطارِد للباحث المسلم حتى في بيئة حرة عندما نقرأ "حتى وإن كان الباحث المسلم يعيش حرا وبمجتمع حر في أية دولة غربية !" المستوى الثالث دافعه الخوف كذلك، لكنه لم يعد خوف الباحث المسلم ولكن خوف المسلم، "فالخوف من المجهول هاجس المسلم يلازمه من المهد حتى اللحد"، ولماذا من المهد حتى اللحد؟ الجواب يدخلنا في المستوى الرابع، "ومبعث الخوف في قلب المسلم متعدد ويعود في أغلب حالاته إلى أثر ما يُعرف بنصوص الترهيب"، فينتهي الخوف كدافع، ويحل محله الترهيب كدافع، "إذ من المعلوم أن عمودي الإسلام هما الترغيب والترهيب". ونحن ندخل في المستوى الخامس، المستوى السردي الخاص بالترهيب، مواربة، ليس لجسامته كدافع، لجسامة مصدره كعقيدة، لأن "الإسلام في واقع حاله قائم على هذين الركنين الأساسيين –يقول القحطاني- وأعني نصوص الترغيب وهي أقل بالنسبة للركن والعمود الثاني وأعني الترهيب ، إذ أن الأخير سمة أكثر في نصوص الإسلام سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة". ليكون المستوى السادس، وهو في بنية المستويات (الطوابق في البناء الناراتيفي) أكثرها ثباتًا بعد أن انتهى التردد المطارِد للسارد، بعد أن انتهى الخوف مما يقول منيعًا بالإسلام نفسه، فهناك الخوف العام كدافع، وهناك خوف الكاتب كدافع، تحت معنى الحذر مما يقول، حتى يصل إلى إثبات فكرته عن الترهيب في الإسلام، فها هو يقول: "وهذه حقيقة ساطعة كسطوع الشمس في رابعة النهار ولن يكابر أحد في إنكارها أو مجرد التبرير لها تصريحا أو تلميحا". المستوى السابع لا يمثل أية عقبة في السرد، وعلى العكس يساهم في تدعيم المستويات الأخرى السابقة: "ولهذا فالمسلم يتربى وينشأ في مجتمعه من ولادته حتى مماته على نصوص الترهيب من كل شيء وفي أي شيء يخصه شخصا ويمسه ، أو له علاقة بطريقة مباشرة في حياته أو غير مباشرة ، نعم إن سطوة نصوص الترهيب هي من زرعت ورسخت في وجدان وعقل المسلم الخوف ، وبالتالي الخنوع والاستسلام فالذل وتقبل المهانة والرضى بالقمع والتسلط والديكتاتورية والخنوع والتسليم للقمع والظلم ، بل وتقبل استعباده وسلب كرامته وآدميته ونهب ماله بل ولد ظهره ، ناهيك عن المطالبة بحقوقه أو جزء يسير ونزر أقل منها". أهم ما في هذا المستوى قدرته على تشريح بنية المسلم، وكأننا في قاعة عمليات كل المجتمع الإسلامي: التربية، المنشأ، الوجدان، العقل، الاستسلام، الذل، المهانة، القمع، الظلم، وخاصة التسليم للظلم، ثقافة الظلم مقابل ثقافة الاستعباد وسلب الكرامة، سلب الآدمية، والعجز عن المطالبة بأقل الحقوق.

سِجِلّ الترهيب
عند هذا المستوى تتميز نبرة السرد بالرفض والتفنيد والاستنكار والإقرار عندما نقرأ: "ولا يمكن بحال من الأحوال أن نقبل مزاعم ودعاوى المتأسلمين بشأن الحكام الديكتاتوريين والفاسدين السارقين طوال تأريخنا الإسلامي منذ ظهور الإسلام حتى يومنا هذا ، فطرح مثل هذه المزاعم الكاذبة من قبل المتأسلمين لا تستر بوائق وجرائم وقمع الحكام المسلمين قديما وحديثا ، إذ أن نصوص الترهيب إياها كانت هي الأرض الخصبة لبذرة الديكتاتورية وظهور القمع في كل مجتمع مسلم ، فنصوص الترهيب شكلت كل حياة المسلم ومختلف نواحي حياة المجتمع الإسلامي منذ صدر الإسلام حتى اللحظة". الرفض: ولا يمكن بحال من الأحوال أن نقبل. التفنيد: مزاعم ودعاوى المتأسلمين. الاستنكار: نصوص الترهيب أرض خصبة لبذرة الدكتاتورية. الإقرار: نصوص الترهيب شكلت كل حياة المسلم.

النصوص الإسلامية
المقصود هنا النصوص الخاصة بالترهيب، وإلا تجاهلنا النصوص الخاصة بالترغيب، ويعي القحطاني هذا في نقده الموضوعي للدين عندما يرى المعضلة في نصوص الترهيب: "وأن معضلتنا مع القمع والديكتاتورية في الحقيقة ليست في الحكام قدر ما هي في النصوص الإسلامية إياها"، ليستنتج: "ولهذا قلنا سابقا ونكرر الإسلام كشريعة وتشريعات ليس صالحا لكل زمان ومكان ! بل وأن أسطوانة الحقوق في الإسلام أسطوانة مشروخة ! إذ في واقع الحال ليست حقوقا قدر ما هي تكاليف وأوامر فحسب ، ولن نقبل أكاذيب المتأسلمين بشأن هذه المزاعم ثانية أبدا ، ولن ينطلي علينا مزجهم وخلطهم للأوراق للهروب يمنة ويسرة عوضا عن الهرب إلى الأمام ! ، فالتكاليف أوامر وليست حقوقا في الجوهر والظاهر ، لا حقوق للمحكوم أمام الحاكم في الإسلام قولا واحدا". الإسلام كشريعة ليس صالحًا لكل زمان ومكان، يقول القحطاني، ليكون الطابق الأخير في السرد. الباقي نوافذ في البناء السردي يفتحها: أسطوانة الحقوق، أكاذيب المتأسلمين، مزج الأوراق وخلطها، التكاليف الأوامر، لا حقوق للمحكوم. الآن وقد انتهى البناء السردي، يعود القحطاني إلى أساس هذا البناء، الإسلام، الإسلام كحرية وليس الإسلام كاستعباد، عندما يقول: "والإسلام نفسه كدين ومعتقد لم يتنصل من هذه الحقيقة أو يجملها أو على الأقل يبررها ! ، بل نصوصه صريحة وقاطعة في تأكيدها والأخذ بقوة وشدة على من يخالفها !! ، والأمر الصريح بقطع العنق بحالات كثيرة !! وسبق لنا أن تحدثنا كثيرا عن نصوص السمع والطاعة ونصوص البيعة ونصوص الحسبة ونصوص الترهيب إياها ! فمن له أذنان للسمع فليسمع ! أو يخرس للأبد !!!!!"






































































قحطانيات11










































اللقطة الأولى
"إلى وقت قريب كنت أعتقد جازما أن مشكلتنا ليست في الإسلام كدين يجمع بينه وبين الدنيا كما يقال ، وكمعتقد ، وكشريعة إسلامية حدود وقصاص وقطع أطراف ورجم بالحجارة وقتل المفارق للجماعة والمرتد تطبق من بشر ، فيصيبون في التطبيق أو يخطئون !! ، بمعنى أنني كنت أرى وأعتقد أن المشكلة محصورة في سوء التطبيق عن قصد أو غير قصد ، وفي التوظيف والاستغلال للإسلام بمجمله كدين ، أو توظيف كثير من نصوصه وتشريعاته".

اللقطة الثانية
"هكذا كنت أرى مشكلة الإسلام ، وبأن الخلل ليس في أصل الإسلام قدر ما هو استغلال أو توظيف أو سوء فهم واستنباط فتخبط ثم سوء تطبيق ، ولن استرسل في بواعث وعلل مثل ذاك الاعتقاد الخاطئ بنظرتي تجاه الإسلام نفسه ، ربما بواعث نفسية داخلية لدين ومعتقد ولدت فيه ، وورثته عن الآباء والأجداد ، أو ربما عصبية وحمية للدين والمذهب ، خاصة وأنني بدوي قح ممن يعظمون ويقدسون تقاليدهم القبلية وعاداتهم البدوية أشد من موروثاتهم الإسلامية في كثير من الأحيان ، أو ربما الخوف من قول الحقيقة فيعقبه اعتقال وتنكيل ، أو تعرض لأذى من أي نوع كان ، أو ربما خشية انقطاع إعانة معاق مالية تافهة وزهيدة وحرمان علاج ودواء مجاني ، لا أعرف ربما أحد هذه ، أو ربما هي كلها مجتمعة ، ربما ، لا يمكنني الجزم بذلك البتة ، ما يعنيني هو ذاك الاعتقاد الخاطئ بأن مشكلتنا ليست في الإسلام نفسه ، بل في الاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق".

اللقطة الثالثة
"إلا أنه مع إعادة التفكر بعمق والتأمل بروية ، ورؤية الأمر بمنظور الرجل الذي تجاوز الأربعين من عمره بسنوات ، وبعقل شخص عاش ولا زال يعيش واقع إسلامه في معقل ومهبط الوحي وموطن رسالة الإسلام ، وبالقرب من مكة المكرمة حيث بدأت رسالة الإسلام ودعوة النبي الكريم محمد ، وأيضا المدينة المنورة حيث دولة الإسلام الأولى تبعد عني أقل من ثلاث ساعات بالسيارة ، فكان علي أن أعيد النظر والتأمل ، واجمع بين الماضي والحاضر لأخرج برؤية وفكرة بل وقناعة شخصية مفادها أن مشكلتنا ليست في الشخوص قدر ما هي في النصوص ، بمعنى مع الإقرار بالاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق إلا أن السبب الرئيس لما سلف هو النصوص ذاتها والتي أجازت هي ابتداءً مثل هذه وأكثر ، وأنها تحمل على أوجه كثيرة !!".

اللقطة الرابعة
"وأن كثيرا من النصوص الإسلامية نفسها والتشريعات كذلك والحدود الإسلامية أيضا لا يمكن لها أن تساير العصر وتتواكب وواقع معاش العالم المتحضر اليوم ، بل وان شريعة حقوق الإنسان تفوقت على الشريعة الإسلامية لمراعاة الأولى جوانب إنسانية خلت منها الشريعة الإسلامية ، لا سيما في باب العقوبات وتشريعات القوانين الخاصة بالجرائم بمختلف أنواعها وقسميها الجنائية أو الجنح على حد سواء ، بل وأنه من السذاجة بمكان أن نخلط بين مفهوم التكليف وكرامة وحقوق الإنسان ، فالحقوق في الإسلام في الواقع تكاليف وأوامر تعبدية بصورة تكريم ظاهري لا جوهر ، والحقوق حتى ما نعتقد منها أنها تكريم هو في واقع الحال استعباد وعبودية وإن أخذ صفة التعبد !! ، ولذا لم نجد دولة إسلامية واحدة قد نجحت في أي أمر واحد بالاتكال الكامل على ما ورد بشأنه من نصوص أو تشريعات إسلامية بحتة ، ولعل السعودية نفسها أوضح مثال وبكل ما يخطر على العقل والبال !!! ولن أفصل في الأخيرة للعلة المعروفة !!!!!".

بنية اللقطة
مثلما رأينا، قطعنا المقالة "الإسلام فشل في مواكبة العصر والسعودية نموذجًا" إلى أربع لقطات، وكل لقطة تُقْعِدُ من الهمة، تحت معنى الحماس، وتُقِيمُ الحجة، تحت معنى الاحتجاج، لتصل إلى حكم يتوقف على حكم. في اللقطة الأولى الحماس: الإسلام كدين وكمعتقد وكشريعة، الاحتجاج: التوظيف والاستغلال، الحكم: سوء التطبيق. في اللقطة الثانية الحماس: التعظيم والتقديس والعصبية والحمية، الاحتجاج: الخوف من قول الحقيقة والتعرض للأذى، الحكم: اعتقاد خاطئ بأن المشكلة ليست في الإسلام. في اللقطة الثالثة الحماس: إعادة النظر والتأمل والجمع بين الماضي والحاضر، الاحتجاج: المشكلة في الشخوص لا في النصوص، الحكم: الإقرار بالاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق. في اللقطة الرابعة الحماس: تفوق شريعة حقوق الإنسان على الشريعة الإسلامية، الاحتجاج: جوانب إنسانية في شريعة حقوق الإنسان خلت منها الشريعة الإسلامية، الحكم: فشل الدول الإسلامية، السعودية أوضح مثال.

بنية الحكم
لبنية الحكم وظيفة المتكلم (القحطاني)، وهي وظيفة تَرَابُط بين الأحكام: سوء التطبيق في اللقطة الأولى أدى إلى الاعتقاد الخاطئ بأن المشكلة ليست في الإسلام في اللقطة الثانية، وفي اللقطة الثالثة الإقرار بالاستغلال والتوظيف وسوء التطبيق، ثم فشل الدول الإسلامية وفشل السعودية في اللقطة الرابعة. هناك اطراد في الأحكام، كل حكم يتوقف على الآخر، وكل حكم يدفع الآخر، يدفع ويدعم الآخر، لهذا لا يُلقي المتكلم كلامه جزافًا، فَهَمُّ المتكلم أن يطرح قضية بت فيها، قضية فَشَلِ الإسلام والسعودية في مواكبة العصر، وليس قضية سَيَبُتُّ فيها. وهو بذلك لا يتفرع بالسرد إلى متاهات بعيدة عن الواقع، سرده هو واقعه، ولقطته هي مداه.

تصنيف اللقطات
قام المتكلم (القحطاني) بتصنيف اللقطات، لغاية واضحة، ألا وهي إيقاف البحث في الأمر، ففشل الإسلام والسعودية، أو الإسلام في السعودية، بالنسبة له، أمر مفروغ منه، وتصنيفه حقوقيًا يعني الحفظ بلا تحقيق، وكلاميًا اللعب بالكلمات. الحماس، والاحتجاج، والحكم، كل منها عبارة عن كلمة دالة، كحماس، كاحتجاج، كحكم، باستقلال عن دلالاتها السياسية، مما يحرر مدلولاتها من معانيها المستهلكة التي تمتلئ بها المواقع والجرائد والأفواه. ولكن رجوعًا، في النص القحطاني، تتجدد سياسيًا، لأن اللقطة لديه لا تهبط إلى مستوى الابتذال الذي عودتنا عليه المقالات المستهلكة، التكرار، أو ذات الأحكام الباطلة.

































































قحطانيات12










































الفاصل والواصل
في "محنة القرآن بين السلف والخلف" نقرأ أول ما نقرأ: "بدايةً صديقي القارئ الكريم العزيز علي الإقرار بأني لا أملك الشجاعة ولا الجرأة لأكتب كل ما هو متعلق ببحث عنوان الموضوع ! وليس خوفا من غضب واعتقال الحكومة فحسب ! بل وأيضا من ردة فعل بعض المتخلفين من المتشددين المتعصبين في مجتمعي وما أكثرهم! ! رغم ما سأقوله الآن وما لا أجرأ على قوله هو في الواقع حسن ولا غبار عليه ! بل أجزم أنه سلاح لكل مسلم معتدل ومنفتح العقل للرد على من يطعن في القران الكريم !! ولا يعني هذا أن القرآن الكريم نفسه لم يوقع المسلم في محنة سرمدية مع العقل !! إذ أن القرآن الكريم خص طائفة وجماعة من المسلمين بعلم تأويله !! ولعمري إنها أم الكوارث وسبب كل بلاء أصاب المسلمين قديما وحديثا" (انتهى). الفصل بين عدم امتلاك الشجاعة والجرأة للكتابة عن محنة القرآن والخوف من غضب الحكومة واعتقالها وردة فعل المتشددين المتعصبين الكثيرين أو بعضهم، وبين ما سيقال عن محنة القرآن وما لا يقال لعدم امتلاك الجرأة، ليكون الوصل: القول الغائب والحاضر قول حسن ولا غبار عليه وسلاح لكل مسلم معتدل ومنفتح العقل. إذن عملية الفصل والوصل عملية تصنيف للسرد في نفيه وإثباته، عدم امتلاك الشجاعة والجرأة والخوف من الغضب والاعتقال وردود فعل المتشددين نفي للرد على من يطعن في القرآن، وهذا الرد إثبات. إذن النفي كفاصل والإثبات كواصل كلمتان دلاليتان لفعلين أساسيين، فعل تأويل القرآن من كل لسان وليس من لسان جماعة خصها بعلم تأويله، وفعل القرآن نفسه على العقل عندما أوقع المسلم في محنة سرمدية.

الكابت الفكري
"نطالع النص القرآني التالي : هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ، وأخر متشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله ، والراسخون في العلم ، يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ، سورة آل عمران آية 7 ، إذن القرآن الكريم أقر ابتداء أن فيه آيات محكمات أسماها أم الكتاب ! محكمات أي بينات واضحات الدلالة ولا التباس فيها على أحد من الناس ! ومنه أي القرآن الكريم آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم" (انتهى). يبدو هنا ما ندعوه "الفوضى المنظمة"، مقابل العقل المنظم، ونحن هنا لا ننتقد القرآن الكريم، بل نثني عليه، فهو يميز بين آيات محكمات وآيات متشابهات، وهذا شيء طبيعي لكل كتاب اللغة فيه وسيلة نقل للفكر، لكنه –أي القرآن- يتدخل ككابت للفكر، لأن من هم في قلوبهم زيغ هم الذين من المفترض أن يجادلوا فيه الآيات المحكمات قبل المتشابهات، ويكرسوا فوضاه المنظمة كفوضى للجدل الحر، فيكرس عدم الفوضى، يكرس عدم الجدل، فالتأويل لا يعلمه إلا الله، هذه القوة الإيديولوجية التي يتراجع أمامها أصحاب الفكر، فما بالك غير أصحاب الفكر، ليدعوهم بالراسخين في العلم، بينما هم أبعد ما يكون عنه.

الهذيان اللغوي
"لكن لاحظ معي التالي – يقول القحطاني- : 1 - اختلف السلف في المحكم والمتشابه !! فبعض الصحابة قالوا المحكمات ناسخه ، وحلاله وحرامه ، وحدوده وفرائضه ، وما يؤمر به ويعمل به ، وقال ابن عباس رأي آخر : المحكم في قوله تعالى : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا. .. ، أي الآيات 151 و 152 و153 من سورة لأنعام !! ، 2 : - أيضا اختلفوا في المتشابه !! فقال بعضهم : إنهن المنسوخة ، والمقدم منه والمؤخر ، والأمثال فيه والأقسام ، وما يؤمن به ولا يعمل به !! ، وقيل هي الحروف المقطعة في أوائل السور ، 3 : - وما يعلم تأويله إلا الله !! و الراسخون في العلم !! طبعا كالعادة اختلف القراء في الوقف عند إلا الله ، وبالتأكيد مثل هذا الخلاف له ما له وعليه ما عليه" (انتهى). هذا المقطع يشي بما فيه من هذيان لغوي، ولا حاجة بنا إلى تفصيله، تبريره، أو تفنيده، لا تورية فيه، ولا تجنيس، أو جناس، والجناس هو تشابه كلمتين أو أكثر في اللفظ، وهنا الألفاظ كلها واحدة وإن اختلفت المواقف في المُحكَم وفي المُتشابَه، هناك تسطيح لا أكثر، تسطيح يقيد المعاني، ويفقدها في نهاية المطاف فحواها، لهذا يكون "الوقف عند الله"، كقوة إيديولوجية كما قلنا، كقوة إيديولوجية مريحة لمن يهذي.

من قوة إيديولوجية إلى قوة سياسية
سنرى في المقطع القادم كيف يغدو الله في السماء كقوة إيديولوجية، الله على الأرض كقوة سياسية، وسنرى كذلك أن هذه القوة السياسية لن تكون إلا بتغييب القوة الفكرية، العقل، فدون تغييب القوة الفكرية لن تكون هناك قوة سياسية، لن تكون هناك قوة إيديولوجية، وهذا يعني كذلك قوة فكرية لغير العقل، لكتبة الحاكم ووعاظه –كما سيجيء في النص- وقوتهم الفكرية ستقوم على "الفوضى غير المنظمة" باسم الفوضى المنظمة للقرآن ويا للمفارقة، بعقلهم المنظم، فالعقل المنظم ليس حكرًا على أحد، واستغلال القرآن الكريم بكل الطرق لمصلحة الحاكم والحكم كاستغلال وسائل الإعلام اليوم لتسويق الكوكا كولا، فوسائل الإعلام هي القرآن، والكوكا كولا هي الحاكم : "لكن مكمن المشكلة ليست في تعدد التفاسير !! أو الأقوال والآراء !! ، المشكلة الحقيقية في الاستغلال السياسي والتوظيف !! والأخطر في الأمر محاولة تغييب العقل رغم ما ورد من آيات كثيرة في القرآن الكريم تحض وتدعو إلى إعمال العقل والتدبر !! بل إن الحاكم المسلم لم يستغل وحده القرآن الكريم قدر ما استغله وعاظ سلطانه طوال تأريخ الإسلام !! ، وبالطبع المحكم إياه و المتشابه !! العجيب في الأمر أن العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ لا يأتون بذكره أبدا في مواضع البيعة والطاعة والخضوع للحكام ، أو في أحكام الدعوة والجهاد الآني في عهد البعثة وحدها !! لم يأتوا بذكرها في آيات القتال كلها والتي قيد مطلقها بآية ولا تعتدوا على سبيل المثال !! وفي ما يسعك وما تشاء قياسه ولا حرج ، وعليه فإني أجزم أن القرآن الكريم كان ضحية الاستغلال والتوظيف السياسي ، ومن كثير من العلماء والفقهاء لمنافع ومغانم شخصية وعلى حساب البسطاء والعامة من المسلمين ! ولم لا وهم ابتداءً جعلوا أنفسهم الخاصة !!" (انتهى). لهذا –نستنتج- مثلما كانت وسائل الإعلام في وقتنا ضحية الاستغلال والتوظيف السياسي كان القرآن كذلك، في وقته (السلف) وفي وقتنا (الخلف)، لمنافع ومغانم الخاصة على حساب العامة. وفي فوضاهم المنظمة، تصبح مفردة الخاصة تورية لمفردة العامة، كهذيان لغوي، وذلك لأن كاتب السلطة الكفء يتقن جيدًا استعمال الجناس في غير محله.

بنية سلطة السلف وبنية سلطة الخلف
كما سنرى في المقطع القادم، يحاول القحطاني تبسيط كلامه بالتدليل العقلاني على مسائل كثيرة بائدة، كنشر الإسلام بالسيف، لم تعد تطرحها دول كثيرة، وجعلت من سلطة السلف أداة فصل لسلطة الخلف، غير أن داعش وبوكو حرام تعيدان توزيع أوراق اللعب القديمة، وتجعلان من سلطة السلف أداة وصل لسلطة الخلف: "وللتدليل العقلاني البسيط على كلامي فإننا نرى أن جميع الدول العربية والإسلامية لم تعد تطرح مسائل كثيرة ومنها على سبيل المثال نشر الإسلام بالسيف والقوة ، أو تحلم بالتوسع والغنائم أو اقتناء العبيد والسبايا وملكات اليمين والإماء !! ، بل اليوم نرى تنظيم دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام هو من يرى ذلك !! وكذلك منظمة بوكو حرام ، وبالطبع غير هذين التنظيمين الإسلاميين تنظيمات أخرى ، لأن مطمحها الحكم والسلطة والتوسع كسلفهم في القرون الغابرة والماضية" (انتهى). الدلالات كثيرة في البنيتين، بنية سلطة الخلف وبنية سلطة السلف، وهما تتواصلان في نفس الوقت الذي تنفصلان فيه، لنخرج بالدلالات إلى رأي شخصي للقحطاني: "وفي رأيي الشخصي بعد سنوات طويلة من الدراسة والبحث في العلوم الشرعية الإسلامية أقول : لو سلم القرآن الكريم من هوى تفاسير وعاظ بلاط السلاطين وكل مفتي ضال لكان الإسلام وأهله بخير اليوم ، وأيضا آيات الجهاد والقتال الآني في عهد البعثة لو لم تسقط في كل عصر وأوان ومكان ، لم نكن اليوم نتجرع مرارة إرهاب المتطرفين" (انتهى). وإلى نصيحة للقحطاني: "ونصيحتي للعقلاء والإنسانيين من المسلمين والإسلاميين أن يمعنوا ويتمعنوا مطولا في علم أصول الفقه وخاصة في أبواب العام والخاص والمطلق والمقيد لكن بتجرد وحيادية وأن يبتعدوا عن الإسقاط لغرض الاستغلال والتوظيف ، ولعمري إن هذه الأبواب وحدها كافية لتخليص الإسلام من كل سوء طاله من المستفيدين من المسلمين حاكمين ومحكومين ومن غيرهم !!" (انتهى). وإلى جزم للقحطاني: "وأجزم بالتمعن بمثل هذه الأبواب سيخرجون بخطاب ديني إسلامي عصري ومتمدن وحضاري ينهض بمجتمعاتنا العربية والإسلامية ودون إثارة غضب من غيبة عقولهم دهرا طويلا ، وسيطهر عقولنا من دنس ما يخالف إنسانيتنا" (انتهى). الرأي والنصيحة والجزم متعددة المعاني ككلمات هي في نفس الوقت دلالات، باستقلال عن سياقاتها، وهي لذلك تصبح العناصر المرجعية للمقالة، فلا نسمع غير صوت القحطاني، و "دكتاتورية" كلماته، وهذا شيء ماشٍ في المقالة كنوع سردي.

انطباق الفاصل والواصل
ينهي عبد الله مطلق القحطاني مقالته بالملاحظة التالية: "محنة القرآن الكريم اليوم مع الخلف أشد وأنكر وأنكى فهؤلاء المتخلفون صدعوا رؤوسنا بالإعجاز العلمي والعددي الخ !! وكأنهم أتوا بما لم يأت به الأوائل من الصحابة والتابعين والسلف !! أو وفقوا إلى أمر في القرآن الكريم غفل عنه صاحبه ! والمصيبة جمعوا ترهاتهم مع ما قلته آنفا بشأن سلفهم" (انتهى). هنا ينطبق الفاصل على الواصل، السلف على الخلف، الماضي على الحاضر، الدلالات على المعاني، هذا ما تعنيه في هذا السياق مفردة "ترهات".

































قحطانيات13












































نظام التعارض
في "المرأة السعودية بين النصوص ولجنة الإفتاء"، هناك تعارض بين النصوص الخاصة بالمرأة كما نقلها كُتَّاب الأحاديث وبين نصوص لجنة الإفتاء، عندما نقرأ: "سأبدأ كلامي بنقل هذه الفتوى الشرعية التي صدرت من اللجنة الدائمة للإفتاء في معرض ردها على سؤال هذه صيغته : كيف تصلي المرأة إذا كان معها أجانب مثلا في المسجد الحرام ؟! ، وكذلك في السفر إذا لم يوجد في الطريق مسجد به مصلى للحريم ؟!! ، الجواب : إن المرأة يجب عليها ستر جميع بدنها في الصلاة إلا الوجه والفكين ، لكن إذا صلت وبحضرتها رجال أجانب يرونها وجب عليها ستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه والكفان". الإفتاء هنا بخصوص المرأة وكيف تصلي في المسجد الحرام وفي السفر بحضرة رجال غرباء عنها لهو نص رسمي عن هيئة الإفتاء يعود إلى وظيفة الضبط، أو سن الضوابط، وهو نص يشكل الطريحة في نظام التعارض، وذلك بانتظار النقيضة التي هي: "تعليقي –يقول القحطاني- : هل تذكرون موضوعي السابق قبل يومين ؟! عمل المرأة بين صحيح النصوص وتسلط الشخوص !! ، ألم أقدم مفاجأة للسلفيين ؟! ، سأذكركم بها مجددا ، كانت امرأة تصلي خلف رسول الله حسناء من أحسن النساء ، قال ابن عباس - حبر الأمة وترجمان القرآن - : لا والله ما رأيت مثلها قط !! ، أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه وأحمد - لاحظ الحديث مذكور بأربعة من صحاح كتب الأحاديث الستة عند أهل السنة - وذكره وأخرجه أيضا الطيالسي ، وابن جرير في تفسيره ، والطبري في الكبير ، بل ومن المعاصرين صححه الشيخ الألباني والشيخ أحمد شاكر ، ونحن نسأل لجنة الإفتاء المحترمة : هل أنتم أعلم بفهم النصوص الصحيحة والصريحة واستنباط الأحكام الفقهية من خير القرون الثلاثة الأولى ؟!!!!" للمتكلم هنا، أي القحطاني، وظيفة الربط، أو التعشيق، فهو يربط الفتوى بواقعة تنفيها، المرأة التي كانت تصلي وراء الرسول رأى وجهها كل الرجال، وإلا ما استطاع ابن عباس وصفها بالحسناء. ومما لا شك فيه أن المتكلم (القحطاني) ليس هذا كلامه، هو كلام منقول عن كتب الأحاديث، ليكون التعارض في النظام بين كلام المفتين وكلام كُتَّاب الأحاديث، ولم تكن للمتكلم (القحطاني) من وظيفة أخرى غير الربط، كما ذكرنا.

تحييد المعنى
يأخذ كلام المتكلم (القحطاني) مكان كلام كُتَّاب الحديث، وعلى طريقته لا يكتفي بنفي الفتوى الخاصة بالمرأة، بل بتحييد معناها، بما أنه لا يمكنه إلغاءها، وذلك عن تأكيده كشف المرأة عن وجهها وهي تصلي بصحبة الرسول، وبتحييد معنى الفتوى تكون له وظيفة الفك، وظيفة تبقى على المستوى السردي، إلى جانب وظيفته الأخرى، وظيفة الربط، فها هو يفك سلسلة من سلاسل المرأة، ويلقي بها في مستقبل تحررها من باقي سلاسلها: "وفي موقع الشيخ ابن باز على الإنترنت سؤال عن حكم عمل المرأة ؟! الجواب طويل لأنه حشر ما كان هو خاص بنساء النبي الكريم محمد وبشأن الحجاب !! في جوابه !!!! ، والأغرب أنه تحدث عن عمل المرأة بمعية زوجها ومحارمها من أبناء ونحوهم !! في حقل أي مزرعة وأباحه! ، وحرم ما بعد ذلك !!!! وهذه عجب العجاب ، فهل هذا عمل ؟! أم خدمة بدون أجر مضافة على أعباء المرأة ؟! ، ثم هل نسي المفتي السابق والذي توفي منذ سنوات عشرة ونيف أن الصحابيات كن يغزين مع النبي ؟! ويبعن ويشترين أي يمارسن التجارة في السوق - الأحاديث في جميع كتب الصحاح الستة - ويداوين الجرحى الرجال ؟!!!!" نقول السلسلة التي يراد كسرها من سلاسل المرأة المسلمة الكثيرة -أعباء المرأة يقول عبد الله- وهذه أهمها، سلسلة العمل، وذلك دومًا في استغلال وظيفة الربط بوضع النساء الصحابيات أيام الرسول، هنا يتم تحييد المعنى المضاد للحرية.

بنية التحولية
التحولية نظرية التطور التي تَنْسِب للتحولات الدور الأساسي في ظهور الأجناس الجديدة، والقحطاني في مقالته "عمل المرأة بين صحيح النصوص وتسلط الشخوص"، يمارس الربط كوظيفة سردية بوصفه المتكلم، وهمه نفي الضبط كوظيفة فعلية للإفتاء، وكأننا به يقول لو كانت المرأة في وضع طبيعي، والوضع الطبيعي هو التحولات في المجتمع، لظهر منها اليوم امرأة أخرى دون نقاب أو حجاب، امرأة معاصرة بأتم معنى الكلمة، فلنسمعه يقول: "الحقيقة لدينا عقلية متوارثة منذ ثلاثة قرون هي من زرعت براثن الجهل والتخلف والظلام ! بل والتشدد والتطرف وأفضت إلى ما نحن فيه !!!!" هذا الانقلاب المعنيي (من معنى) يطرح علينا السؤال التالي: لماذا المرأة السافرة ليسها المرأة غير المحجبة؟ الجواب نجده في هذا الاستشهاد: "سأبدأ حديثي بذكر واقعة من عصر الصحابة الكرام وردت في الصحيحين ، صحيح البخاري وصحيح مسلم ، وهذه الواقعة تظهر لنا بجلاء أنه وللأسف الشديد جل النصوص الإسلامية المتعلقة بالمرأة وعملها قد تعرضت للقمع بقصد أو غير قصد !! والمخالفة من بعض سذج أو حتى غلاة بعض أوائل المسلمين ومن أبناء كبار الصحابة أنفسهم ، وأن التشدد ليس نابعا من النصوص قدر ما هو يعود لذات الشخص وسوء نظرته أو فهمه أو حكمه ، حتى لو كان أمرا شرعيا كالخروج للصلاة مثلا في المسجد من قبل المرأة". الجواب بكلام آخر يكمن في قمع كل النصوص الخاصة بالمرأة، في سذاجة ومغالاة أوائل المسلمين، في التشدد العائد على الشخوص لا النصوص (الأمر مقبول سياقيًا بعد أن تبدل موقف القحطاني)، وكأنه بنا يقول المرأة السافرة والمرأة غير المحجبة امرأة أولاً وقبل كل شيء، والحجاب شيء زائد، لا يوجد عند المرأة تناقض وجداني، يوجد تناقض وجودي في مجتمع رجولي، تناقض غير طبيعي، يلعب دور الكابت في البنية التحولية، دور الكابح، دور القامع، ومن الناحية السردية، هناك اختيار واضح إلى جانب حرية المرأة.

نسبية الاختيار
نسبية الاختيار هنا سردية، فالاختيار إلى جانب حرية المرأة أمر لا رجعة فيه، لهذا يتكلم القحطاني عن واقعة "تُظهر لنا بجلاء –كما يقول- أنه وللأسف الشديد جل النصوص الإسلامية المتعلقة بالمرأة وعملها قد تعرضت للقمع بقصد أو غير قصد !! والمخالفة من بعض سذج أو حتى غلاة بعض أوائل المسلمين ومن أبناء كبار الصحابة أنفسهم"، والاختيار نسبي سرديًا بسبب التعارض بين وضع المرأة وما كان ووضع المرأة وما سيكون. فلنر كيف كان (الواقعة التي يتكلم عنها القحطاني فوق): "في الصحيحين عن ابن عمر - هو عبد الله بن عمر بن الخطاب - قال : قال رسول الله ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد ، فقال ابن له - أي ابن عبد الله بن عمر راوي الحديث - يقال له واقد - اسمه واقد حفيد عمر بن الخطاب فهو بالتالي من التابعين - إذن يتخذنه دغلا - الدغل هو الفساد والخداع - قال فضرب - أبوه ابن عمر - في صدره وقال : أحدثك عن رسول الله وتقول لا !! ، إذن التشدد وسوء الإسقاط أو الاعتراض كذلك من الشخوص ظهر في صدر الإسلام ، من قبل بعض الشخوص ، وخاصة في النصوص المتعلقة بالمرأة ! ولهذا لا عجب أن نجد مثل هذا الأمر في كل زمان ومكان وعصر". كانت المرأة إذن موضوع فساد وخداع، وضعها كيف كان، ووضعها كيف سيكون، فلنره بجملة واحدة، ذات دلالة هائلة: "أفيقوا أيها السلفيون يرحمكم الله".



























































قحطانيات14












































التعارض النسبي
في مقالة "عذرًا يا وطن أنا ألعنك وأبغضك"، هناك تعارض من العنوان بين الاعتذار للوطن وبين لعنته وبغضه، فالقحطاني يحب وطنه، وما كل هذا البغض إلا لكل هذا الحب، لهذا كان التعارض نسبيًا، أبعد ما يكون عن اللفظ الكلي في الفلسفة، اللفظ الجازم، لنبتعد عن المعنى المستنبط من المقولات لدى كانط، ولنقترب من الرمز الذي يُبنى منه السرد، ككل قطعة شعرية، نسبية التعارض فيها كيلا يكون الربط بين الكلمات والجمل لعبة بين الصحيح والغلط فيما يقال، وكيلا يكون الرمز عائقًا أمام التجانس بين الكلمات والجمل المتعارضة، وبالتالي كيلا يتراجع الفك أمام التفكك، فك الكلمات والجمل –كما سنفعل- أمام تفكك مفترض لهذه الكلمات والجمل يعبر عنه التفاوت بين البغض والغضب.

الربط بين الكلمات والجمل
"عذرا يا وطن ؛ عذرا يا وطن ؛ لن أنافقك ولن أخدعك فأنا أكرهك وأبغضك وألعنك ؛ عذرا يا وطن لن أجاملك ولن أنافقك بشعارات الانتماء المزيفة والتغني بحبك وأن حبك من الإيمان ؛ لن أنافقك يا وطن ولن أخدعك بل أنا ألعنك وأبغضك وألعن ساعة ولادتي على ترابك ؛ ألعن نفسي قبلك يا وطن وألعن لحظة ولدت بها بك يا وطن فعذرا يا وطن أنا أبغضك وألعنك". يرتبط الاعتذار بعدم الخداع والنفاق، فما سيقال لا يقال: كره الوطن وبغضه ولعنته. إذن التعارض بين الاعتذار على ما يقال وما يقال نسبي لا نهائي، هو بالأحرى عامل ربط ناراتيفي سردي أساسي، بين كلمة عذرًا وكلمة وطن، وبين جملة عذرًا يا وطن وجملة لن أنافقك ولن أخدعك فأنا أكرهك وأبغضك وألعنك، وقس على ذلك باقي الكلمات والجمل. ويظهر التعارض النسبي أكثر ما يظهر في الفقرة السابقة عندما يقول المتكلم ألعن نفسي قبلك يا وطن، فيشمل هذا التعارض كل النص، هناك لعنة الوطن وهناك لعنة النفس، إحداهما تنبني على الأخرى، ألعن لحظة ولدت بها بك، يقول المتكلم، فليس إذن أنا على خطأ لأني أكرهك أو أنا على صواب لأني أحبك، نحن هنا ننأى عن المثالية، ليكون التعارض عامل ربط تركيبي إضافة إلى كونه عامل ربط سردي.

الفك بين الكلمات والجمل
"أنت يا وطن قتلتني وقتلت غيري ؛ نعم يا وطن أنت وحدك الجاني والجلاد ؛ أم تراك يا وطن أنت أيضا ضحية مثلنا ؟!" الوطن القاتل الجاني الجلاد، لا يوجد تعارض هناك بين الوطن وبين كونه قاتلاً وجانيًا وجلادًا بل تجانس، وكما كان التعارض نسبيًا التجانس نسبي كذلك، فالفك بين الكلمات قاتل وجانٍ وجلاد لن يتوقف هنا، وهو يغترف من قاموس القمع كلمات أخرى كثيرة متشابهة، التجانس ما بينها عامل فك بين الكلمات التي قيلت والكلمات التي لم تُقَل أو التي ستقال، عامل فك بين الجملة الأولى التي تعرض للوطن كقاتل وبين الجملة الثانية التي تعرض للوطن كضحية، نقول عامل فك لا عامل ربط بسبب السؤال أم تراك يا وطن أنت ضحية مثلنا، سؤال يشكك في كون الوطن قاتلاً وجانيًا وجلادًا، ويجعل من هذا التجانس تجانسًا نسبيًا، فتتجانس الكلمات من ناحية بفضل الرمز الذي يعبر عنه الوطن كقاتل وجانٍ وجلاد مرة وكضحية مرة، وهذا هو المستوى الناراتيفي السردي، لهذا قام التجانس كعامل فك بين الوطن كوطن (أرض وسماء وبيت) وبين الوطن كرمز (ضحية وقاتل وجانٍ وجلاد) مقام التعارض كعامل ربط الوطن بما يرمز إليه، وهذا هو المستوى التركيبي البنيوي، ليكون التجانس عامل فك تركيبي إضافة إلى كونه عامل فك سردي.

الربط والفك بين الكلمات والجمل
"يا وطن هل تعرف أن كل من سكن أرض وطنه انتسب لعبق ترابه الطاهر إلا أنت يا وطن !! ؛ يا وطن كل وطن في العالم ينتخب شعبه ويعرف عملية الاقتراع إلا أنت يا وطن ؛ يا وطن كل وطن ظُلم جلاوزته لا يدوم إلا أنت يا وطن". يا وطن هل تعرف... إلا أنت يا وطن، يا وطن كل وطن في العالم... إلا أنت يا وطن، يا وطن كل وطن ظُلم جلاوزته... إلا أنت يا وطن. نلاحظ هنا أن وظيفة جعل الكلمات والجمل كلماتٍ وجملاً في عملية عادية تتطلب الربط والفك على المستوى الناراتيفي السردي وعلى المستوى التركيبي البنيوي، فهناك تعارض بين الوطن وكل وطن (الربط في الفك)، وهناك تجانس بين الوطن وكل وطن (الفك في الربط)، التعارض في الانتساب وعدمه، في الانتخاب وعدمه، في العدل وعدمه، والتجانس في الانتساب وفقط، في الانتخاب وفقط، في العدل وفقط، فيكون التعارض المستوى الناراتيفي السردي، ويكون التجانس المستوى التركيبي البنيوي، الأول ممكن، والثاني غير ممكن.

المنطق الثنائي
"يا وطن أتبني بيوت شعوب أخرى ؟! ؛ يا وطن أتُنعم على غير شعبك بالمال والنفط وتحرمنا ؟!! ؛ يا وطن أتمنعنا من الدراسة والعمل والسفر والسكن وتذلنا وبثرواتنا تجود على غيرنا ؟!" المنطق السردي ثنائي: أتبني لغيرنا ولا تبني لنا، أتُنعم على غيرنا ولا تُنعم علينا، أتجود على غيرنا ولا تجود علينا وتذلنا وتمنعنا. هناك سرد عادي، عما يكون عليه الوطن، وهناك سرد افتراضي، عما يفترض أن يكون عليه الوطن. الوطن كما يكون عليه وطن يبني للغير وينعم على الغير ويجود على الغير، والوطن كما يفترض أن يكون عليه وطن يبني لنا وينعم علينا ويجود علينا، بينما من المفترض أن الوطن كما يكون عليه وطن يبني لنا وينعم علينا ويجود علينا، وأن الوطن كما يفترض أن يكون عليه وطن يبني للغير وينعم على الغير ويجود على الغير، فيصبح ما هو افتراضي في النظام السردي عاديًا، وما هو عادي افتراضيًا. لهذا السرد ثنائي في منطقه، وفي نفس الوقت انطباقي.

بيان الوقائع والأسباب
"يا وطنَ ظلمٍ الأوطانُ تأتي ساعةَ يُرفع وظلمك بشع من المهد حتى اللحد !! ؛ يا وطن قيمتك بخسة وتأشيرة العمل والإقامة بك رخيصة !! فمن أرخصك يا وطن ؟!! ؛ يا وطن أصبحت سائبا منتهكا يسكنك المجهولون والمخالفون وكل من هم مثلهم ؛ يا وطن ينعم بخيرك غيرنا ؛ يا وطن يسكنك غيرنا ؛ يا وطن لا قيمة لي بك ؛ يا وطن كيف لي أن أشعر بحبك والانتماء إليك وأنا لا أنسب إلى ترابك ؟!!" نحن لم نزل مجروفين بما هو عادي وبما هو افتراضي، لكن بيان الوقائع والأسباب يزداد بشكل كلاسيكي بشكل تقليدي: تكون الأوطان أوطانًا عندما يُرفع الظلم، لماذا الأوطان ليست أوطانًا (الواقعة)، لأن الظلم باقٍ (السبب). تزداد قيمة الأوطان ارتفاعًا عندما تعطى تأشيرة العمل والإقامة بصعوبة، لماذا قيمة الأوطان بخسة (الواقعة)، لأن الوافدين أكثر مما يجب (السبب). الشيء نفسه بخصوص الوطن السائب، وقيمة الفرد فيه، ولنقص قيمة الفرد فيه يكون السؤال الإشكالي التالي: يا وطن كيف لي أن أشعر بحبك والانتماء إليك وأنا لا أُنسب إلى ترابك ؟! ليسه الفك السردي كما رأينا، إنه الانفكاك الوجودي.

تَوافق الكلمات
"يا وطن لن أخدعك ولن أنافقك ولن أداهنك مثلهم !! ؛ يا وطن أنا ألعنك وأبغضك ؛ ألعنك منذ ساعة ولادتي المشئومة حتى ساعة وفاتي البائسة ؛ ألعنك عدد لحظات ودقائق وساعات وأيام وأسابيع وأشهر وسنين ظلمك وقمعك وذلك وهوانك واحتقارك لي ؛ ألعنك وأبغضك كل أيام ظلمي وجوعي وهواني على يدك ؛ نعم يا وطن لن أخدعك ولن أنافقك فأنا أبغضك وألعنك سرا وجهرا". نبدأ في هذه الفقرة بعدم الخداع والنفاق وننتهي بعدم الخداع والنفاق، إذ بين بداية الكلمات ونهايتها لا تعارض ولا تجانس، لا يوجد أي رمز، انتهى كل عائق. وبينما يبدي السرد "موضوعيته" بخصوص لعنة الوطن وبغضه، يبدي في الوقت نفسه "ذاتيته" بخصوص وضع السارد ومحنته: ظلمه، قمعه، ذله، هوانه، احتقاره، جوعه. انتهى المنطق الثنائي، ولم يبق سوى المنطق الأحادي، منطق السارد.

المنطق الأحادي
"يا وطن متى أغادرك وأتركك غير آسف ولا باك ولا حزين ؛ يا وطن أتباع الأوطان ؟! ؛ يا وطن أتبغض الأوطان ؟! ؛ يا وطن أتنسى الأوطان ؟! ؛ لا يا وطن إلا أنت يا وطن فجورك فجور وقربك نار ؛ وهل أنت يا وطن تنتمي اسما إلى ترابك ابتداءً لتطلب منا الانتماء إليك !! ؛ هل عدلت يا وطن أم شبكت أراضيك ونهبت خيراتك وسلبت ثرواتك وعشنا بكنفك بقمع وذل وقهر ؟!! ؛ يا وطن إلى متى خيرنا لغيرنا ؟! ؛ يا وطن إلى متى ظلمك قائم ؟! ؛ يا وطن أأنت ظالم أم مظلوم مثلي يا وطن ؟!! ؛ يا وطن إن كنت ظالما أم مظلوما فلن أخدعك وسأصدقك : أنا أكرهك وأبغضك وألعنك يا ووووطن". يشير السرد إلى انعكاس في صفات بطل السرد، الوطن، وخصائصه، فالوطن لا يُباع، لا يُبغض، لا يُنسى، لكن المنطق الأحادي يجعل منه وطنًا يُباع، يُبغض، يُنسى، لمحنة السارد، لمعاناته، إلى درجة يجد نفسه فيها مضطرًا لتركه دون أسف. وكذلك يشير السرد إلى انعكاس في صفات نظام السرد، الأسلوب، وخصائصه، وذلك بتقديم تمني السارد بترك الوطن، وتأخير أسباب الترك لغاية إنسانية، فالصرخة الأخيرة صرخة إنسان عاشق للحرية.






































قحطانيات15










































حملة التضامن مع الكاتب السعودي الحر عبد الله مطلق القحطاني (000 16 زائر ومُوَقِّع الحوار المتمدن)


1) في رواية "بابييون" لهنري شاريير، والكلمة تعني فراشة وما ترمز إليه من حنين إلى الحرية، وَشْمُ الكاتب، وبالتالي كنيته في معتقل كايين الذي بناه نابليون على جزيرة الشيطان في المحيط الأطلسي، لدينا من وصف لشروط الاعتقال اللاإنسانية والعقوبات الوحشية ما وصفه عبد الله مطلق القحطاني في فاجعة اعتقاله هو الآخر، فكلاهما كان بريئًا، الأول من جريمة لم يرتكبها، والثاني من اتهام هو جريمة في بلد الرمل والضوء والظلم الذهبي: اعتقاله الكافكاوي، وهو طالب في كلية الشريعة دون سبب، منذ عشرين عامًا، ليسوقه الجلادون إلى أقسى أنواع التعذيب، كالتسهير مكلبشًا بحديد نافذة الزنزانة، والجلد ألف جلدة طَعِمَهَا كلها مع حكم بالسجن دام ثلاث سنوات، لتهمة من أسهل التهم "قراءة كتب الشيعة والشذوذ الجنسي"، بينما أمر أن تقرأ أي كتاب في عصرنا لم يعد مطروحًا، والمثلية التي هي جريمة في السعودية وغيرها من البلدان العربية هي اليوم حرية من بين حريات الفرد في الغرب، فالعاطفة واحدة أيًا كان موضوعها، وهي، على كل حال، ليست موضوع القحطاني إطلاقًا -قلنا تهمة- موضوعُهُ من عبث المكان وعبث الزمان، المكان السعودية، والزمان الذهنية، الماضوية الماضية في الاستقرار السرمدي.

2) لمن ينزل "ضيفًا" على سجون المباحث العامة، الكرم مدى الحياة، تمامًا كما كان حال معتقلي نابليون، فهو و هم، على حد سواء، سيُحرمون من كافة حقوقهم بعد انتهاء مدة الاعتقال، وفي حالة القحطاني أهمها: فصله من الجامعة، منعه من العمل، منعه من السفر، باختصار منعه من الحياة، وهو لهذا كان اعتقاله من جديد بتهمة جديدة "أجمل" من الأولى، تهمة "الرِّدة عن الإسلام"، هو صاحب الدين والعقل، نبراس وقته، فعاد إلى المعتقل من جديد ليقضي عامًا وشهرين، ودومًا دون حقوقٍ أقلها كثير في السعودية، ليتحول بلده برمله وذهبه إلى معتقل كبير.

3) عبد الله مطلق القحطاني على الرغم من فاجعته يعشق وطنه عشق القائل: بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن شحّوا عليّ كرامُ... لا يريد أن يغادر وطنه، يريد أن يرى أوطان الآخرين، أن ينهل من ثقافات الإنسانية، وأن يسترد إنسانيته التي طالما عبّر عنها بكلماته، بأفكاره، بمواقفه الجريئة، مواقف لا يعتبرها نهائية، فالحرية كما ينشدها يجدها إلى جانب حرية الآخرين، الدينية والفكرية وخاصة الفردية: حملة التضامن هذه معه من أجل حريته الفردية في الحصول على جواز سفر كسائر البشر، وإلغاء قرار المنع.








































قحطانيات16












































ترجمة الرسالة الموجهة إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بخصوص أزمة عبد الله مطلق القحطاني



باريس الخميس 2015.07.23

السيد رئيس الجمهورية،

عبد الله مطلق القحطاني كاتب سعودي دومًا ما كان ينأى عن الفكر الديني الضيق المهيمن، لكون العقلانية والتسامح المحرك الأساسي لفكره، أرى فيه البشير لحركة أنوار عربية، طال انتظارها في وجه الظلامية والسيطرة العمياء لثقافة الاستلاب. رغم بصيص الأمل هذا، القادم علينا من جزيرة العرب، عرف السيد القحطاني الكثير من المنغصات، وعاش من الفواجع ما جعله يولد من رماده، ويا لحسن الحظ!

السيد الرئيس،

بعد دروس في الشريعة منذ عشرين عامًا، اعتقل السيد القحطاني دون أي سبب بَيِّن، كبطل كافكا. وبعد أسبوع، اتهم بقراءة الكتب الداعمة للشيعة، وبممارسة المثلية.

مع ذلك، لم يكن مولعًا بالمثلية، ولم يكن يقرأ كتبًا حول الشيعة، كما لو كانت قراءة أي كتاب تعتبر جنحة، أو التوجه الجنسي لفرد جريمة.

في مملكة الرمل والذهب الأسود، وَجَّه شيخٌ إليه هذه التهم الكاذبة ذاهبًا حتى إدانته بعقاب ألف جلدة خلال ثلاث سنوات من الحكم عليه بالسجن خمس سنوات.

ذهب سجانوه في بطشهم حتى إغراقه في حالة من السهاد الدائم، وذلك بتقييده بقضبان نافذة زنزانته.

أُطلق سراحه، إلا أنه بقي مطاردًا من طرف جلاديه، واعتقل من جديد، بتهمة الرِّدة. أمضى 14 شهرًا في المعتقل، ومُنع عَقِبَها من العودة إلى دروسه أو من الوقوع على عمل، وحتى من إعادة الروابط بعائلته وأصدقائه!

يحب القحطاني بلده ولا يبحث عن تركه نهائيًا، رغبته أن يزور بلدانًا أخرى، ويتعرف على ثقافات أخرى. لكنه محروم من جواز السفر، مما يعارض حرية التنقل التي يطالب بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

يريد السيد القحطاني كذلك أن يعالج صدمته النفسية القاسية كما هو منصوص عليه في بطاقته المرضية.

أنتم، سيد الرئيس، ملاذه الأخير، وتوسطكم لدى السلطات السعودية يمكنه التخفيف عن هذا الرجل، الضحية رغمًا عنه، لتهم باطلة.

أشكركم، سيد الرئيس، لدعمكم.

أفنان القاسم

أستاذ متقاعد من جامعة السوربون وجامعات مراكش وعمان
مؤلف لكتب سبعين من بينها اثنان وثلاثون نشرتها الدار الفرنسية لارماطان




نص الرسالة بالفرنسية


Monsieur le Président de la République,

Abdallah Mutlaq Al-Qahtani est un écrivain saoudien qui s’est toujours tenu à l’écart de la pensée religieuse étroite dominante, la rationalité et la tolérance étant le moteur fondamental de sa pensée. Je vois en lui le précurseur d’un mouvement arabe des lumières, tant attendu face à l’obscurantisme et à l’hégémonie aveuglante d’une culture aliénante. Malgré cette lueur d’espoir qui nous vient d’Arabie, M. Al-Qahtani a connu bien des contrariétés, et vécu une tragédie qui l’a fait renaître de ses cendres fort heureusement !

Monsieur le Président,

Après des études en théologie voilà maintenant vingt ans, M. Al-Qahtani a été arrêté sans raison apparente, comme le héros de Kafka. Il sera accusé une semaine plus tard pour lecture de livres portant sur le chiisme et pratique de l’homosexualité.

Pourtant, il n’était pas porté sur l’homosexualité, et ne lisait pas de livres sur le chiisme, comme si, au demeurant, la lecture de n’importe quel livre était considérée comme un délit ou que l’orientation sexuelle d’un individu était un crime.

Au Royaume des sables et de l’or noir, un cheick lui a proféré ces accusations mensongères allant jusqu’à le condamner à une peine de mille coups de fouets trois années durant sa peine de prison fixée à cinq ans.

Ses geôliers ont poussé la cruauté jusqu’à le plonger dans un état d’insomnie chronique, en le menottant aux barreaux de la fenêtre de sa prison.

Libéré, il est quand même poursuivi par ses tortionnaires et incarcéré à nouveau, pour apostasie. Il purge 14 mois d’emprisonnement à l’issue desquels, on lui interdit de reprendre ses études ou de trouver un emploi, voire de renouer les liens avec sa famille ou ses amis !

Al-Qahtani aime son pays et ne cherche pas à le quitter définitivement. Cependant, il désire visiter d’autres pays et connaître d’autres cultures. Mais il est privé de passeport en contravention avec la liberté de circulation préconisée par la Déclaration Universelle des droits de l’homme.

M. Al-Qahtani veut également guérir de son traumatisme psychique sévère comme il est stipulé sur sa carte de maladie.

Vous êtes, Monsieur le Président, son dernier recours et une intervention de votre part, auprès des autorités saoudiennes, pourrait soulager cet homme, victime malgré lui, d’accusations fallacieuses.

Je vous remercie, Monsieur le Président, de votre appui.


Afnan El Qasem


Enseignant retraité de l’Université de la Sorbonne, des Universités de Marrakech et d’Amman
Auteur d’une soixantaine d’ouvrages dont une trentaine édités chez l’Harmattan


























قحطانيات17









































مقارنات عاجلة بين رائف بدوي وعبد الله مطلق القحطاني (000 19 لايك الحوار المتمدن)


التشابه والحيثيات
جائزة سخاروف لرائف بدوي جائزة مهمة ومشكورون أصحابها الأوروبيون عليها، لأنها فتحت لقضية المدوّن السعودي باب الإعلام في العالم واسعًا، وأصبح اسمه على كل شفة ولسان، مما يسعد القلب، ويتمنى المرء أن تجيئه هذه الجائزة بالفرج قريبًا. بالطبع لجائزة عالمية كهذه منطق استدلالي لم يكن هو ذاته لعبد الله مطلق القحطاني، فالتشابه واحد بين الاثنين، لأن التهمة تقريبًا واحدة، والحكم تقريبًا واحد، غير أن الحيثيات لعبت دورًا حاسمًا في صالح الأول وفي طالح الثاني.


كافكا والسي إن إن
رائف بدوي ابن إنترنت، أسمح لنفسي بهذا التعبير، لم يكن مغمورًا عندما ألقت القبض عليه هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وحاكمته، كان معروفًا قبل اعتقاله، بينما عبد الله مطلق القحطاني لم يكن معروفًا قبل اعتقاله، لكن الظروف الكفكاوية لاعتقاله لم "يحظ" بها رائف، وعلى العكس لم "يحظ" عبد الله بالسي إن إن، وكان عليه أن يلتحق بركب إنترنت بعد أن أمضى مدة العقوبة.


فعل ينتهي وفعل يبدأ
لست هنا بصدد المقارنة بين كم جلدة حُكم على القحطاني وكم جلدة حُكم على بدوي، أو كم سنة حبس حُكم على بدوي وكم سنة حبس حُكم على القحطاني، لأصل إلى مَن أحسن مِن مَن (!) العذاب لا هوية له العذاب لا قياس له العذاب لا وزن له، ما أسعى إليه هو الكشف عن منطق استدلالي لجائزة عالمية، جائزة سخاروف يستحقها الناشط السعودي أحسن ما يكون الاستحقاق. إذن، والحال هذه، رائف بدوي يبدأ من حيث انتهى عبد الله مطلق القحطاني، الألف جلدة لم "يأكلها" رائف بعد كلها، وهي في بداياتها، بينما "أكلها" عبد الله كلها، وبالتالي لن نحكي عن فعل انتهى بخصوص القحطاني، فعل رهيب جهنمي، لكنه في زمن كان، وسنقيم الدنيا ولن نقعدها عن فعل بربري لم يبدأ، أو هو في طريق البدء.


التوظيف والغايات
الكفر والارتداد عن الدين والإساءة إلى الإسلام مسوغات لفظاعة الحكم لا أساس لها من الصحة، وهي تقريبًا واحدة لدى الاثنين، لكن ليس هذا ما أسعى إليه في هذه العجالة، المنطق الاستدلالي للجائزة يؤكد الكيفية التي استعملها الغرب سياسيًا لاستغلال هذه التهم، إذ نحن في سياق داعشي هجري إسلامي (هم يقولون إسلاموي لكن في الحقيقة الإسلام رعبهم البنيوي وضمنيًا الإساءة إلى الإسلام كتهمة تدغدغ عداءهم للإسلام وتبرر كل هذه الإنسانية تجاه رائف فماذا لو كانت التهمة الإساءة إلى أفنان القاسم) تحت ادعاء "فنتزي" تبجحي من طرف أصحاب الجائزة، ألا وهو حرية الرأي أو حرية التعبير، وفي حالة رائف بدوي هو هذا بالفعل، حرية الرأي حرية التعبير، ولكن الدجل سيعظم، عندما نعلم أن حالة بدوي ليست الحالة الوحيدة، ليست الحالة الفريدة، ليست حالة اليوم، هناك حالة القحطاني منذ دهر، آلاف الحالات مئات آلاف الحالات منذ دهور، والآن فقط يبدي الغرب عن أسنانه "المسوسة"، ويستعمل، أقول يستعمل مع الأسف، عذابات شخص مظلوم لغايات خسيسة.


الغرب الرسمي
أقول خسيسة، وأنا أزن كلماتي، لأن رائف بدوي لو لم يضرب صيته الآفاق، لما تحرك الغرب قيد أنمله، فهو لم يسمع بعبد الله مطلق القحطاني، وبالتالي لم يرفع إصبعًا في وجه الاستبداد دفاعًا عن حرية التعبير حرية الرأي دفاعًا عن الحرية بكل بساطة، المجلودة في السعودية بسياط القمع اليومي لكل الناس بكافة السبل، وكافة الأشكال، وعلى كافة المستويات، ليس اليوم فقط تُساط الحريات في بلد اللاحريات، والغرب المجرم الغرب الرسمي يرى، ولا يفعل شيئًا، وعندما يعلم هذا الغرب المُدان بأمر واحد اسمه عبد الله مطلق القحطاني، واحد لم يفرضه الإعلام عليه، كما فعلتُ عند كتابتي للرئيس الفرنسي هولاند عن فاجعة القحطاني، وطالبته بالتوسط من أجل جواز سفر له، سيزن الأمر بميزان عقود تُقدر بالمليارات بمئات المليارات، كما حصل مؤخرًا مع زيارة رئيس الوزراء الفرنسي للرياض، ولن يتردد عن تجاهل الأمر تمامًا، لأني إلى حد الآن أنتظر من هولاند ردًا لن يأتي.


باريس 2015.10.31

























أعمال أفنان القاسم

المجموعات القصصية

1) الأعشاش المهدومة 1969
2) الذئاب والزيتون 1974
3) الاغتراب 1976
4) حلمحقيقي 1981
5) كتب وأسفار 1988
6) الخيول حزينة دومًا 1995
7) كوابيس 2013

الأعمال الروائية

8) الكناري 1967
9) القمر الهاتك 1969
10) اسكندر الجفناوي 1970
11) العجوز 1971
12) النقيض 1972
13) الباشا 1973
14) الشوارع 1974
15) المسار 1975
16) العصافير لا تموت من الجليد 1978
17) مدام حرب 1979
18) تراجيديات 1987
19) موسى وجولييت 1990
20) أربعون يومًا بانتظار الرئيس 1991
21) لؤلؤة الاسكندرية 1993
22) شارع الغاردنز 1994
23) باريس 1994
24) مدام ميرابيل 1995
25) الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون 1995
26) أبو بكر الآشي 1996
27) ماري تذهب إلى حي بيلفيل 1999
28) بيروت تل أبيب 2000
29) بستان الشلالات 2001
30) فندق شارون 2003
31) عساكر 2003
32) وصول غودو 2010
33) الشيخ والحاسوب 2011
34) ماكبث 2011
35) ساد ستوكهولم 2012
36) شيطان طرابلس 2012
37) زرافة دمشق 2012
38) البحث عن أبولين دوفيل 2012
39) قصر رغدان 2012
40) الصلاة السادسة 2012
41) مدينة الشيطان 2012
42) هنا العالم 2012
43) هاملت 2014

الأعمال السينمائية

44) إرهابيون 2015
45) رعب 2016

الأعمال المسرحية النثرية

46) مأساة الثريا 1976
47) سقوط جوبتر 1977
48) ابنة روما 1978

الأعمال الشعرية

49) أنفاس (مجموعة قصائد أولى – ثلاثة أجزاء) 1966
50) العاصيات (مسرحية شعرية) 1967
51) المواطئ المحرمة (مسرحية شعرية) 1968
52) فلسطين الشر (مسرحية شعرية) 2001
53) الأخرق (مسرحية شعرية) 2002
54) غرافيتي (مجموعة قصائد فرنسية) 2009
55) غرب (ملحمة فرنسية) 2010
56) البرابرة (مجموعة قصائد أخيرة) 2008 – 2010

الدراسات

57) البنية الروائية لمصير الشعب الفلسطيني عند غسان كنفاني 1975
58) البطل السلبي في القصة العربية المعاصرة عبد الرحمن مجيد الربيعي نموذجًا (جزءان) 1983
59) موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح 1984
60) البنية الشعرية والبنية الملحمية عند محمود درويش 1984
61) بنيوية خاضعة لنصوص أدبية 1985 – 1995
62) دفاعًا عن الشعب الفلسطيني 2004
63) خطتي للسلام 2004
64) شعراء الانحطاط الجميل 2007 – 2008
65) نحو مؤتمر بال فلسطيني وحوارات مع أفنان القاسم 2009
66) حوارات بالقوة أو بالفعل 2007 – 2010
67) الله وليس القرآن 2008 - 2012
68) نافذة على الحدث 2008 – 2012
69) المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة 2015
70) الله والزنزانة عبد الله مطلق القحطاني 2016
















وددت لو...!! كنت القحطاني ورب الكعبة... فأنا أغبطه على أنك وضعته "تحت مجهر" التحليل السردي الناراتيفي... تسلم إيدك ويسلم قلمك أستاذ أفنان...

قاسم حسن محاجنة 2016.11.24 الحوار المتمدن

دراسة في العمق نادرة في ثقافتنا، وطرح جريء لا يفسر على وجهين... ثقافتنا تكاد تخلو من هذا اللون من التحليل. طبعًا لن أتوسع حتى لا أُتهم بالتحريض الديني بصفتي "صليبي"، رغم أن لا صليب لي ولا هلال ولا نجمة. كله منقول عن كله. ربما هناك ضرورة لدراسة أخلاق البادية ومقارنتها بما يسود من عقليات دينية وقيم دينية... والملاحظ أن الكثير من طرح مواقف دينية باسم الإسلام تتناقض مع النص القرآني... لذلك نجد مجموعة كبيرة في مصر تسمي نفسها بالقَرَّائين تعتمد فقط على النص القرآني وليس على أي مصدر آخر، بل وبعض شيوخ الدين طرحوا أفكارًا في هذا الاتجاه.

نبيل عودة 2916.11.23 الحوار المتمدن


"يبقى وطنه شيئًا آخر، وطنه يبقى، وطنه أمه، ووطنه يبقى أمه الأميرة". القحطاني والوطن وأمه... ثلاث مفردات. القحطاني نفسه عزيزة يحترم الآخرين، ويطالب الآخرين باحترامه. نفسه ثائرة على الظلم، تواقة إلى الحرية. وأكثر ما يثير غضب القحطاني إذا ما شعر أن الآخرين يحتقرون أو يزدرون شخصه، فيتحول إلى أسد كاسر أو ثائر. أما الوطن فالقحطاني لا يكره وطنه، وإنما يكره الظلم الذي يقع عليه من حكام وطنه. وكثيرًا ما يتحدث عن أمه الغالية المرأة المجاهدة في تربية ابنها القحطاني. يترحم عليها ويطلب من الآخرين الترحم عليها. لذلك كثر ذكر السيدة العذراء مقارنة بأمه.

عيسى ولد محمد 2016.11.27 الحوار المتمدن


صحيح دنيا حظوظ كتاب عن القحطاني وفي نفس الوقت هو شهادة جامعية له حرمته الحكومة منها ربع قرن مكتوب لك حظوظ.

بدون اسم 2016.11.27 الحوار المتمدن



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قحطانيات: المقدمة
- قحطانيات16: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات15: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات14: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات13: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات12: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات11: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات10: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات9: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات8: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات7: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات6: عبد الله مطلق القحطاني
- بيروت تل أبيب النص الكامل
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الحادي عشر والأخير
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل العاشر2
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل العاشر1
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل التاسع3
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل التاسع2
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل التاسع1
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الثامن2


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الله والزنزانة النص الكامل